جامعات آسيوية تضيف التمويل الإسلامي لمناهجها الدراسية

لمواجهة نقص المحترفين في مجال التمويل الإسلامي

مثل هذه الدورات المتاحة في كوالالمبور حيث التمويل الإسلامي يزداد بسرعة (رويترز)
TT

مع تمتعها بصناعة مالية إسلامية، تقدر قيمتها بتريليون دولار، ولا تزال تحقق نموا سريعا، ربما لم يكن مثيرا للدهشة أن ينضم عدد من الدول الآسيوية المطلة على المحيط الهادي إلى مجموعة متزايدة من الدول، في مختلف أرجاء العالم، أشارت إلى عزمها الاستحواذ على حصة أكبر من السوق.

من الواضح أن عددا من الدول، مثل ماليزيا وإندونيسيا وسنغافورة، بجانب هونغ كونغ، عقدت عزمها على التحول إلى مراكز للتمويل الإسلامي، حيث تجرى الاستثمارات طبقا للمبادئ الإسلامية. (طبقا للشريعة الإسلامية، من المحظور فرض فوائد أو توجيه استثمارات لمجالات مثل المقامرة وصناعة الخمور).

وعلى الرغم من أن القطاعات المالية الإسلامية في هذه الدول، ربما تمر بمراحل مختلفة من التطور، فإنها تواجه معضلة مشتركة، وهي نقص المحترفين في مجال التمويل الإسلامي.

وعليه، تسعى مؤسسات تعليمية في مختلف أرجاء الدول الآسيوية المطلة على المحيط الهادي، مثل نظيراتها في الشرق الأوسط وأوروبا، على نحو متزايد، إلى سد الفجوة، عبر إضافة تخصص التمويل الإسلامي لبرامجها، لنيل درجة الماجستير في مجالات، مثل إدارة الأعمال.

الملاحظ أن عدد مثل هذه الدورات المتاحة في كوالالمبور، التي تتميز بأسرع قطاعات التمويل الإسلامي نموا في المنطقة، يزداد بسرعة. ويعرض عدد من كليات التجارة حاليا، عناصر من التمويل الإسلامي، كجزء من برامجها لنيل الماجستير في إدارة الأعمال. ومن المقرر أن تعرض «جامعة تون عبد الرزاق»، وهي مؤسسة تعليمية خاصة في كوالالمبور، شهادة ماجستير جديدة في إدارة الأعمال في مجال التمويل الإسلامي العالمي للطلاب الملتحقين بالدراسة، بداية من نصف العام الدراسي البادئ في أكتوبر (تشرين الأول).

ويعمل «المركز الدولي للتعليم بمجال التمويل الإسلامي» في ماليزيا، الذي أسسه المصرف المركزي عام 2006، بالتعاون مع عدد متزايد من الجامعات في مختلف أرجاء المنطقة وغيرها، لمساعدتها في بدء تقديم دورات في مجال التمويل الإسلامي.

ويعرض المركز، الذي يدرس برامج خاصة به، بما في ذلك درجات ماجستير ودكتوراه، يتعاون بالفعل مع جامعات في ماليزيا وإندونيسيا وبريطانيا. كما يتلقى عددا متزايدا من الاستفسارات من مختلف أرجاء العالم، من كوريا الجنوبية وهونغ كونغ، حتى فرنسا وألمانيا.

وقال أغيل نات، الرئيس والرئيس التنفيذي للمركز، إن التمويل الإسلامي يعد الآن بديلا مناسبا للتمويل التقليدي، وتستجيب كليات التجارة من ناحيتها لطلب الصناعة على المهنيين المهرة في هذا المجال.

وأضاف: «بدأ الطلب يزداد على أفراد أكثر مهارة. وفجأة أدركت الجامعات أن هذا المجال يشكل سوقا متنامية».

جدير بالذكر أن شهادة الماجستير الجديدة في مجال إدارة الأعمال من «جامعة تون عبد الرزاق» ستتوافر إمكانية الحصول عليها أمام جميع الطلاب الملتحقين بـ«التحالف الدولي لكليات إدارة الأعمال»، وهي مجموعة من الجامعات من ألمانيا وإسبانيا وروسيا والولايات المتحدة وبريطانيا وماليزيا.

ومن المقرر أن يدرس الطلاب الذين يختارون تخصص التمويل الإسلامي، مواد أساسية، تتعلق بماجستير إدارة الأعمال خلال النصف الدراسي الأول في الجامعة التي يختارونها، ثم يعقبه نصف دراسي آخر في مواد تتعلق بالتمويل الإسلامي، مثل تطبيق القانون التجاري الإسلامي ومنتجات الصرافة الإسلامية، داخل الجامعة الماليزية. ومن المقرر أن يجري الطلاب أبحاثا حول أحد جوانب التمويل الإسلامي، مثل التنظيمات التي تحكم التمويل المالي، في النصف الدراسي الثالث.

من ناحيتها، قالت أونغ فون سيم، عميدة كلية إدارة الأعمال بالجامعة، إنه تقرر طرح برنامج لكل الوقت يستمر لمدة عام لتلبية الطلب المتزايد على مهنيين في مجال التمويل الإسلامي.

وأضافت: «تطمح الحكومة في تحويل ماليزيا إلى مركز مالي إسلامي عالمي. كما أن التمويل والصرافة الإسلامية سيستمران هنا، وهو أمر يدركه الجميع. ولذلك، نعتقد أنه سيكون هناك طلب على المتخصصين بهما».

في إندونيسيا، التي تضم أكبر عدد من السكان المسلمين في العالم، بدأت جامعة إندونيسيا في عرض درجة الماجستير في الصرافة الإسلامية العام الماضي، بعدما طلب المصرف المركزي من الجامعة تطوير دورات تعليمية تساعد في إعداد طلاب يعملون مستقبلا في هذه الصناعة، حسبما أشار بروفسور فيرمانزه، عميد كلية الاقتصاد وإدارة الأعمال، الذي يستخدم اسما واحدا فقط، مثلما الحال مع الكثير من الإندونيسيين.

كما تعرض الكلية أيضا إمكانية التخصص في الصرافة الإسلامية على طلاب الماجستير، وتنوي عرض درجة البكالوريوس في الصرافة الإسلامية، وبرنامج لنيل درجة الدكتوراه فيها العام المقبل. وأضاف بروفسور فيرمانزه: «إننا نركز على الصرافة الإسلامية، نظرا لأن نمو هذا القطاع داخل إندونيسيا مرتفع للغاية، مقارنة بالصرافة التقليدية».

الملاحظ أن التمويل الإسلامي ينتشر لما وراء الدول ذات الأغلبية المسلمة في المنطقة. مثلا، بدأت «جامعة لا تروبي» في ملبورن أول دورة تعليمية في مجال الصرافة والتمويل الإسلاميين في أستراليا هذا العام، وشرعت في عرض التمويل الإسلامي كمادة اختيارية في المواد المؤهلة لنيل درجة الماجستير في إدارة الأعمال.

وقد اجتذب هذا البرنامج لنيل درجة الماجستير طلابا من دول بعيدة، مثل فيتنام وهونغ كونع والولايات المتحدة وباكستان والهند والسعودية، حسبما أوضح إسحق بهاتي، مدير البرنامج.

كما أقرت كلية إدارة الأعمال التابعة لجامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا، التمويل الإسلامي كمادة اختيارية في برنامج درجة الماجستير لديها في أبريل (نيسان). وقال جون واي، مدير البرنامج، إن الجامعة قررت عرض هذه المادة الاختيارية بعد ملاحظتها نفوذا متناميا وإمكانات اقتصادية متزايدة للدول الإسلامية.

ويشكل انتشار التعليم المرتبط بالتمويل الإسلامي توجها تأمل الصناعة في استمرار تزايده لتلبية الحاجة المتنامية للمهنيين المهرة، حسبما ذكر ريثوان محمد شمس الدين، المدير التنفيذي لـ«اتحاد مؤسسات الصرافة الإسلامية في ماليزيا».

خدمة «نيويورك تايمز»