أوباما يتعهد بإصلاح الاقتصاد لكسب تأييد الناخبين

الرئيس الأميركي يزيد من حملته على الجمهوريين

الرئيس الأميركي باراك أوباما في حديقة الورود بالبيت الأبيض أمس يتحدث بعد اجتماعه عن استثمارات البنية التحتية وخلفه وزير النقل راي لاهود (أ. ف. ب)
TT

تعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما مجددا أمس بإصلاح الاقتصاد الأميركي وجعل البنى التحتية الأميركية الرائدة في العالم ضمن حملة دقيقة ومخطط لها لكسب ثقة الناخبين مجددا وضمان فوز الديمقراطيين في انتخابات الكونغرس النصفية في 2 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وبات الوضع الاقتصادي العامل الأول في تحديد سير الانتخابات المقبلة التي تشهد منافسة شديدة بين الجمهوريين والديمقراطيين، بينما تزداد الاتهامات المتبادلة بين الطرفين حول السياسات الاقتصادية. وفي الوقت الذي يسعى الديمقراطيون إلى التركيز على السياسات التي اتبعها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش والجمهوريون بأنها سبب الأزمة الاقتصادية في البلاد حاليا، يقود البيت الأبيض حملة ضد غرفة التجارة الأميركية والشركات الكبرى التي تدعم الجمهوريين لضمان مصالح الشركات الكبرى.

وعلى الرغم من أن يوم أمس كان يوم عطلة رسمية في الولايات المتحدة، احتفالا بيوم اكتشاف كريستوفر كولومبس للبلاد، فإن جدول أعمال أوباما كان مزدحما بالاجتماعات التي تمركزت حول الاقتصاد. وحرص أوباما على توجيه كلمة حول الاقتصاد في هذا اليوم للتأكيد على تركيزه الكلي على الاقتصاد حتى خلال العطل الرسمية. واجتمع أوباما مع كبار أعضاء إدارته أمس لمناقشة مشاريع بنى تحتية من شأنها تحفيز الاقتصاد وخلق فرص العمل، وهي أولوية الإدارة الأميركية الآن. وكشف أوباما عن تقرير حول البنى التحتية الأميركية التي وصفها بـ«متأكلة»، متعهدا بترميمها وجعلها «الرائدة في العالم».

وبما أن 1 من كل 5 عاملين في قطاع البناء في الولايات المتحدة عاطلون عن العمل، يركز أوباما جهوده على البنى التحتية وخاصة النقل. وقال في خطاب مقتضب من البيت الأبيض أمس: «علينا التركيز على المصالح الاقتصادية الوطنية بدلا من المصالح القصيرة الأمد الحزبية الضيقة»، في انتقاد للجمهوريين المعارضين لخططه الاقتصادية.

وعلى الرغم من أن إعلان أوباما كان حول الاقتصاد الأميركي فإنه حمل رسالة ضمنية تنتقد الجمهوريين، معتبرا أن أي عرقلة لمشروعه لدعم البنى التحتية هي لأغراض سياسية بحتة. وقال: «هذا عمل علينا القيام به.. كل ما نحتاجه العزيمة السياسية، فلا يوجد سبب لعدم إنجاز» هذه المشاريع. وأكد أن المشاريع التي تشمل تدشين أو ترميم 150 ألف ميل من الطرقات في الولايات المتحدة ومد 4 آلاف ميل من سكك الحديد لن تزيد من الدين العام الأميركي. وأضاف أن مسألة البنى التحتية «تقليديا تحصل على دعم الحزبين»، منتقدا أي جهود لعرقلتها.

وكان أوباما قد كشف عن خططه لدعم البنى التحتية الأميركية الشهر الماضي، إلا أن يوم أمس شهد اجتماعا موسعا حول تطبيق هذه المشاريع بالإضافة إلى الكشف عن تقرير حول وضعها. ومن بين النتائج التي ذكرت في التقرير: الحاجة إلى إصلاح القطاع الجوي الأميركي بعد أن رصدت خسائر بقيمة 10 مليارات دولار بسبب تأخير الرحلات الداخلية سنوية.

واختلف خطاب أمس الهادئ والمركز على الوقائع الاقتصادية عن خطاب جماهيري ألقاه أوباما أول من أمس في ولاية فيلاديفيا. وكان أوباما قد ناشد الناخبين للتصويت لصالح الديمقراطيين في حفل حاشد، هو الثاني من 4 مناسبات في ولايات تشهد منافسة شديدة بين الديمقراطيين والجمهوريين. وبدأ أوباما خطابه أول من أمس بالتركيز على الحملة الانتخابية التي قادها من أجل الوصول إلى الرئاسة ودعم ولاية فيلاديلفيا له، قائلا للناخبين فيها: «أنتم هزمتم التقاليد التي كانت معتادة في واشنطن» بانتخابه. وأضاف: «أريد أن يفهم الجميع أن انتصارنا في تلك الحملة لم يكن نهاية المطاف، بل بداية الطريق وبداية الرحلة، وبحد ذاتها، لا تحقق التغيير الذي نحن بحاجة له». وتابع: «يوم 2 نوفمبر أنا بحاجة إلى أن تكونوا بحماس عام 2008».

وعلى الرغم من أن أوباما كان قد تعهد قبل وصوله إلى البيت الأبيض بالعمل مع الجمهوريين وعدم السماح للانقسامات الحزبية أن تؤثر على السياسات الرئيسية التي تخص البلاد. فإنه من الواضح انتهاء هذا المنهج بعد تفاقم الخلافات بين الطرفين في الأشهر الأولى من رئاسة أوباما مع خلافات شديدة ومعارضة الجمهوريين للديمقراطيين، من إصلاح نظام الرعاية الصحية إلى ترشيح السفراء. واتهم أوباما الجمهوريين بـ«معارضة كل ما قلنا إننا سنقوم به وعارضوا كل تنازل قدمناه.. لقد قضوا الأشهر الـ20 الأخيرة يقولون (لا)، حتى للسياسات التي دعموها في الماضي»، في إشارة إلى معارضتهم للدعم الحكومي للمؤسسات المالية، الخطوة التي أقدم عليها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش.

ودافع أوباما عن سياساته الاقتصادية، التي وصفها بـ«القرارات الصعبة.. لقد اتخذت خطوات ضرورية لمنع الانهيار الاقتصادي ولمنع كساد ثان، وحتى إن لم تكن تلك القرارات تحظى بالشعبية». وانتقد أوباما في خطابه الجمهوريين بشدة، قائلا: «الكثير من الجمهوريين الذين رشحوا للانتخابات هم نفس الذين دفعوا اقتصادنا إلى الهاوية خلال العقد الماضي».

ووجه أوباما انتقادا غير مباشر إلى غرفة التجارة الأميركية، التي تدعم عددا كبيرا من المرشحين الجمهوريين. وخلال الأيام الماضية، تصاعدت الانتقادات من إدارة أوباما إلى غرفة التجارة الأميركية وتصريحات مبطنة لا تسميها مباشرة ولكن يشير إليها مسؤولون من البيت الأبيض. وقال أوباما أول من أمس: «لا أحد يعلم من وراء (تمويل) الإعلانات التي تهاجم (الديمقراطيين)، قد يكون قطاع النفط أو قطاع التأمين أو حتى شركات تملكها دول أجنبية». وكان ذلك في إشارة إلى غرفة التجارة الأميركية التي تنضم إليها القطاعات الكبرى الرئيسية من القطاع الخاص، بالإضافة إلى عضوية شركات أجنبية. وتنتقد الإدارة الأميركية حكما أصدرته المحكمة العليا الأميركية لا يلزم مجموعات مستقلة بالكشف عن التبرعات الانتخابية لتمويل الإعلانات التي تملأ قنوات التلفزيون قبل أسابيع من الانتخابات.

وبينما تنفي غرفة التجارة الأميركية استخدام أموال من جهات أجنبية في تبرعاتها الانتخابية، يركز الديمقراطيون على الجانب الأجنبي لروابط الغرفة بتهمة جهود الغرفة للتأثير على المصلحة الوطنية الأميركية.