اتفاق أوروبي أميركي لتنفيذ المعايير المالية العالمية

واجب المؤسسات تحسين قدرتها على استيعاب الخسائر

اتفق القادة على ضرورة وجود إجراءات تتعلق بآلية دائمة لحل أزمات منطقة اليورو
TT

أعلن الاتحاد الأوروبي عن اتفاق مع الولايات المتحدة الأميركية على مواصلة التنسيق والتعاون الوثيق لتعزيز النظام المالي العالمي، موضحا في بيان مشترك وزع في بروكسل، عقب اجتماع لمفوض الأسواق الداخلية والخدمات ميشيل بارنييه مع وزير الخزانة الأميركي تيموثي غيثنر في واشنطن، أن الاتحاد الأوروبي وواشنطن باعتبارهما أكبر الاقتصادات والأنظمة المالية في العالم لديهما مسؤولية نحو تعزيز وتنفيذ أقوى المعايير المالية العالمية وتعزيز وضع مجموعة العشرين في جدول أعمال الإصلاح المالي.

وجرى استعراض التقدم المحرز في مجال تنفيذ التزامات المجموعة بشأن الرقابة المالية، وأشار البيان إلى الإنجازات الكبيرة التي تحققت على جانبي الأطلسي مع صدور مجموعة واسعة من الإصلاحات المالية، والتطلع إلى حوار مثمر بين الهياكل الإشرافية الجديدة.

وقال البيان إنهما اتفقا على أهمية وضع آليات قوية لإدارة الأزمات والعمل على تنفيذ أنظمة قوية للحلول، وذلك على النحو الذي أقره قادة مجموعة الـ20 في مدينة تورونتو، مشيرين إلى أنه ليست هناك شركة كبيرة جدا أو معقدة جدا على الفشل، وأنه لا ينبغي على دافعي الضرائب أن يتحملوا تكاليف القرارات.

واتفق المسؤولان أيضا على أنه يجب على المؤسسات المالية العالمية المهمة تحسين قدرتها على استيعاب الخسائر والخضوع لاختبارات تعزيز الإشراف والضغوطات العادية.

وخلال ترحيبهما بالخطوة المهمة التي قدمتها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي في المفاوضات بشأن قواعد إدارة صندوق الاستثمار البديل، جدد المسؤولان التأكيد على التزامهما المستمر بمبدأ عدم التمييز في المناقشات الجارية، وكذلك في تطوير وتنفيذ قواعد مستقبلية للصناديق ولمديري الصناديق، وذلك مع تقدير أهمية الحفاظ على بيئة مالية عالمية.

ورحب البيان بالاتفاق الذي جرى التوصل إليه في لجنة بازل للرقابة المصرفية في سبتمبر (أيلول) الماضي، بشأن سلطة رأس المال ومتطلبات السيولة، واتفق الجانبان على ديسمبر (كانون الأول) 2011 لبدء التداول وفق وثيقة بازل.

وجاء البيان بعد ساعات من توصل قمة قادة الاتحاد الأوروبي، التي اختتمت أعمالها الجمعة في بروكسل، إلى اتفاق من حيث المبدأ على إمكانية إجراء تعديلات طفيفة على معاهدة لشبونة، تتناول إيجاد آلية دائمة لمعالجة مشكلات الديون السيادية لتفادي أزمات مشابهة لما حدث في اليونان، وفي نفس الوقت تشديد قواعد الميزانية بما في ذلك فرض عقوبات على الدول التي تفشل في وضع حد للعجز في الموازنة، وهي تعديلات طالبت بها ألمانيا وحصلت على مساندة فرنسية، لكن مطالب ألمانية أخرى تتناول تعليق الحقوق التصويتية للدول الأعضاء التي تخرق القواعد المتعلقة بالموازنة، لم تجد صدى كبيرا لدى الدول الأعضاء والجهاز التنفيذي الأوروبي. وقال مانويل باروسو، رئيس المفوضية «إذا كان تغيير المعاهدة هو لتقليل الحقوق التصويتية للدول الأعضاء فإنني أعتبره غير مقبول، وأقولها صراحة إنه غير واقعي»، وأيدته دول أعضاء في هذا الصدد.

وقرر قادة الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تكليف هيرمان فان رومبوي، رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، بإعداد تغييرات لإدخالها على معاهدة لشبونة بحيث تكون جاهزة لإقرارها في قمة في ديسمبر، وقالوا إنه ينبغي له أن يعمل على تلك التغييرات مع المفوضية الأوروبية. وقال فان رومبوي في مؤتمر صحافي عقب المناقشات «اتخذنا اليوم قرارات مهمة لتدعيم منطقة اليورو. نحن نوصي بآلية دائمة قوية وموثوق بها لحل الأزمات، لحماية الاستقرار المالي لمنطقة اليورو ككل».

والتغييرات على المعاهدة من المنتظر الموافقة عليها بحلول منتصف 2013، وهي جزء من مساعي أوروبا لضمان أن يكون بمقدورها التغلب على أي تكرار لأزمة الدين السيادي، وفي نفس الوقت تعزيز القدرات الاقتصادية لتفادي أزمات مالية مستقبلية. وكانت ألمانيا - أكبر اقتصاد في أوروبا - ترى أن نظاما دائما يتعين أن يحل محل شبكة الأمان الخاصة البالغة قيمتها 440 مليار يورو، التي أنشئت في مايو (أيار) لجميع دول منطقة اليورو. وتقول أيضا إنه يجب أن يشارك القطاع الخاص في تمويلها، وأن تتضمن شروطا صارمة. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للصحافيين إن اليورو والاتحاد الأوروبي نفسه قد يكونان في خطر. وكانت برلين قد هددت بعرقلة إصلاحات الميزانية إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق. وأبلغت ميركل الصحافيين «هذه الآلية ستكون ملزمة فقط في الحالات التي يتعرض فيها استقرار منطقة اليورو ككل للخطر».

وقال بيان صدر عن المجلس الأوروبي باسم هيرمان فان رومبوي «اتخذت القمة قرارات مهمة لتعزيز اليورو، وأيد القادة التقرير النهائي لمجموعة العمل الحكومية الاقتصادية التي يقودها فان رومبوي، واتفق القادة على ضرورة وجود إجراءات تتعلق بآلية دائمة لحل أزمات منطقة اليورو». وأشار البيان إلى أنه «في ربيع العام الحالي نجح التكتل الموحد في التغلب على أزمة عميقة في الاتحاد الاقتصادي والنقدي، وعلينا اتخاذ العبر لجعل الاقتصادات الأوروبية أكثر قدرة على مقاومة الأزمات». وأشار البيان إلى النقاط الرئيسية في تقرير مجموعة العمل الاقتصادية، ومنها إنشاء آلية إطار لمراقبة جديدة للكشف عن كل الاختلالات والمخاطر، مع مراعاة القدرة التنافسية للدول الأعضاء في الاتحاد. وثانيا دعم وتقوية ميثاق الاستقرار والنمو وتحسين المسؤولية المالية وفرض عقوبات على الدول التي لا تلتزم بنسبة العجز في الموازنة ومقداره 3% ولم تتخذ الإجراءات الوقائية. وأشار فان رومبوي إلى أن وزراء المالية سوف يدرسون هذا الملف لتقديم التصور النهائي بشأنه خلال الفترة القادمة، كما اقترحت فرقة العمل الاقتصادية سلسلة كاملة من التدابير الأخرى الرامية إلى تعزيز ميثاق الاستقرار مثل المزيد من التنسيق في السياسات والإحصاءات السليمة، والعنصر الثالث هو آلية دائمة لإدارة الأزمات والحفاظ على الاستقرار المالي في منطقة اليورو، وهو أمر وافق عليه قادة دول الاتحاد لكن هذه الموافقة لازمها سؤال مهم وهو: هل تحقيق هذه الآلية يتطلب تعديلا على معاهدة لشبونة؟ وبعد تبادل جيد لوجهات النظر اتفق القادة على إجراء تعديل محدود.

من جانبه، شدد رئيس البرلمان الأوروبي جيرسي بوزيك، على ضرورة أن يتم إشراك البرلمان الأوروبي في أي نقاش جدي قد يجري مستقبلا حول تعديل المعاهدات الأوروبية النافذة، كما تحدث رئيس البرلمان الأوروبي عن ضرورة ضبط الموازنة الأوروبية وترشيد الإنفاق، مع التشديد على ضرورة الاستثمار في المجالات التي ستساعد أوروبا على الخروج من الأزمة والعودة للنمو الاقتصادي. وقال «يجب ضخ مزيد من الأموال في مجالات مثل التأهيل والتدريب والطاقة والاتصالات والبنى التحتية، مما يساعد على تخفيض البطالة». ودافع بوزيك عن طلب البرلمان الأوروبي زيادة حصته من الموازنة الأوروبية، مشيرا إلى تزايد عدد الدول الأعضاء في التكتل الموحد وكذلك زيادة المسؤوليات والمهام، وهو أمر يستدعي زيادة التمويل، وهو أمر تعرض لانتقادات حادة من جانب بريطانيا من خلال تصريحات لرئيس وزرائها على هامش أعمال القمة. وقال ديفيد كاميرون «البرلمان الأوروبي يقرر زيادة الموازنة بنسبة 6% بينما هناك أزمات مالية وسياسات للتقشف في دول عدة بالتكتل الموحد». والمناقشات بين القادة تناولت تنسيق المواقف الأوروبية للتحدث بصوت أوروبي موحد خلال اجتماعات دولية قادمة، منها قمة مجموعة العشرين في سيول، وقمة المناخ في المكسيك، وقمم مشتركة بين الاتحاد الأوروبي والشركاء الاستراتيجيين من بينهم روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة.