تراجع الفائض التجاري الصيني في أغسطس إلى 20 مليار دولار

الصين وتايوان تستعدان للتفاوض على اتفاق لضمان الاستثمار

بلغ إجمالي الصادرات الصينية في أغسطس 3.139 مليار دولار بزيادة 4.34 في المائة بالمعدل السنوي (إ.ب.أ)
TT

أفادت أرقام رسمية، أمس، الجمعة، أن الفائض التجاري للصين تراجع بصورة غير متوقعة في أغسطس (آب) مع زيادة الواردات وهو أمر رأى المحللون أنه يخفف الضغوط على الصين بشأن رفع قيمة اليوان. وأعلنت هذه الأرقام في وقت بينت المعطيات الأميركية تراجعا في العجز التجاري الأميركي مع الصين في يوليو (تموز)، مما يضعف حجج المشرعين الأميركيين التي تقول إن سياسة التمسك بسعر صرف منخفض لليوان مقابل الدولار يعطي المصدرين الصينيين ميزة على حساب نظرائهم الأميركيين. وتأثرت البورصات في آسيا بطرق متفاوتة بهذه الأنباء التي خففت من الشعور الإيجابي الذي بني على المعلومات الجيدة المتعلقة بسوق الوظائف الأميركية ومراجعة إيجابية للنمو في اليابان. وفي شنغهاي، أغلق المؤشر المرجعي بزيادة 0.26 في المائة مع تعويض الخسائر المسجلة مع افتتاح البورصة. وأشارت معطيات أخرى إلى أن جهود الصين للتحكم في سوق العقارات بدأت تعطي ثمارها مع ارتفاع طفيف في أسعار المنازل الشهر الماضي. وتوقع المحللون أن يرتفع الفائض التجاري الصيني إلى نحو 30 مليار دولار في أغسطس ليكون بذلك الأكثر ارتفاعا منذ يناير (كانون الثاني) 2009، ولكنه عوضا عن ذلك تراجع إلى 30.20 مليار دولار بعد أن بلغ 7.28 مليار دولار في يوليو.

وبلغ إجمالي الصادرات الصينية في أغسطس 3.139 مليار دولار بزيادة 4.34 في المائة بالمعدل السنوي ولكن بتراجع عن يوليو حين سجلت زيادة بلغت 1.38 في المائة مع رقم قياسي من 52.145 مليار دولار خلال ذلك الشهر. وفي هذه الأثناء ارتفعت الواردات في أغسطس بمعدل 2.35 في المائة الذي فاق كل التوقعات مسجلة 27.119 مليار دولار. وهو ما يشير إلى أن التباطؤ في الاقتصاد الصيني ليس حادا بالدرجة التي كان يخشى منها. وكان المحللون توقعوا أن تبلغ الزيادة 25 في المائة. وأوضحت وكالة الصحافة الفرنسية أن الصين تعهدت هذا الأسبوع بتسهيل استيراد السلع في إطار سعيها إلى معالجة مشكلة الفائض التجاري مع شركائها الرئيسيين، وخصوصا الولايات المتحدة. وقال المحلل لدى «رويال بنك أوف اسكوتلند» بن سمفندورفر، أن تراجع الصادرات يدعم حجج الصين التي تؤيد زيادة طفيفة في سعر صرف اليوان مقابل الدولار. وقال المحلل: «سيرون في ذلك بالطبع سببا لمواصلة سياستهم الحالية التي تقوم على زيادة طفيفة جديدة في سعر صرف اليوان». وقال المحلل الاقتصادي رن شيانفانغ، من «غلوبال إنسايت» والمقيم في بكين، إن هذه الأرقام «تدعم موقف الصين المؤيد لإعادة تقييم طفيفة لعملتها». وأعلنت الصين في يونيو (حزيران) أنها ستخفف الضغط على اليوان وتتيح تداوله بحرية أكبر مقابل الدولار بعد ضغوط كثيفة من الولايات المتحدة وأوروبا وغيرهما من الشركاء التجاريين المطالبين بزيادة سعر اليوان.

ومنذ ذلك الحين، تحسن سعر صرف اليوان بأقل من 1 في المائة مقابل الدولار، مما أثار استياء المشرعين الأميركيين الذين يريدون اتخاذ إجراءات في وجه ما يعتبرونه ممارسات صينية تجارية غير منصفة. ويعتقد بعض الاقتصاديين أن اليوان يصرف بأقل من قيمته الحقيقية بنسبة 25 إلى 40 في المائة، وأن ذلك يعطي المصدرين الصينيين ميزة غير منصفة، لكن الصين تعتبر أن هذه المزاعم «لا أساس لها». ويمارس المشرعون الأميركيون ضغوطا لإصدار قانون يتيح لوزارة التجارة فرض عقوبات على الصين وغيرها من الدول التي تقوم بخفض قيمة عملاتها. وتراجع العجز التجاري الأميركي مع الصين إلى 92.25 مليار دولار في يوليو. ويقول المحللون إن هذا سيضعف الحجج القائلة إن اليوان الضعيف هو الذي يتيح للصين إغراق السوق الأميركية بالسلع الرخيصة.

وقال المحلل الاستراتيجي لدى «رويال بنك أوف كندا» براين جاكسون، إن الأرقام الخاصة بالصين «تظهر مرونة كبيرة» رغم تباطؤ النمو في الولايات المتحدة والمشكلات المالية في أوروبا. وأضاف جاكسون أن «هذا يشير إلى أن التباطؤ في النمو في الصين لا علاقة له بعوامل خارجية وإنما داخلية»، مشيرا إلى جهود الحكومة لخفض أسعار العقارات والقروض المصرفية. وبدأت هذه التدابير تؤتي ثمارها والدليل على ذلك التراجع المستمر في أسعار العقارات الشهر الماضي. وارتفعت أسعار المنازل في 70 مدينة رئيسية بـ3.9 في المائة في أغسطس بالمعدل السنوي، وفق ما أعلن المكتب الوطني للإحصاءات أمس، الجمعة، مقارنة مع 3.10 في المائة في يوليو.

ومن ناحية أخرى ذكر مسؤولون ومحللون أن الصين وتايوان ستتفاوضان في وقت لاحق من هذا العام على اتفاق لضمان الاستثمار ينظر إليه على أنه حيوي لاجتذاب الاستثمارات الصينية إلى الجزيرة. وأضافوا أن الجانبين سيجتمعان في تايوان لمناقشة، وربما توقيع، اتفاق ضمان الاستثمار. وكان الخصمان السياسيان قد وقعا اتفاقية تجارية في يونيو تمثل أكبر ارتباط بينهما بعد عقود من العداء. وذكرت وكالة الأنباء المركزية شبه الرسمية في تايوان أن وزير التجارة الصيني، تشن ده مينغ، قال هذا الأسبوع إنه يأمل أن تنتظر الشركات الصينية الراغبة في العمل في تايوان لحين توقيع اتفاق لضمان الاستثمار. ويقول محللون إن كبار المستثمرين الصينيين - مثل المؤسسات المالية التي تتقزم أمامها نظيراتها التايوانية - سيحجمون عن الاستثمار في الجزيرة إلى أن تكون هناك مجموعة واضحة من القواعد. وتسمح الاتفاقية التجارية - وهي على غرار اتفاقات التجارة الحرة وتشكل إطار عمل للتعاون الاقتصادي - للبنوك الصينية بتحويل مكاتب التمثيل التابعة لها في تايوان إلى فروع في غضون عام. وتقيد لوائح أقرت في مارس (آذار) حصص البنوك الصينية في البنوك التايوانية عند 5 في المائة. وحصل الرئيس التايواني ما يينغ جيو - الذي يتخذ موقفا وديا من بكين منذ تولى منصبه في 2008 - على مساندة صينية للمساعدة في دعم اقتصاد الجزيرة الذي تقوده الصادرات والحفاظ على قدرتها التنافسية في آسيا.