المؤتمر الثالث للائتمان الزراعي في المغرب يحذر من أزمة غذائية وشيكة في العالم

مشاركون طالبوا الحكومات بالتدخل لتفادي الكارثة

TT

حذر مشاركون في المؤتمر الدولي الثالث للائتمان الزراعي في مراكش، الذي تشارك فيه 300 مؤسسة مصرفية متخصصة في التمويل الزراعي، من أزمة غذائية عالمية وشيكة.

وقال طارق السجلماسي، رئيس القرض الفلاحي المغربي، لـ«الشرق الأوسط» إن هناك تخوفا كبيرا من أن يجد العالم نفسه أمام مجاعة إذا لم تفعل الحكومات شيئا. وأضاف السجلماسي: «استطاع العالم أن يواجه الأزمة المالية بضخ مليارات الدولارات. لكن الأزمة الغذائية عندما تندلع فسيكون الأوان قد فات لمواجهتها، لأنها تعني المجاعات وحصد الأرواح. لذلك ندعو إلى استباقها والاستعداد لها».

وزاد السجلماسي قائلا: «عشنا في السنوات القليلة الأخيرة تداعيات الأزمة المالية العالمية والتقلبات الكبيرة لأسعار الأغذية. لكن هناك الكثير من المشكلات الظرفية التي بدأت تتحول إلى معطيات بنيوية بسبب التغيرات المناخية التي يعرفها العالم. فالحرائق في روسيا والفيضانات في الصين، والجفاف والجراد في منطقة الساحل، كلها تبدو على مستوى كل بلد على حدة معطيات ظرفية. لكن على المستوى الشمولي، وخلال السنة، نلاحظ أن هذه الكوارث الطبيعية أصبحت عبارة عن مشكلات بنيوية يجب التعامل معها كل عام. لا نعرف أين وكيف ستقع، لكنها تحدث وتؤثر على المحاصيل. لهذا على حكومات العالم أن تتوقعها وتستعد لها».

ودعا كارون روني، رئيس الاتحاد الدولي للائتمان الزراعي، حكومات العالم إلى التدخل من أجل توفير مناخ ملائم للاستثمار الزراعي، خاصة عبر ضمان استقرار الأسعار وتوفير التمويلات، وعدم التعويل على آليات السوق في ضبط النشاط الزراعي وتوجيهه. وقال روني لـ«الشرق الأوسط» إن وضع سياسات زراعية حقيقية وقادرة على مواجهة الحاجيات تتطلب توفير مناخ مستقر، خاصة فيما يتعلق بالأسعار، غير أن ذلك مناف لاقتصاد السوق، يضيف روني: «لذلك علينا أن نتحلى بالشجاعة لنقول إن التعويل على آليات السوق وحدها في المجال الزراعي سيقودنا إلى الفواجع، فدورة رأس المال في القطاع الزراعي بطيئة، إضافة إلى ارتباطه بالتقلبات المناخية. وبالتالي فالاستثمار الزراعي يحتاج إلى الوقت وإلى ضمان أفق مستقر، وعدم توفير هذين الشرطين يحصر سياسات الحكومات، في المجال الزراعي، في مستوى ردود الفعل والتكيف مع التغيرات الظرفية، وليس في سياق البناء طويل الأمد».

وقال روني لـ«الشرق الأوسط» إن الدول النامية التي تتوفر فيها حاليا أعلى نسب النمو الاقتصادي في العالم تعتبر الأكثر عرضة للمشكلات، بسبب انعدام سياسات زراعية حقيقية وطويلة النفس. ويزيد قائلا: «إن أكثر من نصف سكان هذه الدول يوجدون في البوادي. والنمو الاقتصادي المرتفع يهم بالدرجة الأولى القطاعات غير الزراعية، وبالتالي فمن شأن هذا النمو أن يزيد من الفوارق الاجتماعية بين المجال الحضري والمجال القروي في هذه الدول، الشيء الذي سيزيد من حدة التوترات الاجتماعية والسياسية ويهز استقرار هذه الدول. ويجب ألا ينسى المدافعون عن آليات السوق، عندما يتعلق الأمر بالتنمية الزراعية في البلدان النامية، أن الاتحاد الأوروبي كان قد بنى سياسته الزراعية على أساس ضمان استقرار الأسعار».

وأشار روني إلى أن مواجهة كارثة المجاعات المحدقة تتطلب رفع الإنتاج الزراعي في سياق تراجع الأراضي المتوفرة، بسبب التوسع العمراني، وحماية البيئة من تقليص استعمال المواد الكيماوية والطاقة، والاقتصاد الكبير في استهلاك الماء. وأضاف أن كل ذلك يتطلب استثمارات كبيرة في البحث والتطوير والتكوين والابتكار.

وتعتبر هذه الدورة الثالثة للمؤتمر الدولي للائتمان الزراعي، إذ نظمت الدورة الأولى في أكتوبر (تشرين الأول) 2005 بأديس أبابا، والدورة الثانية في أكتوبر 2007 في بانكوك. غير أن الدورة الثالثة تأخرت سنة عن موعدها بسبب الأزمة المالية العالمية التي شغلت المصارف الكبرى خلال السنتين الماضيتين.

وانطلق المؤتمر، أمس، في مراكش بمشاركة 300 مؤسسة مصرفية متخصصة في التمويل الزراعي، وممثلين عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، والصندوق العالمي للتنمية الزراعية، والبنك العالمي.

وقدم عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والتنمية الزراعية المغربي، في افتتاح المؤتمر، الخطوط العريضة لـ«المخطط الأخضر» للنهوض بالزراعة في المغرب، بينما ربط كورن شاتكافانيج وزير المالية التايلاندي، بين التنمية الزراعية ومحاربة الفقر.

وعلى مدى ثلاثة أيام سيبحث مؤتمر مراكش المخاطر المرتبطة بالاستثمار الزراعي وتمويله، وكيفية احتوائها من طرف المصارف والمؤسسات المالية المتخصصة، والتحولات التي تعرفها النظم المصرفية عبر العالم، ووقعها على نشاط وأداء المصارف الزراعية، ووسائل التمويل الجديدة، والأساليب المبتكرة، وكيفية إدخالها لمجال المصارف الزراعية، كما سيتناول المؤتمر مسلسل المفاوضات الدولية المتعلقة بالتحولات المناخية، ووقعها على الزراعة، ومتطلبات مسايرة تكيف الأنشطة الزراعية مع هذه التحولات.

وخلال المؤتمر سيستعرض المغرب تجربته في التنمية القروية، وسير تنفيذ «المخطط الأخضر» للنهوض بالزراعة في المغرب، والمشاريع الكبرى المرتبطة به، ودور الاستثمار الأجنبي فيه.