البنك الدولي: الدول النامية ستكون المحرك الجديد للنمو العالمي

توقع نمو اقتصادها بنسبة 6.1% خلال العام الحالي

TT

على الرغم من توقعه تزايد أعداد الفقراء وتفاقم أزمة البطالة في الدول النامية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فقد أكد البنك الدولي في تقرير حديث له أن تلك البلدان ستكون المحرك الجديد للنمو العالمي وقوة دفع لاقتصاد البلدان، إلا أن معدل النمو في البلدان النامية سيبلغ 6.1 في المائة بنهاية عام 2010، ونحو 5.9 في المائة عام 2011، ونحو 6.1 في المائة عام 2012، في حين ستصل معدلات النمو في البلدان ذات الدخول المرتفعة، التي تقوم بترتيب بيتها الاقتصادي من الداخل، إلى 2.3، و2.4، و2.6 في المائة على الترتيب.

وأرجع البنك الدولي في التقرير، الذي ضمنه في كتاب وضعه تحت أعين المسؤولين في دول العالم، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، توقعاته لنمو اقتصاديات البلدان النامية إلى خمسة عوامل هي: التعلم السريع للتكنولوجيا، ونمو الطبقة المتوسطة، وزيادة التكامل التجاري بين بلدان الجنوب، وارتفاع أسعار السلع الأولية، وتحسن المراكز المالية، مما سيسمح بزيادة معدلات الاقتراض بهدف الاستثمار في مشاريع البنية التحتية.

ويحمل التقرير عنوان «يوم بعد غد.. دليل مستقبل السياسات الاقتصادية في البلدان النامية»، وجاء فيه أن ما يقرب من نصف النمو العالمي، يأتي حاليا من البلدان النامية، وسيتجاوز حجمها الاقتصادي، كمجموعة، الحجم الاقتصادي لنظيرتها من البلدان المتقدمة بحلول عام 2015.

وفي بيان للبنك الدولي، قال أوتافيانو كانتو، نائب رئيس البنك الدولي لشؤون الحد من الفقر والإدارة الاقتصادية، الذي شارك في إعداد التقرير: «جاءت البلدان النامية لإنقاذ الاقتصاد العالمي، وأصبحت الآن القاطرات الجديدة للنمو، الذي سيدفع النمو العالمي قدما، فيما تظل البلدان مرتفعة الدخل في حالة كساد».

وذكر التقرير أن التقديرات تشير إلى أن معدل النمو في البلدان النامية سيبلغ 6.1 في المائة عام 2010، ونحو 5.9 في المائة عام 2011، ونحو 6.1 في المائة عام 2012، في حين ستصل معدلات النمو في البلدان مرتفعة الدخل إلى 2.3 و2.4 و2.6 في المائة على الترتيب.

وقال مارسيلو جيغالي، وهو أحد من شاركوا في إعداد التقرير، ويشغل مدير برامج الحد من الفقر والإدارة الاقتصادية في منطقة أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي لدى البنك الدولي: «يبدو الأفق الاقتصادي للبلدان النامية واعدا.. فالتوازن الجديد في النمو العالمي تجاه تعدد محركاته سيمنح البلدان النامية أهمية جديدة، وسيغير أيضا أجندة السياسات لديها: ففي المتوسط، ستكون الإدارة الاقتصادية أقوى، وستكون الحكومات أفضل، وستصبح بداية النهاية للفقر في متناول اليد».

ويشير التقرير إلى أنه على البلدان النامية أن تقتنص فرصة التحسن النسبي لأوضاع مالياتها العامة، من أجل تكريس النمو الشامل، وهذا يعني حسن توجيه البرامج الاجتماعية، وزيادة التركيز على إتاحة فرص متكافئة للناس، وتوفير بيئات لأنشطة الأعمال التي تسهل خلق فرص العمل الرسمية.

ومن الاتجاهات المستقبلية الأخرى للبلدان النامية التي يرصدها التقرير، انتعاش التحويلات المالية، وزيادة حجم التجارة بين بلدان الجنوب، وزيادة استثمارات الصناديق السيادية، والإدارة الأكثر تحفظا للديون، وما تحققه حكومات كثيرة من تقدم في نيل ثقة المواطنين.

كما يقول التقرير: إن مناطق، مثل شرق آسيا وأميركا اللاتينية وجنوب آسيا، وقريبا أفريقيا، تمتلك مقومات تمكنها من التحول إلى «بلدان متقدمة جديدة»، ففي منطقة جنوب الصحراء بأفريقيا، التي تعتبر أفقر مناطق العالم، ربما سقط ما بين 7 و10 ملايين شخص في دائرة الفقر، نتيجة للأزمة. ومع هذا، فإن آفاق النمو السريع في القارة جيدة ما دام هناك التزام مستمر بالسياسات المتعقلة. وسيتعين عليها التعامل مع التحديات المتعلقة بالبنية التحتية، وخلق فرص عمل، والحوكمة، وتقلص المعونات.

وتأتي منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ في الصدارة، من حيث إخراج العالم من الأزمة، بيد أنها ما زالت تحتاج إلى إحراز تقدم على صعيد التكامل الاقتصادي وتغير المناخ.

وفي الصين، أشار التقرير إلى أن هناك حاجة إلى «إعادة التوازن» من خلال زيادة الاستهلاك المحلي، وتوسيع قطاع الخدمات. فبلدان متوسطة الدخل مثل إندونيسيا وماليزيا والفلبين وتايلاند، تحتاج إلى التحول إلى أسواق تستند إلى المعرفة والابتكار، في حين أن تسهيل التجارة سيكون العنصر الرئيسي لبلدان منخفضة الدخل، مثل كمبوديا وفيتنام.

وكانت منطقة أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، أكثر المناطق تضررا من الأزمة العالمية، حيث تراجعت معدلات النمو 12 نقطة مئوية في الفترة من 2007 إلى 2009. ونتيجة لذلك، انتكس الكثير مما حققته من إنجازات. ومن أجل المضي قدما، تحتاج المنطقة إلى تحسين قدرتها التنافسية وإلى جعل الخدمات الاجتماعية التي تقدمها مستدامة ماليا.

وأشار التقرير إلى أن النمو في أميركا اللاتينية توقف تماما وزاد عدد الفقراء (ممن لا يتجاوز دخلهم اليومي 4 دولارات) نحو 8 ملايين شخص نتيجة للأزمة، وعلى الرغم من ذلك فلم يقع انهيار اقتصادي أو اجتماعي، وذلك بفضل ما تحقق من تقدم خلال العقد الماضي، على صعيد إدارة الاقتصاد الكلي والسياسات الاجتماعية الأكثر ذكاء. وما لم يقع المزيد من الصدمات الخارجية، فإن المنطقة تقف اليوم في وضع جيد للمضي على طريق التنمية السريعة والمستدامة.

أما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فقال التقرير: إن الأزمة على الأرجح ستؤدي إلى سقوط 2.6 مليون شخص آخر في براثن الفقر بحلول عام 2011، وإلى تفاقم أزمة البطالة. وتقود بلدان الخليج حركة الانتعاش الإقليمي، يساعدها في ذلك ارتفاع أسعار النفط، وزيادة استقرار القطاع المالي.

وأشار التقرير إلى أن مفتاح النجاح في المنطقة يكمن في إطلاق العنان للإمكانيات الهائلة بالمنطقة، من خلال فتح الباب أمام جيل جديد من أصحاب العمل الحر وانخراط النساء على نطاق واسع في الحياة الاقتصادية. وكانت جنوب آسيا هي المنطقة الأفضل في العالم، من حيث الصمود أمام الأزمة وأولى مناطق العالم في العودة إلى درب النمو، إلا أن الفقر مستمر، إذ يعيش نحو 600 مليون شخص على 1.25 دولار للفرد في اليوم، ولذا فإن التحدي يتمثل في حدوث انتعاش أكثر قوة وشمولا واستدامة. وينبغي أن تكون الأولوية لتقليص العجز في الموازنة العامة، والحد من تراكم الدين العام لإتاحة حيز مالي للبرامج الاجتماعية والبنية التحتية شديدة الأهمية. وسيكون لتعميق التكامل التجاري أهمية قصوى.