حارث سيلاجيتش لـ«الشرق الأوسط»: البوسنة تزخر بالكثير من فرص الاستثمار في مختلف المجالات

الاقتصاد البوسني يطمح للتغلب على الصعوبات الاقتصادية

TT

مر الاقتصاد البوسني بفترة صعبة للغاية في عامي 2009 و2010، وهو يحاول التغلب على الصعوبات المالية خلال العام المقبل بالمراهنة على قفزة نوعية من خلال آمال الشراكة مع العالم الإسلامي، عبر تعزيز العلاقة مع العالم الإسلامي. وكان المؤتمر الاقتصادي الدولي الذي عقد في 6 و7 أبريل (نيسان) الماضي، قد دشن لمرحلة جديدة، وهو ما يعبر بحق عن تفاؤل الإرادة على الرغم من الصعوبات.

وإذا كانت الأزمة المالية قد أثرت في معظم اقتصاديات العالم، بما فيها النفطية والصناعية، فتأثيرها على البوسنة كان جليا، فقد ذكر تقرير لوزارة المالية البوسنية أن خدمة الديون لسنة 2010 بلغت ما يزيد على 246 مليون مارك بوسني، أي أكثر من 123 مليون يورو. في حين بلغت ديون البوسنة الخارجية 4.5 مليار مارك، أي ملياران وربع المليار يورو. ووفقا لوزارة المالية البوسنية المركزية فإن الديون مقسمة بين الكيانين اللذين تتكون منهما البوسنة، وهما الفيدرالية، و«جمهورية صربسكا»، حيث بلغت ديون الفيدرالية 3.07 مليار مارك (المارك نصف يورو تقريبا)، أما ديون «جمهورية صربسكا» فلم تتجاوز 1.62 مليار مارك، وإقليم بريتشكو الذي يتمتع بوضع خاص 8.5 مليون مارك، ومؤسسات الدولة الأخرى 12.3 مليون مارك. وكان على البوسنة دفع 390.312.600 مارك خلال عام 2010، كفائض ديون، بيد أنها لم تتمكن من دفع سوى الرقم المذكور، وهو 246.077.000 مارك فقط.

وقالت الناطقة باسم وزارة المالية البوسنية، ليركا بوييتش، لـ«الشرق الأوسط»: «الدين الداخلي في البوسنة يبلغ 2.55 مليار مارك، بينها 1.44 مليار مارك كديون جمهورية صربسكا، بينما بلغت ديون الفيدرالية 1.07 مليار مارك، وإقليم بريتشكو الذي يتمتع بوضع خاص بلغت ديونه 36.9 مليون مارك». واعتبرت المسؤولة البوسنية، وهي من الطائفة الكرواتية التي تسيطر على وزارة المالية منذ اتفاقية دايتون بصرف النظر عن الائتلاف الحاكم، أن «التزام البوسنة بخدمة الديون، طبيعي حيث يمكن الوفاء بنسبة 60 في المائة من الديون سنويا، من حجم الدين العام، ويعد ذلك مؤشرا على الالتزام بشروط الإقراض الدولية».

ونتيجة للأزمة الاقتصادية، فقد ارتفعت نسبة الفقر في البوسنة، التي تعاني من آثار الحرب، وزادتها الأزمة الاقتصادية رهقا. وكشف تقرير أعده برنامج الأمم المتحدة للتنمية، عن أن واحدا من كل خمسة أفراد في البوسنة يعيش تحت خط الفقر. وأن «الفقر يتسع نطاقه بسبب الأزمة المالية العالمية، إضافة لتداعيات الحرب التي لا تزال آثارها بادية على السكان» وتمثل فئة المتقاعدين نسبة 19.5 في المائة من مجموع الحالات التي تعيش تحت خط الفقر، والعاطلين عن العمل 23.4 في المائة، والنساء 25.5 في المائة. وقال رئيس جمعية حماية المستهلك البوسنية، مسعود لاكوتا، لـ«الشرق الأوسط»: «إن 48 في المائة من الشعب البوسني يعيشون في دائرة الفقر، بينما هناك 18 في المائة يعيشون تحت خط الفقر. وأن 50 في المائة من المتقاعدين يحصلون على نحو 160 يورو فقط شهريا، إضافة لنحو نصف مليون عاطل عن العمل في البوسنة، مما يدعو لمضاعفة عدد المطابخ الجماعية التي تمنح الطعام مجانا للأشد فقرا، ووفقا للأكوتا فإن الحياء يمنع الكثيرين من الإفصاح عن أنهم جوعى، ويفضلون البحث عن طعامهم من حاويات النفايات. وتدعو بعض منظمات المجتمع المدني، لإجراءات تحد من معاناة الفئات الفقيرة، وذلك بمنحها إعفاءات من دفع رسوم النقل، والخدمات الطبية، والدراسة، مع تحديد منح بسيطة، إن أمكن من ميزانيات الشؤون الاجتماعية.

ويراهن البوسنيون، لا سيما القيادات السياسية والشركات الإنتاجية، على العالم الإسلامي، من خلال المؤتمر الدولي، الذي تم عقده بالعاصمة البوسنية سراييفو، في 6 و7 أبريل الماضي، بحضور عدد كبير من الشخصيات السياسية من العالم الإسلامي، منهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس وزراء ماليزيا الأسبق مهاتير محمد، وعدد من الرؤساء ورؤساء الوزراء وممثلين عن دول منظمة المؤتمر الإسلامي، ودول أخرى، بالإضافة إلى رجال الأعمال والشركات المختلفة من البوسنة والدول المشاركة في الملتقى، الذي تعلق عليه آمال كبيرة في توطيد العلاقات وبناء جسور التعاون الاقتصادي بين البوسنة والعالم الإسلامي. وقد تم عقد الكثير من الصفقات، وصلت حسب بعض المصادر إلى 5 مليارات يورو. وقال الرئيس البوسني الدكتور حارث سيلاجيتش لـ«الشرق الأوسط»: «البوسنة تزخر بالكثير من فرص الاستثمار في مختلف المجالات، وقد شاركنا إخواننا في العالم الإسلامي معركة البقاء، ونريدهم أن يشاركونا معركة البناء والتنمية وتبادل المنافع، ولذلك اخترنا موعد 6 أبريل لعقد مؤتمر الاستثمار الدولي، ففي هذا التاريخ من سنة 1992 بدأ العدوان ضد البوسنة، كما تم فيه تحرير سراييفو» وعما إذا كانت هناك مشاريع جاهزة، أفاد سيلاجيتش بأن «هناك مشاريع جاهزة، وأخرى في طور الإعداد ستكون مكتملة قبل عقد المؤتمر».وينتظر رؤساء ومديرون أكثر من 100 شركة ومؤسسة بوسنية عقد شراكات مع نظرائهم من العالم الإسلامي. وأعرب مدير، بنك البوسنة الدولي، عامر بوكفيتش لـ«الشرق الأوسط» عن تفاؤله قائلا: «نقوم بإعداد أكبر المشاريع المعدة للاستثمار، التي تشمل مختلف المجالات الصناعية والزراعية، والطاقة، والمياه، وإنتاج الغذاء، والخشب، وغير ذلك، والمؤتمر الذي عقد في أبريل الماضي، وسيكون بعون الله سنويا وفي نفس التوقيت، وهي فرصة لرجال الأعمال لعقد صفقات وشراكات متبادلة» وعدد بوكفيتش مهام الشركات البوسنية وتخصصاتها المختلفة قائلا «لدينا الكثير من الشركات الكبرى التي تعمل على نطاق عالمي مثل «أنرغو إنفست»، وهي شركة للطاقة الكهربائية، ومن كبرى الشركات العالمية، ولها مشاريع كبرى في ليبيا والجزائر والعراق وتركيا ودول أميركا اللاتينية خاصة المكسيك، وشركة «أنرغو بترول»، وهي شركة للتنقيب عن النفط، وشركة «هيدروغرادينيا»، وهي متخصصة في المقاولات العامة والبناء ومعظم أعمالها في البلاد العربية بليبيا، ولدينا مصانع العصير وشركات إنتاج الخشب والصناعات الخشبية والأثاث، إلى جانب المنتجات الزراعية المختلفة، كالحليب والعسل والجلود وغير ذلك. وأشار بوكفيتش إلى أن «البنك الإسلامي للتنمية، وبنك البوسنة الدولي، يقومان بدور الجسر بين رجال الأعمال والشركات البوسنية والبلقانية، ورجال الأعمال والمراكز الاقتصادية والمالية في العالم الإسلامي».

جدير بالذكر أن البوسنة تحوي 86 في المائة من الثروات الطبيعية من المساحة الجغرافية التي كانت تسمى يوغوسلافيا، وتضم 6 جمهوريات مستقلة الآن، ففي البوسنة أفضل أنواع الخشب من الصنوبر والزان وغيره. وكانت البوسنة مركزا للصناعات الثقيلة، بما فيها العسكرية، وفي البوسنة أكبر مصنع للحديد والصلب في البلقان. وينتظر أن يحظر ملتقى أبريل الاقتصادي المقبل حضور عدد كبير من الوجوه والمؤسسات البارزة.