مساع أميركية لتطبيق ما تم الاتفاق عليه في قمة الـ20 بسيول

رغم كل الحسابات الداخلية للدول الأعضاء في المجموعة

TT

إذا حققت إدارة أوباما ما تسعى إليه، فسيعيد قادة العالم تشكيل سياسات بلادهم بما يتوافق ومصلحة الاقتصاد العالمي على المدى الطويل، حتى وإن عنى ذلك بعض المعاناة في الداخل نتيجة تراجع الصادرات وارتفاع الضرائب، إلى جانب تضحيات أخرى على المدى القريب.

لكن هل سيلتزم السياسيون بذلك؟

يقول مسؤولو الولايات المتحدة والمدافعون الآخرون عن هذا التوجه إن هذا التعاون غير المسبوق قد يدعم الاقتصاد العالمي، ويساعد في توزيع المكاسب، بحيث يكون وضع كل دولة أفضل مما سيكون عليه في حال تصرفها بمعزل عن الآخرين. وبحسب مسؤولين في صندوق النقد الدولي، يمكن للاقتصاد العالمي أن ينمو بمرور الوقت بمقدار تريليون دولار إن اتبعت الدول سياسات متزامنة. ويشير مسؤولون أميركيون إلى أن الهدف من الإطار الجديد، الذي وافق قادة الدول الكبرى في الاجتماع الأخير في سيول على الالتزام به، واقعي، فهم لا يتوقعون على سبيل المثال خلق عالم خال من الركود، بل التوصل إلى مجموعة من الإرشادات العامة يمكن للدول الكبرى الاتفاق على أنها ستؤدي إلى اقتصاد عالمي أقوى واتباع هذه الإرشادات لصياغة سياسة محلية. وقال دومينيك شتراوس كان، المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي «أهم ما يشغل بال واضعي السياسات الاقتصادية هو اقتصاد دولتهم، لكن طريقة النظر إلى السياسة الاقتصادية على هذا النحو قديمة». وأضاف أنه على المسؤولين الاقتصاديين أن يكونوا أكثر إدراكا لكيفية تأثير هذه القرارات على باقي العالم.

قد يكون الوصول إلى هذه المرحلة صعبا، حيث إنه كثيرا ما يسعى واضعو السياسة الاقتصادية إلى الحصول على مكاسب على المدى القصير، ويتعرضون لضغط السياسات المحلية، كذلك يسعون إلى الحفاظ على استقلال البنوك المركزية والمؤسسات الحكومية الأخرى في بلادهم. ولا يزال العمل على تفاصيل هذا التوجه مستمرا، ويأمل وزراء المالية في دول العالم، وكذلك صندوق النقد الدولي، في التوصل إلى مجموعة من «الإرشادات الدلالية» العام القادم. ومن المرجح أن تتضمن هذه الإرشادات إجراءات مثل قيمة عملة الدولة، ومرونة سعر صرفها، وحجم وطبيعة تجارتها مع دول العالم، ومدى صلاحية لوائحها المالية، ومستويات ديون الدولة واقتراضها.

فعلى سبيل المثال يمكن لمسؤولين أميركيين زيادة الضغط الدولي على الصين لتسمح بأسعار صرف أكثر مرونة من خلال تشكيل منتدى محايد للمساعدة في وضع تلك المعايير. وتضغط الولايات المتحدة للتوصل إلى هذا في إطار تعاون ثنائي يهدف إلى الحد من المزايا التي يجنيها المصدرون الصينيون من تخفيض قيمة العملة، لكن لا يزال النجاح في هذا الأمر محدودا.

ووجه مسؤولو صندوق النقد الدولي بالفعل انتقادات عامة لسياسات الدول الكبرى الاقتصادية التي قالوا إنها قائمة على افتراضات شديدة التفاؤل. وقد أقر شتراوس كان بأن التوصل إلى نقد موجه لكل دولة لن يكون بالأمر اليسير، حيث أوضح قائلا «الدول لن تكون راضية ونحن نلومها».

كان قادة العالم قد أكدوا مؤخرا وبشكل متكرر على مهارتهم وخبرتهم في كيفية تناغم قراراتهم الداخلية بما يتواءم ومصلحة الاقتصاد العالمي وحجم الضغوط التي يتعرضون لها نتيجة الاعتبارات المحلية. فعلى سبيل المثال لم تتمكن كل من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية خلال الشهر الحالي من الوصول إلى حل وسط في اتفاق حول التجارة الحرة رأت فيه الدولتان فائدة كبيرة رغم مواجهته لمعارضة داخلية في البلدين.

وأعلن مصرف الاحتياطي الفيدرالي سياساته الجديدة التي صرح بأنها ستساعد الاقتصاد العالمي من خلال دعم الاقتصاد الأميركي، لكن أثارت إجراءاته انتقاد بعض الدول على أساس أن ذلك سيساعد الولايات المتحدة على حسابها.

وقد أصدر مسؤولون ألمان رفيعو المستوى، أبدوا قلقهم من أسعار الفائدة في سوق السندات، تعليقات علنية أسهمت في حدوث أزمة ديون في آيرلندا، وتعريض الكثير من الدول الأوروبية للخطر.

تم التعبير عن هدف التوجه الجديد الذي تمت مناقشته في اجتماع سيول في عبارة واحدة وهي «نمو قوي ومستدام ومتوازن»، وقد وثقته الدول الكبرى في قمة العشرين باعتباره هدفا لها. لكن يمكن لهذا أن يعبر عن مثالية لا يمكن الوصول إليها.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»