اتفاق أوروبي حول تعزيز الضوابط والقواعد المالية

فشل الاتحاد الأوروبي في الاتفاق حول الصناديق السيادية وصناديق التحوط

TT

توصل وزراء المالية في الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق لتعزيز الضوابط والقواعد المالية في أوروبا بعد أشهر من المفاوضات الصعبة، وفي الوقت نفسه استبعدت مصادر أوروبية أن يتمكن الوزراء من بلورة صفقة بين حكوماتهم بشأن التعامل مع الصناديق السيادية وصناديق التحوط الأجنبية الراغبة في العمل في الفضاء الاقتصادي الأوروبي.

من جانبه قال رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان ريمبوي إن الاتحاد الأوروبي سيتقدم إلى الأمام خطوة كبيرة نحو الإصلاح النقدي والاقتصادي في خطوة هي الأكبر من نوعها منذ تأسيس منطقة اليورو، وذلك في حال وافق المجلس الأوروبي الأسبوع المقبل على الحزمة التي أقرها فريق العمل المعني بالإدارة الاقتصادية التي يرأسها فان ريمبوي. مضيفا من خلال بيان صدر ببروكسل أن التوصيات والمقترحات التي تتضمنها الحزمة تتضمن السير في 5 اتجاهات وهي توسيع نطاق المراقبة الاقتصادية بإنشاء آلية للمراقبة الاقتصادية يعطي إنذارا في وقت مبكر للكشف عن مخاطر اقتصادية تؤثر على التنمية المستدامة أو الموازنات أو مجال المنافسة وهي مخاطر لم يجر الاهتمام بها بالشكل الكافي خلال العقد الأول من انطلاق التعامل باليورو، «وقد أظهرت الأزمة الأخيرة أن الموازنات السليمة ليست كافية لضمان نمو اقتصادي مستدام»، والاتجاه الثاني زيادة الانضباط المالي وتقوية ميثاق الاستقرار والنمو، وأشار فان ريمبوي إلى الاتفاقات السابقة التي جرى التوصل بشأنها وتتعلق بتدابير وعقوبات، و«جرى التوافق مؤخرا بشأن كيفية المبادئ العامة». والاتجاه الثالث هو تنسيق أعمق وأوسع نطاقا، وخاصة فيما يعرف باسم الفصل الدراسي الأوروبي الذي سيبدأ العمل به في العام المقبل. أما الاتجاه الرابع فهو إدارة أكثر قوة للأزمات من خلال مصداقية القرار، ومعالجة الضائقة المالية، ومنع انتقال العدوى إلى دولة أخرى، والاتجاه الخامس هو تقوية المؤسسات على الصعيد الوطني، مع استخدام أو إنشاء مؤسسات الهيئات العامة لتوفير تحليل مستقل والتوقعات بشأن السياسة المالية المحلية.

وقالت مصادر المجلس الوزاري الأوروبي في بروكسل إن الاتفاق الذي صاغه الوزراء الأوروبيون في لكسمبورغ عبارة عن حل وسط يمثل مختلف موقف الدول الأوروبية المتنافرة حول إشكالية تقنين الإشراف المالي في منطقة اليورو مستقبلا. وإن قادة الاتحاد الذين سيجتمعون يوم 29 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري سيعلنون عن خطوات محددة لاعتماده.

وتريد الدول الأعضاء في منطقة اليورو استخلاص الدروس من الأزمة المالية التي ضربت اليونان في الربيع الماضي وهددت مقومات اليورو بشكل خطير.

ويتمحور الحل الوسط الذي صاغه وزراء مالية الاتحاد بحسب وزير المالية البلجيكي ديديه رندرس الذي تتولى بلاه الرئاسة الدورية الأوروبية في فرض عقوبات جديدة وأكثر تلقائية ضد البلدان التي تسجل مستويات مرتفعة جدا في مجالي العجز أو الديون.

وتستوجب معايير عقد الاستقرار والنمو النقدي والاقتصادي الأوروبي حاليا أن يكون العجز العام أقل من 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي والديون لا تزيد على 60 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي، ولا تلتزم عمليا بهذه القواعد سوى دول قليلة في منطقة اليورو.

وبينما قال فان ريمبوي «إن الاتحاد الأوروبي قدم خطوة كبيرة إلى الأمام في مجال الإدارة الاقتصادية» لكن رئيس منطقة اليورو جان كلود جونكر أبدى حذرا، وقال إنه يجب معاينة التفاصيل وإن المفاوضات ستستمر لتحسين الآلية الجديدة المتفق عليها التي تنص على منح الدول المقصرة والمتسيبة مهلة 6 أشهر قبل إلحاق عقوبات بها. كما أن فرض أي عقوبات لن يتم سوى عبر التصويت بالأغلبية وليس بشكل تلقائي، مما يحد من فرص فرضه الفعلية. وقرر وزراء المالية إنشاء نظام للإنذار على الاختلال الاقتصادي مثل فقاعة الإسكان في إسبانيا مؤخرا لمنع وقوع أزمات مالية جديدة.

وكشفت الصفقة التي تم التوصل إليها في لكسمبورغ عن استمرار الخلافات بين الدول التي تؤيد فرض عقوبات تلقائية على الأطرف المقصرة مثل ألمانيا وهولندا والدول التي تدافع عن مبدأ الالتزام بالليونة مثل فرنسا وإيطاليا. وحسب مصادر أوروبية في بروكسل، فإن نقطة الخلاف التي لم يتمكن الوزراء المجتمعون في لكسمبورغ من تجاوزها لا تزال تتمثل في تحديد صلاحية جواز السفر الأوروبي الذي سيسمح لصناديق التحوط الأجنبية من خارج الاتحاد الأوروبي بالعمل بحرية تامة في جميع الدول الأوروبية الأعضاء في الاتحاد.

وستستمر المفاوضات بين الدول الأوروبية دون شك حتى موعد 11 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل تاريخ بت البرلمان الأوروبي في هذه المسألة، وتطالب فرنسا بأن تتولى هيئة الإشراف المالي الأوروبية التي تم إرساؤها حديثا آليات منح تراخيص العمل للصناديق السيادية، فيما تعتبر بريطانيا أن هيئات الرقابة المالية الخاصة بكل دولة هي الجهة المخولة لمنح التراخيص.