خبراء: السوق المصرية ما زالت ملاذا آمنا للمستثمرين

رغم تذبذب أدائه وفقدان كثير من الأسهم بالبورصة نحو 50% من قيمتها

سوق المال المصرية (أ. ف. ب)
TT

رغم التقلبات التي شهدتها البورصة المصرية في الفترة الأخيرة وتدني مستوى أسعار الأسهم في السوق، إلى الحد الذي فقدت فيه غالبية الأسهم المتداولة ما يقرب من 40 - 50 في المائة من قيمتها السوقية، فإن عددا كبيرا من بنوك الاستثمار والمؤسسات المالية بدأت الاتجاه نحو الاستثمار في أدوات الدخل الثابت.

ويتضح هذا الاتجاه في إطلاق صناديق نقدية جديدة توفر للمستثمرين درجة سيولة عالية عن طريق الاكتتاب والاسترداد اليومي، ووعاء استثماريا محدود المخاطر، وتستثمر في أدوات الدخل الثابت قصيرة الأجل، خاصة في ظل تراجع القيم السوقية لغالبية الأسهم عن القيم العادلة، مما يعد فرصة سانحة لهذه الصناديق للدخول بقوة إلى السوق المصرية، لأنها تعد أسهما مغرية للشراء في الوقت الحالي.

الدكتور محمد عبد الحميد، خبير أسواق المال، أكد أنه على الرغم من الأزمات المتلاحقة التي ضربت البورصة المصرية على مدار الفترة الماضية، من أزمة ديون الدول السيادية في دول الاتحاد الأوروبي وهبوط غالبية الأسهم المتداولة بالبورصة المصرية وفقدانها ما يزيد على 50 في المائة من قيمتها العادلة في السوق، فضلا عن تراجع القيم السوقية للأسهم المتداولة عن القيمة العادلة لها، فإن السوق المصرية ما زالت ملاذا آمنا لبنوك الاستثمار، لأن تراجع هذه القيم يعد فرصة مغرية لهذه الصناديق للشراء.

وأشار عبد الحميد إلى سيطرة المستثمرين الأفراد على البورصة المصرية، حيث استحوذ المستثمرون الأفراد خلال النصف الأول من العام الحالي على نحو 51 في المائة من إجمالي التعاملات في السوق، مقارنة بنحو 65 في المائة خلال الفترة نفسها من العام الماضي. فيما تستحوذ المؤسسات على نحو 49 في المائة من السوق، مقارنة بنحو 35 في المائة من إجمالي التعاملات خلال الفترة نفسها من العام الماضي.. مما يجعل التحركات السعرية للأسهم أكثر مرونة، بسبب الحالة النفسية السيئة للمستثمرين، فضلا عن العشوائية الكبيرة في سلوك المستثمرين الأفراد الذين يتأثرون بالحالة النفسية داخل السوق.. مما يجعل السوق المصرية «هشة»، لأنه بمجرد انتشار شائعة صغيرة فيها، يتجه المستثمرون إلى عمليات بيع مكثفة، مما يتسبب في أداء سلبي للسوق.

وأوضح عبد الحميد أن زيادة عدد صناديق الاستثمار في السوق المصرية، خاصة بعد إعلان 70 صندوقا استثماريا الرغبة في الاستثمار في السوق المصرية، فضلا عن إعلان عدد من الشركات المحلية رغبتها في إطلاق صناديق استثمار جديدة، يعد مؤشرا مهما على أن السوق المصرية ما زالت ملاذا آمنا للمستثمرين، وينتظر أن يسفر إطلاق المزيد من الصناديق خلال الفترة المقبلة عن الإعلان بوضوح عن زيادة السيولة في السوق المصرية، وتحوله نحو الاستثمار المؤسسي، بدلا من الاعتماد على المستثمرين الأفراد.

وأكدت عنايات النجار، استشارية أسواق المال، وجود مؤشرات لنمو الاقتصاد المصري، وفقا لبيانات حكومية عن نتائج السنة المالية (2009 - 2010)، التي توقعت أن يحقق الاقتصاد المصري خلالها نموا قدره 5.4 في المائة، مع وجود التخفيضات في التعريفات الجمركية لأكثر من خمس سنوات، وبيع شركات حكومية وتحرير قوانين الاستثمار، مع انخفاض نسبة البطالة في 2010 في نطاق بين 9 في المائة و10 في المائة، بالإضافة إلى الحملات الترويجية التي قامت بها البورصة المصرية على مدار الفترة الماضية، بالتعاون مع البورصات الخارجية.

وأضافت النجار أن هناك الكثير من الشركات التي تحولت إلى نشاط بنوك الاستثمار، لمعالجة ضعف السيولة التي تعاني منها السوق.

وأوضحت النجار أنه بمقارنة أداء البورصة المصرية بالبورصات الناشئة والمتقدمة، فقد شهد أداء معظم البورصات المتقدمة والناشئة تراجعا حادا خلال النصف الأول من عام 2010، متأثرة بما يحدث من أزمة اليونان إلى الحد الذي بلغت فيه حدة هذه الانخفاضات 50 في المائة في بعض الدول، وذلك وفقا لمؤشر مورجان ستانلي. بينما جاء أداء البورصة المصرية إيجابيا وسط هذه الأزمة، حيث حافظت البورصة المصرية على تماسكها مسجلة تراجعا يقدر بنحو 4 في المائة، خلال النصف الأول من العام الحالي، وبالتالي نجد أن البورصة المصرية أفضل أداء بين البورصات الناشئة والمتقدمة بما يجعلها سوقا جاذبة للاستثمار.

ومن جهة أخرى، قال المحلل المالي أحمد خديوي: إن «السوق المصرية أفضل أداء في امتصاص الأزمات، نتيجة التوجه بشكل أكبر نحو الاستثمار المؤسسي. مما يجعل السوق المصرية أفضل أداء نتيجة عدم اعتمادها على الأفراد الذين تلعب الحالة النفسية دورا كبيرا في حركاتهم داخل السوق».

وأشار خديوي إلى أن المستثمر المصري ما زال في حاجة إلى تغيير الثقافة الاستثمارية التي يسير وفقا لها داخل البورصة، موضحا أن المستثمرين الأجانب عادة ما تزيد ثقتهم في السوق المصرية أكثر من المستثمرين العرب والمصريين، حيث نجحت السوق المصرية في اجتذاب استثمارات أجنبية قوية بلغت نحو 4 مليارات جنيه.