مصر تستهدف ضبط أسعار السلع الغذائية بتوسيع وتنويع مصادر الواردات

موجة غلاء تدفع المصريين لخفض الإنفاق على السلع الغذائية بنسبة 44%

TT

بعد «أزمة غذاء» كما وصفها المصريون، تراجع الإنفاق على السلع الغذائية لأول مرة في البلاد بنسبة 44.2 في المائة، بعد ارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية بنسب كبيرة، وهو ما كان مثار شكوى لكافة الشرائح من مختلف الطبقات.

وأرجع تجار بالسوق تلك الارتفاعات إلى قلة المعروض وزيادة الطلب، مشيرين إلى أن ارتفاع درجة الحرارة في البلاد أدى إلى إتلاف جزء كبير من بعض المحاصيل الزراعية، مثل محصول الطماطم.

وقال وزير التجارة والصناعة المصري، رشيد محمد رشيد، خلال فعاليات مؤتمر اليورومني: «إنه لا يمكن لأحد السيطرة على تذبذب الأسعار، كذلك لا يمكن فرض الأسعار على سوق حرة (قاصدا السوق المصرية)، لأن هذا يعني أننا لن نجد سلعا في السوق إذا حددنا لها أسعارا بأقل من تكلفتها مثلا».

ووصف رشيد تلك الأزمة بأنها «حرجة، ليس على مصر، بل على العالم كله، وخاصة أن الأمم المتحدة طالبت بعقد اجتماع طارئ لمناقشة أزمة الغذاء». وأضاف رشيد أن «ضبط أسعار السلع الغذائية في السوق يأتي من خلال المحافظة على مستوى الواردات، وتوسيع وتنويع الدول التي نستورد منها السلع الغذائية خلال الفترة المقبلة». أما بالنسبة لزيادة الإنتاج، فيرى رشيد أن هناك الكثير من العقبات التي تواجه زيادة الإنتاج الزراعي في البلاد، مثل تراجع الموارد المائية. وشن نواب في مجلس الشورى المصري هجوما عنيفا على الحكومة بعد تلك الارتفاعات، مشيرين إلى أن كثيرا من المصريين أحجم عن التسوق.

وبرزت ارتفاعات حادة في سلع غذائية حيوية، وكانت «اللحوم» و«الطماطم» في المقدمة، التي طالت كافة المناطق على مستوى مصر.

وأفاد الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في بياناته الأخيرة عن شهر أغسطس (آب)، بأن أسعار اللحوم والدواجن زادت بنسبة 32.9 في المائة، والحبوب والخبز 17.2 في المائة، والألبان والجبن والبيض 10.5 في المائة، والزيوت والدهون 8.4 في المائة، والفاكهة 8.9 في المائة، والخضر 45.8 في المائة، فيما تجاوزت الأرقام غير الرسمية تلك المعدلات بكثير.

وقال عمرو عصفور، نائب رئيس شعبة المواد الغذائية لـ«الشرق الأوسط»، إن «السبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار هو التأثر بالأسواق العالمية»، مشيرا إلى أن مصر تستورد 80 في المائة من السلع الغذائية، لذلك تؤثر عليها اتجاهات الأسعار عند الارتفاع أكثر. لافتا إلى أن الغريب في الأمر هو أنه عند تراجع هذه الأسعار أو اقترابها من معدلاتها طبيعية، لا ينعكس ذلك على السوق المصرية.. وهو ما يخلق حالة الأزمة أو الشكاوى من صعود الأسعار المستمر.

وبالنسبة للارتفاعات التي طرأت مؤخرا على سلع غذائية أساسية لا يمكن الاستغناء عنها، مثل «الطماطم» التي قفزت بأكثر من 600 في المائة ليصل الكيلوغرام الواحد منها إلى 8 جنيهات مقابل جنيهين فيما سبق، قائلا: «إن موجة الحر التي شهدتها مصر قبل شهر رمضان أتلفت 70 في المائة من محصول الخضراوات». ولفت في الوقت نفسه إلى تآكل الرقعة الزراعية، وهى أحد الأسباب المهمة التي أدت إلى تراجع إنتاج المحاصيل. وأضاف عصفور أن موجة الحر خفضت إنتاجية الفدان من محصول «الطماطم» إلى 10 أطنان مقابل ما بين 40 و50 طنا.

وأشار عصفور إلى أن موجة الغلاء تلك شبيهة بالتي حدثت أثناء بدايات الأزمة المالية العالمية، التي قفزت أسعار السكر للمستهلك في مصر خلالها بنسبة 100 في المائة، مقدرا نسبة الارتفاعات الحالية في أسعار السلع الغذائية بما يتراوح ما بين 25 و30 في المائة.

وبينت أرقام الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الأخيرة أن معدل التضخم في الفترة من يناير (كانون الثاني) وحتى أغسطس 2010 بلغ 11.4 في المائة، في حين يبلغ عدد سكان مصر 79 مليون نسمة.

واعتبر تقرير الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة الصادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، الذي صدر مؤخرا في القاهرة، أنه من الضروري أن تعمل مصر على زيادة المعروض من الغذاء على المديين المتوسط والطويل، من خلال تبني سياسات تهدف إلى تحفيز المزارعين على زيادة الإنتاج، مثل تقديم الدعم المالي لهم، وتيسير وصولهم لموارد الإنتاج مثل الأسمدة والبذور. وتشير أرقام الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء إلى تراجع حجم إنفاق الأسرة المصرية على الطعام والشراب لأول مرة إلى 44.2 في المائة مقابل 44.9 في المائة.

وأشار أمين أباظة وزير الزراعة إلى وجود خطط لتوفير اللحوم والسماح باستيراد عجول من الخارج للتسمين وطرح 6 مناطق جديدة لصناعة الدواجن ومضاعفة إنتاج الأسماك، في إطار السعي لخفض الأسعار.