الوكالة الدولية للطاقة تشكك في مقدرة العراق إنتاج 12 مليون برميل يوميا

وزارة النفط العراقية ترد: الشركات الأجنبية المتعاقدة تعهدت بذلك

إحدى المنشآت النفطية العراقية (رويترز)
TT

توقعات الوكالة الدولية للطاقة بشأن معدلات إنتاج العراق للأعوام العشرة الماضية بما بين 6 - 7 ملايين برميل يوميا، عدتها وزارة النفط العراقية توقعات غير موفقة وبعيدة عن الدراسات التي أعدتها بمساعدة الشركات الأجنبية التي قدمت تعهدات للعراق بأن إنتاجه الكلي لن يقل عن 12 مليون برميل يوميا، وخلال السنوات القليلة المقبلة، وهذا ما سيجعله يتخطى تسلسلات الدول المنتجة للبترول، خاصة إيران، التي تنازلت أيضا عن موقعها في تسلسل الدول النفطية من حيث حجم الاحتياطي المتوقع والفعلي لصالح العراق أيضا.

وأصدرت الوكالة الدولية للطاقة (IEA) تقريرها السنوي لعام 2010، بتوقعات تشير إلى أن العراق سينجح في زيادة الإنتاج بما يكفي لتجاوز المنافس التقليدي، إيران، فيما بعد 2015، لكنه أشار إلى أن دعوة العراق لإنتاج 12 مليون برميل ما زالت لم تتحقق، نتيجة لأسباب كثيرة، تتقدمها البنى التحتية وخطوط الإنتاج والحاجة المالية التي تقدر بـ150 مليار دولار لإنعاش قطاع النفط والوصول إلى إنتاج 6 ملايين برميل في 2020.

المعلومات التي اعتمدها تقرير الوكالة الدولية وصفها المتحدث باسم وزارة النفط العراقية بأنها بعيدة عن الواقع، حيث نفى عاصم جهاد الفقرات التي وردت في ثناياه، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزارة عندما أعلنت الأرقام جاءت نتيجة تعهدات الشركات العالمية التي تم التعاقد معها وفقا لجولة التراخيص الأولى والثانية من أجل الوصول إلى معدلات الإنتاج، وأتوقع أن هذه الشركات من غير الممكن التضحية بأسمائها وتاريخها، خصوصا أنها شركات عالمية رصينة وبالتالي فإن هذه الشركات أعلنت أرقامها نتيجة الدراسات والمسوحات الخاصة بالحقول النفطية».

وكان العراق قد عقد جولتين لتراخيص النفط (الأولى والثانية) شملت عددا كبيرا من الحقول بهدف الوصل إلى إنتاج 12 مليون برميل يوميا عبر خطة تصل إلى عام 2017.

وشملت جولة التراخيص الأولى، حقول الرميلة الشمالي والجنوبي، وحقول كركوك، وحقول الزبير (البصرة) وحقول غرب القرنة (المرحلة الأولى)، وحقول ميسان (الفكة، أبو غرب، بزركان، بأي حسن، عكاز، المنصورية)، ويصل إنتاج هذه الحقول إلى 80 في المائة من الإنتاج الكلي للعراق. في حين أدخلت وزارة النفط مؤخرا آبار الغاز الطبيعي ضمن جولات التراخيص، وأعلنتها للاستثمار في جولة ثالثة منفصلة.

وأضاف عاصم جهاد أن «وزارة النفط جادة خلال السنوات الثلاث الأولى إلى رفع سقف الإنتاج بواقع 10 في المائة، ومن ثم الانطلاق بعد هذه الفترة الزمنية إلى إنتاج الذروة، وهذا ما يعني أن كل شركة ستكون ملتزمة بالرقم المحدد في العقد، وتصل بالإنتاج في كل حقل حسب القدرة الحقيقية له (الحقل)، وخصوصا علينا أن نعلم أن الحقول التي تعمل بها الشركات العالمية هي حقول عملاقة، ومن هنا جاء إعلان وزارة النفط عن الأرقام الخاصة بالإنتاج، وحتى الاحتياطيات النفطية».

لكنه عاد وقال إنه، حتى إن بلغ العراق هذه الأرقام فيبقى مصير المنتج مرهونا بحاجة السوق العالمية، لكن إن بلغنا 8 أو عشرة ملايين، فهو نجاح باهر لنا».

وبشأن تهالك منظومة الإنتاج والاستخراج وشبكات النقل الخاصة بالقطاع النفطي العراقي، وبحسب ما ورد في التقرير بيَّن المتحدث الرسمي أن «الوزارة تعمل على إعداد خطط طموحة مع الشركات العالمية لتطوير البنى التحتية لقطاع النفط من خلال ضخ الشركات العالمية خلال خطة التطوير 100 مليار دولار كاستثمارات خلال فترة عملها في الحقول، بالإضافة إلى أن العقود قد نصت على تطوير التكنولوجيا المستخدمة في الإنتاج، وتدريب الكوادر الوطنية داخليا وخارجيا، وبالتالي الكادر العراقي سيمتزج بالخبرة المتطورة من قبل الشركات العالمية، وبالتالي سينعكس حتى على الصادرات النفطية كل ما تقدم».

وأوضح جهاد أن «وزارة النفط تعمل الآن وفق خطة طموحة لتوسيع المنافذ التصديرية للنفط من خلال استحداث مشاريع خاصة بمنصات تصديرية عائمة في جنوب العراق (منافذ عائمة)، لزيادة القدرة التصديرية في جنوب العراق إلى 4 ملايين برميل يوميا»، ثم إن «الوزارة تعمل الآن مع سورية لإنشاء ثلاثة أنابيب بواقع 1500 برميل يوميا، والأنبوب الثاني بواقع 1250 برميل يوميا، والثالث سيكون لتزويد المحطات الخاصة بإنتاج الطاقة، بالإضافة إلى ذلك نعمل مع تركيا على أكثر من مشروع استراتيجي لنقل وتصدير النفط العراقي، وهنالك مشاريع أخرى لمد خطوط النقل ومحطات للضخ ستكون أحد المفردات الأساسية لعمل الوزارة خلال السنوات المقبلة».

وزير النفط العراقي الأسبق، د. إبراهيم بحر العلوم، الذي يعد من بين خبراء هذا القطاع أكد من جانبه لـ«الشرق الأوسط» أن «توقعاتنا منذ بداية جولة التراخيص النفطية الأولى في 30 مايو (أيار) 2009 كانت باتجاه أن الأرقام التي قدمت من قبل الشركات العالمية (فلكية)، ولا يمكن اعتمادها في تحديد الخطط الإنتاجية»، موضحا أن «المؤشرات الإيجابية للتوقعات في السنوات الثلاث الأولى قد دلت على خطة لتطوير الإنتاج نحو 10 في المائة، وقد يكون هنالك إنتاج فوق خط الشروع أي في 2012 - 2013 سيزيد الإنتاج النفطي إلى 3 ملايين برميل، وما بعد ذلك ستبدأ الزيادات الملحوظة للشركات المتقدمة، أي بمعنى وصول العراق 2016 - 2017 إلى رقم 12 مليون برميل هو ضرب من الخيال حسب توقعاتنا للطاقة الإنتاجية، وخصوصا أنه لا بد من توفر الظروف الأمنية المساعدة والقدرة على حفر الآبار النفطية وزيادة الإنتاج، بالتالي قد تصل، وأتوقعها، إلى 7 ملايين برميل في 2017 - 2020».

بحر العلوم دعا إلى أن «تكون الحكومة العراقية المقبلة جادة في الفصل بين السياسات النفطية، ورسمها من قبل وزارة النفط، والدور التنفيذي لشركة النفط الوطنية من خلال تشكيل (مجلس أعلى للنفط والغاز) على غرار ما دعت إليه مسودة قانون النفط والغاز، وتمثل فيه الحكومة العراقية ووزارة النفط والأقاليم والمحافظات المنتجة والخبراء والمختصون، لكي يكون هناك صمام أمان في وضع السياسات الاستراتيجية والتخلص من الاجتهادات الشخصية التي ترهن القطاع النفطي، والعمل على الاستغلال الأمثل للطاقة، وتشخيص العقود الأفضل، من أجل أخذ المكانة الحقيقية للعراق في قطاع النفط والغاز».

وكانت جولة التراخيص الثانية، قد أثمرت فوز ائتلاف شركتي «شل» الهولندية و«بتروناس» الماليزية بعقد تطوير حقل مجنون، بمعدل إنتاج 1.8 مليون برميل في اليوم، كما فاز ائتلاف يضم «سي إن بي سي» الصينية و«بتروناس» الماليزية و«توتال» الفرنسية بتطوير حقل الحلفاية في العمارة، بطاقة 535 ألف برميل في اليوم، في حين فازت شركة «سنكول» الأنغولية بعقد تطوير حقل القيارة في مدينة الموصل بطاقة 120 ألف برميل في اليوم. وعلى صعيد متصل أكد الخبير النفطي العراقي، شمخي فرج حويط، بشأن قدرة العراق على إنتاج 12 مليون برميل في اليوم «أن قدرة الحقول العراقية قد تكون موجودة وهو ما أوهم عامة الناس ومنهم السياسيون بأن العراق سينتج هذا الكم الهائل من النفط، متناسين المتطلبات الحاكمة الأخرى، والمتمثلة في البنية التحتية من أنابيب وخزانات وموانئ تصدير وكوادر عمل وإدارات قادرة، وأهم من كل ذلك وجود سوق لاستهلاك الإنتاج واحتمالية انهيار الأسعار إذا ما تم إغراق السوق. إن كل هذه العوامل مجتمعة تجعلنا جازمين بأن العراق لن ينتج ما خطط له، وفق جولات التراخيص، وقد يكون نصف ما هو مخطط لإنتاجه أقرب إلى الواقع». الخبير النفطي أضاف أن «حجم الاستثمار في قناعتي لا يمثل معضلة بمعزل عن حجمه إذا ما أخذنا بالاعتبار أن تطوير الحقول النفطية سيمول من قبل شركات النفط الأجنبية، وأن مراحل التطوير قد تستغرق فترة زمنية تتعدى ما هو مخطط له».