«أوبك» تقر استراتيجية جديدة طويلة الأمد

خلال اجتماع لوكلاء وزارات النفط برئاسة الأمير عبد العزيز بن سلمان

الأمير عبد العزيز بن سلمان (رويترز)
TT

أقرت منظمة «أوبك» استراتيجية طويلة الأمد جديدة وشاملة خلال المؤتمر الوزاري الذي أنهى أعماله في فيينا، أمس، وقد اعتمدت الاستراتيجية طويلة الأمد الجديدة، التي جرى إعدادها على مدار العام الماضي، على إطار عمل واضح ومتناغم لمستقبل المنظمة.

وقد أوكلت مهمة صياغة الاستراتيجية الجديدة إلى وكلاء وزارات البترول والطاقة في الدول الأعضاء، حيث عقدوا سلسلة من الاجتماعات رفيعة المستوى. وقد انعقدت هذه الاجتماعات برئاسة الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، مساعد وزير البترول والثروة المعدنية لشؤون البترول بالمملكة العربية السعودية، وتولى نائب الرئيس دكتور برنارد مومر، مسؤول شؤون «أوبك» بجمهورية فنزويلا البوليفارية وبمشاركة عبد الله سالم البدري، أمين عام «أوبك». وقد اضطلعت أمانة المنظمة بتوفير الدعم الفني.

وتعد هذه ثاني استراتيجية طويلة الأمد تقرها «أوبك»، سبقها إقرار أول استراتيجية من هذا النوع خلال انعقاد «مؤتمر أوبك» الـ137 في سبتمبر (أيلول) 2005. ويتزامن إقرار الاستراتيجية طويلة الأمد الجديدة هذا العام مع الذكرى الـ50 لإنشاء «أوبك».

ويأتي صدور الاستراتيجية طويلة الأمد الجديدة في وقت مناسب تماما، بالنظر إلى التقلبات الكبيرة التي واجهها العالم وسوق النفط في السنوات الأخيرة. ومن الواضح أن الأزمة المالية العالمية التي بدأت عام 2008 وما تلاها من ركود اقتصادي كان الأعمق والأكثر انتشارا من نوعه منذ أكثر من ستة عقود، قد تركت، ولا تزال تخلق تأثيرات هيكلية مهمة على السوق النفطية. يذكر أن الطلب العالمي على النفط تراجع لعامين متتاليين، وهي ظاهرة غير مسبوقة منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي.

علاوة على ذلك، شهدت الأسعار تقلبات حادة، خاصة قرب نهاية عام 2007، وعلى مدار عام 2008 ومطلع عام 2009. وتحول النفط على نحو متزايد إلى فئة من الأصول المالية، وأسهمت المضاربات المفرطة إلى تقلبات السوق. وحاليا، تشهد التنظيمات المالية إقرار تغييرات كبرى. وقد شهدت بعض المناطق توسعا في استغلال أنماط الوقود غير الحفري. وكان من شأن الغموض الذي يحيط بعدد من السياسات بمجال الطاقة وأخرى بيئية، غالبا ما يصاحبها أهداف مفرطة في الطموح، خاصة بالدول المتقدمة، إثارة شكوك حيال متطلبات الطلب المستقبلي على النفط.

من جهتها، تحدد الاستراتيجية طويلة الأمد الجديدة الأهداف والتحديات الكبرى التي تواجهها المنظمة الآن وفي المستقبل، وتطرح عددا من السيناريوهات المتناغمة والمتسقة، تتناول رؤى مستقبلية منطقية لمجال الطاقة. وقد صممت الاستراتيجية على نحو يضمن تمتعها بالمرونة عبر هذه السيناريوهات الممكنة والمتنوعة، وستمر باختبارات على امتداد الأعوام الخمسة المقبلة لتحديد القصور في التنفيذ وضمان استمرار فعاليتها وكفاءتها.

ومثلما كان الحال مع الاستراتيجية طويلة الأمد الأولى، تحدد الاستراتيجية الجديدة أهدافا فيما يخص العائدات البترولية طويلة الأمد للدول الأعضاء، وضمان أسعار عادلة ومستقرة، ودور النفط في تلبية الطلب المستقبلي على الطاقة، ونصيب «أوبك» من الإمدادات النفطية العالمية، واستقرار سوق النفط العالمية، وأمن الإمداد المنتظم للمستهلكين، وأمن الطالب النفطي العالمي، والسعي لتأمين وتعزيز المصالح الجماعية للدول الأعضاء في المفاوضات العالمية والاتفاقات المستقبلية متعددة الأطراف.

وتحدد الاستراتيجية قضايا جوهرية قد تشكل تحديات تواجه «أوبك» وتعوق تحقيق أهدافها، بينها التنمية الاقتصادية العالمية، والنفط كفئة من الأصول المالية، وأسعار النفط، وسياسات الطاقة والأخرى البيئية، والتطورات التقنية، والمعروض النفطي من خارج «أوبك»، والاستثمارات في حالة عدم اليقين بجوانب العرض والطلب. بوجه عام، تبني الاستراتيجية طويلة الأمد الجديدة على 50 عاما من خبرة «أوبك» في السوق النفطية العالمية، وستلعب هذه الاستراتيجية دورا محوريا بالنسبة للمنظمة نحو تحقيق هدفها الرامي للمساعدة في توفير الوقود لتحقيق رخاء عالمي والإسهام في استقرار السوق بما يعود بالنفع على الجميع، مع ضمان المصالح المشروعة للدول الأعضاء.

ومن المقرر إتاحة بعض نتائج وتوصيات الاستراتيجية الجديد على نطاق أوسع في وقت لاحق من هذا العام مع نشر موجز لها. وسينشر هذا الموجز بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر أوبك» الـ158 (الاستثنائي) في كويتو بالإكوادور في ديسمبر (تشرين الأول).