الهدايا والهبات لا تنجو من الضرائب في الدول الغربية

أثمان مقابل الكرم.. والوديعة أفضل الطرق لتجنب الضريبة

يرى المخططون الماليون وخبراء الضرائب أن الهبات لا تخضع للضرائب في أغلب الأماكن (إ. ب. أ)
TT

مع اقتراب موسم الإجازات، ضع في حسبانك قبل أن تتملكك روح العطاء، وأنت تفكر في تقديم الهبات المالية إلى الأشخاص المأثورين لديك، أن أفضل أمنياتك هذه قد لا تتحقق بسهولة. فربما تجعل التعقيدات داخل الأسرة من الهبة أمرا أكثر صعوبة وتكلفة، خاصة عندما يتعلق الأمر بمبالغ نقدية كبيرة. ويمكن لضرائب الهبات أن تحدث الأثر ذاته، فالعديد من الدول التي تجمع هذه الضرائب تتملكها روح الأخذ التي تتواصل طوال العام.

ويرى المخططون الماليون وخبراء الضرائب أن أغلب الهبات لا تخضع للضرائب في أغلب الأماكن، لكن لا تزال هناك بعض العقبات التي ينبغي تجنبها، في حال التبرعات الخارجية، والتي تزداد مع ازدياد غنى بعض المناطق في العالم.

وتقول ديبرا تريز، رئيس قسم إدارة الثروة في مصرف «جيه بي مورغان برايفت»: «قبل عشر سنوات كان من النادر، إلى حد ما، التعامل بأكثر من تشريع قانوني، لكن ذلك تحول الآن إلى قاعدة أساسية نتيجة للعولمة. وربما كانت هناك مخاطر واضحة إذا كانت هذه الهبات موجهة إلى الخارج. ويمكن التخفيف من هذه المخاطر عبر التخطيط الملائم وفهم القواعد الخاصة بمنح الهبات، والتي تسهم في ضمان وصول الهبات إلى هدفها على الرغم من التعقيدات».

فرض الضرائب على الهبات، لا التبرعات الخيرية، منتشر لكنه لا يفرض بصورة موحدة. فيطلب من متلقي هذه الهبات في العديد من الدول الإبلاغ عن الهبات الضخمة، وهناك بعض الدول القليلة، خاصة الهند، التي تعد أحد جامعي الضرائب من متلقي الهبات. بيد أن أغلب الدول التي تتقاضى ضرائب عن الهبات تحصل عليها من المانح. وربما يبدو ذلك مثل التأكيد على أنه ما من عمل جيد يمضي دون عقاب، لكن هناك بعض الأسباب الدافعة إلى ذلك. فعندما يتم التخلي عن الأصول فإن أموال المانح تصبح أقل قيمة ومن ثم ينخفض حجم الضرائب التي يمكن تحصيلها من الجيل القادم.

ولأن الضرائب على الهبات هي بالأساس خطوة استباقية للدولة، فمن الشائع عدم فرض ضرائب على الهبات بين الأزواج، على الرغم من قيام ألمانيا بذلك. بيد أن بعض الدول الأوروبية مثل إسبانيا والبرتغال والنرويج وسويسرا تعفي الهبات الموجهة للأطفال. ونادرا ما تفرض الضرائب على الهبات إلا في حال الهبات الضخمة، نتيجة العديد من الاستثناءات. فالأميركيون على سبيل المثال قادرون على منح 13000 دولار سنويا خالصة لعدد لا حصر له من الأفراد، ولكن أول هبة تبلغ قيمتها مليون دولار عدا الـ 13000 دولار كحد أقصى هي الأخرى معفية من الضرائب. وعندما تخضع الهبات للضرائب يمكن للمعدلات أن تتناقص.

وتشير التوقعات إلى ارتفاع معدلات الضرائب على الهبات في الولايات المتحدة من 35 إلى 55 في المائة عام 2011. وقد سعت حكومات الدول الأخرى إلى اتخاذ خطوات لخفض هذه المعدلات، خاصة في تايوان واليابان ونيوزيلاندا التي ستلغي الضرائب على الهبات لأنها لا تزيد الدخل بشكل ملحوظ. فلم تفرض أستراليا أي ضرائب على الهبات كي تلغيها. وكذلك الحال بالنسبة لكندا وبريطانيا، لكن بريطانيا تتعامل مع بعض الهبات على أنها «تحويلات محتملة معفية»، بحسب ماكغهان، المدير الإداري لشركة «وورلد وايد فينانشيال بلاننغ» في كورنويل بجنوب إنجلترا، الذي أشار إلى أن المانح إذا عاش لسبع سنوات، لن يخضع للضرائب، لكن إذا ما حدث الأسوأ وتوفى تخضع الهبات لضريبة الوراثة بمعدل يتضاءل على السنوات التي عاشها صاحب الهبة بعد تقديمها. وربما لا تطبق بريطانيا نظام الضرائب على الهبات، لكن ماكغهان أبرز بعض القواعد الضريبية المميزة المتعلقة بالهبات، مثل: «الهبات من النفقات العادية»، وتعني أي شيء استبقي من الدخل الخاضع للضريبة بعد تغطية النفقات العادية، يمكن أن تكون معفاة من ضرائب الدولة. و«من ثم فإن شخصا يجني 100000 جنيه استرليني وينفق 20000 جنيه استرليني على ضروريات الحياة يمكن أن يهب 80000 جنيه استرليني للأطفال كل عام أو لأي شخص آخر، وتقديم مثل هذه الهبات واحدة من أكثر النصائح التي أقدمها للأفراد في المملكة المتحدة». وكذلك الحال بالنسبة للهبات بغرض الزواج والتي تعفى أيضا من الضرائب. وإذا ما كنت تعيش داخل المملكة المتحدة ووالداك يخضعان للضرائب البريطانية، يمكنهم منحك 5000 أو ما يقرب من 8000 جنيه استرليني، ويمكن للجدين منح 2500 جنيه استرليني وأي شخص آخر يمكن أن يرى أنك تشكل معه ثنائيا جيدا يمكن أن يمنحك 1000 جنيه استرليني. بيد أن الأمر في حالة الأصول يزداد تعقيدا فيقول ماكغهان: «في هذه الحالة تدخل إلى أشكال ضريبية معقدة نتيجة لتطبيق أنواع أخرى من الضرائب». فهناك بعض الأماكن، مثل بريطانيا والولايات المتحدة التي يمكن لشخص فيها تلقي أصلا مثل أسهم أو عقار يصبح خاضعا للضريبة أو على أي رأس مال يدر ربحا منذ أن تملكه المانح. وتشير إليزابيث روتش، المخطط المالي في «وادل آند ريد»، إلى أن هناك استثناء مهما، وهو في حالة تقديم هدية مشروطة، كما هو الحال لغرض معين مثل دفع النفقات التعليمية. وحتى وإن لم تستحق ضريبة الهبة، يمكن أن يخضع المانح، لا المتلقي، لضرائب أرباح رأس المال.

من ناحية أخرى، تضع كل دولة قواعدها الخاصة بالمنح بشروط معينة، وبدون هذه الشروط لن يكون هناك المزيد من التأثيرات الأخرى عليك كمانح، لكن في حال تملكك أي أصل في أي وقت لن تكون هذه هبة حقيقية ويمكن أن تعود الفوائد الضريبية إليك بسهولة».

إحدى الطرق التي يمكن من خلالها للأميركيين تقديم الهبات لأغراض خاصة وعدم الخضوع للمسؤولية الضريبية تتمثل في عدم تقديم الهبة بصورة مباشرة للمتلقي المفترض. فتوضح روتش أن ذلك يمكن أن يأتي في صورة دفع النفقات التعليمية أو الطبية نيابة عن شخص آخر وهو ما يعتبر بمثابة الهبة.

ومن الممكن أيضا أن يكون التبرع بالهبة بقدر صعوبة وتعقيد القوانين داخل الدولة إذ إن الخضوع للضرائب عادة ما يكون مبنيا على محل الإقامة الدائم لا على مكان الإقامة. فمحل الإقامة الدائم تعريف قانوني قديم وغريب يشير إلى المكان الذي يعتبر محل الإقامة الطبيعي والدائم للشخص. فيشرح أيان شان، خبير الضرائب في شركة «غولينبوك إيزمان أسور بيل آند بيسكوي» للمحاماة بنيويورك، ذلك بالقول إن الفكرة تترك مساحة من التذبذب التي يمكن أن تؤدي ببلدين إلى المطالبة بضريبة الهبة. وعلى الرغم من إعفاء الدول الهبات بين الأزواج من الضرائب، فإن الولايات المتحدة تفرض ضرائب الهبة التي تزيد على 60000 دولار والممنوحة لأزواج أجانب، الأمر الذي ثبط بشكل واضح هروب رأس المال إلى الخارج. وربما تنظر مصلحة الضرائب الأميركية بارتياب إلى الهبات الأجنبية الممنوحة للأميركيين، خاصة في الوقت الراهن متشككة في إمكانية أن تكون هذه الأموال مجرد استرداد للأموال التي قام الأميركيون بإخفائها في الخارج بعيدا عن الضرائب. ورغم عدم وجود ضرر في تلقي الأميركيين أموالا من الخارج، لكن عليهم إثبات مصدر تلك الأموال. ويضيف شان: «في ظل المناخ الحالي تبدي مصلحة الضرائب شكوكا في أي شخص له صلات أجنبية يخبئ الأموال في الخارج. وإذا كانت الهبة محل شكوك سيجري تحقيق بشأن ما إذا كانت هدية بالفعل أم لا. وسترغب إدارة الدخل الداخلي في مصلحة الضرائب رؤية بعض الأدلة. فلو أن والدتك في إسرائيل أرادت منحك 250000 دولار لتسديد ثمن المنزل، ينبغي عليك أن تطلب منها أن تكتب رسالة تقول فيها إنها تمنحك هذه الأموال كهبة، وتأكيد من أن الأموال تأتي من حسابها الشخصي، وعليك بجمع أشهر من البيانات المصرفية التي تبين أنك لم تضع أموالا في حسابها. لكن هذه الطريقة لا يوصى بها في مكان آخر فيقرأ شان مذكرة من صديق قال فيها يجب ألا تكون هناك ضرائب على الهبات التي تسلم باليد أو التي لا يوجد لها توثيق أو سجلات مكتوبة أخرى طالما أن أيا من الطرفين لم يبلغ عنها، ومن ثم لا تسأل ولا تخبر أحدا. وإحدى الطرق الفاعلة لتقديم الهبة والتي يمكن أن تخفض الضريبة وتزيد من السيطرة هي الوديعة أو أي كيان قانوني آخر مثل شركة، في الأماكن التي لا يعترف فيها عادة بالمؤسسات الائتمانية مثل أوروبا القارية. وتقول تيريز، التي تعمل في «جيه بي مورغان»: «ربما تكون الودائع الأدوات الأكثر كفاءة لخلق هذا النوع من الحماية. ويمكن صياغتها بصورة لا نهائية لدفع الدخل فقط، وإنفاق رأس المال مع الوقت، لمنح بعض رأس المال في أوقات معينة أو إذا ما تزوج شخص أو تخرج في الجامعة».

وأشارت تيريز إلى أن الودائع لم تحم المانح فقط بل والمتلقي أيضا من نفسه، إذا كانوا أصغر من أن يتمكنوا من اتخاذ القرار بأنفسهم، على حسب قول زوجين يشرفان على شؤون أبنائهما.

وتقول: «إنها تقدم حماية كبيرة من الدائنين أو الأزواج في حال الطلاق أو في حالة خشية فرد من منح شاب في الثامنة عشرة من العمر مبلغا كبيرا من المال. ويمكن للوديعة أن تكتب بصورة تمكن القيم عليها من الامتناع عن دفع نفقات بصورة مباشرة مثل الإسكان أو الجامعة، ولذا تعتبر الوديعة وسيلة استراتيجية وذكية لتقديم الهبات».

* خدمة «نيويورك تايمز»