بغداد لا تزال خالية من المراكز التجارية

أتراك وعراقيون وخليجيون يضخون أموالا ضخمة للبدء في مشاريع تجارية وإسكانية

عراقيون يعرضون ملابس للبيع في أحد شوارع بغداد («الشرق الأوسط»)
TT

فيما تمكنت أغلب دول العالم من تنظيم أسواقها ومجمعاتها التجارية، حيث أصبح بمقدور أي مواطن تبضع كامل احتياجاته، بدءا من إبرة الخياطة وحتى المركبات والجرارات الزراعية والخدمية من بناية واحدة، تدعى مراكز تجارية، فما زال العراقيون، وعلى الرغم من أنهم استخدموا نظام الأسواق المركزية الحكومية، يضطرون لقطع مئات الأميال لأجل الحصول على قطع غيار سيارة أو قضاء نهار كامل وسط الزحام للوصول لشارع النهر، المركز الوحيد المتخصص بالكامل لاحتياجات المرأة ومستلزماتها.

وهنا انتبهت الكثير من الشركات التركية والخليجية لهذه الظاهرة، التي يمكن استغلالها في العراق، وتحديدا في بغداد التي ما زالت تفتقر لـ(المولات التجارية) أو المجمعات الشاملة، وتبنت الحكومة إنشاء بعض منها عبر أسلوب الاستثمار المباشر الذي قبل به مؤخرا مستثمر عراقي وشريكه التركي الفنان إبراهيم تاتلس، حيث دخلت شركتهما، إضافة لشركات خليجية أخرى، وبقوة لقطاع الاستثمار في مجال البناء والتجارة وقطاعات أخرى.

أهالي بغداد، ومنهم الموظفة منتهى حبيب التي بينت أنه من المؤسف، وحتى هذا الزمن لا تجد مولا في بغداد، فيما يوجد في مدن إقليم الشمال في كل مدينة أكثر من ثلاثة مولات، داعية القطاع الحكومي أو الخاص إلى الإسراع بإيجاد منافذ تسويقية تكون فيها الكثير من الإيجابيات لكونها أكثر آمانا من الأسواق التقليدية فيمكن إخضاع الزوار للتفتيش، وهنا سيكون المتبضع بمنأى عن مخاطر التفجيرات، كما أنه يختصر الوقت مثلا عندما نحتاج لشراء ملابس نسائية، فنذهب لسوق النهر، وبعدها نتوجه للشورجة لشراء البضائع الغذائية ثم لأسواق أخرى في مناطق أخرى، وهكذا، لكن إذا ما تجمعت في بناية واحدة يكون أفضل لنا.

وأضافت منتهى أن بعض أصحاب رؤوس الأموال والتجاريين بدأوا الآن باستحداث أسواق كبيرة، لكنها لا ترقى لأن تكون مولا تجاريا متنوعا، وأغلب الأصدقاء أو من التقي دائما يتمنى دخول المول لبغداد.

رئيس مجلس إدارة شركات «العادل» المتحدة رشدي سعيد بين في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن شركته بدأت التنفيذ بشكل فعلي في مجموعة من أكبر المشاريع التي يشهدها العراق حاليا، وأغلبها في إقليم كردستان مثل مدن سكنية وسياحية ومولات ومجمعات تجارية وغيرها.

وأضاف سعيد أن المجموعة خصصت مبالغ ضخمة جدا ستقوم باستثمارها في العراق، وتم إجراء لقاء مع رئيس هيئة الاستثمار للاتفاق على بعض المشاريع، وأن الاستثمارات لن تقتصر على إقليم كردستان ومحافظات الشمال، بل لدينا نية للبدء في مناطق بغداد ومحافظات الفرات الأوسط والبصرة.

من جهته، أوضح مدير الأسواق المركزية في وزارة التجارة العراقية، هادي جدوع، أن ظاهرة الأسواق الشاملة، أو ما يسمى حاليا بالمولات لم تكن ظاهرة غير معروفة في العاصمة بغداد، بل على العكس البغداديون عرفوها قبل أكثر من أربعة عقود، أي في نهاية السبعينات، فيما لم تكن هناك أسواق كبيرة في أي من مدن المنطقة، لكن تبعية هذه الأسواق للقطاع العام وجعلها منفذ توزيع فقط لسلع محلية، وتحولت بعدها لتكون مراكز توزيع مفردات البطاقة لموظفي الحكومة، وهنا بدأ نشاطها يتراجع تدريجيا، لحين تم غلقها بشكل كامل نهاية التسعينات، ومن ثم تعرضها للقصف المباشر إبان حرب الخليج الثالثة عام 2003 ومن ثم عمليات سلب ونهب وتهديم أتت على 70 في المائة منها كأبنية وموجودات.

وأضاف جدوع «الشركة ستدخل منافسا حقيقيا للسوق المحلية بعرض مواد غذائية خلال شهر رمضان لغرض المساهمة في عدم رفع الأسعار من قبل بعض التجار الجشعين استغلالا لحاجة الناس، مضيفا أن الأسواق المركزية تعرضت للسرقة والنهب في عام 2003، ولم تمارس عليها عمليات تأهيل وتطوير حتى عام 2009، حيث بدأنا برنامجا واسعا لتطوير وتأهيل هذه الأسواق كخطوة أولى، بعدها بدأنا مرحلة أخرى بدأت بتوقيع عقود وتوفير مواد غذائية ومستلزمات كهربائية ومنزلية ومن منشآت جيدة، وهي أقل بكثير من السوق المحلية، إضافة إلى كونها خاضعة لأجهزة الفحص المختبري بغية حماية المستهلك من المواد ليست ذات كفاءة، التي تباع في الأسواق التجارية.

يذكر أن وزارة التجارة أعلنت حملة واسعة لتأهيل عدد كبير من الأسواق المركزية في بغداد والمحافظات، اعتمادا على موارد الشركة، وهي بصدد تنفيذ برنامج واسع لتوريد أنواع مختلفة من المواد الضرورية لحاجة العائلة العراقية.

المتحدث باسم أمانة بغداد حكيم عبد الزهرة، أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن لدى أمانة بغداد وأيضا مجلس محافظة بغداد ومحافظة بغداد وهيئة الاستثمار، الكثير من المشاريع العمرانية في العاصمة، منها مولات نائية متخصصة، ومولات تجارية ضخمة، يصل حجم أحدها لثمانية طوابق، بدأ العمل بها فعلا في منطقة المنصور، ناهيك عن إنشاء مجمعات تجارية ضخمة بأساليب حضارية حديثة، موضحا أن أغلب هذه المشاريع استثمارية، وهناك إقبال واسع من قبل شركات خليجية وأجنبية وعربية عليها، وكل يوم ترد إلينا طلبات للفوز بأحد هذه العقود لكونها عقودا مضمونة الأرباح، فبغداد، وكما ذكرنا بحاجة لكل المشاريع الخدمية والسياحية والترفيهية.