تقرير أوروبي: الخليج الأكثر استعدادا للتعاون والاستفادة من الاقتصاد الأوروبي

4 مجالات يمكن الدخول عبرها لأسواق الشرق الأوسط: الاقتصاد والطاقة والبيئة والتربية

TT

«يبدو أن دول الخليج هي الأكثر دينامية، والأكثر استعدادا للتعاون في مجال الاستثمار والاستفادة من الاقتصاد الأوروبي» هذا ما جاء في تقرير أوروبي صادر عن مؤسسة «بيرتيلسمان» (ألمانيا)، ونشرت فقرات منه في وسائل إعلام أوروبية ببروكسل، كما أشار التقرير إلى الإمكانات الحقيقية للتبادل التجاري بين أوروبا ودول الخليج العربي، وأضاف: «تفيد المعلومات المتوفرة أن قيمة البضائع القادمة من أوروبا إلى دول الخليج قد بلغت هذا العام 260 مليار دولار، أي بزيادة قدرها 8%، وهو ما يقدم آمالا واعدة بإمكانية تعزيز التبادل التجاري الثنائي»، وبشكل أكثر شمولية، أشار التقرير إلى أن هناك فرصا حقيقية لأوروبا، خاصة لألمانيا للاستثمار في دول جنوب المتوسط وشدد التقرير على ضرورة التعاون مع دول المنطقة، خاصة التعاون مع العناصر الشابة من الطبقة المتوسطة. ويوصي التقرير، الذي أعده خبراء المؤسسة، بضرورة أن تركز أوروبا على التزامها باستغلال الفرص المتوفرة من حيث التعاون مع بلدان البحر الأبيض المتوسط، مشيرا إلى ضرورة بناء الثقة بين الطرفين الأوروبي والشرق أوسطي من أجل الاشتراك في معالجة المشكلات الاجتماعية والسياسية في المنطقة.

وحدد التقرير، المدعم بالأرقام، أربعة مجالات مهمة يمكن للمستثمر الأوروبي الدخول من خلالها لأسواق الشرق الأوسط؛ ومنها الاقتصاد والطاقة والبيئة والتربية، وأضاف: «تؤكد معلوماتنا أننا نستطيع خلق 50 مليون فرصة عمل في هذه المنطقة بحلول عام 2020».

وعبر التقرير عن قناعة الخبراء بأن كل ما قام به الاتحاد الأوروبي من سياسات جوار وشراكة مع دول الشرق الأوسط لم يعط النتائج المطلوبة، مبديا تشاؤمه حيال الاتحاد من أجل المتوسط، الذي لا يحمل في طياته إمكانات نجاح تزيد عن تلك التي حققتها السياسات الأوروبية الحالية، وأضاف: «التي بقيت متواضعة للغاية» حسب وصفه، وأكد على وجود فرص واقعية للاستثمار والتعاون في الشرق الأوسط، على الرغم من وجود عدد كبير من الصراعات والمخاطر في هذه المنطقة، وأضاف: «يوجد وراء الأزمات والصراعات، إمكانات هائلة للتعاون والكسب في بيئة الأعمال التجارية».

وجاء التقرير بعد أيام قليلة من انطلاق دعوة من أعضاء البرلمان الأوروبي وخبراء في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي المكون من 27 دولة ومجلس التعاون الخليجي المؤلف من ست دول إلى تطوير وتوسيع التعاون والعلاقات بين الكتلتين.

وقال الدكتور كريستيان كوخ مدير الدراسات الدولية بمركز الخليج للأبحاث ومقره دبي إن «ثمة حاجة لرفع مستوى العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي على أن تستكمل هذه العلاقات بلقاء قمة نصف سنوي على مستوى رؤساء الدول يركز على العلاقات الاستراتيجية بين الجانبين».

جاء ذلك في جلسة استماع علنية تحدث فيها كوخ حول العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي استضافتها لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي في بروكسل الأسبوع الماضي.

واقترح كوخ اتخاذ خطوات محددة لرفع مستوى العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي بحيث تشمل إقامة حوار سياسي استراتيجي بشكل منتظم بين الجانبين، وفتح مزيد من ممثليات الاتحاد الأوروبي في دول مجلس التعاون الخليجي، وتوسيع أنشطة الدبلوماسية العامة للاتحاد الأوروبي في المنطقة. كما اقترح أن ينسق الجانبان سياساتهما في أفغانستان واليمن وباكستان، ودعا بروكسل لإصدار بيان سياسي في منطقة الخليج ومواصلة الجهود لاستكمال مفاوضات التجارة الحرة. وقال روجيه فيليب بيرتوزي الخبير الدولي في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي إنه في السنوات القليلة الماضية استنفد التركيز الحصري تقريبا على محادثات اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي كل الطاقة التي كان ينبغي أن تستثمر في مجالات استراتيجية أخرى.

وأضاف أن دول الخليج تتمتع بنفوذ هائل من خلال عدد من الأنشطة الاجتماعية والإنسانية في أجزاء واسعة من العالم بما في ذلك إيران والهند وأفريقيا وجنوب شرقي آسيا، وكذلك الشرق الأوسط. وأضاف بيرتوزي: «لذلك فإن الاتحاد الأوروبي سيحرم نفسه من مصادر هائلة مثل الطاقة والأمن والتنمية في حال عدم تعامله مع منطقة الخليج على مستوى الشراكة الاستراتيجية».

وأعرب عن أسفه قائلا إن «عدم إقامة الاتحاد الأوروبي تعاونا استراتيجيا مع دول الخليج لهو محض هراء». ودعا الاتحاد الأوروبي لاقتراح الشراكة الاستراتيجية على دول مجلس التعاون الخليجي. من جهته، دعا نائب رئيس اللجنة دومينيك بوديس إلى توثيق العلاقات بين الكتلتين، وقال إنه بصدد إعداد تقرير حول العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي من المتوقع أن ينشر في مارس (آذار) المقبل. وقال عضو البرلمان الأوروبي البرتغالي ماريو ديفيد إن الوقت مناسب جدا لإرسال إشارة حول اهتمام الاتحاد الأوروبي بالعلاقات مع دول الخليج، داعيا إلى عقد قمة سنوية بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي.

وعلى الرغم من مرور أكثر من عقدين على المفاوضات الأوروبية - الخليجية من أجل التوصل لاتفاق حول التجارة الحرة، فإن تلك المفاوضات لم تجد حلولا لكل القضايا العالقة. والاتحاد الأوروبي يحتل المرتبة الأولى بين الشركاء التجاريين مع دول مجلس التعاون ويحتل المجلس المرتبة الخامسة بين الشركاء التجاريين بالنسبة للاتحاد الأوروبي بعد الولايات المتحدة والصين وروسيا وسويسرا.

وكان بيان نشرته الأمانة العامة لمجلس التعاون في وقت سابق على موقعها بالإنترنت، أكد على أن «مفاوضات التجارة الحرة معلقة وتجرى من حين لآخر مشاورات، لا مفاوضات، على هامش لقاءات ذات طبيعة أخرى بين الجانبين». وشدد على أن رؤية مجلس التعاون حول موضوع التجارة الحرة واضحة، وأنه تم التأكيد عليها في لقاءات مشتركة سابقة. ونقل البيان عن الأمين العام للمجلس عبد الرحمن العطية قوله: «هناك قضايا عالقة، وإذا قبل الأوروبيون برؤيتنا في هذا الشأن، التي عبرنا عنها جماعيا، فإننا مستعدون لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة».. وقال العطية إنه أكد على ما سبق التأكيد عليه، وهو أن «المواضيع العالقة ليست لها علاقة بالتجارة الحرة ويجب معالجتها في أطر ذات صلة بها». وأوضح الأمين العام لمجلس التعاون أن المواضيع العالقة يمكن معالجتها في أطر دولية خارج المفاوضات كمنظمة التجارة العالمية باعتبارها ذات علاقة مباشرة بها، مثل مسألة رسوم الصادرات، مشيرا في هذا السياق إلى وجود «مشاورات، لا مفاوضات، بين الأمانة العامة لمجلس التعاون والمفوضية الأوروبية حول اتفاقية التجارة الحرة». وقال العطية: «إننا لن ندخل في مفاوضات غير مجدية ولا تؤدي إلى النتائج المرجوة. وقرارنا واضح في هذا الشأن، خاصة أن فترة مفاوضات التجارة الحرة مع الجانب الأوروبي تجاوزت عقدين، وسنواصل تعزيز التعاون المشترك في مجالات عدة، وفي ذلك مصلحة مشتركة للجانبين».