العوهلي: ادعاءات الهند والصين حمائية والتفاف على أنظمة التجارة العالمية

الرئيس التنفيذي للشركة السعودية العالمية للبتروكيماويات «سبكيم» في حوار مع «الشرق الأوسط»

المهندس أحمد بن عبد العزيز العوهلي الرئيس التنفيذي للشركة السعودية العالمية للبتروكيماويات (سبكيم)
TT

توقع المهندس أحمد بن عبد العزيز العوهلي الرئيس التنفيذي لـ«للشركة السعودية العالمية للبتروكيماويات» (سبكيم) في حديث لـ«الشرق الأوسط» تراجع إنتاج المواد الأساسية من البتروكيماويات خلال السنوات المقبلة، لعدم توفر الكميات الكافية من الغاز خلال تلك الفترة، مبينا أن هذا يمثل تحديا كبيرا لشركات قطاع البتروكيماويات لتنويع مصادر دخلها وخلق فرص إنتاجية ومنتجات جديدة مبتكرة في الصناعات التحويلية والمتخصصة، أو فرص للتوسع خارج السعودية عن طريق شراكات تقنية أو إنتاجية أو تسويقية وخاصة في آسيا وأوروبا، كون قطاع البتروكيماويات في السعودية يشكل رقما مهما في الدخل القومي، حيث إن 58 في المائة من صادرات السعودية غير النفطية هي من البتروكيماويات، وتحتل السعودية المرتبة العاشرة عالميا كمنتج للبتروكيماويات، بإنتاج يقدر بـ55 ألف طن سنويا، وتصدر 75 في المائة من منتجاتها بعد تغطية السوق المحلية. وتستثمر شركات قطاع الكيماويات نحو مائة مليار دولار، في حين أن المؤشرات تفيد باستثمار نحو 25 مليار دولار في قطاع الصناعات التحويلية ومشروعات «أرامكو السعودية». وأشار إلى زيادة جيدة في قطاع البتروكيماويات في السعودية ودول الخليج، تتراوح من 10 إلى 11 في المائة خلال الثلاث السنوات الماضية. وأوضح العوهلي لـ«الشرق الأوسط» أن محاولات التفاف بعض الدول المنتجة مثل الهند والصين على أنظمة التجارة العالمية، تمثل رضوخا لضغوط من مصنعي بلادهم، وذلك بسب الفروق التنافسية مع المنتجات السعودية، خاصة فيما يتعلق بفارق سعر الغاز، مشيرا إلى أن هذه الدول وقعت على اتفاقية التجارة الحرة التي تتضمن ميزة للغاز السعودي. وقال العوهلي إن الأزمة العالمية قد أثرت على قطاع البتروكيماويات وساهمت في خفض أرباحها بنسب تصل إلى 70 في المائة مقارنة بالفترة الذهبية للقطاع خلال الأعوام الثلاثة التي تسبق عام 2009.

وتطرق المهندس العوهلي لكثير من الموضوعات والمعوقات والتحديات التي تواجه قطاع البتروكيماويات في هذا الحوار:

* ما تقييمك لقطاع البتروكيماويات في السعودية؟

- البتروكيماويات وبتعريف بسيط هي منتجات حيوية تكاد تدخل جميع مكونات الحياة من ملبس ومأكل وكل استعمالاتنا اليومية، والسعودية الآن تحتل المركز العاشر تقريبا كمنتج عالمي للبتروكيماويات وتنتج نحو 9 في المائة من إجمالي الطاقة الإنتاجية في العالم من البتروكيماويات، ويتوقع أن يزداد الإنتاج إلى 12 أو 13 في المائة عام 2015 - 2016.

ولو استعرضنا تاريخ الكيماويات في السعودية والخليج عامة لوجدنا أن الغاز متوفر وبكميات كبيرة، ولكن كانت الشركات تحرقه، حتى إن أهالي المنطقة الشرقية وزائريها كانوا يشاهدون، ألسنة اللهب والأدخنة في سماء المنطقة. وأول نواة لصناعة البتروكيماويات بدأت في الكويت في منتصف الستينات بأول مصنع للأسمدة عام 64، ثم «سافكو» في الدمام 69. وخلال هذه الفترة وضعت السعودية استراتيجية تهدف لاستغلال الغاز كمورد مهم بدلا من أن يحرق هدرا، وخلق صناعة مهمة إضافة إلى تطوير الموارد البشرية، ومن ضمن تلك الخطة إنشاء الهيئة الملكية في الجبيل ويبنع وكذلك شركة «سابك» التي بدأت في إنتاج البتروكيماويات ونهجت دول الخليج الأخرى هذه الاستراتيجية. وفي عام 1996 طرأ تغيير مهم جدا وهو فتح المجال للقطاع الخاص للاستثمار في صناعة البتروكيماويات بعد أن كانت المواد الخام والغاز مخصصة لـ«سابك» بصفتها شركة شبه حكومية، وكانت هذه خطوة مهمة جدا في تطور هذا القطاع وانعكس أثرها إيجابا على المواطن السعودي، وخلق فرص عمل أكثر ووفر المواد بأسعار منافسة داخل السعودية.

* وهل تعتقد بعد هذه الخطوات أن البنية التحتية لهذا القطاع قد اكتملت؟

- لا يوجد شيء يكتمل في الحياة. ولكن منذ الثمانينات وبعد أن تأسست الهيئة الملكية للجبيل وينبع وبناء مدينة الجبيل الصناعية ووجود الموانئ والخدمات فاعتقد أنه وجدت بنية تحتية جيدة لقطاع البتروكيماويات في ذلك الوقت. ولكن مع استمرار توسع القطاع والتصنيع في المواد التحويلية فهناك حاجة للتوسع أيضا في البنية التحتية، ومؤخرا طالبت الهيئة الملكية بتطوير الجبيل 2 وكذلك في ينبع ورابغ وأعتقد أن الجهات المسؤولة حريصة على ذلك.

* وهل الصناعة في هذا القطاع حققت الطموحات؟

- قطعنا خطوات متقدمة في هذا المجال وأصبح القطاع يشكل رقما مهما للناتج القومي حيث إن 58 في المائة من صادرات السعودية غير النفطية هي من البتروكيماويات. والسعودية لم ولن تكتفي بالصناعة في هذا القطاع لأن الله حباها بموارد طبيعية يجب أن تستغل، ولا بد من الاستمرار في النمو، وهو مهم لأي صناعة سواء النمو في الإنتاج أو التقنية وفي الأول قطعنا خطوات مهمة ونحتل المرتبة العاشرة عالميا كمنتج للبتروكيماويات.

والمجال مفتوح أمام شركات البتروكيماويات في السعودية في مجال الصناعات التحويلية والصناعات الكيماوية المتخصصة. وما زلنا في بدايات تطوير التقنية في السعودية. وطبعا «سابك» تعتبر استثناء بسبب خبراتها ومراكز أبحاثها الكبيرة أيضا. والسعودية وصلت لدرجة الاكتفاء فيما يتعلق بالكيماويات الأساسية، أما الكيماويات التحويلية أو المتخصصة فهذه معظمها تحتاج لتقنيات مبتكرة والحصول على تقنياتها صعب جدا، والسعودية أمامها فرصة للدخول في هذا المجال سواء كمنتجة أو مطورة للتقنيات.

* أنتم في «سبكيم» هل لكم خطوات في هذا المجال؟

- نعم نحن الآن بدأنا في هذا الاتجاه ولدينا مشاريع تحت التطوير وتعتبر تحويلية وهناك منتجات تحت الدراسة سنعلن عنها قريبا، واستمرارنا في الكيماويات الأساسية ربما يكون محدودا بالنسبة لنا أو حتى الشركات الأخرى وذلك حسب توفر الغاز والجميع يعرف أن هناك شحا في الغاز في السعودية. والخيار الوحيد الموجود الآن أمام شركات البتروكيماويات هو التركيز على الصناعات التحويلية لاستغلال المواد التي تنتج الآن في مصانعنا ثم الانتقال إلى خطوة ثانية أو ثالثة. أيضا «سبكيم» الآن بصدد إنشاء مركز الأبحاث والتطوير للتقنيات في مجمع الظهران للتقنية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن وسيكون نواة للشركة لتطوير تطبيقات منتجات الشركة وأيضا تطوير تقنيات للشركة في المستقبل تخدم قطاع الإنتاج.

* وماذا عن نمو قطاع البتروكيماويات؟

- نمو جيد في السعودية ودول الخليج، ويتراوح من 10 إلى 11 في المائة خلال الثلاث السنوات الماضية، من حيث معدلات الإنتاج. ولكن النمو في التوسع سيكون أقل بسبب الشح في الغاز والمواد الخام. وخلال العشر السنوات الماضية تمت توسعات كبيرة ومهولة في السعودية، ونمو كبير في حجم الاستثمارات والإنتاج وخلال الخمس السنوات القادمة سيكون التوسع محدودا في مشاريع محدودة مثل مشاريع أرامكو مع داو وأرامكو مع توتال وبعض المشاريع البسيطة وليست الأساسية، ومعدل النمو سيقل خلال الخمس السنوات القادمة بسبب عدم توفر كميات كافية من الغاز.

* وما تأثير خفض الإنتاج على شركات قطاع البتروكيماويات؟

- يمثل هذا تحديا للشركات لتنويع مصادر الدخل عن طريق خلق فرص إنتاجية جديدة ومنتجات جديدة مبتكرة في الصناعات التحويلية والمتخصصة. أو فرص للتوسع خارج السعودية عن طريق شراكات تقنية أو إنتاجية أو تسويقية وخاصة في آسيا وأوروبا، واعتقد أن هذه ستكون فرصة أكثر منها تحديا. لأنه دون الغاز لا نستطيع الاستمرار في نمو الكيماويات الأساسية، ويمكن للشركة أن تستورد منتجات من الخارج، لكن هذه غير اقتصادية بسبب أن السوق العالمية هي سوقنا وبالتالي فإن الاستيراد ثم إعادة التصدير ستكون التكلفة باهظة.

* وما حجم التصدير؟

- نحن غطينا سوقنا المحلية، و75 في المائة من الإنتاج هو للتصدير.

* إذن السوق السعودي لن تستطيع امتصاص كامل الإنتاج؟

- لا طبعا، لأن كمية الإنتاج كبيرة جدا ونتحدث عن نحو 55 ألف طن من البتروكيماويات تنتج سنويا، وسوق السعودية لا تعتبر سوقا مقاربة. وهذه ميزة للسعودية في التصدير أيضا لا إضافة عملة أجنبية، خاصة أن استثماراتنا الحالية في هذا القطاع تقدر بمائة مليار دولار في قطاع البتروكيماويات في السعودية و55 ألف طن سنويا. ويتوقع خلال السنوات استثمار نحو 25 مليار دولار أيضا.

* كيف تزيد الاستثمارات في ظل شح الغاز كما ذكرت؟

- هذه الاستثمارات بالنسبة للشركات التي عندها غاز مثل «أرامكو»، وتشمل أيضا الاستثمارات في القطاعات التحويلية التي تعتمد على مواد مصنعة تصنعها «سابك» والقطاع الخاص.

* وما المشكلة القائمة بينكم وبين شركة «أرامكو السعودية» فيما يتعلق بالغاز؟

- «سبكيم» ليس لديها مشكلة مع «أرامكو» بل «أرامكو» نفسها لديها مشكلة مع توفر الغاز وهي الآن تصرف مليارات للتنقيب والبحث عن الغاز لأن نمو استهلاك الغاز في السعودية كبير جدا، وليس استهلاكه محصورا في قطاع البتروكيماويات الذي لا يستهلك سوى 25 في المائة من استهلاك الغاز في السعودية، والنسبة الأكبر من الاستهلاك في قطاعات الطاقة وتحلية المياه، ولذلك «أرامكو» لم تستطع أن تواكب معدل نمو استهلاك الغاز، فنحن ندعو لها بالتوفيق في التنقيب عن الغاز وبتكاليف منطقية.

* ما مدى التأثير على شركات قطاع البتروكيماويات بعد دخول «أرامكو» كمنافس كبير في الإنتاج؟

- طبعا التأثير محدود، فقط في تخفيف الغاز أما موضوع المنافسة فهذا جيد ومقبول من «أرامكو» لخلق فرص عمل أكثر ومنافسة في السوق، ولكن من منظور محدود للشركات الأكثر فإن تأثيره يتوقف فقط في تضييق فرص الحصول على كمية الغاز المطلوبة لهذه الشركات.

* وماذا عن الاتجاه للاستثمار في الهند والصين؟

- هذا الاتجاه بدأه الإخوان في شركة «سابك» وهو توجه سليم، والسعودية بحاجة له منذ زمن، وهذا يعزز وجود «سابك» عالميا كشركة كبيرة في التسويق والإنتاج طبعا. وتنوع الإنتاج في مناطق أخرى يضفي ثقافة على إدارة الشركة في صناعة البتروكيماويات واعتقد أن الاستثمار خارج السعودية ما هو إلا ميزة إضافية لقطاع البتروكيماويات أيضا. ولذلك نرى أن بداية «سابك» كانت عن طريق شركات أجنبية أما «سابك» اليوم فلديها قدرات تفوق الشركات الأجنبية فمن الأولى أنها تستثمر في المناطق الواعدة اقتصاديا مثل الصين والهند وغيرها. ونجد أن هذه الدول حريصة على استقطاب «سابك» للاستفادة من إمكاناتها وخبراتها في الصناعة.

* تحدثت عن الاستراتيجية الأولى للصناعة.. فماذا عن الاستراتيجية الآنية؟

- تعمل وزارة الصناعة والتجارة ووزارة البترول أيضا على إعادة صياغة استراتيجية الصناعة في السعودية، ووزارة البترول خلقت فكرة (Cluster program) وربما للصناعة غير البتروكيماوية. والشركات البتروكيماوية لديها استراتيجيات معينة بخصوص تنويع المنتجات إذا توفر الغاز. وأتمنى من وزارة الصناعة ووزارة البترول أن يكون تركيزهما الآن على توفير مواد خام وغاز وبنية تحتية حتى نتمكن من استمرار معدلات النمو في هذا القطاع. أما الصناعات الأخرى الكبيرة غير «بتروكيماويات» سواء صناعة البلاستيك والمعادن وغيرها فإن وزارة التجارة والصناعة أعلنت عن استراتيجية تعنى بها.

* ما دام لديكم توجه الآن لتنويع الصناعة فأين هي وجهتكم أو المجال الذي سيستحوذ على تركيزكم؟

- نحن نؤمن بالتخصص لأن التشعب في الصناعة ودخول قطاعات أخرى ربما يكون عائده السلبي أكثر من الإيجابي، وتركيزنا سيكون على الصناعات التحويلية والبسيطة في البتروكيماويات وربما يكون لنا الآن بعض الأبحاث في التقنيات. وتلك الصناعات تحتاج لتقنيات معينه، ونحن في سبكيم أعلنا عن مشروع (eva) وهذا يدخل في صناعته الغاز ومنتج من منتجات «سبكيم». وأعلنا عن مشروع لإنتاج مادة أثيل الأسيتات وهذا مشروع يستخدم منتجا من منتجات «سبكيم» وهو حامض الاسيتيك، ولدينا منتجات تحت الدراسة سنعلن عنها قريبا، وهي منتجات تعتمد على منتجات «سبكيم» الحالية لذلك فهي تمثل قيمة إضافية جيدة.

* وماذا عن سعر اللقيم ومدى توفره؟

- الأسعار الآن مناسبة وهذه ميزة رئيسية للصناعة في السعودية خاصة الغاز الطبيعي وغاز الإيثين، أما الغازات المسالة طبعا سعرها عالميا وفيها نسبة تخفيض، وبالتالي فإن الأسعار بوضعها الحالي مناسبة ومنافسة.

* الهند طالبت بتساوي سعر اللقيم في السعودية لتساوي فرص المنافسة؟ فما تأثير ذلك على الشركات السعودية؟

- تحركات الهند في هذا الاتجاه ستكون من المعوقات الرئيسية لقطاع البتروكيماويات في السعودية ودول الخليج عامة، وذلك لمحاولة بعض الدول مثل الصين والهند التجاوز والتحايل على اتفاقيات التجارة الحرة عن طريق ما يدعونه أو يسمونه عمليات الإغراق. بينما هي تأخذها تجارة حماية وليست إغراقا في قضايا الإغراق ضد منتجات الخليج والسعودية، ولكن ثبت في حالات كثيرة عدم صحة ادعائهم بينما كان ذلك حماية لتصنيعهم المحلي وكي يتسنى لهم الدفع في قضيتهم، مثلما ادعت الهند، في حين أن الغاز في السعودية لا يسعر بنفس تسعيرة الدول الأخرى، والهند والصين وأيضا تركيا من ضمن الدول التي وقعت على اتفاقيات التجارة العالمية. وبالتالي قبول تسعيرة الغاز في السعودية ومنحه ميزة لظروف غير مطبقة في الدول الأخرى بسبب تسعيرة تصديره. ولكن الضغط على بعض الدول مثل الصين والهند من مصنعيهم اضطرهم لهذه المحاولات كي نبيع لهم بأسعار رخيصة.

ولأنه ثبت أن هذا غير صحيح، حاولوا الالتفاف على عدم تنافسية السعودية ودعم الدولة لهم في تسعيرة الغاز من غير سبب منطقي بينما المنطقي أنهم وقعوا على اتفاقية التجارة العالمية بهذه الشروط، وكانت واضحة وفق تصريحات مركز تنمية الصادرات والاتحاد الخليجي أن هذه ليست حرب إغراق ضد السعودية بل حماية لمصنعيهم مخالفة لأنظمة التجارة العالمية. والصين والهند تعدان من أكبر الأسواق المهمة لنا ووصولنا لهذه الأسواق مهم جدا لأنها أكبر منطقة نمو عالمي وأكبر أسواق عالمية. وإنتاجهم أيضا كبير ولكن غير اقتصادي فمثلا الصين تعتبر من الدول الكبيرة المصنعة للميثانول، ولكن يعتمدون كثيرا على مناجم الفحم، وتكلفة إنتاجهم تكون عالية بينما الشركات السعودية تبيع الميثانول بأسعار عالمية، ومن الصعب عليهم منافسة المصنعين من السعودية أو غير السعودية وبالتالي يلجأون إلى الحماية وادعاء الإغراق.

* هل هناك معوقات لقطاع البتروكيماويات؟

- أعتقد أن عدم توفر كميات إضافية من المواد الأساسية وخاصة الغاز، يسمح بمعدل نمو قطاع البتروكيماويات الآن، وهذا يعتبر من التحديات الهامة على قطاع الصناعة. أيضا من المعوقات زيادة الإنتاج في الأسواق العالمية الهامة بالنسبة لنا مثل الصين والهند وجنوب شرقي آسيا، وكذلك في الدول المجاورة لنا مما يسبب طبعا زيادة الطاقة الإنتاجية ومن شأنها أن تؤثر على قدرة السعودية، كذلك تكلفة الشحن بالنسبة لإنتاج السعودية، وهذا يعطيه بعض مميزات سعر المادة الخام، لذلك فإن استمرار سعر الخام بأسعار منافسة جدا مهم كي تكون السعودية في موقف تنافسي. أيضا التجارة الحرة وقضايا الإغراق أو ما نسميها الحماية وليست الإغراق فهذه ستكون من التحديات لدول المنطقة. وكذلك قضية الانحباس الحراري من التحديات لقطاع البتروكيماويات عالميا وضرورة تخفيض انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون، وهذا مهم، ونحن من المؤيدين له.

وهناك برامج بيئية جديدة خلال الأربع سنوات القادمة وتطبق على جميع مصنعي العالم وليس في الخليج فقط وبدأوا بها في أوروبا ويسمونها «ريتش» وتقضي بضرورة تسجيل أي شركة منتجة ومنتجاتها كي تحصل على التصدير إلى أوروبا، وخلال عملية التسجيل يمرون بمراحل للتحقق من الإنتاج والناحية البيئية والسلامة، والصين كذلك بدأت مؤخرا في تطبيق هذا البرنامج، وأنا اعتبرها تحديات وليست معوقات، لأن قطاع الصناعة للبتروكيماويات من أحدث القطاعات في العالم ويستخدمون أحدث التقنيات والمعدات، لذلك نعتبرها من المعوقات الخفيفة بالنسبة لنا، وهناك معوقات التمويل الكبيرة فما زال قطاع المصارف في السعودية يواجه صعوبة في تمويل المشاريع.

* وماذا عن دور الاتحاد الخليجي لمصنعي البتروكيماويات؟

- خلال السنوات الماضية تم إنشاء الاتحاد الخليجي لمصنعي البتروكيماويات في جميع دول الخليج ومقره دبي، وهذا الاتحاد فاعل جدا للنظر في مثل هذه المعوقات والتنسيق بين الشركات المصنعة في دول الخليج ومثيلاتها في الدول الخارجية، وكان وجوده مهما في سبيل التحقق من حل بعض المعوقات، وخاصة فيما يتعلق بالجانب البيئي والانحباس الحراري أو مشكلات التجارة الحرة.

* وما تبعات الأزمة المالية على قطاع البتروكيماويات؟

- دون شك الأزمة كان لها تأثير مباشر على قطاع البتروكيماويات حاله حال قطاعات اقتصادية أخرى، وكان هناك تأثير مباشر وخاصة في عام 2009 الذي شهد انخفاضا شديدا في أرباح الشركات، بسبب قلة الاستهلاك وتوقف النمو الاقتصادي عالميا وتوقف الاستهلاك، واضطرار الكثير من الشركات لتخفيض إنتاجها أو تخفيض أسعارها، والسعودية لم تقم بتخفيض الإنتاج إلا في حالات محدودة جدا، وكون مبيعاتنا محكومة في أسواق عالمية فإن تأثير انخفاض الأسعار، كان واضحا خلال العام الماضي وكذلك النصف الأول من العام الجاري، أيضا كان له تأثير في سياسات الشركات التوسعية وبالذات في المنطقة فكثير من الشركات أجلت بعض المشاريع التي كانت تدرسها والآن بدأت التفكير مجددا فيها.

* تتحدث عن انخفاض أرباح، وليس خسائر. أليس كذلك؟ وماذا عن حجم الانخفاض في الأرباح؟

- لا توجد خسائر، وفي الواقع لا بد من الإشارة إلى أن أعوام 2006 و2007 و2008 كانت تمثل فترة ذهبية لقطاع البتروكيماويات عالميا حيث كانت الأسعار قياسية تاريخيا لقطاع البتروكيماويات. ومقارنة عام 2009 بهذه الأعوام، ربما لم تكن مقارنة صحيحة أو عادلة ولكن إذا قارنا 2009 في السنوات ما قبل هذه الأعوام الثلاثة وبالتحديد ما بعد عام 2000 فإن انخفاض الأرباح يتراوح ما بين 40 إلى 50 في المائة، أما إذا وضعنا مقارنة مع الثلاث السنوات الذهبية فإن الانخفاض في الأرباح يصل إلى 70 في المائة تقريبا.

* وهل تعتقد أن السوق ما زالت بحاجة لدخول المزيد من الشركات في هذا القطاع؟

- اعتقد أنه يوجد الآن ست شركات تقريبا وعلى رأسها «سابك» وأيضا «سبكيم» و«التصنيع» و«المجموعة السعودية» و«الصحراء» و«اللجين»، وبعض الشركات الأخرى التي لها علاقة بالقطاع. ولا أعتقد أن القطاع الآن يستوعب شركات أكثر، لقلة الفرص في تخصيص الغاز، ولكن السوق تستوعب شركات أخرى في الصناعات الدقيقة والتحويلية والكيماويات المتخصصة.

* وماذا عن الشراكات مع شركات أجنبية عالمية؟

- «سبكيم» الآن لها شراكات مع شركات يابانية وأوروبية وكورية أيضا، وهي مهمة للقطاع للاستفادة من خبراتهم والتي نرى أنها تمثل قيمة مضافة للمشروع، وأيضا «سبكيم» الآن رغم حداثة الشركة، التي بدأت منذ عشر سنوات تقريبا، فإن عندها الإمكانات لإنشاء مشاريعها وحدها. مثل مشروع أثيل الأسيتات الذي هو تحت التنفيذ ومملوك 100 في المائة لشركة سبكيم وإنتاجه يصل إلى مائة ألف طن ومنتجاته تعتبر من المنتجات التحويلية والوسيطة. وفي المشاريع القادمة إذا رأينا حاجة لوجود شريك أجنبي سواء فيما يتعلق بجوانب التقنية أو التسويق أو الخبرات فمن الممكن الدخول في شراكة مع شركة نرى أنه يمكن الاستفادة من خبراتها وإمكاناتها.

* المعروف أن الاستثمار في شركات قطاع البتروكيماويات يقدر بالمليارات كما ذكرت في إجابة سابقة ولكن دور هذه الشركات قاصر في الجوانب الاجتماعية والبيئية؟

- قد يكون هذا اتهام غير صحيح ولم يكن دقيقا، واعتقد أن أي شركة قطاع خاص أو عام، مهما صرفت في مساهماتها على القطاع الاجتماعي أو خدمة المجتمع فإن دورها لن يكون كافيا، ولكن في وضعنا الحالي أرى أن مساهمة الشركات في الجبيل وغيرها مساهمات جيدة، وهناك تبرعات للجمعيات الخيرية، وتنظيم وإقامة منتديات وملتقيات لخدمة قطاعات خاصة تستهدف ذوي الاحتياجات الخاصة أو الأيتام أو غيرهم، وكذلك مشاركة الشركات في دعم القطاعات الحكومية سواء البيئية أو السلامة أو المرور أو غيرها، ورغم أن هذه المساهمات لا تحظى بالاهتمام أو الزخم الإعلامي، ومع ذلك أقول يجب على الشركات أن تكثف مساهماتها في هذه الجوانب، ومجلس إدارة «سبكيم» أقر مؤخرا تخصيص واحد في المائة من أرباح الشركة سنويا للأعمال الخيرية وتنمية المجتمع (أرباح الشركة في النصف الأول من العام الجاري بلغت 160 مليون ريال /42.7 مليون دولار) وربما هذا غير كاف، ولكن لكل شيء بداية.

* وما هي قدرة هذا القطاع في استيعاب الكثير من الخريجين السعوديين؟

- إذا استثنينا شركة «أرامكو» السعودية، فأعتقد أن قطاع البتروكيماويات من أفضل القطاعات في تدريب وتهيئة كفاءات سعودية خلال ثلاثين سنة مضت، والفضل يعود لله ثم لشركة «سابك»، ومعظم قيادات شركات البتروكيماويات في السعودية تخرجوا من مدرسة «سابك»، وتلك الشركات لديها الآن نحو ستين ألف موظف، 70 في المائة منهم سعوديون، وهناك 300 ألف موظف يعملون في القطاعات التي تخدم قطاع البتروكيماويات مثل قطاع المقاولات والخدمات وغيرها، وهناك برامج تطوير وتهيئة للسعوديين بشكل جيد، مما ساهم في نمو نسبة السعودة. والمشكلة التي تواجهنا الآن كشركات في ظل توفر الكفاءات الجيدة تتعلق بمنافسة القطاعات الأخرى لاستقطاب تلك الكوادر المؤهلة، والتحدي الآن هو تدريب وتطوير الكفاءة السعودية والحصول على ولائه لبقائه في الشركة.

* يتردد بأن هناك نية أو توجها لرفع أسعار اللقيم والغاز؟

- سمعنا مثل هذا الكلام، ونتمنى من الحكومة القيام بدراسة وافية قبل اتخاذ أي قرار يتعلق بزيادة الأسعار، وأن تراعي الدراسة المستهلكين لأن قطاع البتروكيماويات قطاع هام لاقتصاد السعودية عامة وتأثيره على الناتج القومي للبلد أعلى من حيث الدخل المباشر، نتيجة الزيادة في السعر التي من الممكن أن نفترضها، لأن أي دولار تستثمره في قطاع البتروكيماويات يقابله تقريبا 16 دولارا كدخل لاقتصاد البلد من الصادرات.

* وماذا عن «سبكيم»؟

- «سبكيم» شركة قطاع خاص 100 في المائة أنشئت عام 1999 كشركة مساهمة والآن رأسمالها 333 مليون ريال (88.8 مليون دولار)، وإجمالي استثماراتها 11 مليار ريال (2.9 مليار دولار) ولديها الآن خمسة مصانع تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية، وتغطي الاستهلاك المحلي والتصدير إلى الأسواق العالمية، وميزة «سبكيم» التكاملية في أعمالها لما لذلك من أهمية قصوى في تقليل تكاليف الإنتاج والاستفادة أيضا من أسعار المنتج. وتنتج الآن 2.5 مليون طن سنويا تقريبا، وضمن خططنا المستقبلية ثلاثة مشاريع ستبدأ الإنتاج عام 2013.

* ما حجم قروض «سبكيم»، وما هي مصادر التمويل؟

- قروض الشركة نحو ثمانية مليارات ريال (2.1 مليار دولار)، ومصادر تمويلها من صندوق التنمية الصناعي السعودي، وصندوق الاستثمارات العامة وأيضا من البنوك المحلية والإقليمية وعادة يتم سداد القروض خلال سبع إلى تسع سنوات من بداية الإنشاءات وحسب القرض والممول، ويتم سدادها مما يتوفر من نقدي لشركة أثناء التشغيل، وسداد قروض المرحلة الأولى مجدول، والمشاريع الجديدة التي تم تشغيلها مؤخرا سائرة على نفس النهج. و«سبكيم» خلال الثلاث السنوات الماضية توزع أرباحا على المساهمين بنسبة 10 في المائة. وهذا يؤكد قوتها.