وزير البترول السعودي: تريليون برميل نفط.. احتياطي دول «أوبك»

الرئيس السابق لـ«أرامكو»: الشركة تعمل على الاستفادة بصورة أكبر من الموارد الهيدروكربونية للمملكة

انطلقت مناقشات ندوة الطاقة بحضور وزراء وكبار مسؤولي «أوبك» في العاصمة السعودية الرياض أمس (تصوير: إقبال حسين)
TT

كشف المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية السعودي، أن «أوبك» أنتجت ما مقداره 400 بليون برميل خلال 50 عاما، وأضاف أن «أوبك» لا تزال تمتلك أكثر من تريليون برميل من النفط.

وتعزز تلك الأرقام التي أطلقها النعيمي خلال الندوة الدولية للطاقة، التي تندرج ضمن احتفالات «أوبك» بمرور خمسين عاما على تأسيسها، استقرار أسواق النفط لسنوات طويلة مقبلة.

وأوضح النعيمي في كلمته أن المملكة كانت تعلم طبيعة الصناعة البترولية ذات التقنية العالية والمتكاملة رأسيا التي كان يسيطر على أسواقها شركات البترول العالمية حتى أوائل عقد السبعينات ميلادية، مشددا على التعاون والتنسيق مع الدول المنتجة الأخرى من أجل الحفاظ على مصالح الدول المنتجة وسلامة وعافية الاقتصاد العالمي.

وأبان النعيمي أن السعودية استشعرت منذ تأسيس «أوبك» التنسيق والمتابعة مع الدول المنتجة والمصدرة الأخرى التي تمتلك احتياطيات وقدرات إنتاجية تؤثر على السوق وعلاقاته، ومع أن ظروف تأسيس «أوبك» عام 1960 ودور المملكة المحوري في ذلك معروف للجميع، فإن ما ليس موثقا بما فيه الكفاية هو الدور الذي قامت به المملكة قبل عشر سنوات من إنشاء «أوبك» من اتصالات ومشاورات مع الدول الأخرى لتنسيق المواقف تجاه الشركات العالمية آنذاك.

واستشهد وزير البترول السعودي بمثال حدث في عام 1951، حينما قام عبد الله الطريقي، وكان حينها مديرا لإدارة البترول والمعادن في وزارة المالية، بزيارة إلى دولة فنزويلا وعرض حينها مبدأ التعاون وزار بعدها العراق وإيران لذات الغرض. وكما يعلم الجميع فقد «تطورت تلك الاتصالات إلى أن أثمرت بإنشاء المنظمة العتيدة التي نحتفل هذا العام بمرور خمسين عاما على تأسيسها».

وقال المهندس النعيمي إن المنظمة استمرت بأداء رسالتها التي أنشئت من أجلها وهي حماية مصالح دولها وتوفير الإمدادات البترولية للعالم وتحقيق الاستقرار في السوق والعوائد العادلة للمستثمرين في الصناعة طوال الخمسين عاما الماضية على الرغم من التغيرات في أسواق الطاقة وفي الاقتصاد العالمي.

ومن جانبه، أكد عبد الله بن جميعة، الرئيس التنفيذي السابق لشركة «أرامكو»، أحد المتحدثين في ندوة «السعودية وأوبك: البعد التاريخي» أن شركة «أرامكو» السعودية لا تزال تقوم بدورها على الوجه المطلوب، وقد حافظت على قاعدة احتياطياتها من خلال تعويض إنتاجها النفطي كل عام وإضافة احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي مع احتفاظها بطاقة فائضة كافية لضمان استقرار السوق.

وبيّن الجميعة أن الشركة لا تزال تعمل على توسيع أعمالها من أجل دفع التنمية الاقتصادية في المملكة وتنويعها، وقد شرعت في تنفيذ مبادرات مثيرة في مجالات حيوية للبحث والتطوير، مبينا أن «أرامكو» تقوم بتوسعة أعمالها لاغتنام فرص النمو والاستفادة بصورة أكبر من الموارد الهيدروكربونية للمملكة.

فيما أكد الدكتور سعد القرني، أستاذ التاريخ في جامعة الإمام محمد بن سعود أن للمملكة دورا تاريخيا في إنشاء المنظمة، بعد أن قامت الشركات البترولية العالمية العاملة في المملكة ودول الخليج العربي الأخرى بتخفيض سعر البترول المعلن مرتين متتاليتين في عامي 1959 و1960 دون أخذ رأي تلك الدول واستشارتها، بل كان تصرفا فرديا من قبل الشركات البترولية الأجنبية، مما حدا بالمملكة إلى اتخاذ إجراءات فاعلة.

وقال الدكتور القرني إن أولى مراحل نشأة «أوبك» هي انعقاد المؤتمر البترولي الأول في القاهرة عام 1959، الذي اشترك فيه عدد من الدول المنتجة للبترول، وانتهى المؤتمر بوضع وثيقة سرية بخصوص إنشاء منظمة للدول المصدرة للبترول، لتنسيق سياساتها البترولية، والدفاع عن مصالحها الاقتصادية.

وتابع «بعدها توالت مؤتمرات دول البترول العربي التي حضرتها كل من فنزويلا وإيران بوصفهما مراقبتين، مما ولد فكرة قيام منظمة الدول المصدرة للبترول، غير أن هذه الآمال والمناقشات لم تترجم إلى أسلوب عملي إلا في عام 1960، عندما فوجئت دول الشرق الأوسط بتخفيض أسعار البترول للمرة الثانية خلال عام ونصف العام».

وأضاف «كرد فعل تجاه ما تقوم الشركات البترولية قامت فنزويلا في عام 1959 برفع الضرائب المفروضة على شركات البترول العاملة في أراضيها، مما حسن وضعها من البترول فحصلت على زيادة وصلت إلى 69 في المائة، مما حسن ميزانيتها».

وأسهب بالقول «إن الشركات البترولية ردت على ما قامت به فنزويلا بأن خفضت سعر البترول الخام الفنزويلي، بمعدل يتراوح بين 5 - 15 سنتا للبرميل الواحد، كما خفضت أيضا أسعار بترول الخليج بمعدل 18 سنتا للبرميل الواحد، فأصبح سعره 1.90 دولار، وظل هذا السعر ثابتا حتى عام 1960، إذ فرضت في هذه السنة تخفيضات جديدة تراوحت بين 4 -14 سنتا للبرميل الواحد، فكان لهذه التخفيضات ردة فعل قوية في فنزويلا والسعودية، لأن هاتين الدولتين تعتمدان على البترول في ميزانيتهما إذ يشكل المورد الاقتصادي المهم فيهما».

وأبان القرني أن تلك الأزمة سببت خسارة للبلاد تقدر بمبلغ 35 مليون دولار بين عامي 1958 - 1959، وهو ما أوجب ضرورة طرح مسألة المشاركة على شركات البترول، وكانت المملكة هي المطالبة بمبدأ المشاركة والمخططة له.

وأشار إلى أنه أمام تحدي شركات البترول العالمية للمصالح الاقتصادية للدول المنتجة للبترول، كانت السعودية قطب الحركة المضادة لتسلط الشركات البترولية في المنطقة العربية والشرق الأوسط، وظلت تتبادل الرأي مع دولة فنزويلا فيما يجب عمله، وفي 13 مايو (أيار) 1960، صدر أول تصريح رسمي مشترك بعد الاجتماع الذي عقد بين عبد الله الطريقي وزير البترول السعودي آنذاك ويسيريز ألفونسو وزير المناجم الفنزولي، أوصى التصريح الدول المنتجة للبترول بانتهاج سياسة موحدة لحماية مصالحها المشتركة، وطرح في الوقت نفسه فكرة إنشاء منظمة تسعى لتحقيق هذا الغرض. وقد كانت هذه التوصية بمثابة اللبنة الأولى لإنشاء منظمة «أوبك».