للتأكد من أنهم لا يعيدون تأجير عقاراتهم مع تزايد الممارسة الأزمة المالية

أميركا: أصحاب العقارات يستعينون بمخبرين سريين لمراقبة المستأجرين

مخبرون سريون يراقبون خفية أحد المباني («نيويورك تايمز»)
TT

في الوقت الذي مرت فيه مجموعة من الشباب في العقد الثالث من عمرهم، غير مهندمين في ملابسهم، عبر مدخل إحدى العمارات السكنية في وسط مانهاتن أثناء فترة بعد الظهيرة في إحدى عطلات نهاية الأسبوع، لم يلاحظ هؤلاء الأفراد، وهم على ما يبدو من سكان نيويورك، أنهم معرضون لالتقاط صورة فوتوغرافية.

والسبب في ذلك هو أن هذه الصورة كانت مدبرة بصورة سرية من جانب مالك العقار، الذي استعان بمحقق خاص لطرد المستأجرين غير القانونيين.

وكان المخبر الخاص جوزيف مولين، الذي أدار شركة للمخبرين لأكثر من 40 عاما، مختبئا وراء الحشود وأمطار الظهيرة، وأوقف سيارته أمام المبنى، وأخذ يتصفح سريعا بعض الأوراق التي تبين أن الكثير من السكان في هذا المبنى المؤلف من سبعة طوابق «ميتون أو يعيشون في مكان آخر»، وانتظر.

واتخذ شين ويليامز، نائب رئيس شركة «جي تي مولين إنك»، جلسة استراتيجية على مقعده في السيارة، وأخذ يصور الأفراد وهم يدخلون المبنى ويغادرونه. وبدا الاثنان وكأنهما مراقبان في عرض مضاد للموضة، في الوقت الذي دخل فيه موصلو الطلبات الغذائية، وخرج مستأجر بدين وكبير في السن لشراء بسكويت الجبن، ودلف مستأجرون آخرون يرتدون ملابس رياضية إلى الخارج لتدخين السجائر.

وقال مولين: «لا نعرف نصف الناس الذين يعيشون في هذا المبنى», وضحك ضحكة عالية، وألقى نظرة من خلال النافذة ذات الزجاج الملون. «يقول الملاك: إنني اعتدت طرد هؤلاء المستأجرين غير القانونين وكسب بعض الأموال».

وفي منطقة عالية الإيجار مثل مانهاتن، التي تحتوي على عدد كبير من الشقق التي يخضع فيها الإيجار للنظم والقوانين، جاهزة للاستغلال، أصبح التحقيق العقاري منذ فترة طويلة نشاطا تجاريا كبيرا. ويقول المخبرون الخصوصيون لقد انتعش هذا النشاط التجاري خلال العام الماضي، في الوقت الذي حاول فيه بعض السكان في نيويورك تحقيق مزيد من الأموال، عن طريق ترك شققهم وتأجيرها من الباطن إلى مستأجرين آخرين مقابل مبالغ أكثر من تلك التي يدفعونها، وهو أمر غير مسموح به.

وبالطبع، هناك ملاك في حاجة ملحة إلى الأموال، ويحاولون طرد الأفراد الذين يستخدمون الشقق التي تخضع أسعار الإيجار فيها للاستقرار أو السيطرة بصورة غير قانونية. وسيتيح ذلك للملاك العثور على مستأجرين جدد ورفع قيمة الإيجار بواقع 20 في المائة أو أكثر، بموجب قانون الإسكان بالولاية.

وأثناء انتعاش المضاربات خلال العقد الماضي، واجه بعض الملاك الكبار تهم استخدام محققين خصوصيين لمضايقة المستأجرين القانونيين من أجل مغادرة شققهم، بهدف رفع الإيجار لتغطية تكلفة قروض الرهن العقاري الكبيرة وزيادة أرباحهم. أما الملاك الذين يطردون المستأجرين من الباطن غير القانونيين والمستأجرين الغائبين، فيفتخرون بمدى الأرباح التي يمكن تحقيقها من هذه التحقيقات.

وتجدر الإشارة إلى أن المستأجر يجب أن يشغل الوحدة التي يستأجرها لمدة 183 يوما على الأقل خلال العام.

وتحدث كريغ تشاري، محام وأحد ملاك الشقق الذين استعانوا بمحققين خصوصيين في هذه القضايا منذ عام 1994، عن مستأجرة في أحد المباني في تشيلسي حافظت على شقتها التي تبلغ قيمة الإيجار بها 433 دولارا في الشهر، في حين كانت تعيش بصورة أساسية في نيوجيرسي. وتعقب أحد المحققين طريق انتقالها من وإلى العمل، وطردها تشاري من الشقة، وقام بضم الشقة مع شقة أخرى ليشكل شقة مزدوجة ورفع قيمة الإيجار.

وقال تشاري: «إنه أمر مفيد بصورة استثنائية. لقد دمجنا أسلوب حياة، واسترددنا الوحدة».

وفي الوقت الذي راقب فيه مولين وويليامز السكان وسقطت الأمطار على السيارة، شرحوا كيف تصل إليهم هذه القضايا العقارية، التي تشكل جزء صغيرا من نشاطهم التجاري. يقطن سكان نيويورك في الشقق التي تخضع قيمة الإيجار بها للنظم والقوانين، وهم في العقد الثالث من عمرهم. لكن في الوقت الذي ترتفع فيه دخولهم ويزداد عدد أفراد أسرهم، ينتقلون إلى شقق أخرى، ويحاولون الاحتفاظ بالشقق القديمة عن طريق إيجارها من الباطن لأفراد الأسرة أو الأصدقاء. وعندما اشترى الملاك المباني في السنوات الأخيرة، كانت المعلومات الوحيدة حول المستأجرين لديهم مكتوبة على أوراق قديمة، وشملت أسماء سكان لم يعيشوا في هذه الشقق منذ 30 عاما، وبحسب تقديرات ويليامز، لا يعرف الملاك 20 في المائة من المستأجرين لديهم.

وكان ذلك عندما استعان هؤلاء الملاك بشركة «مولين». حقق مولين في أحد المباني في شارع باكستر، الذي يحمل فيه جميع السكان نفس رقم الضمان الاجتماعي. واتفقوا على مبنى سجل فيه المستأجر غير القانوني شقته تحت اسم أو بي جوان كنوبي.

وسمحوا لمراسلي الصحيفة بحضور مراقبة للمبنى في الفترة الأخيرة، شريطة عدم نشر عنوان المبنى لأنه لا يزال خاضعا للمراقبة. وتمت الاستعانة بهم للتحقيق في 10 من 25 شقة في المبنى؛ تتقاضى الشركة في العادة من 300 إلى 500 دولار عن كل شقة، أو أكثر من ذلك إذا كان الأمر ينطوي على بحث واسع النطاق. وقد تكون السجلات العامة المتاحة غير مفيدة في هذا الشأن. وقالوا إن بعض المستأجرين الذين يعيشون في مكان آخر معظم العام يصوتون في المدينة (وهو ما يعتبر في حد ذاته جريمة) لترك دليل كتابي على قيامهم بأنشطة من هذا المكان، أو يتلقون الرسائل البريدية على عنوان هذه الشقة التي لا يقطنون بها، ويدفعون رشوة لحارس المبنى لتمريرها إليهم مرة في الأسبوع.

ويحتوي هذا المبنى على الكثير من المميزات بالنسبة لهذين الرجلين، بما في ذلك قربه من مقاه جيدة، لإبقائهم يقظين، وحارس جيد يخرج النفايات في فترة مبكرة تكفي لإعطائهم الوقت للبحث عن فواتير كهرباء أو فواتير هاتف أو غيرها من الوسائل التي تشير إلى الساكن الفعلي للشقة. كما تعد فواتير التأمين على السيارات مفيدة في هذا الشأن. وفي بعض المباني، يتم إقناع حارس المبنى بإدخال عود ثقاب داخل باب إحدى الشقق المغلقة، لمعرفة بعد كم يوم أو أسبوع سيسقط.

وعندما يخرج أحد المدخنين من المبنى، يفرحون؛ حيث إن المدخنين يمشون ببطء، ويجعلون من السهل التقاط الصور الفوتوغرافية. وفي النهاية، سيعطون جميع الصور التي التقطوها إلى المالك، الذي يستطيع عرضها على حارس المبنى لتحديد هوية من يعيش في الشقق.

إنه عمل فوضوي يجعل مولين يحسد عملاءه، ويقول: «لا أود أن أكون مالك عقار».

* خدمة «نيويورك تايمز»