أهم قرار اقتصادي لمصلحة المواطن

سعود الأحمد

TT

الناس في دول مجلس التعاون الخليجي تعودوا من حكوماتها أن قرارات الدعم المعيشي للمواطن تكون بزيادة الرواتب، وبالمساعدات النقدية المباشرة، وإعانات للمواد الغذائية والسلع الضرورية الأخرى كالمواد الغذائية الأساسية والأعلاف ومشتقات النفط.. لكن هذا المعتقد يجب أن يتطور، لأن أبواب ونوافذ مساعدات المواطن أكثر من أن تحصى.

وفي تقديري أن الكتابات والتحقيقات الصحافية، التي تواكب إعلان أرقام الموازنة العامة للدولة، ليست بأهم من متابعة قرارات تنفيذ المشاريع الحيوية الموجهة لخدمة المواطن والمقيم. من باب أن أرقام الموازنة العامة للدولة تتحدث عن الإيرادات المتوقعة، والمخطط للصرف، خلال العام المالي القادم، وهذا أمر أقل ما يقال عنه إنه مستقبل، والمستقبل في علم الغيب. بل إن أهم قرار صدر (لمصلحة المواطن والمقيم) ضمن بيانات الموازنة العامة للسعودية، هو ما صدر عن مجلس الوزراء السعودي في جلسته بتاريخ 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، والذي أقر آلية إيصال الخدمات البلدية للمخططات المراد إيصال الخدمات إليها على مستوى مناطق المملكة، والتي منها الطرق والمياه والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات، وتشكيل لجنة في وزارة الشؤون البلدية والقروية (على مستوى وكلاء الوزارات المعنية وهي: وزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة المالية ووزارة الاقتصاد والتخطيط ووزارة المياه والكهرباء ووزارة النقل ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات). وسبب هذه النظرة، لأنني أجده في مصلحة المواطن والمقيم من عدة جوانب. فهذا المشروع لا شك أنه سيجسد وبشكل عملي وأكثر فاعلية توجه الدولة للإنفاق الحكومي في الداخل، والتركيز على بناء واستكمال البنية التحتية للوطن. وبالمناسبة فقد بلغ الإنفاق الحكومي العام خلال العام الماضي بحسب تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي 596.4 مليار ريال (معظمها للداخل). وهذا الإنفاق على المشاريع (لا شك أنه) سيسهم وبشكل مباشر في حل مشكلة السكن، التي ما لبث المواطن السعودي يعاني منها. فالمدن السعودية الرئيسية لا تعاني من شح الأراضي السكنية، لكن المشكلة الحقيقية في توفر الخدمات. بل إن شريحة كبيرة ممن يصنفون بالفقراء الذين يعانون من مشكلة عدم امتلاك سكن لديهم أراض يملكونها، منحتها لهم الدولة في الكثير من مخططات المنح. لكن المشكلة تكمن في توافر الخدمات في هذه المخططات. ولذلك فالمتوقع أنه ما إن يؤتي هذا القرار أُكله، فإن المواطن السعودي سيجد كما هائلا من المعروض من قطع الأراضي المجهزة للسكن.

وبالمناسبة فهناك أحياء بمدينة الرياض (على سبيل المثال) كان من المخطط أن تصلها الخدمات البلدية عام 1993، وما زالت على قائمة الانتظار. هذا التأخر في الخدمات هو الذي تسبب في غلاء المساكن والأراضي السكنية. لأن المعروض من قطع الأراضي السكنية المغطى بالخدمات أصبح أقل بكثير من الطلب.

وإذا أنجزت المشاريع وتم توفير خدمات شبكات المياه والكهرباء والهاتف والصرف الصحي.. وأعقبتها عمليات سفلتة ورصف لشوارع تلك المخططات، فهذا سيقرب الطرق، ويخفض تكاليف وقود وصيانة السيارات، ويسهل مهمة وصول النقل الجماعي، ويفك من أزمة الزحام المروري داخل المدن الرئيسية، ويرفع من ثروات مالكي الأراضي في مخططات المنح.. وبعضهم سيستفيد من قرض الصندوق العقاري ويقيم على منحته فيلا سكنية، وسيصبح مالكا لفيلا في حي سكني مأهول، عوضا عن ملكيته (في السابق) لقطعة أرض خارج المدينة. والذي أود التأكيد عليه أننا، كمتابعين، يجب أن نركز على تفعيل مثل هذا القرار الوزاري.. لأنه بالفعل يحقق للمواطن ما يريد.

* كاتب ومحلل مالي