الأزمة المالية تضطر حكومة فياض لترشيد النفقات والتقشف

وقف حركة السيارات الحكومية خارج أوقات العمل لتوفير عشرات ملايين الشواقل سنويا

اعتبرت الحكومة أن القرار سيرشد وسيوفر على الخزينة العامة نفقات أخرى تتصل بحركة قطاع النقل (رويترز)
TT

أجبرت الأزمة المالية الصعبة التي تمر بها السلطة الفلسطينية، الحكومة، على اتخاذ إجراءات تقشفية لترشيد الإنفاق في مؤسساتها، في محاولة لتوفير عشرات ملايين الدولارات، مطالبة في الوقت ذاته الدول المانحة بالوفاء بالتزاماتها، حتى تتمكن من مواصلة مهامها والتزاماتها.

وناقشت الحكومة في اجتماعها الأسبوعي، الذي ترأسه سلام فياض، أول من أمس، تقريرا حول الوضع المالي للسلطة، والصعوبات التي تواجهها بسبب تدني مستوى المساعدات الخارجية بالقياس مع التزامات الدول المانحة، وعدم انتظام ورود هذه المساعدات.

وقررت الحكومة، حسب بيان رسمي، «اتخاذ إجراءات إضافية ذات طابع إصلاحي وتنظيمي وتقشفي، بما يحقق المزيد من ترشيد الإنفاق لتخفيف وطأة الأزمة الراهنة، وتعزيز مسيرة الإصلاحات الإدارية والمالية، وتقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية».

ومن بين القرارات، المصادقة على النظام المقترح من وزارة المالية، بحصر استخدام السيارات الحكومية في العمل الرسمي بشكل مطلق، وبسحبها من عهدة الموظفين وتحويل معظمها لسيارات حركة تدار مركزيا من المؤسسات والوزارات المختلفة.

واعتبرت الحكومة أن القرار «سيؤدي ليس فقط لتنظيم استخدام وسائط النقل الحكومية لموظفي القطاع العام، بل سيرشد وسيوفر على الخزينة العامة نفقات أخرى تتصل بحركة قطاع النقل الحكومي».

وقالت الحكومة إن هذا القرار سيكون بداية لسلسلة خطوات أخرى تعمل الحكومة على إقرارها مع نهاية العام، وتسهم في تسريع الوصول لهدفها المركزي المتمثل في تقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية، وتحقيق التقشف المطلوب لمواجهة الصعوبات المالية الراهنة، دون التأثير على جوهر العمل لإنجاز خطة الحكومة.

وستدرس الحكومة، بحسب مسؤولين فيها، إمكانية التقليل، أيضا، من دفع فواتير الهواتف النقالة مع آلاف المسؤولين، والتقليل من فاتورة بدل المواصلات التي تدفعها للموظفين، وذلك من خلال التأكد من أماكن سكن الموظفين والتكلفة الحقيقية لمواصلاتهم، وإجراء بعض التنقلات.

وأعرب وزير المواصلات، سعدي الكرنز، عن أمله في أن توفر تلك الإجراءات ملايين الدولارات كل عام، وأن تخفض الحاجة لشراء سيارات جديدة إلى حد أدنى يبلغ نحو عشرة ملايين دولار سنويا.

وقال الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة «أمان»، أمس، إنه ينظر بارتياح كبير إلى قرار مجلس الوزراء بسحب السيارات الحكومية التي تقدر بستة آلاف ومائتين من عهدة كبار الموظفين في المؤسسات العامة دون رتبتي وزير، ووكيل وزارة، وحصر استخدامها على العمل الرسمي.

وقال «أمان»: «إن هذا القرار يعني وقف استخدامات هذه السيارات خارج إطار القواعد والأصول والقانون من قبل بعض المسؤولين، باعتبارها أملاكا خاصة، وبالتالي توفير نحو 90 مليون شيقل (27 مليون دولار) تنفق على الوقود والصيانة والتأمين والترخيص.

وثمن «أمان» عاليا الخطوات الإصلاحية التي من شأنها ترشيد الإنفاق العام للسلطة وتجفيف منابع الفساد، مطالبا الحكومة باتخاذ القرارات والتعليمات والإجراءات الفورية لترشيد فاتورة الرواتب، وذلك بوقف التعيينات والترقيات الاستثنائية، ووقف ما بات يعرف بظاهرة الموظف «الوهمي» أو «الشبح»، بعد أن كشف «أمان» في مؤتمره السنوي في أبريل (نيسان) الماضي عن وجود ما يقارب 15000 موظف وهمي يتقاضون رواتب من الخزينة العامة، تقدر بعشرات ملايين الشواقل، بينما لا يوجدون في أماكن عملهم أو يوجدون خارج البلاد. وتعتبر الأزمة المالية الحالية نتاج تراكم من أشهر لم تلتزم بها دول مانحة بتسديد ما عليها من التزامات للسلطة، ومن بينها دول عربية.

وكان مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، أوسكار فرنانديز تارنكو، قد حذر الأسبوع الماضي، من أن السلطة الفلسطينية ستواجه أزمة سيولة خطيرة في سبتمبر (أيلول) المقبل، في حال عدم حصولها على قدر كبير من التمويل الخارجي الإضافي.

ووصف فياض نفسه قبل يومين، الوضع المالي بأنه «غاية في الصعوبة»، نافيا بشكل خاص ما تردد عن إحجام دولة الإمارات العربية عن دعم السلطة. وعبر فياض في بيان صحافي عن ثقته بأن يسهم كل «الأشقاء» العرب «بما عهد عنهم من مواقف داعمة دوما للشعب الفلسطيني» في توفير الدعم اللازم للسلطة. وأضاف: «إن توفير هذا الدعم سيمكننا من تجاوز هذه الأزمة والوفاء باحتياجات شعبنا الفلسطيني في ظل التحديات التي يواجهها في هذه الظروف الصعبة».