شركات المنتجات الاستهلاكية الهندية تتجه بأنظارها خارج البلاد

مع التركيز على الشرق الأوسط ومجلس التعاون الخليجي

دخلت العلامات التجارية الهندية مرحلة جديدة في نشاطها التجاري بالتوسع خارج البلاد
TT

بعد أن أثبتت حماسها ونشاطها داخل الهند، شرع الكثير من العلامات التجارية الهندية في مجال بيع التجزئة في خوض مشاريع بالخارج، مما ساعدها على تعزيز وجود علاماتها التجارية عبر افتتاح متاجر والاستحواذ على متاجر أخرى.

الملاحظ أن الكثير من كبريات العلامات التجارية الهندية، مثل «هيماتسينغكا ووفنز»، و«تيتان إندستريز» العملاقة في مجال صناعة الساعات، و«أتموسفير» المعنية بصناعة الأثاث الراقي، و«كايا سكين كلينيك»، و«فاب إنديا» للملابس، و«في إل سي سي» لمستحضرات التجميل، و«كافيه كوفي داي» لصناعة القهوة، و«هيديزاين» لصناعة الملابس الجلدية، بدأت جميعها في التحول بأنظارها باتجاه الأسواق الدولية، سعيا وراء تحقيق قفزة أخرى في النمو. والواضح أن غالبية هذه الشركات تركز اهتمامها الأكبر على الشرق الأوسط.

وقد راهنت «تيتان إندستريز»، إحدى كبريات شركات تصنيع الساعات في الهند، على دول مجلس التعاون الخليجي، ومن بعدها دول جنوب شرق آسيا واتحاد جنوب آسيا للتعاون الإقليمي. ويتركز في دول مجلس التعاون الخليجي ثلثا النشاط التجاري لـ«تيتان إندستريز» بالخارج.

عن هذا الأمر، أعرب بهاسكار بهات، المدير الإداري للشركة، أن «منطقة الشرق الأوسط ستمثل بؤرة الاهتمام على مدار السنوات العشر المقبلة على الأقل».

ودارت تعليمات بهات لأعضاء فريق العمل المعاون له حول زيادة حصة دول مجلس التعاون الخليجي، مع الاهتمام بأسواق دبي والسعودية على نحو خاص، خلال السنوات الخمس المقبلة. ولم تعد نشاطات الشركة تستهدف الشتات الهندي داخل دول مجلس التعاون الخليجي فحسب، وإنما أيضا الجاليات الأجنبية الأخرى والمواطنين. ومن بين الموزعين المعتمدين لديها في المنطقة «الحسيني» و«بهوان» و«الفطيم» و«إيتا».

وفي الوقت الذي شرعت الشركات الهندية الكبرى بمجال إنتاج السلع الاستهلاكية، مثل «تاتا تي» و«ويبرو كونسيومر كير» و«غودريج كونسيومر برودكتس» و«دابور» و«ماريكو»، في افتتاح مزيد من الشركات التابعة لها بالخارج منذ فترة، فإن الاضطلاع بنشاطات تجارية عابرة للحدود تعد بالأمر الجديد نسبيا على شركات بيع التجزئة. وتركز غالبية شركات بيع التجزئة اهتمامها على الأسواق التي تضم جاليات هندية كبيرة، مثل دول الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا التي أصبحت الآن أقرب ثقافيا للهند.

من جهتها، اشترت «كايا سكين كلينيك» شركة «ديرما ركس إيشا باسيفيك» في سنغافورة في مايو (أيار)، الأمر الذي مكن الشركة الهندية من الدخول لأسواق جديدة مثل سنغافورة وماليزيا. وحاليا تملك «كايا سكين كلينيك» 19 منفذا عبر الشرق الأوسط وبنغلاديش، حيث وجدت من اليسير نسبيا اختراق هذه الأسواق لتشابه نمط بشرة أبنائها مع البشرة الهندية. وقد اشتهرت الشركة باستحواذها على شركات بدول مثل جنوب أفريقيا ومصر.

وتتبع الاستراتيجية ذاتها، شركة عاملة بمجال خدمات الرشاقة والجمال «في إل سي سي»، حيث قال رئيسها، ميركيش لوتهرا: «نخوض محادثات مع سلسلة متاجر تضم 14 منفذا في مصر، وتتميز بنموذج خدمات مشابه لما لدينا». يذكر أن الشركة أنشأت 18 مركزا معظمها بالإمارات العربية المتحدة. وتنوي تعزيز هذه المراكز بافتتاح 10 أخرى خلال السنة المالية الحالية عبر قطر وبنغلاديش وسريلانكا وماليزيا وسنغافورة، بجانب دول أخرى. وتشير الأرقام إلى أن الشركة تجني 33 في المائة من عائداتها من مبيعاتها بالأسواق العالمية.

بجانب ذلك، افتتحت «فاب إنديا»، وهي سلسلة متاجر متخصصة في الملابس المصنوعة على أيدي حرفيين من المناطق الريفية الهندية، متاجر لها في بريطانيا وقطر وإيطاليا.

كما تباع منتجاتها في الدول التالية: أستراليا وبنغلاديش وبلجيكا وكندا والدنمارك وفرنسا وألمانيا واليونان وهولندا وهونغ كونغ وإندونيسيا واليابان وماليزيا وموريشيوس والمكسيك ونيبال وآيرلندا الشمالية والفلبين والبرتغال واسكوتلندا وسنغافورة وإسبانيا وسريلانكا وسويسرا والسويد وتايوان وتايلاند والإمارات والولايات المتحدة.

وتساعد منتجات «فاب إنديا» القادمة بصورة أساسية من قرى في توفير فرص عمل بالمناطق القروية الهندية. ويعمل لدى الشركة حاليا أكثر من 40.000 حرفي بمختلف أرجاء الهند.

وأوضح راغهاف غوبتا، رئيس شركة «تكنوباك أدفيزرز» الاستشارية، أن «أسعار الإيجارات كنسبة من عائدات الشركة في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا أقل، مما يزيد من الأرباح».

من الواضح أن الشرق الأوسط لا يزال محور الاهتمام الرئيسي بالنسبة لخطط شركات بيع التجزئة الهندية للتوسع بأسواق أجنبية، وتأتي دول جنوب شرق آسيا في المرتبة التالية مباشرة للشرق الأوسط على هذا الصعيد. ومن المقرر أن يفتتح «كافيه كوفي داي» 30 منفذا عبر أوروبا خلال العامين المقبلين.

وبالمثل، تعج صناعة الملابس بالنشاط التوسعي، فبخلاف الولايات المتحدة وأوروبا، يحتل غرب آسيا وأفريقيا مكانة بارزة في خطط التوسع المستقبلي.

الملاحظ أن شركات إنتاج الملابس والمنسوجات الهندية احتلت دوما مكانة بارزة على صعيد نشاطات التصدير، والآن تتحرك متاجر بيع التجزئة للحاق بركابها. ومع وجود أسماء تجارية مثل «ليليبوت» و«سبايكار» و«أرفيند براندز أرو» و«رايموندز» و«غيني آند جوني» و«كوتونز» في دول بعيدة مثل أستراليا وأخرى قريبة مثل الصين، تستعد بعض شركات بيع التجزئة الهندية بمجال الملابس لاختبار مدى إمكانية التوسع بأسواق جديدة، بينما شرعت أخرى بالفعل في تنفيذ خطط توسع خارجية كبرى.

من جهته، أشار سانجيف نارولا، المدير الإداري لـ«ليليبوت» المتخصصة في ملابس الأطفال، إلى أنه «لدينا متجر واحد في الصين حاليا ونخطط لافتتاح 15 آخر بمتوسط مساحة تبلغ 600 قدم مربع بحلول نهاية هذا العام. كما يوجد لدينا خمسة متاجر بمصر، ننوي زيادتها إلى 10 بحلول نهاية العام الحالي».

وقال سوريش جيه. المدير بـ«أرفيند براندز أرو»: «لدينا أربعة متاجر حصرية لـ(أرو) في دبي. إلا أن وجودنا في أسواق مثل الشرق الأوسط ودول اتحاد جنوب آسيا للتعاون الإقليمي وأفريقيا يتمركز في أسواق بيع تجزئة منظمة وليس عبر متاجرنا، نظرا لأن الاستثمارات التي يتطلبها ذلك الأمر هائلة. وتتوافر علامتنا التجارية في 30 متجرا خارج الهند». من ناحيته، قال شرياس جوشي، رئيس «رايموند أباريل ليميتيد»: «لدينا 30 متجرا لرايموند في الشرق الأوسط وبنغلاديش وسريلانكا، لكن إسهامها في إجمالي العائد أقل من 5 في المائة. ويتركز اهتمامنا في الوقت الراهن على السوق المحلية».

أما «كافيه كوفي داي»، فقد افتتحت منفذا لها في أستراليا وتخطط لافتتاح مزيد من المنافذ في الشرق الأوسط وشرق أوروبا والمنطقة الأورو - آسيوية ومصر وجنوب شرق آسيا خلال الشهور المقبلة. وقد اشترت الشركة مقر رئاسة «كافيه إمبوريو» في التشيك في يونيو (حزيران)، بجانب وجودها في النمسا وباكستان. وقال شويتا شيتي، رئيس شؤون النشاط التجاري الدولي بالشركة: «ننوي التحول إلى سلسلة مقاه عالمية وتساعد عمليات الاستحواذ على تعريف العالم بنا».

أما أسباب التحول إلى الخارج فكثيرة، وتتنوع بين تعزيز صورة العلامة التجارية وعوامل أخرى، مثل توسيع دائرة عرض المنتج. واشتكت فارشا جين، مديرة شؤون العلامة التجارية لدى «ليبرتي ريتيل ريفولشنز ليميتيد»، قائلة إن «هذه الصناعة داخل الهند لا تزال تفتقر إلى التنظيم وعلينا المنافسة مع الكثير من العلامات التجارية المحلية». بالنسبة لـ«ليبرتي شوز ليميتيد»، فإن الأسواق الجديدة التي تستكشفها حاليا هي مصر وأميركا اللاتينية وكينيا والمملكة المتحدة وغانا.

من ناحية أخرى، تحصل «هيديزاين»، الرائدة بمجال إنتاج ملابس جلدية مصبوغة بمنتجات غير كيماوية، على 50 في المائة من عائداتها لمبيعاتها في النمسا وبلجيكا وألمانيا وآيرلندا وجامايكا وماليزيا ونيبال والمملكة المتحدة وسريلانكا وجنوب أفريقيا وفيتنام، بخلاف الهند. كما تبدي العلامات التجارية الهندية الشهيرة العاملة بمجال الألماس استعدادها لافتتاح متاجر في الخارج. حاليا، تعتبر منطقة الشرق الأوسط والولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أوروبية أخرى أكثر الأسواق الرائجة بالنسبة للعلامات التجارية المحلية، مثل «ناكشترا» و«غيلي» و«تانيشك» و«إشيس». يذكر أن «داماس» بالتعاون مع «غيتانجالجي»، ينوي افتتاح متاجر في الشرق الأوسط، وتعد «داماس» أكبر متجر تجزئة لبيع المجوهرات بالشرق الأوسط.