يا خبراء العقار: لا تحبطوا المستثمرين

سعود الأحمد

TT

ونحن نتابع سوق الأراضي والوحدات السكنية بالسوق السعودية، ونشاهد أسعارها تحلق فوق قدرة المواطنين متوسطي الدخل، ناهيك عن منخفضي الدخل والعاطلين والفقراء، وننادي بالتدخل لمعالجة المشكلة، تأتي المفارقة من أصوات تتحدث عن توقع سقوط سوق العقار!.. ومع هذا التضارب بين الآراء، وفي ظل غياب مؤشر حقيقي ودقيق لسوق العقار السكني، يبقى المجتمع السعودي شاخصا بصره طفقا يبحث عن الحقيقة! وقد تحدثت مع الزميل الكاتب والخبير المصرفي الأستاذ فضل أبو العينين خلال الصيف الماضي وأنا في إجازة في الخارج، معارضا رأيه بأن سوق العقار السكني إلى انهيار. وقبل قرابة عام اختلفت مع الخبير الدكتور سليمان العريني حول نفس الموضوع (في لقاء النادي الاقتصادي ولم يتسع الوقت للمجادلة).. إذ كيف سينخفض سعر العقار السكني وما زالت الفجوة كبيرة، متمثلة في زيادة الطلب الحالي عن العرض، وهناك نمو كبير في الطلب على حساب العرض، بل ونمو العرض في تناقص؟! وهناك دراسة قامت بها هيئة الإسكان (بالتعاون مع شركة ألمانية) عن الطلب على سوق الإسكان تشير إلى أن هناك حاجة لبناء مليون وربع المليون وحدة سكنية لهذا العام، في وقت نحن نعلم فيه أن تكلفة البناء من مواد وأيد عاملة كلها من الخارج، تحكمها الأسواق العالمية. والتضخم العالمي يدفع بالأسعار في الأسواق المحلية والعالمية نحو الأعلى! والعملة الريال مربوطة بالدولار «المتآكل» يوما بعد يوم!.. بل وأختلف مع تصريح أحد أهم كبار المسؤولين، عندما قال إنه يشعر بالقلق على مستثمري العقارات، إلا إذا كان المقصود العمائر ذات الوحدات المكتبية والمحلات التجارية. بل إنني (على العكس) أرى في هذا التصريح أثرا سلبيا على سوق العقار السكني أكثر من تأثير عوامل ميكانيكية السوق!.. لأنه سيحبط المستثمرين والمطورين العقاريين الجدد، ليصب في مصلحة المستثمرين والمطورين الحاليين (القدامى). فالمستثمر أو المطور (الجديد) وهو يسمع هذا التصريح ويقرأ آراء هؤلاء الخبراء والمحللين الماليين والكتاب، بلا شك سيتردد أو يتوقف عن الدفع بأمواله في هذا المجال، الذي يسمع تحذيرات منه!.. ونكون قد تسببنا في تعميق الجرح، والعمل على استمرار تخفيض المعروض وزيادة أكثر لسعر العقارات السكنية! والواقع أن المجتمع السعودي يعيش أزمة مفتعلة تدعى «أزمة السكن»، في وقت يفترض فيه أن السكن حق مكتسب للمواطن السعودي.. والمعالجات متاحة وواضحة للعيان. فالسعودية تقع في مساحة شاسعة، ولا يخشى عليها من شح الأراضي الصالحة للسكن، والمفترض ألا تترك أسعار الأراضي السكنية لتصل إلى ما وصلت إليه. والمعالجة الممكنة للوضع الحالي تكون بمنح أراض تتوافر فيها الخدمات، وتفعيل قرار مجلس الوزراء بتاريخ 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، الذي أقر آلية إيصال الخدمات البلدية للمخططات المراد إيصال الخدمات إليها على مستوى مناطق المملكة، والتي منها الطرق والمياه والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات. والإجراء الآخر بضخ أموال لدعم مشاريع الإسكان التي تقوم عليها هيئة الإسكان وصندوق التنمية العقارية.. وتسهيل شروط وإجراءات القروض العقارية بمؤسستي التقاعد والتأمينات، وتقديم ضمانات للبنوك لتحفيزها على المضي قدما في التوسع في هذا المجال. وفرض إجراءات رسوم بلدية على ملاك الأراضي غير المستغلة والواقعة داخل الأحياء.. لملاك ليس لديهم الحافز للمشاركة في حل أزمة السكن!

* كاتب ومحلل مالي