«غوغل» تثير مخاوف بعد عرضها 6 مليارات دولار لشراء شركة ناشئة

بسبب المبلغ المرتفع ومدى فعالية شركة الإعلانات الناشئة

أحد إعلانات شركة «غروبون» المختصة في العروض التسويقية المخفضة (رويترز)
TT

يعد عرض شركة «غوغل» البالغ قيمته 6 مليارات دولار مقابل شراء «غروبون»، وهي شركة ناشئة على شبكة الإنترنت، خطوة جريئة من جانب «غوغل» للسيطرة على قطاع الإعلانات المحلي على الشبكة الإلكترونية، كما يساعدها ذلك في سعيها منذ وقت طويل إلى التحول لشبكة اجتماعية.

وقد عرضت شركة «غوغل» 5.3 مليار دولار، مع وعد بـ700 مليون دولار في صورة مكافآت أداء للإدارة، بحسب ما أفاد به مصدر على اطلاع بالأمر تحدث شريطة عدم ذكر اسمه. وقالت مصادر قريبة من الصفقة إن شركة «غروبون»، التي تتخذ من شيكاغو مقرا لها، من المتوقع أن توافق على الصفقة ويحتمل توقيع اتفاق خلال هذا الأسبوع.

وإذا ما تمت الصفقة، ستكون «غروبون» أكبر عملية استحواذ من جانب شركة «غوغل» لتتجاوز ببساطة عملية شراء الشركة لـ«دبل كليك» عام 2007 التي بلغت قيمتها 3.1 مليار دولار. كما أن عملية الاستحواذ تعني مبالغ ضخمة يحصل عليها أندرو ماسون، مؤسس شركة «غروبون» البالغ من العمر 30 عاما، والمستثمرون فيها، وهي مجموعة تضم «باتري فينتشرز» و«ديجيتال سكاي تكنولوجيز» و«أسل بارتنرز» و«نيو إنتربريز أسوشيتس». وقام هؤلاء باستثمار نحو 170 مليون دولار في الشركة خلال العامين الماضيين.

ورفض ماسون، الرئيس التنفيذي لـ«غروبون»، طلبا لإجراء مقابلة معه، قائلا إنه سوف يتحدث فقط «إذا كنت ترغب في الحديث عن ولعي الآخر ببناء منازل صغيرة على سبيل اللعب».

وأثارت الصفقة القلق لدى مستثمري «غوغل» بسبب المبلغ المرتفع ومخاوف بشأن مدى فعالية الشركة في جلب عمليات بيع لصالح تجار.

ولدى شركة «غوغل» أسباب للسعي وراء الشركة، التي تقدم كوبونات مخفضة من مطاعم وخدمات ومتاجر محلية. ودائما ما يحشد المشترون المتعطشون للصفقات أصدقاءهم وعائلاتهم من خلال «فيس بوك» و«تويتر»، وهو ما ساعد على انتشار فكرة شركة «غروبون».

وعلى سبيل المثال، عرضت صفقة لشركة «غروبون» يوم الثلاثاء في أوماها عمليات علاج باستخدام الليزر من أجل إزالة الشعر قيمتها 300 دولار مقابل 149 دولارا. وعلى الرغم من أن «غروبون» تركز على الأنشطة المحلية، فقد توسعت أيضا إلى صفقات على المستوى الوطني، وأدرّت عملية ترويج لـ«غاب» في فصل الصيف الماضي عوائد بلغت 1.1 مليون دولار خلال يوم واحد.

ويقدر محللون أن «غروبون»، التي تقول إنها لا تزال تحقق أرباحا، تدر عوائد قيمتها أكثر من 500 مليون دولار.

ومن المقرر أن تساعد الشركة الناشئة «غوغل» على الدخول إلى قطاع الإعلانات المحلية، وتعطيها نظرة على عادات الإنفاق من جانب المستهلكين. ومن المتوقع أن يرتفع الإعلان المحلي على شبكة الإنترنت بنسبة 18 في المائة ليصل إلى 16.1 مليار دولار العام المقبل، بحسب ما أفادت به شركة أبحاث الإعلانات «بورل أسوشيتس».

ويمكن أن يساعد ذلك «غوغل» على الوصول إلى قوة مبيعات كبرى تعرف أصحاب محلات البيتزا داخل المنطقة. ويعمل لدى «غروبون» 3100 موظف. ويقول جاسون هلفستين، وهو محلل لدى «أبنهيمر آند كمبني»: «سيوفر ذلك موطئ قدم لـ(غوغل) في مكان لم تمهد له يوما».

وعلى نفس القدر من الأهمية، فإن الجانب النشط من عمل «غروبون» يمكن أن يمنح «غوغل» طريقا تحتاج إليه بشدة صوب العمل الشبكي الاجتماعي. وتشعر شركة «غوغل» بالإحباط في محاولاتها من أجل إنشاء شبكة اجتماعية وتخشى من القوة المتنامية للمنظومة الإعلانية داخل «فيس بوك»، التي تفرز استجابات أعلى للإعلانات لأن أصدقاء في الشبكة يوصون بالمنتجات والخدمات.

وتقول شركة «غروبون»، التي يصل المشتركون التابعون لها إلى 300 سوق داخل أميركا الشمالية وأميركا اللاتينية وأوروبا، أن لديها 35 مليون مشترك في مختلف أنحاء العالم من بينهم 17 مليون مشترك داخل أميركا الشمالية.

ومع ذلك، يبدو أن مستثمري شركة «غوغل» يركزون على تقييم «غروبون» الذي كان يقدر بـ1.4 مليار دولار خلال جولة جمع الأموال الأخيرة في أبريل (نيسان). ويقدم عرض «غوغل» 4 أضاف ذلك. ويوم الثلاثاء، تساءل بعض المستثمرين داخل «غوغل» عما إذا كانت الشركة تدفع سعرا كبيرا. وتراجعت الأسهم لدى «غوغل» بنسبة 4.5 في المائة لتصل إلى 555.71 دولار. وتعرضت الأسهم لضربة بسبب أخبار عن أن منظمين أوروبيين دشنوا تحقيقا يتعلق بالاحتكار.

وكتب سوكاريتا مولبورو، وهو محلل تجزئة لدى «فوريستر للأبحاث» في تنويه إلى العملاء صباح يوم الثلاثاء: «يعد التقييم الذي يبلغ عدة مليارات من الدولارات لشركة تقوم بالعمل من دون أي عوائق فعلية ولا يتجاوز عمرها أعواما قليلة جدا شيئا عبثيا» ويشار إلى أن «غروبون» بدأت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008 من شركة أنشأها ماسون قبل ذلك عام 2007 اسمها «بوينت»، وحاولت أن تحشد مجموعة من الأفراد وراء مؤسسات خيرية وقضايا اجتماعية.

ولا تباع كل الشركات الصغيرة على أمل أن تحقق ما قامت به «غروبون». وتقول إنا بينكني، مالكة ورئيسة مقهى اسمه «اناز» في شيكاغو، إنها شعرت بالفضول بشأن «غروبون» عندما سمعت لأول مرة عنها قبل عامين. وفي النهاية قررت عدم استخدامها.

وتضيف «فكرنا في الأمر عندما جاءوا إلينا في بادئ الأمر وقلت (لا، في الواقع لا منطق لذلك)». وقالت: «تقديم عرض قيمته 25 دولارا مقابل طعام يستحق 50 دولارا لا يصلح».

ويبلغ خصم شركة «غروبون» نصف قيمة العرض بالدولار، ولذا فإن متوسط المبلغ الذي ستحصل عليه مقابل كل عميل عبر «غروبون» يبلغ نحو 12.50 دولار، وفق ما قالت، مضيفة «لم أكن لأنتج هذا الطعام الكثير مقابل هذا المبلغ الصغير». وتعترف أن ذلك يمكن أن يكون أفضل لمتجر كيكات الكوب أو سبا حيث تكون تكلفة المواد أقل كثيرا.

وتقول بينكني، التي تستخدم أدوات اجتماعية مثل «فيس بوك» و«تويتر» من أجل المساعدة على دعم نشاطها، إنها لم تقتنع بأن خدمة مثل «غروبون» سوف تؤدي إلى عملاء متكررين. وتقول: «الناس لا يعودون، بل ينتظرون إلى العرض المقبل من (غروبون) ويذهبون إلى المطعم التالي».

ولكن بالنسبة إلى الكثير من تجار التجزئة، فإنه يرتبط بمقدار أقل بالعوائد المحتملة من إحدى عمليات البيع وبمقدار أكثر بالقيمة الترويجية لضوء تلقيه شركة «غروبون» والأمل في جذب عملاء جدد.

وقد شهدت الشركة نموا سريعا، ففي 11 شهرا ارتفع عدد العاملين لدى الشركة من 200 موظف. ونقل اجتماع الشركة الشهري إلى كنيسة محلية لأن مقرها في شيكاغو، في مستودع سابق يتبع «مونتغومري وارد» لم يكن يحتوي على قاعة اجتماعات كبيرة بما يكفي لاستيعاب العاملين.

ويعمل نحو 100 شخص في مكتب شيكاغو ونحو 2000 آخرين منتشرين في شبكاتها المنتشرة في مختلف أنحاء العالم، تضم العاملين في عمليات استحواذ دولية أجريت مؤخرا تضم «كلانديسكونتو» و«سيتي ديل» - وهي مواقع شراء داخل شيلي وألمانيا. ووفقا لما أفادت به شركة «غروبون» فإن الشركة تضيف أكثر من 200 موظف شهريا.

وعلى الرغم من المنافسة المرتفعة من منافسين جدد مثل «ليفينغ سوسيل» و«غيلت سيتي» و«تاون هوغ» استمرت «غروبون» في تحقيقها طفرة في العوائد.

ومع أن التدفق النقدي القوي للشركة يمثل عنصر جذب لـ«غوغل»، فإن العرض استراتيجية بدرجة كبيرة ويعد بمثابة خطوة دفاعية، بحسب ما يقول داني سوليفان، محرر المدونة «سيرش إنجين لاند».

ولدى شركة «غوغل» طموحات كبيرة بشأن خدمات محلية، تضم قوائم شركات بالإضافة إلى خدمة الخرائط، على الرغم من أن «غوغل» لم تحقق سوى نجاحا متواضعا مع البرنامج بعد أعوام من الاختبار. وقد عززت الشركة أخيرا من جهودا، وقامت بترقية مسؤول تنفيذي بارز، ماريسا ماير، من أجل الإشراف على النشاط المحلي في أكتوبر (تشرين الثاني) وحاولت شراء موقع «يلب» العام الماضي.

وتخشى شركة «غوغل» من الضرر الذي يمكن أن يلحقه منافسون إذا تمكنوا من الاستحواذ على «غروبون» بدلا منها. ويمكن أن تستخدم «فيس بوك»، التي أصبحت تهديدا أكبر خلال الأعوام الأخيرة، «غروبون» من أجل تعزيز موقعها في عالم الشبكات الاجتماعية، بحسب ما يقوله سوليفان. وفي الوقت نفسه، يمكن أن تستخدم «مايكروسوفت» شركة «غروبون» من أجل الضغط على سيطرة «غوغل» في مجال البحث. ويتساءل سوليفان: «ما تكلفة عدم شراء الشركة؟».

* خدمة «نيويورك تايمز»