تزايد «مذهل» للاستثمارات الأجنبية في كردستان.. والكويت في المقدمة

مدير عام الاستثمار لـ «الشرق الأوسط»: 14.3 مليار دولار مجموعها في الإقليم

حيدر مصطفى
TT

تدفق الاستثمارات الأجنبية والعربية على كردستان في السنوات الأربع الأخيرة غير معالم هذا الإقليم العراقي بدرجة يشعر الزائر معها بأن هذا الإقليم يكاد ينعزل عن الخريطة العراقية. فالتطور العمراني والتقدم الاقتصادي المطرد اللذان حققهما الإقليم لا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنتهما ببقية أنحاء العراق، رغم أن الحركة الاستثمارية في الإقليم حديثة جدا قياسا إلى بقية الدول المجاورة، ولكن حجمها وأرقامها ترتفع بوتيرة غير طبيعية، وهذا يعود إلى عدة عوامل أساسية، أولها تعطش السوق العراقية إلى الاستثمارات الأجنبية بعد عقود طويلة من انتهاج سياسة الاقتصاد المركزي من قبل الحكومات السابقة، ثم الوضع الأمني المستقر للإقليم مقارنة ببقية أنحاء العراق وهو أساس مشجع لتشغيل رؤوس الأموال سواء الأجنبية أو المحلية، وثالثها، هو قانون الاستثمار الكردستاني المحفز والضامن لتدفق وتنقل رؤوس الأموال الأجنبية بحرية كاملة، وهو قانون يصفه الكثيرون بأنه الأكثر تطورا وتقدما عن قوانين معظم الدول العربية ويرتقي إلى مصاف القوانين الأوروبية.

لكل ذلك سجل حجم الاستثمارات الأجنبية وفق مصادر هيئة الاستثمار في كردستان أرقاما خيالية في غضون السنوات الأربع الماضية بعد أن انتهجت حكومة الإقليم الخامسة برئاسة نيجيرفان بارزاني سياسة اقتصادية جديدة تعتمد في الدرجة الأولى على جذب الاستثمارات وتشريع قانون خاص بها يضمن تنقل الأرباح، ويعطي تسهيلات ضريبية تصل إلى حد الإعفاء لمدة عشر سنوات فأكثر، إلى جانب تخصيص الأراضي اللازمة لإقامة المشاريع الاستثمارية في مختلف القطاعات.

ويقدر حيدر مصطفى مدير عام الاستثمار بهيئة الاستثمار في إقليم كردستان حجم الاستثمارات الحالية بكردستان بمبلغ بـ14 مليارا و31 مليون دولار، تشمل قطاعات الإسكان والبنوك والصحة والصناعة والسياحة والاتصالات والتعليم والزراعة والتجارة والخدمات والرياضة، حصد المستثمرون المحليون حصة الأسد بمبلغ خمسة مليارات وثلاثين مليون دولار، مقابل ثلاثة مليارات و636 مليون دولار لمستثمرين عرب وأجانب و664 مليون دولار مليون دولار لشركات مساهمة عراقية أميركية وعراقية بريطانية وغيرها، واستأثر قطاع الإسكان بأكبر حجم للاستثمارات حيث بلغت أرقامه حدود ستة مليارات وستة وستون مليون دولار.

ويؤكد أن «حكومة الإقليم خصصت لحد الآن أكثر من 31 ألف دونم من الأراضي للمشاريع الاستثمارية المجازة».

وحول التوزيع الجغرافي للاستثمارات يقول مصطفى إن «أربيل وهي عاصمة الإقليم حازت على 122 مشروعا استثماريا مقابل 70 مشروعا للسليمانية و40 لمحافظة دهوك»، أما هوية المستثمرين فيحددها بأن «الخليجيين يأتون في الطليعة، فالكويت تحتل أعلى نسبة من الاستثمارات بمبلغ مليار ونصف المليار، يليها لبنان بـ760 مليونا ثم تركيا بـ621 مليونا ثم مصر بـ350 مليونا، وتتوزع بقية المشاريع الاستثمارية على بلدان أخرى مثل ألمانيا وأميركا وبريطانيا والسويد ونيوزيلندا وفرنسا وجزيرة موريشيوس والإمارات وجنوب أفريقيا والهند والنمسا».

وبالإطلاع على هوية المستثمرين نجد أن دول العالم من كافة جهاتها الأربعة أخذ ت تهتم بسوق الاستثمار في إقليم كردستان، وأن تلك الاستثمارات لم تعد تقتصر فقط على دول الجوار وعلى الأخص تركيا وإيران اللتين تتجاوز تبادلاتهما التجارية مع الإقليم حدود السبعة مليارات دولار ما عدا استثماراتهما في المشاريع الأخرى.

وحول ما إذا وصلت كردستان إلى حد التخمة في بعض القطاعات قال حيدر مصطفى: «أنتم تعلمون بأننا ورثنا بلدا مدمرا من النظام السابق، فالحروب المتتالية للنظام وسياسة الأرض المحروقة التي انتهجها ضد كردستان قد دمرت البنية الاقتصادية للإقليم بشكل كامل، ناهيك عن تدمير البنية التحتية للخدمات، وفي البداية وتحديدا بين عامي 2007 و2008 ركزنا على مشاريع البنية التحتية لأنها كانت الأكثر تضررا من بقية القطاعات، كما أن التوسع العمراني الكبير في الإقليم ولد حاجة ملحة للتوجه نحو تنفيذ مشاريع البنية التحتية للخدمات، ولكن بعد عام 2009 أخذ الاهتمام ينصب على تنمية بقية القطاعات، وخصوصا القطاعين الصناعي والزراعي بهدف إنهاض البنية الاقتصادية، وفعلا وصلنا اليوم إلى حد الاكتفاء في بعض القطاعات تقريبا، فمثلا إذا جاءنا مستثمر يقدم مشروعا لبناء سوبر ماركت سنعتذر له ونطلب منه أن يتجه إلى قطاع آخر أكثر حاجة، وقد اعتمدنا مؤخرا خريطة خاصة بفرص الاستثمار في كردستان وأعطينا الأولوية فيها للقطاعين الصناعي والزراعي، وهما قطاعان مهمان جدا للنهوض الاقتصادي، فسياسة حكومة الإقليم تتركز حاليا بإنهاض هذين القطاعين خصوصا أن هناك مواد خاما للعديد من المشاريع في هذين القطاعين».

وحول اهتمامات المستثمرين الأجانب أشار مصطفى إلى أن «المستثمر الأجنبي يركز دائما على المشروعات الصناعية الكبيرة والاستراتيجية على عكس المستثمر المحلي الذي يلهث دائما وراء الربح السريع ويركز جهوده على قطاعي الإسكان والتجارة، وبحسب خطتنا في الهيئة فإننا نعمل في المرحلة المقبلة على التركيز على المشاريع الاستراتيجية الكبرى، خاصة في القطاع الصناعي وهذا ما يتيح فرصة أكبر للمستثمرين الأجانب، فنحن نحتاج بعد هذه المرحلة إلى تقوية البنية الاقتصادية بإنشاء المصانع والمعامل الكبيرة، وقد وضعنا خريطة محددة لحاجاتنا الأساسية في هذا القطاع منها على سبيل المثال، الصناعات البتروكيمياوية، وصناعة وتجميع السيارات والمكائن والآليات، وصناعة الأجهزة الكهربائية، ومعامل الأصباغ والورق والزجاج، ومشاريع البنية التحتية كسكك الحديد والجسور والأنفاق، ومصانع الحديد والصلب، ومصانع الجلود، ومعامل الصابون ومساحيق التنظيف، ومصانع إنتاج المكائن والآلات الزراعية، ومعامل إنتاج الأعمدة الكهربائية، والنسيج والزيوت النباتية والقطن الطبي وغيرها، وأبوابنا مفتوحة أمام جميع المستثمرين لدخول سوق المنافسة في هذه المجالات».