تدوير النفايات.. «الذهب المفقود» في السعودية

خبراء يطالبون بالاستفادة من 10 مليارات دولار مهدرة بشكل سنوي فيها

توجه لاستثمار النفايات بتدويرها
TT

من يتخيل أن 10 مليارات دولار أميركي تهدر سنويا والسبب عدم الاستفادة من مئات الأطنان من النفايات التي تهدر من دون تدويرها والاستفادة منها بشكل أفضل، وفي الوقت الذي تتسابق الشركات في دول العالم على تدوير هذه النفايات والخروج بمكاسب عدة منها، لا تزال النفايات في السعودية تراوح مكانها ولا يستفاد منها، بل إن أضرار هدرها لا تتعلق فقط بالخسائر المادية التي لا يستفيد منها الاقتصاد الوطني فحسب، بل أيضا هناك من الأضرار البيئية الجمة التي تعاني منها مناطق كثيرة في البلاد، ناهيك عن تأثيرها السلبي على نقص الأسمدة الداعمة للمجال الزراعي في السعودية.

المستثمرون في مجال التدوير، يرون أن العقبة الأولى التي تواجههم هي عدم تصنيف الحاويات، بالإضافة إلى عدم وجود الوعي الحضاري البيئي. لذا فمن الطبيعي أن يكون استغلال النفايات بوضعها الحالي أمرا مزعجا لكل الجهات الراغبة في الاستثمار، مما يبعد غالبية رجال الأعمال عن هذا الاستثمار داخليا والتحرك عالميا للاستثمار، نظرا لعدم وجود قطاعات للفرز، بل يقومون بالاستفادة حتى من الغازات الموجودة في مرامي النفايات.

وحتى تعود الأمور إلى نصابها الصحيح، يمكن القول إن تدوير النفايات في السعودية هو بالفعل «الذهب المفقود»، فمليارات الدولارات تذهب هباء منثورا من دون الاستفادة منها بشكل فعلي، ناهيك عن أضرار هذه النفايات على الاقتصاد الوطني في حالة عدم تدويرها بالشكل السليم.

دعت جهات بيئية مختصة في السعودية إلى الشروع في إنشاء مصانع كبيرة لتدوير النفايات بعد أن وصلت النفايات في مكة المكرمة إلى 70 طنا خلال ثلاثين يوما، كانت هذه هي أيام شهر رمضان المبارك التي احتضنت مكة المكرمة فيه أكثر من أربعة ملايين نسمة من المعتمرين.

وناشد البيئيون بضرورة التحرك على النطاقين الحكومي والخاص لخلق رافد اقتصادي مهم، ضيع غيابه على الاقتصاد السعودي مليارات الريالات جراء التأخير في التنفيذ، محذرين في السياق ذاته من خطورة التراخي في معالجة النفايات الطبية في المستشفيات، التي تهدد المياه الجوفية بشكل دائم.

وقال مراقبون إن مدينتي الرياض وجدة وحدهما فيهما أكثر من 400 طن سنويا فقط من المخلفات المنزلية ناهيك بالمواد الأولية والحديد والأخشاب والورق والبلاستيك، معتبرين أن تأخير تنفيذ مصانع للتدوير يضر بالاقتصاد السعودي من خلال ضياع عائدات قدرت بمليارات الريالات، فضلا عن تأثيرها بشكل سلبي على نقص الأسمدة الداعمة للمجال الزراعي في السعودية.

وكشف المهندس صالح عزت مدير الإدارة العامة للنظافة في أمانة العاصمة المقدسة، لـ«الشرق الأوسط» إن «أمانة العاصمة رفعت دراسة مستوفاة إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية بخصوص تهيئة مكان عملت عليه دراسات ميدانية متكاملة تهدف إلى إنشاء مصنع كبير وضخم لتدوير النفايات، تم العمل عليه وإعداد مخطط متكامل له بشروط ومواصفات، لاستثمار النفايات في مكة المكرمة، خاصة في موسمي الحج والعمرة واللذين تستضيف فيهما العاصمة المقدسة ملايين القادمين فضلا عن المواطنين والمقيمين، وهو ما يخلف عددا كبيرا من النفايات بعدهما»، وأضاف صالح عزت أن «مرامي النفايات لدى الدول المتقدمة تعني (الذهب)، وقد أتانا رد عقب دراستنا بضرورة التريث بحكم أن لدى الوزارة مشروعا وطنيا كبيرا يعنى بتدوير النفايات، ونتمنى أن تكون ساعة انطلاق هذا المشروع قد اقتربت للحاجة الماسة إلى الحفاظ على البيئة في المقام الأول، وللاستفادة اقتصاديا من عمليات التدوير في حال تمامها»، مفيدا أن «عملية تدوير النفايات تلزمها مساحات شاسعة وأراضي ضخمة، وهو ما تفتقده العاصمة المقدسة بحكم طوبوغرافيتها، والسلسلة الجبلية التي تحيط بها، وفي حال استغلالها في عمليات التدوير، سيسمح ذلك بتقليصها لمساحات تصل لعشرة في المائة».

وبحسب إحصاءات غير رسمية، فإن قيمة تدوير النفايات في السعودية تتراوح بين 36 مليار ريال (9.6 مليار دولار) و40 مليار ريال (10.6 مليار دولار)، في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى مصانع أكثر لتلبية عمليات تدوير النفايات.

وأبان مدير عام إدارة النظافة في مكة المكرمة أن «من سلبيات تلك النفايات تلويث المياه والتربة، وتأثيرها على المياه الجوفية، وهي تنطوي على مشكلات كبيرة لا تعد ولا تحصى»، وزاد: «ستقوم عمليات تدوير النفايات، بإنشاء المرامي الهندسية، المحمية والمغلفة من الداخل، وتستخلص العصارات التي بها والغازات، بطرق فنية وعلمية مكملة لمصانع التدوير، ونحن في أمانة العاصمة على أهبة الاستعداد للانطلاق بمشروع كهذا متى تمت الموافقة النهائية عليه»، وأشار صالح عزت إلى أنه «لو لم تكن هناك عائدات اقتصادية كبيرة لما توجه الغرب نحو الاستثمار فيها، وبعض الدول الأوروبية تعتمد بشكل كامل على التدوير وتبني استراتيجياتها الاقتصادية انطلاقا منه، وهذا مؤشر على أنها باتت مشاريع ناجحة».

وزاد بالقول: «في الإمكان المضي قدما نحو عمليات الفرز الأولي، وأكثر ما ينتج من عمليات فرز النفايات هو الورق والكرتون، إذا يشكل أكثر العناصر في ذلك، وبالإمكان جمعها واستغلالها بسهولة، من خلال وضع بعض المواد عليها وإعادة تصنيعها من جديد، وفي العاصمتين المقدستين على سبيل المثال لا الحصر، لك أن تتخيل كمية البلاستيك المتمثلة في (الكاسات) المستخدمة في الحرمين الشريفين؛ الملايين منها قيمتها الاقتصادية مهدرة، وهي التي يتم استهلاكها في كل أيام السنة».

وقال مدير صحة البيئة، إن «بلورة مثل هذه الأفكار يعتبر رافدا مهما من روافد الاقتصاد، وقد سمعنا عن الاستعانة بخبراء أجانب في هذا الصدد. نتمنى أن تتم دراسة الموضوع بشكل مستفيض، وأن يكون النتاج مشروعا وطنيا كبيرا تستفيد منه كل البلاد، بعد موسم الحج لهذا العام مباشرة»، مشيرا إلى أن «العاصمة المقدسة وحدها تراكم فيها ما يزيد على السبعين طنا في شهر رمضان المبارك فقط، وهذا مؤشر كبير، ومصنع التدوير لو لم يكن من فوائده إلا المحافظة على البيئة لكفى».

وقال صالح عزت إن نقل النفايات وحملها للمرمى في ظل ما تعانيه مكة المكرمة من اختناقات مرورية، يعتبر من أغلى المشاريع على مستوى البلاد؛ جمعها ونقلها والتخلص منها، وهي عملية متعبة ومرهقة، بحكم وجود ملايين البشر في مكة، ونتغلب على تلك العملية عن طريق مكابس النفايات التي تستوعب ما حدوده 12 طنا، ونحن لدينا في مكة 160 ضاغطا كهربائيا، ونقوم بعمليات نقلها إلى الأماكن المخصصة لها، حيث تتم عمليات التنظيف ومن ثم إعادتها مرة أخرى إلى أماكنها الأولى».

واختتم: «مرمى النفايات في مكة المكرمة مزود بميزان إلكتروني لقياس حجم النفايات وهي في مركبات نقلها، ويتم التخلص منها عن طريق عمليات الطمر الصحي، حيث توضع طبقة النفايات وتفرد بالمعدات الثقيلة، بمساحة تصل إلى 75 مترا، ومن ثم توضع فوقها طبقة أخرى من الرمل، بمقياس 50 سم، وتوضع فوقها طبقة أخرى من النفايات، إلى حين يرتفع المرمى».

إلى ذلك، علق من جانبه الدكتور فهد تركستاني، مستشار الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة لـ«الشرق الأوسط» بأن موضوع تدوير النفايات بات حديث الشارع السعودي، وأن الرئاسة تعطي التراخيص المقرة على موقع النفايات، وذلك استنادا إلى شروط تفرضها الرئاسة، كحماية الخزانات الجوفية منها، وعملية المصبات كمردم، بحيث يكون نافعا لاستقبال مرامي النفايات من عدمه. بيد أن الموضوع، بحسب تركستاني، هو «أكبر من مرمى النفايات، وما تئن منه مكة المكرمة تئن منه كل المدن السعودية، وهو تكدس أكوام هائلة جدا من النفايات على هيئة تلال كبيرة جدا، وبدأت بعض الشركات المختصة للتو، في القيام بعملية الفرز، والتجميع، وللأسف إنها تقوم بتصديرها لخارج السعودية للاستفادة منها، حيث تأتي شركات وتفرز كل مادة على حدة؛ الزجاج، والمواد الإنشائية، والخشب، وما إلى ذلك، ومن ثم تقوم بتصديرها لشركات تستفيد منها ماديا بشكل كبير، بعد أن تقوم بتحويلها إلى شركات صينية ومصرية، في ما يعرف بعملية التدوير».

وقال تركستاني إن «القمامة كنز لا يفنى» بحكم دورها الاقتصادي الفاعل في كل دول العالم، وإن «هناك جهودا بسيطة في التدوير بالبلاد، وبدأت جامعة الملك عبد العزيز في إنشاء مركز يهدف للاستفادة من كل الأشياء المخلفة، بحيث لو كانت لديك قوارير مخلفة، كيف ستتمكن من تحويلها إلى مزهرية أو تحفة إبداعية، لتكون ديكورا منزليا، وهي مقتصرة في حد ذاتها على طلاب وطالبات الأقسام الفنية، وهذا ما يدفعنا لمناشدة وزارة الشؤون البلدية والقروية والمؤسسات التعليمية لبلورة مثل تلك المفاهيم». وزاد بالقول: «نقوم بعقد دورات ومنتديات تعنى بالتدوير البيئي، وشاركت دول عالمية في تلك المؤتمرات، وقامت شركات صينية بعقد ورش عمل لبحث الكيفية التي يمكن بها استغلال النفايات بمنظور علمي، في عملية استخراج منتج من هذه النفايات»، مؤكدا أن هناك تسعة خطوط إنتاج في عملية التدوير، كالحصول على سماد عضوي من النفايات العضوية، والحصول على الأخشاب للمنشآت العمرانية، والبلاستيك، والنفايات الزراعية، وأفاد تركستاني، أنه «من المؤسف أن لا تقوم جهات إعلامية ورسمية بدفع البوصلة نحو هذا الاستثمار»، معتبرا أن «من شأن ذلك أن يعزز النمو الزراعي في السعودية خاصة في المدن التي تفوقت زراعيا كالطائف وحائل والقصيم. وتوجد لدينا مخلفات زراعية كبيرة وتسبب عبئا كبيرا على البيئة ولدينا شركات بدأت عملية إعداد تدوير المخلفات الطبية، وفي هذا الشأن، شركات قليلة جدا نجحت في عملية التدوير، مثل عملية تدوير الإبر والمشارط، وأخرى توجهت فقط نحو إتلافها من خلال عملية الحرق الآمن للنفايات الطبية».

واستشهد تركستاني بأن «هناك مشاريع نجحت في هذا الخصوص كمشروع الأضاحي في منطقة المعيصم بمكة المكرمة، حيث يعتبر من أهم المشروعات الفاعلة والناجحة، ليس في اللحوم فقط؛ بل المخلفات كذلك. والبنك الإسلامي يستفيد كذلك حتى من الدم في عمليات التجفيف وتحويله إلى بودرة، فضلا عن الجلود وعمليات الدبغ التي تتم في هذا الشأن من خلال التعاقد مع شركات عالمية للاستفادة المثلى في عمليات التدوير».

وأبان مستشار الرئاسة العامة أن «الاستثمار في إنشاء مصانع تدوير عملية ناجعة قد تصل الأرقام فيها للمليارات، وحين ننظر على سبيل المثال للنفايات في مدينة الرياض، نجد بها 200 ألف طن نفايات منزلية فقط، وهذا الرقم كان قبل خمس سنوات، ومدينة جدة يزيد العدد فيها على هذا الرقم، وهذه تمثل ثروة وطنية ضخمة جدا، ناهيك بالأطنان الأخرى من الحديد والزجاج والأخشاب والورق والإنتاج العضوي وما إلى ذلك، وهذه تعتبر عملية هدر لتلك الاستثمارات»، وأضاف: «كانت هناك نية لإقامة مشروع كبير للتدوير في جنوب جدة قبل ست سنوات، وأقر بميزانية تقدر بمائتي مليون ريال (53.3 مليون دولار)، ولكن للأسف لم تكتب التتمة لهذا المشروع، وجدة ستفقد مساحة تسعة كيلومترات في حال عدم التحرك لإيجاد مصنع لتدوير النفايات لمعالجة الأزمة».

وحذر تركستاني من النفايات الخطرة على البيئة، وهي أضعاف النفايات المنزلية، وهي كيميائية سائلة توجد في التحاليل الكيميائية الموجودة في المستشفيات، التي تصب في النفايات، مما يحتم أن تكون هناك شركات مختصة في عمليات التخلص والتدوير، ويجب أن ترمى النفايات الصلبة والسائلة في مرامي خاصة لها تقييم معين ولها مواصفات معينة، سنتها الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، وهناك مخاطر من تحويلها على المصبات الجوفية والآبار، بحكم أنه ليس هناك طريقة لتحويلها إلا من خلال شبكة الصرف الصحي، وقد يرد أحدهم ويقول إنها تمر عبر محطات التنقية، ونحن نقول إن محطات التنقية لا تنقي المواد الكيميائية، وكل المخرجات ملوثات كيميائية، وقد تختلط في باطن الأرض بالمياه الجوفية، والمتضرر الأكبر من هذه العملية هو جميعنا وعلى الأخص كل من يشرب من مياه الآبار».

من جانبه، أوضح أحمد بن حجلان، مدير عام البيئة في الهيئة الملكية في ينبع لـ«الشرق الأوسط»، أنه اشترك في لجنة مع أمانة جدة العام الماضي، في تقييم التقنيات الخاصة بتدوير النفايات الصحية والصناعية، وكانت اللجنة تضم أعضاء من جهات بيئية مسؤولة، وطرح توجه قوي مفاده تبني تقنيات من أجل تدعيم سبل الثروة الوطنية في تدوير النفايات، وطرحت مشاريع كان أهمها تقنية البلازما، وهي تقنية تقوم بإنتاج الطاقة، لكن عاب عليها أنها تقوم بتدمير مصادر حيوية، بحكم أن تلك النفايات تشكل ثروة مالية كبيرة، وتمت مناقشة مزايا وعيوب تقنية «البلازما» بكل شفافية، وكانت واحدا من الخيارات الفنية التي تنتج الطاقة وتتيح الاستفادة من الكم الهائل من النفايات.

واقترح مدير البيئة في الهيئة الملكية بينبع أن يكون هناك مركز في مدينة جده يعنى بالتدوير، لدراسة معالمها البيئية والطبوغرافية، وملاءمة المكان للمستقبل، ومعالجة كل التقنيات الحديثة التي تعنى بتدوير النفايات الصناعية وغير الصناعية، ويكون باسم «المركز الوطني لتدوير النفايات»، و«يستفاد من المردم الذي بنته أمانة جدة ويتم الاستفادة من ذلك تدريجيا، بحيث نبدأ بما معدله 10 في المائة فرزا، وهكذا»، مبينا أن «أمانة المدينة المنورة تحركت بهذا الخصوص وهي تقوم بفصل المواد بعضها عن بعض ومعظم النفايات هناك تتم معالجتها بشكل مشجع».

وقال أحمد حجلان، «نمني النفس بأن يأتي اليوم الذي نستطيع فيه تدوير كل النفايات في السعودية والحصول على عائدات مادية منها لتصب في مصلحة الاقتصاد السعودي»، مضيفا أن «غالبية الدول المتقدمة انتهجت منذ عشرات السنين أن لا يكون لديها (مردم)، بحيث يمكن معالجة مخرجات التدوير في الصناعة وما إلى ذلك، والمتبقي يستخدم كأسمدة للتربة، وناشدنا مرارا بضرورة المساهمة سواء الحكومية أو القطاع الخاص، والموضوع برمته يحتاج إلى هالة إعلامية ضخمة، تعالج الأفضل والأصلح بشرط عدم التأخر في التنفيذ والاستفادة من جميع الخبرات والبدائل والخبرات العالمية».

وأضاف مدير بيئة الهيئة الملكية أن «هناك شركات تطالب فقط بإعطاء موقع وامتياز بحيث تحصل على جميع النفايات، بحيث تشترط إبعاد المنافسين، وتعطي أرباحا بعد سنتين بنسبة 10 في المائة إلى 20 في المائة، وبعد عشرين عاما، تنتقل ملكية الموقع إلى الحكومة، وهناك عروض كثيرة من شركات عالمية، بعضها يشترك في رأسمال المصنع. إذن هي رؤية اقتصادية متكاملة تتحول فيها النفايات إلى عمل ممنهج ومدروس، ونجاح مثل هذه المشاريع يستدعي التزاما من الأمانات والمسؤولين لكي تتضافر الجهود في ذلك».

وأكد حجلان أن «الشروع في خوض هذا الغمار يحتاج مبادرات وشجاعة، ولدى السعودية الاستعداد نحو تلك الصناعة». وحول الأضرار التي تلحق بالاقتصاد السعودي جراء التأخير قال إن «الزراعة على سبيل المثال تستفيد بشكل مباشر سواء من السماد الحيوي أو المضاف عليه مواد عضوية وهذا يلحق المزروعات بضرر محتمل، وفي ينبع توجد أسمدة طبيعية، من مصانع عملت قبل ثلاثين عاما، وهي تصب في صالح التربة والبيئة كعامل مساعد، وأدخلنا تجربة التحفيز البيئي للمستثمر من خلال إعطائه نسبا وفرصا للنجاح من أجل ديمومة العمل واستمراريته بشكل صحيح».

وعاب حجلان «ضعف بعض الشركات المستثمرة في النفايات الصناعية، على الرغم من قيامنا ببناء مراكز مختصة في هذا الشأن، وهي عملية تكاتفية بين الحكومة والمستثمر من أجل ضمان النجاحات تلو النجاحات، وكل الشركات العالمية تعمل وفق خبرات تختزل في تجربتها انعدامية وجود المردم، ونحن ينبغي لنا أن نتأكد في مرادمنا أولا أن تكون مبطنة، وانعدام الغازات من المواد العضوية التي من الممكن أن تسبب حرائق وتلوثا، لأن هناك مشاريع تستفيد من تلك الغازات لإنتاج الطاقة عن طريقة شبكة داخلية مختصة، مرتبطة بمولد كهربائي بحيث يحرق الغاز، ويولد الكهرباء ويوصل بالشبكة».

وتوجهت «الشرق الأوسط» بالسؤال إلى أحد المستثمرين في مجال التدوير، حيث علق الدكتور ياسر آل طراد بأن «العقبة الأولى التي تواجه المستثمرين هي عدم تصنيف الحاويات بالإضافة إلى عدم وجود الوعي الحضاري البيئي»، مبينا أن «استغلال النفايات بوضعها الحالي أمر مزعج لكل الجهات الراغبة في الاستثمار، وغالبية رجال الأعمال يقوموا بالابتعاد عن هذا الاستثمار داخليا والتحرك عالميا للاستثمار نظرا لعدم وجود قطاعات للفرز، ويقوموا بالاستفادة حتى من الغازات الموجودة في مرامي النفايات»، معقبا بالقول: «يجب أن تبدأ عمليات التصنيف في المدارس والمعاهد والجامعات والمولات وجميع المؤسسات الحكومية، وهو أمر يصعب على أي عامل أو مؤسسة القيام به».

وكانت جهات تجارية واستثمارية قالت إن «عملية الفرز في المصدر عملية ضرورية لإنجاح صناعة التدوير لأن الفرز في المصنع أمر مكلف اقتصاديا وقد يتسبب في إفشال المشروع الاستثماري ككل وذلك لأن النفايات التي يتم تجميعها بالطريقة الحالية تكون ملوثة وهذا ما يؤدي إلى صعوبة فصلها فتكون النفايات التي يتم تجميعها بالطريقة الحالية ملوثة وهذا ما يؤدي إلى صعوبة فصلها إلى المكونات المختلفة مما يؤدي إلى نقص الكميات التي من الممكن الاستفادة منها. إضافة إلى غياب التشريعات التي تضمن عدم التعدي على النفايات»، موضحا أنه «نظرا لغياب مثل هذه التشريعات، فقد قامت سوق سوداء تعتمد على جميع المكونات الرئيسة للنفايات البلدية الصلبة مثل الألمنيوم والورق والكرتون بواسطة شبكات واسعة من العاملين غير النظاميين (ويقصد بهم العاملون خارج نطاق الشركة صاحبة الامتياز). ذلك يؤدي بالطبع إلى إلحاق خسائر فادحة بهذا المجال».