«فيتش»: دول الخليج تحافظ على التصنيفات الائتمانية الممتازة على الرغم من انخفاض أسعار النفط

«غولدمان ساكس»: قطاع المصارف السعودية مقبل على فترة انتعاش

TT

أكدت تقارير مالية غربية أن المصارف السعودية مقبلة على فترة انتعاش جديدة تستفيد فيها من خطة الإنفاق الحكومية الضخمة التي تستهدف تحديث البنية التحتية وتحفيز النشاط الاقتصادي خلال السنوات الخمس المقبلة، كما ذكرت أن المصداقية الائتمانية لدول الخليج لم تتأثر بالانخفاض الذي تشهده أسعار النفط في الفترة الراهنة. وذكرت كل من «وكالة فيتش للتصنيف الائتماني» ومصرف «غولدمان ساكس» الأميركي للاستثمار في تقريرين منفصلين، أن السعودية ودول الخليج مقبلة على فترة نمو جديد في الأعوام المقبلة.

وقالت «وكالة فيتش الأميركية» في تقريرها الصادر، أول من أمس، في واشنطن «إن التصنيف الائتماني لدول الخليج لن يتأثر بالانخفاض المتوقع في مداخيل النفط نسبة لموقفها المالي القوي وقدرتها على تعويض النقص في المداخيل، خاصة دول الخليج النفطية، السعودية والكويت والإمارات وقطر التي تملك موجودات استثمارية ضخمة في الخارج ومعدلات ديون خارجية تكاد لا تذكر».

ويذكر أن استثمارات السعودية في الخارج لم تتأثر بالأزمة التي عصفت بالعالم في عام 2008، لأنها مستثمرة في أدوات مالية تقل فيها نسبة المخاطرة ومعظمها مستثمر في سندات الخزانة الأميركية التي كانت «الملاذ الآمن» للمستثمرين طوال فترة الأزمة.

وذكرت الوكالة الأميركية أن دول الخليج في موقف مالي أفضل لمقابلة أي احتياجات تمويلية في المستقبل. ويلاحظ أن الوكالة الأميركية منحت دول الخليج في تقريرها تصنيفا مستقرا، مقارنة بالتصنيفات المنخفضة التي منحت لنظيراتها، حيث منحت السعودية ترتيب «إيه إيه مستقر» AA - stable ومنحت إمارة أبوظبي «إيه إيه مستقر» AA - stable ومنحت الكويت «إيه إيه - AA stable» وقالت «فيتش»، إن «انخفاض مداخيل النفط خلال الفترة المقبلة لن يكون له تأثير على المصداقية الائتمانية لهذه الدول». ويذكر أن مصلحة الطاقة الأميركية تتوقع أن تراوح أسعار النفط ما بين 70 إلى 80 دولارا للبرميل خلال الشهور المتبقية من العام الحالي ما لم يحدث تغيير في مجرى نمو الاقتصادات الصناعية الكبرى في أوروبا وأميركا. وكانت السعودية قد استهدفت سعر 75 دولارا للنفط في المتوسط وهو ما يعادل تقريبا السعر الحالي.

ولاحظت الوكالة أن القطاعات غير النفطية في دول الخليج شهدت معدلات نمو قوية خلال العام الماضي وتوقعت أن يتواصل هذا النمو في العام المقبل. وقالت «إن ميزان الحساب الجاري في دول الخليج يشهد فائضا، في الوقت الذي تعاني فيه معظم الاقتصادات من حجوزات مالية ضخمة، كما توقعت أن يتقلص العجز الميزاني لدول المنطقة بمعدلات كبيرة نهاية العام الحالي». وقالت: «على الرغم من أن الديون الحكومية في بعض دول الخليج تواصل النمو، فإنها تظل أقل من نظيراتها في الدول الغربية».

وحسب الوكالة، فإن القطاع المالي في دول المنطقة الخليجية تحمل الشق الأكبر من الخسائر الناجمة عن الأزمة المالية العالمية خلال العامين الماضيين، لأسباب تعود إلى انخفاض التمويلات الخارجية التي كانت تتدفق على المنطقة من المصارف الأوروبية والأميركية، خاصة التمويلات الغربية لقطاع الإنشاءات في دبي والكويت. وقالت: «إن ظروف الأزمة المالية كانت أكثر ضغطا على كل من الكويت والإمارات التي اضطرت مصارفهما المركزية إلى ضخ سيولة ضخمة لإنقاذ القطاع البنكي من الانهيار ومساعدة قطاع الإنشاءات خاصة في أمارة دبي». وأشارت إلى أن انخفاض أسعار العقارات بمعدلات كبرى في هاتين الدولتين كان له أثر كبير في المصاعب المالية التي واجهتها البنوك وما تبعه من تداعيات توقف عمليات الإقراض وتأثيراته السالبة على النشاط الاقتصادي.

ولكن في المقابل قالت الوكالة: «إن المصارف السعودية خرجت من دون خسائر من الأزمة المالية العالمية». ويذكر أن المصارف السعودية لم تتعرض لمخاطر المتاجرة في المشتقات والمضاربات الخطرة التي تعرضت لها المصارف الإماراتية والكويتية. ويعود ذلك إلى الضوابط الصارمة التي تطبقها مؤسسة النقد السعودي «ساما» على أنشطة المصارف السعودية. وحول القطاع المصرفي في البحرين، قالت الوكالة «إن مصارف البحرين الوطنية لم تتعرض لخسائر من الأزمة المالية، على الرغم من أن (مصارف الأفشور) احتاجت إلى دعم مالي من المجموعات الأم التي تملكها».

وفي الصعيد ذاته، بشر مصرف «غولدمان ساكس» الأميركي قطاع المصارف السعودية بفترة انتعاش خلال الأعوام المقبلة. وقال المصرف في تقريره الصادر أمس، «أعتقد أن البنوك السعودية مقبلة على دورة انتعاش جديدة يسودها نمو حجم الإقراض وتحسن في قيم الموجودات وانخفاض في كلف التمويل والخسائر الناجمة عن الديون».

، مشيرا إلى أن خطة الحكومة السعودية الخمسية الرامية لإنفاق 375 مليار دولار على تحديث البنى التحتية في المملكة سيكون لها أثر كبير على عمليات الإقراض والتمويل في المصارف السعودية. وقال المصرف الأميركي: «إن المصارف السعودية صاحبة السيولة الأوفر ستكون المستفيد الأكبر من خطط الدولة السعودية للتحفيز والتحديث الاقتصادي».

وعلى صعيد الدول غير النفطية أشارت الوكالة إلى أن التصنيف الائتماني لجميع الدول العربية ظل مستقرا، على الرغم من الظروف المالية الصعبة التي تكتنف العالم. وذكرت أن معدلات النمو في دول المنطقة العربية تباطأت خلال العام الماضي، حيث انخفضت إلى 3.0 في المائة في المتوسط خلال العام الماضي 2009 مقارنة بمعدل بلغ في المتوسط 4.5 في المائة في عام 2008. إلا أن الوكالة توقعت في تقريرها أن يعود النمو إلى الارتفاع بنهاية العام الحالي وربما يصل إلى 4.0 في المائة في المتوسط. ولكنها قالت «إن مداخيل الدول النفطية العربية تأثرت خلال الشهور الماضية بانخفاض أسعار النفط مقارنة بنظيراتها غير النفطية».