السعودية: عوامل أمنية تدفع للتدقيق على التحويلات المالية الخارجية

تأكيدا على عدم وجود حدود لتحويل الأموال في البلاد

اتحادات العمال وجماعات دولية مناهضة لسياسات قمة العشرين تتظاهر في سيول أمس ( أ.ف.ب)
TT

في الوقت الذي دعا فيه البنك الدولي إلى إعادة النظر في تقييم اللوائح والقوانين التي تنظم التحويلات البنكية، وتخفيف المخاطر التشغيلية لزيادة هذه التحويلات، يرى خبراء ومصرفيون سعوديون أن الضوابط والقوانين التي تضعها المملكة العربية السعودية تأتي ضمن جهودها لمكافحة غسل الأموال ومكافحة الإرهاب، لمعرفة توجهات ومصادر الأموال الداخلة والخارجة.

وتطبق السعودية النظام الدولي المتعارف عليه في معرفة مصادر الأموال المحولة منها وإليها، في الوقت الذي ذكرت مصادر بنكية لـ«الشرق الأوسط» أن مؤسسة النقد العربي السعودي - البنك المركزي - والبنوك المحلية، ومؤسسات الصرافة، باتت أكثر حرصا خلال الأعوام الماضية للتدقيق في التحركات المالية العابرة للحدود، وهو من خلال الإجراءات التي تتبعها تلك الجهات، خاصة فيما يتعلق بالأموال الضخمة حسب ما ذكرته المصادر.

وتضم البنوك المحلية إدارات معينة يطلق على بعض منه إدارة الالتزام، وهي تدقق في تلك التحويلات لمعرفة المصادر، في الوقت الذي تلزم فيه البنوك ومؤسسات الصرافة عملاءها بالإفصاح عن هوية الأموال المحولة ومصادرها المختلفة، في خطوة تهدف فيها المملكة إلى ضبط تلك العمليات.

وأوضح محمد العمران، الخبير الاقتصادي والمحلل المالي، أن التحويلات الكبيرة أو الصغيرة تخضع لآلية معينة في المراقبة، وتنطبق عليها القوانين الأمنية المتعلقة بمكافحة غسيل الأموال، التي تتم من خلال التنسيق بين مؤسسة النقد السعودي والجهات الأمنية.

وأضاف العمران أن هناك نظاما متعارفا عليه دوليا لعملية التحويلات المالية، وهو نظام «السوفت»، الذي ساعد كثيرا من الدول على أن تتعرف على التحويلات وعلى أصحابها، وتتم عملية التحويل من خلال هذا النظام خلال 48 ساعة عمل من وقت التحويل.

وصنف البنك الدولي السعودية ضمن الدول النامية التي كانت مصدرا مرنا خلال الأزمة المالية العالمية الأخيرة، إذ يتوقع تحقيق التدفقات المسجلة أرقاما قياسية بنهاية العام الحالي، مشيرا إلى أن التوقعات تشير إلى أن تدفقات التحويلات النقدية ستصل على مستوى العالم إلى 440 مليار دولار بنهاية هذا العام. وتوقع البنك الدولي أن تواصل التحويلات المسجلة والمتجهة إلى البلدان النامية بعد التعافي من آثار الأزمة بنهاية هذا العام، ارتفاعها خلال عامي 2011 و2012 حيث يمكن أن تتجاوز 370 مليار دولار، في الوقت الذي أشار فيه إلى أن أكثر البلدان المرسلة للتحويلات في العام السابق، هي الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وسويسرا وروسيا وألمانيا.

وتابع العمران، الخبير الاقتصادي، أن التحويلات القليلة للأموال هي الأخرى تخضع لرقابة البنك المركزي، وتتم من خلال الاشتباه في الاسم أو من خلال عملية تكرار التحويل من شخص واحد أو إلى شخص واحد، مشيرا إلى أنه كان في السابق يتم التحويل من دون حساب معروف، أو أن الحسابات المستفيدة من عملية التحويل تكون في الغالب غامضة وغير معروفة.

وبين أن الوضع حاليا اختلف، لأنه أصبح هناك حسابات معروفة لأصحاب التحويل أو المستفيدين من الأموال، مبينا أن البنوك المركزية تبذل قصارى جهدها لمراقبة التحويلات، حتى لا يساء استخدامها، سواء بعمليات غسل الأموال أو حتى بعمليات أخرى كالإرهاب مثلا.

وأضاف أن التحويلات المالية الخارجية من دول الخليج والسعودية تحديدا تعتبر كبيرة، وهي استنزاف كبير لاقتصادات هذه الدول، وتشهد نموا مستمرا، وبخاصة في التحويلات الخارجية، مشيرا إلى أن ذلك عائد لكثرة العمالة الوافدة لدول الخليج العربي، ولا يمكن التقليل من هذه التحويلات سوى بالتركيز على توطين الوظائف الوطنية.

وفي حين أشار البنك الدولي إلى أن أكبر البلدان المتلقية للتحويلات عام 2010 كانت الهند والصين والمكسيك والفلبين وفرنسا، تُعتبر التحويلات أكثر أهمية بالنسبة للبلدان الأصغر حجما، إذ تمثل 25 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في بعضها.

وبينما تظل البلدان مرتفعة الدخل هي المصدر الرئيسي للتحويلات، فإن الهجرة بين البلدان النامية أكبر من تلك التي تتجه من البلدان النامية إلى البلدان مرتفعة الدخل الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.

من جهته، قال تركي فدعق، عضو لحنة الأوراق المالية بغرفة جدة إنه لا يوجد حجم للتحويلات المالية محدد من الداخل أو من المملكة، سواء كان للفرد أو الشركات عند التحويل، حيث يستطيع أي شخص تحويل أي مبلغ، وذلك باعتبار اقتصاد المملكة اقتصادا حرا.

ولكنه استدرك موضحا: «هناك إجراءات وضوابط وضعتها مؤسسة النقد السعودي لتحويل الأموال، وتشترط تحديد الغرض من التحويل؛ هل هو الاستثمار أو لأفراد في الخارج أو أسر المقيمين؟ دون أن تضع سقفا أعلى للمبالغ».

ووفقا للتقرير السنوي لمؤسسة النقد العربي السعودي، بلغت تحويلات العاملين غير السعوديين المقيمين في البلاد خلال العام 2009 نحو 96.6 مليار ريال (25.7 مليون دولار)، بتغيير عن العام السابق يبلغ 20.3 في المائة.