شركات أوروبية تعترف بصعوبة التعامل التجاري مع إيران في ظل الحظر الأميركي

لجنة عمل إماراتية - أميركية مشتركة تدرس الحظر في الإمارات

TT

قالت شركات في صناعة تكرير النفط الأوروبية إن الحظر يجعل معاملاتها التجارية مع إيران صعبة في ظل العقوبات الفردية التي تفرضها أميركا على الشركات. وقالت شركة التكرير الإيطالية «ساراس» الأسبوع الماضي: إن المعاملات التجارية مع إيران أصبحت أكثر صعوبة مع إحجام البنوك عن المشاركة فيها. وصدرت تعليقات مماثلة لكنها ليست معلنة من شركات نفطية أوروبية أخرى. وقال أحد مشتري النفط الإيراني في أوروبا: «الأمر الأصعب هو المتعلق بالبنوك. موقفها صارم للغاية. يجب أن تكون بنوكا ليست لديها أي تعاملات في الولايات المتحدة». يأتي ذلك وسط تقارير أميركية تقول إن الحظر أصبح مؤثرا على إيران التي لا تجد التمويل أو حتى الشراكات التي كانت متوافرة لها في السابق لتنفيذ مشاريع في صناعة النفط والتكرير والغاز الطبيعي. وتراجعت مبيعات النفط الخام الإيرانية إلى دول أعضاء في وكالة الطاقة الدولية بنحو 22% في أغسطس (آب) الماضي. تأتي صعوبة التمويل بعد فرض مجموعة من العقوبات على إيران هذا العام بسبب أنشطتها النووية من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وقال الاتحاد الأوروبي إن عقوباته على إيران تدخل حيز التنفيذ في 27 أكتوبر (تشرين الأول) ولا تهدف إلى تقييد التعاملات النفطية الإيرانية. لكن بعض التجار يقولون إنهم ما زالوا يحجمون عن التعامل في الخام الإيراني. وقال متعامل نفطي في منطقة البحر المتوسط: «لم أسمع من أي بنك بعد توضيحات الاتحاد الأوروبي أنه سيستأنف النشاط».

في الاتجاه ذاته، قالت الولايات المتحدة أمس إنها لن تجري تحقيقا مع شركة «إنبكس»، أكبر شركة يابانية للتنقيب عن النفط، بشأن استثماراتها السابقة في إيران بسبب قرارها الانسحاب من مشروع حقل نفط إيراني. كانت «إنبكس» قد أعلنت في 15 أكتوبر أنها ستنسحب من حقل نفط أزاديجان الإيراني لأن العقوبات الأميركية الجديدة على إيران بسبب برنامجها النووي تشكل خطرا محتملا على أعمال الشركة.

وتخشى الشركة التي كانت لها حصة 10% في حقل النفط من أن تعوق العقوبات قدرتها على جمع أموال من مؤسسات أميركية وأن تعوق مشروعاتها في أنحاء العالم. كانت الولايات المتحدة قد وسعت نطاق عقوباتها الثنائية على إيران هذا العام وفرض مجلس الأمن الدولي عقوبات أوسع للضغط على إيران بسبب برنامجها النووي الذي تشتبه واشنطن بأنه يهدف إلى صنع قنابل، لكن طهران تقول إنه لا يهدف إلا إلى توليد الكهرباء.

وقالت وزارة الخارجية في بيان: إن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون قررت استخدام بند في قانون عقوبات إيران يعفي الشركة من التحقيق في استثماراتها السابقة في قطاع الطاقة بإيران. وقالت الوزارة: «هذا القرار نتاج إعلان (إنبكس) في 15 أكتوبر عن إتمام انسحابها من المشروع الذي يتكلف ملياري دولار في حقل نفط جنوب أزاديجان الإيراني». وأضاف البيان أن «إنبكس» وعدت بألا تقوم بأي نشاط متصل بالطاقة في إيران قد يؤدي إلى تنفيذ قانون عقوبات إيران.

وقال البيان: «ما دامت الشركة تتصرف وفق التأكيدات التي أعلنتها، فإن الوزيرة لا تعتبر (إنبكس) شركة مثيرة للقلق بسبب أنشطتها السابقة المتصلة بإيران». وبموجب قانون عقوبات إيران الأميركي الذي تم توسيعه هذا العام، فإن الشركة التي تنتهك القيود الأميركية على الاستثمار في قطاع الطاقة الإيراني تواجه ما يصل إلى 9 عقوبات محتملة. ومن هذه العقوبات: الحرمان من قروض بنك التصدير والاستيراد الأميركي ومن قروض البنوك الأميركية التي تزيد على 10 ملايين دولار في عام واحد. وقد تتعرض الشركات أيضا للمنع من تلقي مشتريات للحكومة الأميركية ومن قيود على الاستيراد وقيود على معاملات الصرف الأجنبي وقيود على المعاملات مع المؤسسات المالية الأميركية وعلى شراء عقارات في الولايات المتحدة.

على الصعيد ذاته، قالت تقارير بريطانية أمس: إن الحكومة الاتحادية في الإمارات وواشنطن ستنشئان لجنة مشتركة لتوضيح الحظر على إيران وأهدافه. وقالت صحيفة «الفاينانشيال تايمز» أمس في تقرير بهذا الخصوص: إن قوة العمل الخاصة، من الجانبين الإماراتي والأميركي، ستجتمع لأول مرة في الشهر المقبل. يُذكر أن إمارة دبي، التي تعتمد على إعادة التصدير بشكل كبير، ظلت من أهم المراكز التجارية لرجال الأعمال الإيرانيين وأهم مورد لإيران. ولكن منذ تطبيق الحظر على إيران وتشديده من قبل الولايات المتحدة من جانب واحد، حيث قررت واشنطن معاقبة الشركات التي تتعامل مع إيران، تضررت تجارة إعادة التصدير بدرجة كبيرة في إمارة دبي. وحسب الصحيفة فإن تطبيق الحظر قلص صادرات دبي إلى إيران من أعلى مستوياتها (10 مليارات دولار في عام 2006) إلى نحو 8 مليارات دولار في عام 2008. ونسبت الصحيفة إلى رجل أعمال في دبي قوله: «المشكلة الكبرى في دبي هي الحظر الأميركي على إيران». وأضاف أن الولايات المتحدة ترغب في إغلاق الشركات المملوكة لإيرانيين في دبي. وتقول الولايات المتحدة: إن ما يبدو صفقات تجارية شرعية للشركات التي يملكها إيرانيون في دبي، يمكن أن تكون صفقات لصالح الحرس الثوري الإيراني الذي يريد الالتفاف حول الحظر وتوريد قطع الغيار والمعدات ذات الاستخدام المزدوج للبرنامج النووي.

يُذكر أن تحذيرات واشنطن منعت العديد من المؤسسات المالية في دبي من إصدار خطابات اعتماد للصفقات التجارية من قبل رجال الأعمال الإيرانيين. ونسب التقرير إلى محمد الشيباني، مدير الدائرة الخاصة للشيخ محمد بن راشد حاكم إمارة دبي، قوله: «المسؤولون في دبي طلبوا من البنك المركزي الإماراتي إيجاد حل للمشكلة والسماح بفتح خطابات الاعتماد للتجار الذين يبيعون سلعا بسيطة». ويجري البنك المركزي الإماراتي حاليا دراسة تقييمية لآثار الحظر.