السعودية: مصادر تكشف عن رفع الطيران المدني دراسة لتحرير أسعار التذاكر المحلية

بعد توقف شركة «سما».. تأكيدات لـ «الشرق الأوسط» على استمرار فتح باب الاستثمار في مجال الطيران الاقتصادي

تبحث هيئة الطيران المدني السعودي تحرير أسعار التذاكر لمساعدة قطاع الطيران الاقتصادي على مواصلة عمليات التشغيل داخل البلاد («الشرق الأوسط»)
TT

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن هيئة الطيران المدني السعودية قامت برفع دراسة للجهات المختصة بشأن حلول لمعالجة وضع سوق الطيران في البلاد، حيث تحتوي تلك الدراسات على محاور كثيرة، من ضمنها تحرير أسعار تذاكر الطيران، وضرورة دعم الحكومة للمحطات الإلزامية.

وأوضحت المصادر أن الدراسة التي أجريت مع أحد الاستشاريين العالميين اعتمدت على المقارنة بين أسعار التذاكر الداخلية في الدول الأخرى، وأسعارها داخل السعودية، التي بيّنت أنها تصل في تلك الدول إلى ضعف سعرها داخل السعودية.

وقالت مصادر، فضلت عدم ذكر اسمها، إن أسعار التذاكر في السعودية تعتبر ثابتة ولم تتغير منذ نحو 15 عاما، غير أنه في المقابل هناك ارتفاع في أسعار الوقود والأزمة الاقتصادية وزيادة تكلفة التشغيل من أيدي عاملة وصيانة وغيرها، الأمر الذي يعوق عمل شركات طيران القطاع الخاص.

ويأتي ذلك التحرك من قبل هيئة الطيران المدني في وقت أعلنت فيه شركة «سما» للطيران الاقتصادي يوم الأحد الماضي عن توقف جميع رحلاتها بشكل مؤقت، اعتبارا من يوم أمس (الثلاثاء)، في حين تسعى الشركة لعمل الترتيبات اللازمة لتحويل ركاب الرحلات الملغاة إلى خطوط جوية أخرى.

وقال بروس آشبي الرئيس التنفيذي لشركة «سما» للطيران في ذلك الوقت: «لم يتم اتخاذ هذا القرار بسهولة، ولكن تم إقراره بعد مضي عدة أشهر من البحث عن بدائل تجنبنا وقف عمليات التشغيل، وللأسف أصبح هذا هو الخيار الوحيد المتبقي أمامنا».

وأضاف: «لقد كنا ننتظر الحصول على حزمة من المساعدات الحكومية، تتمثل في دعم أسعار وقود لطائرات (سما) وتقديم الدعم اللازم لتشغيل مدن الخدمة الإلزامية، وكذلك الرفع التدريجي لسقف أسعار تذاكر الرحلات الداخلية، بالإضافة إلى التمويل الضروري لإطفاء الخسائر المتراكمة».

وأشار إلى أن الشركة سعت لإيجاد مستثمرين استراتيجيين على استعداد للاستثمار في الشركة، وضخ السيولة الضرورية التي تمكن شركة «سما» من التشغيل والتطوير، غير أنه للأسف الشديد لم يتحقق أي من هذه الحلول في الوقت المناسب للمضي قدما في مواصلة عمليات التشغيل - بحسب قوله.

ولفت إلى أن «سما» للطيران تعرضت وجميع شركات الطيران الأخرى في المنطقة لضغوط وعوامل سوقية، أدت إلى تدني مستوى أسعار تذاكر الطيران، إلى جانب انخفاض في مستوى حركة الركاب الجوية خلال الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) 2009 إلى مارس (آذار) 2010، مضيفا: «على الرغم من أن إيرادات الشركة قد شهدت ارتفاعا كبيرا خلال موسم الصيف، فإنها لم تكن كافية للتعويض عن الخسائر العالية التي نجمت عن الفترة الماضية».

في حين أكدت الهيئة العامة للطيران المدني، في بيان أصدرته عقب إعلان «سما» للطيران عن توقف رحلاتها، سعيها لتوفير البيئة التشغيلية لكل شركات النقل الوطنية، انطلاقا من الاستراتيجية التي تبنتها في فتح المجال أمام تلك الشركات في بيئة تنافسية لتقديم خدمة أفضل للمسافرين.

وأشارت إلى أنها اتخذت كل الإجراءات الممكنة ضمن حدود صلاحيتها لتوفير البيئة الملائمة لاستمرار تشغيل الشركات، مبينة أن الهيئة على دراية بنتائج الأداء التشغيلي لـ«سما»، لافتة إلى أنه قد تأكد مؤخرا أن الشركة غير قادرة على الاستمرار في الوقت الحالي وبإقرار من إدارتها.

وأضافت في بيان أنها تعمل في الوقت الحالي على تطبيق رؤى جديدة تتلاءم مع مستجدات سوق النقل الجوي، وتشجع الاستثمار قي هذا القطاع، وسيتم التنسيق مع الشركة والناقلات الأخرى للتعاون في تغطية جميع التزامات الشركة «سما» نحو المسافرين المرتبطة معهم بتذاكر سفر مسبقة الدفع.

وأشارت الهيئة إلى أن قطاع النقل الجوي يعد أحد القطاعات المعرضة للربح أو الخسارة، على غرار ما يحدث في قطاعات الأعمال الأخرى إلا أن مكوناته تعرضه لخسارة أكبر في حالات كثيرة.

وكان قطاع الطيران في السعودية قد واجه معوقات في استمرار تشغيل الرحلات بين المدن في المملكة، وذلك بعد معضلة أسعار الوقود والمحطات الإلزامية، في الوقت الذي يؤكد مسؤولون في شركات الطيران الاقتصادي أن مشكلات تحقيق الأرباح من خلال العمل في الرحلات الداخلية، دفعتهم إلى البحث عن بدائل في تشغيل رحلات دولية.

وبالعودة إلى المصادر المطلعة في الهيئة العامة للطيران المدني، أفادت بأنه تم التعاقد مع استشاري في شركة أميركية لدراسة وضع السوق، بهدف إيجاد حلول جذرية للطيران الاقتصادي في السعودية، فضلا عن البدء في الاستثمار بهذا القطاع، غير أن ما يعوق ذلك هو إشكالية الوقود.

واستطردت في القول: «إن الهيئة لا تمنع الوقود، باعتباره يقع ضمن مسؤولية شركة (أرامكو)، إضافة إلى دعم الحكومة لشركات الطيران الخاصة بالوقود لمدة 6 أشهر، انتهت مع نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، فضلا عن قروض بلغت نحو 200 مليون ريال لكل شركة».

وفيما يتعلق بالرسوم المفروضة من قبل الهيئة على شركات الطيران الخاصة، أبانت المصادر أن تلك الرسوم موجودة في جميع دول العالم، ولا تشكل عائقا أمام الشركات، إلا أن تغطية النقاط الإلزامية تعتبر غير مجدية اقتصاديا، باعتبارها لا تحقق ربحا لشركات الطيران نفسها، في ظل ارتفاع سعر الوقود وتحديد أسعار التذاكر.

وزادت: «إن النقاط الإلزامية بحاجة إلى دعم الحكومة نفسها من أجل تنمية المراكز الريفية والمدن والمحافظات، وكذلك تيسير الحركة على المرضى والطلاب الموجودين في تلك المناطق، وتوفير مقاعد لهم»، مشيرة إلى أن الدراسة التي أعدتها الهيئة العامة للطيران المدني تم رفعها للمقام السامي، وفي انتظار البت فيها.

وحول إجراءات الطيران المدني حيال توقف شركة «سما» للطيران، أكدت المصادر المسؤولة أن الباب مفتوح للاستثمار أمام كل مقتدر مستوفي الشروط، حيث إن الهيئة تمنح تراخيصها وفق الإجراءات المتعارف عليها لمن يرغبون في الدخول للطيران التجاري.