محافظ «بنك السودان»: تم ضخ كميات وفيرة من العملات الصعبة في الأسواق لتثبيت سعر الجنيه

أكد لـ «الشرق الأوسط» أن بلاده تتحسب لتداعيات انفصال الجنوب المالية

د. صابر محمد حسن (رويترز)
TT

واجهت أسواق العملة الحرة والبنوك والصرافات الخاصة شحا حادا وتعذر أحيانا على المسافرين الحصول عليها أو شراؤها بأسعارها المعلنة من جانب البنك المركزي. وتطايرت شائعات بارتفاع مطرد لسعر اليورو والدولار، نتيجة الأجواء السائدة، وتراجع سعر الجنيه السوداني. وتدخل البنك المركزي بضخ كميات وفيرة من العملات الصعبة للبنوك وللصرافات الخاصة لتثبيت سعر الجنيه ولوقف تدهور قيمته أمام العملات الأجنبية، بعد أن تجاوز سعر الدولار حاجز الثلاثة جنيهات بسبب تزايد الطلب على العملات الصعبة لأغراض مختلفة. وأعلن محافظ بنك السودان، الدكتور صابر محمد حسن، زيادة الاحتياطات النقدية من النقد الأجنبي للمصارف والصرافات بنحو 50%من المبالغ الحالية التي تعطى لها فورا للتغلب على القلق والاضطراب الذي ضرب سوق أسعار العملة الحرة. وأكد أن الضخ النقدي المرشد للبنوك والصرافات سيعيد الاستقرار لأسعار العملة الصعبة، وستغطي الاحتياجات المطلوبة. واعتبر محافظ البنك المركزي أن الانخفاض السريع لسعر الصرف للعملات الحرة، كاليورو والدولار بعد الضخ من 3.3 جنيهات إلى 2.8 جنيه سوداني يظهر بوضوح أن الارتفاع لم يكن مبررا وإنما نتيجة لإشاعات أطلقها مستفيدون من ارتفاع سعر الصرف وتكهنات متشائمة غير واقعية عن اقتصاد مرحلة ما بعد استفتاء الجنوب في حال الانفصال عن الشمال. «الشرق الأوسط» حاورت محافظ البنك المركزي السوداني عن تداعيات العملة السودانية تحت وطأة الظروف السياسية الراهنة.

* هل تتوقع ارتفاع أسعار العملات الصعبة مرة أخرى؟

- لن يحدث ذلك مرة أخرى لأنه تم بالفعل توفير النقد الأجنبي للبنوك وللصرافات، ولعدم وجود مبرر منطقي لارتفاع سعر الصرف إلى الرقم الذي وصل إليه في الفترة الأخيرة، وسيستمر البنك المركزي في تقديم البيانات الصحيحة والحقيقية لتبديد الشكوك ولقطع الطريق أمام المستفيدين من الاختناقات المفتعلة لتحقيق مصالح ذاتية.

* ماذا يترتب على الوضعين المالي والنقدي في حال إجراء الاستفتاء وتقرير المصير للجنوب وانفصاله؟

- أستبعد أن يكون لذلك أثر كبير. وهي على أي حال لن تكون أشد أثرا من الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد السوداني التي أثرت على تدفقات النقد الأجنبي، حيث انخفضت إلى 76% وتمت معالجتها بشكل إيجابي.

* وكيف يمكن مواجهة الموقف في حال الانفصال؟

- لقد اتخذ البنك المركزي خطوات خلال مواجهته تداعيات الأزمة المالية العالمية وأسهم بفعالية في دفع الصادرات غير النفطية التي بلغت منذ بداية عام 2010م وحتى أغسطس (آب) 2010م مليارا و73 مليون دولار مقارنة بـ474 مليون دولار للفترة ذاتها من العام الماضي 2009م. كما انخفض متوسط التعثر المصرفي إلى 17% مقارنة بـ26% في عام 2007م، مما يعتبر تحسنا في أصول البنوك ومراكزها المالية، مما يؤثر على التعافي الاقتصادي مما لحق به فضلا عن زيادة التمويل للقطاع الخاص.

* وماذا عن تداعيات الانفصال بالنسبة للنقد والاقتصاد في الشمال؟

- أستطيع القول إذا اختار أهل الجنوب الانفصال فإن الأثر لن يكون كبيرا، وأكرر أنه سيكون أقل وبنسبة كبيرة من آثار الأزمة المالية العالمية. والواقع، يجري تداول معلومات غير صحيحة عن الوضع الاقتصادي في حال وقوع الانفصال وعدم توافر المعلومات الصحيحة يفضي إلى حالة إرباك وخلل. إن الوضعين المالي والاقتصادي يسيران بصورة جيدة، وإن عائدات الصادرات غير البترولية خلال الثمانية أشهر الماضية بلغت مليارا و73 مليون دولار، وارتفاع التمويل المصرفي من 18 مليار جنيه العام الماضي إلى 197 مليار جنيه بنهاية يوليو (تموز) 2010م.. فضلا عن تحسن الوضع الاقتصادي مقارنة بعام الأزمة المالية العالمية.

* أتعني أنه لن تحدث صدمة اقتصادية في حال الانفصال؟

- إن ذلك لن يحدث في حال وقوع الانفصال. لقد واجهنا تداعيات الأزمة المالية العالمية وإن الصدمة ستكون أقل بكثير وهذا يعود للخبرة والتخطيط والجاهزية للاحتمال مع التعامل في الوضع الأسوأ، وقد تمَّ اتخاذ إجراءات وسياسات مالية ومصرفية تحسبا لمثل هذه القضايا، وإن ما اتخذ من إجراءات في ضخ العملات الصعبة للبنوك وللصرافات الخاصة تعكس الحرص والاطمئنان والترتيب السليم ولتهدئة الوضع وطمأنينة المواطنين.. وإذا حدث تأثير للانفصال فسيكون بعد عام 2012م وسنواصل الجهود التي تسهم في دفع الصادرات غير النفطية التي تستند إلى تخطيط وتنويع وتلبي احتياجات الأسواق الخارجية.

* وماذا عن العملة المتداولة حاليا في الشمال والجنوب؟

- بالضرورة، فإنه يقتضي التداول حولها في حال الانفصال، وتتطلب اتفاقا مسبقا، وهنالك سعي لمعرفة آراء خبراء حول الأمر، ولكن الوضع الطبيعي والأفضل هو التوصل إلى اتحاد نقدي بين الدولتين حال الانفصال، بيد أن ذلك رهين باتفاق الدولتين على الشروط، وربما يتم تكوين لجنة مشتركة من الطرفين فمن شأن ذلك التوصل إلى اتفاق قبل مرحلة الاستفتاء.