«المركزي العراقي» يدحض تقريرا أميركيا بوجود 50 مليار دولار فائضا ماليا

TT

أثار تقرير المحاسبة الأميركي المتعلق بامتلاك العراق فائضا ماليا بلغ 50 مليار دولار حتى نهاية العام الماضي، استغراب مسؤولين عراقيين، وأيضا البنك المركزي العراقي الذي أكد أن هذا التقرير خلط ما بين غطاء العملة العراقية من الدولار أو الذهب وبين موازنات الحكومة، داعيا في الوقت ذاته، البرلمان الجديد إلى عدم المصادقة على أي موازنة سنوية ما لم تقدم الحكومة الحسابات الختامية للعام المنتهي.

وأخفقت الحكومة المنتهية ولايتها برئاسة نوري المالكي في تقديم الحسابات الختامية طيلة السنوات الأربع الماضية وبشكل أثار حفيظة الكثير من أعضاء البرلمان، وعدوه مخالفة دستورية تستدعي المحاسبة والتحقيق، داعين هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية لبدء تحقيقاتهما في هذا الصدد، وخاصة أن مجموع الموازنات للأعوام الأربعة يبلغ أكثر من 300 مليار دولار لا يمكن التحقق من إنفاقها بالشكل الصحيح إلا بعد تقديم الموازنات للبرلمان ومناقشتها بشكل مفصل ومن ثم المصادقة عليها.

ويؤكد تقرير لمكتب المحاسبة الأميركي صدر الثلاثاء الماضي، امتلاك العراق 50 مليار دولار كفائض حكومي نهاية عام 2009، في وقت تسعى الإدارة الأميركية للحصول على ملياري دولار كتمويل أميركي لبرنامج تأهيل وتجهيز قوات الأمن العراقية، مما دعا بعض المسؤولين في واشنطن إلى القول إن العراق لا يستحق المساعدة لأن لديه أموالا كافية. وأوضح التقرير أن الولايات المتحدة التزمت، ومنذ غزو عام 2003 بـ642 مليار دولار تجاه العمليات العسكرية في العراق ووفرت نحو 24 مليار دولار لتدريب وتقديم معدات وغيرها من الخدمات لقوات الأمن العراقي. وأوصى الكونغرس الأميركي باعتبار الفائض العراقي، لدى النظر في طلبات إدارة الرئيس، باراك أوباما، لتمويل تأمين واستقرار العراق عام 2011. من جهته، أوضح الخبير الأول في «البنك المركزي العراقي» الدكتور مظهر محمد صالح لـ«الشرق الأوسط»، أن «البنك ووزير المالية أوضحا أنه بشأن الأموال الموجودة في البنك أو صندوق تنمية العراق هو عبارة عن غطاء مالي ووفورات نقدية مؤقتة آتية من فارق أسعار بيع البترول بين المُخمن بداية العام أو عند وضع الموازنة وبين الأسعار المستجدة في الأسواق العالمية للبترول وهذه الفوارق لا تكون بالشكل الذي تحدث عنه التقرير الأميركي، بل هي مبالغ توضع في الصندوق كنوع من الاحتراز لأي طارئ، أما الأموال الأخرى، أي الموجودة في (البنك المركزي) فهي ليست أموالا فائضة، وإنما هي غطاء للعملة، فالجميع يعلم بأن الحكومة معنية بموضوع إنتاج وبيع النفط الخام مقابل مبالغ بالعملة الصعبة تحول لـ(البنك المركزي) المسؤول عن العملة المحلية وإصدارها كي نبيع هذه العملة لهم بالعملة الصعبة، فالحكومة بحاجة للدينار وليس للدولار لتغطية النفقات التشغيلية والاستثمارية، وهنا تتحقق وفورات بالعملة الصعبة لا يمكن لأي جهة التصرف بها، كونها غطاء لما هو في جيوب العراقيين من عملة محلية، إذن هي ليست فوائض وإنما احتياطات للاستقرار ومؤازرة للدينار العراقي وأنا لا أعلم ماذا يعني تقرير المحاسبة الأميركي، فإذا قصدوا هذه الأموال فهو خطأ كبير وقع فيه الأميركان». وطالب صالح الجهات الأميركية بتعديل معلوماتهم وتقاريرهم ورفع احتياطات البنك أو غطاء العملة من حساباتهم، ودليل ذلك أن «البنك المركزي» رفض إقراض الحكومة، وعد طلب الحكومة خرقا للقانون وقلنا للحكومة إن هذه الأموال ليست للإقراض، بل هي عبارة عن موجودات تقابلها مطلوبات وليست فوائض يمكن التصرف بها، كونها ضمانا للعملة العراقية، وهنا اقترحنا على الحكومة آليات أخرى مثل طرح سندات وغيرها، مؤكدا أن حجم الاحتياطي في البنك لا يتجاوز الـ40 مليار دولار.

وبشأن موازنات العراق وإعلان وجود عجز فيها، قال إنه في كل عام تقريبا تبنى الموازنة على أساس وجود عجز والسبب هو ضعف تنفيذ هذه الموازنة وبسبب الأوضاع التي مرت على العراق، وهنا قد لا يصرف جزء من هذه الموازنات، وهي ليست بفائض بل هي مخصصة أصلا لمشاريع استثمارية لم تنفذ بسبب الأوضاع، وهنا تدور للسنة المقبلة وللمشاريع نفسها أجلت لأسباب خارج إرادة الدولة.