منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تتوقع تباطؤ انتعاش الاقتصاد العالمي

بسبب «توترات العملة» وأزمة الديون

TT

قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أمس إن الانتعاش الاقتصادي العالمي يتباطأ في ظل تعافي الاقتصاد الأميركي بوتيرة أقل من المتوقع وتباطؤ خطى النمو في الاقتصادات الناشئة. وقالت المنظمة في تقرير تصدره مرتين سنويا إن هناك عدة عوامل تشي بمزيد من خفض التوقعات مشيرة إلى أمور من بينها التوترات العالمية بشأن العملات وأزمة ديون محتملة في أوروبا.

وتوقعت المنظمة تباطؤ النمو العالمي إلى 4.2 في المائة في عام 2011 من 4.6 في المائة في العام الحالي ثم ارتفاعه إلى 4.6 في المائة في 2012. وفي مايو (أيار) الماضي توقعت المنظمة التي مقرها باريس أن يبلغ النمو العالمي 4.6 في المائة في 2010 و4.5 في المائة في 2011. ولم تذكر آنذاك توقعا للنمو في 2012. وقال بيير كارلو بادوان كبير الاقتصاديين في المنظمة خلال مقابلة مع «رويترز»: «نتوقع استمرار الانتعاش لكن بوتيرة أبطأ إلى حد ما».

وخفضت المنظمة توقعها للنمو الأميركي إلى 2.7 في المائة في العام الحالي و2.2 في المائة في العام المقبل و3.1 في المائة في 2012. وكانت قد توقعت في مايو انتعاش النمو في أكبر اقتصاد في العالم من حالة الركود الشديد في 2009 ليصل إلى 3.2 في المائة في عامي 2010 و2011.

ورغم التفاوت الكبير في التوقعات الاقتصادية للدول الثلاث والثلاثين الصناعية الغنية التي تضمها المنظمة فإنها رفعت توقعها لنمو هذه الدول في العام الحالي بشكل طفيف إلى 2.8 في المائة من 2.7 في المائة في توقعات مايو. لكن المنظمة خفضت تقديرات النمو في العام المقبل إلى 2.3 في المائة من 2.8 في المائة.

وتوقعت أن يعود النمو في دولها الأعضاء إلى 2.8 في المائة في 2012. وقال بادوان إن النمو ينحسر في ظل تحول تركيز الحكومات عن الإجراءات الاستثنائية الرامية لتحفيز اقتصاداتها إلى معالجة العجز الكبير في الميزانية الذي تراكم في العديد من البلدان خلال الأزمة الاقتصادية. وأضاف: «الدفعة التي تلقاها الاقتصاد العالمي من نمو التجارة ما زالت قائمة لكنها تتباطأ».

وبينما تنحسر معدلات النمو في الاقتصادات الناشئة الكبيرة سريعة النمو إلى مستويات أكثر استدامة فإن المنظمة ترى أن هذه الاقتصادات ما زالت تعطي دفعة للاقتصاد العالمي. ورفعت المنظمة توقعها لنمو الاقتصاد الياباني إلى 3.7 في المائة في العام الحالي. وتنبأت بتراجع النمو إلى 1.7 في المائة في العام المقبل مع تلاشي تأثير حزمتين ماليتين جديدتين.

وتوقعت المنظمة أن ينمو اقتصاد منطقة اليورو التي تضم 16 دولة بمعدل 1.7 في المائة في عامي 2010 و2011 مع تقليص الحكومات ميزانياتها ومواجهة دول الأطراف مثل اليونان وآيرلندا ديونا ثقيلة. وحذرت المنظمة من أن التوقعات تشمل العديد من المخاطر التي تتنوع بين أزمة ديون سيادية محتملة في أوروبا وتجدد انخفاض أسعار المنازل في الولايات المتحدة وبريطانيا وتوترات سوق الصرف الأجنبي وقفزة حادة غير متوقعة في عوائد السندات الحكومية.

وحث بادوان شركاء آيرلندا في الاتحاد الأوروبي على مساعدتها على معالجة أزمة ديونها التي ظهرت بعد مرور بضعة أشهر على اقتراب اليونان من حافة التخلف عن سداد ديونها وهو ما أثار تساؤلات حول مستقبل منطقة اليورو.

وقال بادوان خلال مقابلة مع «رويترز» بالتزامن مع صدور تقرير التوقعات الاقتصادية للمنظمة: «التيسير الكمي قد يكون فعالا لكننا نشعر أن مردوده سيتراجع بمرور الوقت». وقال إن البرنامج الذي أقره مجلس الاحتياط الاتحادي «البنك المركزي الأميركي» في الآونة الأخيرة لشراء سندات حكومية بقيمة 600 مليار دولار ملائم في غياب المخاطر التضخمية وأوصى بأن تدرس اليابان مزيدا من إجراءات التحفيز الاستثنائية.

وقال تقرير المنظمة التي مقرها باريس إن مصرف الاحتياط الاتحادي ينبغي أن يحجم عن رفع أسعار الفائدة إلى أن يصبح الانتعاش راسخا في منتصف عام 2012 وهو موعد متأخر عن متوسط توقعات السوق. وذكر التقرير أن البنك المركزي الأوروبي ينبغي ألا يرفع أسعار الفائدة قبل 2012 مقارنة بتوقعات السوق برفعها في الربع الأخير من العام المقبل.

وقال بادوان أيضا إن العوائد طويلة الأجل قد تقفز فجأة إذا أسيء تقدير زيادة القدرة الاستيعابية في الاقتصادات الكبرى. وأدرج تقرير المنظمة القفزة المفاجئة في أسعار الفائدة طويلة الأجل ضمن المخاطر الرئيسية في آفاق الاقتصادات الكبرى. وقال بادوان: «أسعار الفائدة ما زالت عند مستوى منخفض جدا جدا حتى على الأجل الطويل. وقد تبقى كذلك لفترة طويلة لكنها في مرحلة ما قد تبدأ الارتفاع فجأة بوتيرة غير متوقعة لأن معنويات السوق تتغير فجأة».

وقال تقرير المنظمة إنه من الصعب التوفيق بين مستويات أسعار الفائدة طويلة الأجل المنخفضة في الوقت الراهن والتوقعات بتحقيق انتعاش اقتصادي محدود ومستدام لكن بادوان قال إن هذا لا يعني بالضرورة أن الأسواق تسيء تقدير الموقف. وقد يطرأ ما يسبب ارتفاعا حادا في أسعار الفائدة إذا تبين أن الضغوط التضخمية أكبر من التقديرات الحالية لأن فائض القدرة الاستيعابية في الاقتصادات الكبرى أقل من المفترض.

وقال التقرير أيضا إن أي ارتفاع حاد في عوائد السندات الحكومية قد يلحق الضرر بطريقة مباشرة بالاقتصادات من خلال تحجيم الاستثمار وبطريقة غير مباشرة من خلال تكبيد البنوك وغيرها من المستثمرين خسائر جديدة بسبب انخفاض أسعار السندات. وتتحرك أسعار السندات عكس اتجاه العوائد.