بريطانيا تتجه لإعلان خفض تاريخي في «ميزانية الأربعاء»

على أمل تقليل العجز بـ 133 مليار دولار في 4 سنوات

وزير الخزانة أوزبورن: وصلتنا تحذيرات من صندوق النقد ومؤسسات دولية أن بريطانيا على وشك أن تفقد تصنيفها الائتماني (رويترز)
TT

تتجه الحكومة البريطانية بعد غد الأربعاء لإعلان «ميزانية تقشفية» تجري بموجبها أكبر خفض إنفاقي في تاريخ بريطانيا منذ العام 1926 الذي شهد الإضرابات العمالية الشهيرة. ومن المتوقع أن تسحب الميزانية الجديدة العديد من المزايا والحوافز التي كان يتمتع بها مواطنوها منذ الحرب العالمية الثانية ولكنها ستبقي على دولة الرفاه وتنقذ بريطانيا من المصير الذي واجهته الدول التي فقدت تصنيفها الممتاز. وتقول العديد من معاهد البحوث وشركات تدقيق الحسابات والمؤسسات الدولية إن هذا الخفض الحاد مهم لإنقاذ بريطانيا من براثن عجز الميزانية الذي بلغ 12% من إجمالي الناتج المحلي، كأعلى عجز ميزاني بين دول المجموعة الأوروبية منذ مايو (آيار) الماضي. وبلغ العجز في الميزانية البريطانية خلال العام الجاري 155 مليار استرليني (نحو 250 مليار دولار)، وتأمل حكومة الائتلاف أن يقلل خفض الإنفاق الذي ستعلن عنه بعد غد الأربعاء العجز التاريخي بمقدار 83 مليار استرليني (نحو 133 مليار دولار) خلال السنوات الأربع المقبلة.

ووصف وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن الميزانية التي سيعلن عن تفاصيلها يوم الأربعاء قائلا إنها ستكون ميزانية «قاسية ولكنها عادلة». وكان أوزبورن قد حذر في خطاب ألقاه مساء الجمعة في مدينة ليدز شمالي إنجلترا من مخاطر التراخي في معالجة الاختلال في الميزانية، وقال إن الحكومة اقترضت حتى أبريل (نيسان) الماضي 155 مليار استرليني وبسبب ذلك فإن الدين العام تضاعف منذ العام 1997 ليصل هذا المستوى الخطر. وقال إن التصنيف الائتماني للاقتصاد البريطاني في خطر وإن التحذيرات جاءت من صندوق النقد الدولي ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، وبالتالي علينا أن نعمل على تلافي المخاطر وبسرعة. وقال منذ أن أعلنت الحكومة الميزانية الطارئة بعد 50 يوما من انتخابها، وأعلنت خطة خفض الإنفاق «وجدنا دعما لخطة الخفض من المؤسسات الدولية التي أكدت على التصنيف الممتاز لبريطانيا».

وتوقعت صحيفة «الديلي تليغراف» القريبة من حزب المحافظين الحاكم أمس أن ترفع الميزانية الجديدة من معدل ضريبة القيمة المضافة ابتداء من يناير (كانون الثاني) المقبل بمعدل 2.5% من معدلها الراهن 17.5% إلى 20%. وتتوقع الحكومة جمع موارد إضافية من هذه الزيادة تقدر بنحو 13 مليار جنيه استرليني (20.8 مليار دولار). ولكن من المتوقع أن تبقي الميزانية على الإعفاء لملابس وأغذية الأطفال من هذه الضريبة.

ومن التخفيضات المتوقعة الإعفاءات التي تمنح للعائلات التي لديها أطفال ويزيد دخلها السنوي على 40 ألف جنيه استرليني، كما يتوقع أن تلغي الحكومة الحوافز المالية التي تدفع للعائلة مقابل ولادة الطفل الأول. وهو مبلغ يدفع للعائلة مرة واحدة بعد الوضع مباشرة. كما يتوقع أن تلغي كذلك مبلغ الـ 150 جنيها استرلينيا التي تدفع للحوامل كإعانة صحية أثناء فترة الحمل. وقالت الحكومة خلال الأسبوع الماضي إنها تتوقع أن تبحث «الأمهات العازبات» اللائي يشرفن بوحدهن على تربية أطفالهن دون مساعدة الأب، عن عمل حينما يصل عمر الطفل سن الدراسة. وذلك خلافا للقانون الحالي الذي يمنح هؤلاء الأمهات مهلة حتى بلوغ الطفل سن الـ 17 عاما.

وعلى صعيد الضرائب على المستثمرين، توقعت الصحيفة أن ترفع الميزانية الجديدة من معدل الضريبة على أرباح رأس المال المستثمر من معدلها الحالي 18% إلى 28% مع الإبقاء على الاستثناء السنوي البالغ 10100 جنيه، كما متوقع أيضا أن تبقي على الضريبة على أرباح استثمارات دافع الضرائب العادي على مستوياتها الحالية 18%.

وعلى صعيد مزايا العاطلين عن العمل تستهدف الميزانية خفض ميزانية إيجارات المساكن للعاطلين بنسبة 1.8 مليار استرليني. وستضع حدا أعلى للقيمة التي تدفعها للمساكن الكبيرة «4 غرف وأعلى»، على أن لا يفوق سعر الإيجار الذي ستدفعه الحكومة مبلغ 400 استرليني في الأسبوع. ومن المتوقع أن تعلن عن إجراء فحص شامل لأصحاب العاهات والمقعدين عن العمل للتأكد من صحة مزاعمهم والتأكد مما إذا كانت صحتهم لا تسمح لهم بالعمل فعلا. وكانت بريطانيا قد أجازت قوانين قبل 18 عاما منحت المقعدين نفقات إعاشة وحوافز إضافية في إطار تمتين قواعد دولة الرفاه. وتكلف هذه المزايا الخزينة البريطانية نحو 11 مليار سنويا (نحو 17.6 مليار دولار). وعلى صعيد ميزانية الدفاع التي كان وزير الخزانة قد نوى إجراء خفض كبير على إنفاقها، قالت تقارير بريطانية خلال الأسبوع الماضي إن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تدخل أخيرا لتقليل خفض الإنفاق في ميزانية الدفاع عند حدود 8.0%.

ويذكر أن العجز الضخم في الميزانية قد أجبر الحكومة على الاختيار بين خيارين أحلاهما مر، إما خفض الإنفاق بمعدل حاد أو إجراء رفع كبير في الضرائب على الدخل وهو أمر لا يحظى بشعبية وربما يعرض الائتلاف الحاكم للتصدع.