6 رؤساء أفارقة يروجون للفرص أمام المستثمرين الخليجيين غدا في السعودية

تدفقات الأموال الخاصة إلى القارة تقدر بنحو 55 مليار دولار العام الحالي

ينتظر أن يخرج مؤتمر الاستثمار الخليجي الأفريقي الذي يعقد في الرياض بتوصيات تعزز التبادل التجاري بين الجانبين (تصوير: خالد الخميس)
TT

يروج 6 رؤساء أفريقيين لفرص الاستثمار غدا أمام المستثمرين الخليجيين، وذلك عندما يشاركون في مؤتمر الاستثمار الخليجي الأفريقي، الذي يعقد يومي 4 و5 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي بالعاصمة السعودية الرياض، برعاية خادم الحرمين الشريفين.

وبحسب مجلس الغرف السعودية، فإن الوفد الأفريقي سيتضمن، بالإضافة إلى الرؤساء الستة، نحو 40 وزيرا لمختلف القطاعات، إضافة إلى المسؤولين في دول الخليج والمستثمرين، ومشاركة رؤساء المنظمات الدولية والإقليمية.

وقال الدكتور فهد بن صالح السلطان، الأمين العام لمجلس الغرف السعودية: إن حجم المشاركة الرسمية الأفريقية والخليجية ورعاية خادم الحرمين الشريفين لهذه الفعالية يعكسان اهتمام القيادات والنخب السياسية والاقتصادية بمستقبل العلاقات الاقتصادية بين الكتلتين الخليجية والأفريقية والرغبة المشتركة في دفع وتطوير هذه العلاقات لما يحقق مصالح شعوب المنطقتين ويعزز من مكانتهما الاقتصادية على الساحة الدولية.

وأوضح السلطان أن المؤتمر يأتي في وقت يتزايد فيه الاهتمام الخليجي، والسعودي على وجه الخصوص، بالاستثمار في القارة الأفريقية، خاصة في المجال الزراعي، في إطار تحقيق الأمن الغذائي وللبحث عن فرص استثمارية وأسواق جديدة للصادرات السعودية والخليجية، مشيرا إلى أن مجلس الغرف السعودية يولي ملف التعاون الاقتصادي مع الدول الأفريقية جنوب الصحراء اهتماما خاصا من منطلق استجابته لتوجيهات القيادة بتعزيز الاستثمار في القارة الأفريقية.

وأكد السلطان «عوامل القرب الجغرافي والصلات التاريخية والعلاقات السياسية المتميزة من محفزات لقيام شراكة اقتصادية خليجية - أفريقية شاملة تحقق تطلعات القيادات السياسية في تعزيز التبادل الاقتصادي وزيادة حجم وقيمة المبادلات التجارية بين الجانبين الخليجي والأفريقي».

وللمرة الأولي في تاريخ الفعاليات التي ينظمها القطاع الخاص السعودي يشهد المؤتمر مشاركة رسمية من رؤساء دول هي: السنغال، بنين، أنغولا، كينيا، موزمبيق، وزامبيا، الأمر الذي يعكس قوة القطاع الخاص السعودي وفاعليته في تعزيز علاقات المملكة الاقتصادية والثقة الكبيرة التي بات يحظى بها مجلس الغرف السعودية من قبل القيادة الرشيدة ومن مختلف الأوساط الاقتصادية محليا وإقليميا ودوليا.

وسيشهد المؤتمر، وقفا لمجلس الغرف السعودية، مناقشات ومباحثات حول واقع ومستقبل العلاقات الاقتصادية الخليجية – الأفريقية؛ حيث ستعقد 5 جلسات رئيسية تحمل عنوانا رئيسيا واحدا هو «العلاقات الخليجية - الأفريقية» وبمضامين دراسات مختلفة تغطي رؤى من جنوب أفريقيا وشرقها، ورؤى من الخليج، ورؤى من شرق أفريقيا وغربها، إضافة إلى دور المنظمات الإقليمية، وأخيرا ملف تعزيز الاستثمار وتمويله كمحاور مهمة في ملف تعزيز العلاقات بين الجانبين.

ومن خلال 5 مجموعات عمل موازية للجلسات سيستعرض المؤتمر الفرص الاستثمارية المتاحة ومجالات التعاون التي تشكل مدخلا قويا للعلاقات بين الجانبين بالتركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة والمميزات النسبية، وستتضمن تلك الفرص قطاعات الاتصالات والبنية التحتية، التي تعتبر من القطاعات التي تتوافر بها فرص واعدة في الدول الأفريقية، إضافة إلى قطاع الزراعة؛ حيث تضع الدول الخليجية موضوع الأمن الغذائي على رأس أجندتها، وهناك توجه سعودي كبير في إطار مبادرة خادم الحرمين الشريفين للاستثمار الزراعي في القارة الأفريقية.

وسيبحث المؤتمر ملف التجارة بين دول الخليج وأفريقيا والفرص المتاحة في هذا المجال، كما سيكون قطاع الطاقة والمعادن والموارد الطبيعية من ضمن المحاور المهمة التي سيركز عليها المؤتمر لاستكشاف الفرص الكامنة في هذه القطاعات.

وستخصص الجلسة الختامية للمؤتمر لبحث أجندة دفع العلاقات الاقتصادية الخليجية - الأفريقية إلى الأمام ووضع السياسات العامة التي يجب تنفيذها لتحسين مستوى العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الجانبين، وكذلك بحث مشاريع التعاون القطاعي القابلة للنجاح، التي يمكن تنفيذها في القريب العاجل وفي المدى المنظور، وبحث تنفيذ اتفاقيات ثنائية لتعزيز الشراكة الاقتصادية بين الجانبين.

الى ذلك قال خبير اقتصادي بالبنك الدولي أمس إن تدفقات الأموال الخاصة إلى أفريقيا تقدر بنحو 55 مليار دولار هذا العام مقارنة مع 49 مليار دولار في 2007، فيما يرجع إلى تحسن سياسات الاقتصاد الكلي في أرجاء القارة. وحققت الاقتصادات الأفريقية أداء أفضل بكثير من المتوقع أثناء الركود العالمي لأن الكثير من الحكومات احتفظت بسياسات حصيفة للاقتصاد الكلي وحافظت على الاستثمارات العامة. وقال شانتا ديفاراجان كبير الخبراء الاقتصاديين لشؤون أفريقيا لدى البنك الدولي لـ«رويترز» في مقابلة «نرى عودة لتدفقات الأموال الخاصة إلى أفريقيا بعد الركود».

وأضاف قائلا «قيام صانعي السياسة في أفريقيا باتخاذ سياسات حصيفة أثناء الأزمة يعني أن مناخ السياسات في أفريقيا كان أفضل من أي وقت مضى وإنتاجية الموارد الخارجية في أفريقيا كانت الأعلى». وقال ديفاراجان إنه في بعض الحالات سترتفع قيم عملات محلية نتيجة للتدفقات، لكن ذلك يمكن معالجته بحيث لا ترتفع أسعار الصرف الحقيقية كثيرا.

وبالإضافة إلى تدفقات الأموال الخاصة ستتلقى أفريقيا أيضا إعفاءات من الديون ومساعدات وتحويلات نقدية. وقال البنك الدولي إن من المتوقع أن ترتفع التحويلات النقدية من المواطنين المقيمين في الخارج إلى أفريقيا بنحو 2 في المائة في 2010 من 21 مليار دولار متوقعة في وقت سابق. وقال ديفاراجان إن التضخم في منتصف السنوات العشر الأولى من الألفية الثانية بلغ نصف المستوى الذي شهدته أفريقيا في بداية عقد التسعينات. ففي عام 1993 كان التضخم في 23 دولة أفريقية يزيد على 20 في المائة لكن هذا العدد انخفض إلى دولتين فقط بحلول 2007. ولم يذكر أرقاما عن تدفقات الأموال في 2008 أو 2009 وهما عاما الأزمة الاقتصادية العالمية. وقال المسؤول إنه قبل الركود العالمي شهدت القارة معدل نمو غير مسبوق بلغ 5 في المائة سنويا لعقد من الزمن وسجلت 22 دولة غير مصدرة للنفط نموا بلغ أكثر من 4 في المائة. ويتوقع البنك الدولي الآن نموا قدره 4.5 في المائة هذا العام و5.1 في المائة في 2011 على خلفية أداء جيد للزراعة والاستثمارات العامة.

وتخطط دول أوروبية وخليجية لزيادة استثماراتها في أفريقيا في مجالات الطاقة الشمسية والسلع الأولية والبنى الأساسية. وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» أمس الخميس، أن شركة «إيه دي إس هولدينغ»، ومقرها أبوظبي، تخطط لاستثمارات بمليارات الدولارات في قطاع البنية الأساسية في أفريقيا مع ثلاث شركات أخرى، وفي طريقها لإتمام ثلاث صفقات قريبا.

وتمتلك «إيه دي إس هولدينغ» حصة 40 في المائة في شركة «باوباب إنفستمنتس» الجديدة التي تركز على الأسواق الناشئة في الشرق الأوسط وأفريقيا.

وقال تقرير الصحيفة نقلا عن الرئيس التنفيذي لشركة «باوباب» إن «إيه دي إس هولدينغ» ستركز على التنمية طويلة الأجل للصناعات القائمة على السلع الأولية، فضلا عن تجارة السلع الأولية. ويأتي تأسيس «باوباب» في الوقت الذي تتطلع فيه أسواق آسيا والشرق الأوسط المتعطشة للموارد إلى أفريقيا لتوفير الغذاء والنفط والمعادن. وتمتلك «جريندرود» أكبر شركة للشحن في جنوب أفريقيا حصة 35 في المائة في «باوباب»، بينما تمتلك «هتشينسون بورت هولدينجز»، حصة عشرة في المائة. وتمتلك مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي حصة 15 في المائة. وستستثمر «باوباب» في تجارة المنتجات الزراعية والمعادن، بما في ذلك الموانئ والسكك الحديدية والمطارات.

إلى ذلك قال خبراء إن أوروبا تفكر في الاستثمار في الطاقة الشمسية في أفريقيا، ويقول خوان جيليرمو جيريرو، المؤلف المعروف وخبير الطاقة الشمسية: «إن فكرة استيراد طاقة الشمس من أفريقيا ممكنة من الناحية التقنية، إذا أمكن تحمل التكلفة». ويوضح لويس كيسبو الأمين العام لرابطة شركات الطاقة الشمسية الإسبانية «بروترموسولار»، قائلا: «إن الإطار السياسي لمثل هذه المشاريع يتمثل في خطة الطاقة الشمسية لدول الاتحاد من أجل المتوسط الثلاث والأربعين».

وتهدف خطة الطاقة الشمسية لدول حوض البحر المتوسط 2008، إلى تحويل دول جنوب المتوسط إلى محطات لإنتاج الطاقة الشمسية، ونقلها إلى دول المتوسط الأوروبية.

لقد تبنى الاتحاد الأوروبي، وكل دوله أعضاء في الاتحاد من أجل المتوسط، قرارا يحدد الإطار العام لمشاريع الطاقة مع الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. في الوقت نفسه، يجري إطلاق الكثير من المبادرات الخاصة لاستيراد الطاقة الشمسية من أفريقيا لأوروبا. وأضخم تلك المبادرات هي مشروع «ديزرتيك» الذي أطلقته ألمانيا، ويوصف بأنه أكثر مشاريع الطاقة الشمسية طموحا في العالم، والمشروع يعيد تجميع الشركات الأوروبية وشركات شمال أفريقيا، ومنها شركات عملاقة مثل «دويتش بانك» و«سيمنز» و«إيون» وشركة الطاقة الإسبانية «أبينجوا».

وفي تقدير العلماء، فإن الأرض تتلقى قدرا من الطاقة الشمسية يوميا يساوي ما يستهلكه البشر من طاقة خلال عام كامل. تصور أن تغطية مساحة لا تتجاوز واحدا في المائة من مساحة الصحراء الكبرى في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، بوحدات استقبال الطاقة الشمسية، يكفي لتغطية احتياجات هذه الأقاليم، بالإضافة إلى احتياجات أوروبا في الوقت نفسه.

وقال كريسبو لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن إسبانيا، إحدى الدول عالميا في مجال استغلال الطاقة غير الملوثة للبيئة، تحصل على نحو 35 في المائة من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر متجددة، تلك المصادر تشمل المياه والرياح والشمس والمخلفات البيولوجية، وتغطي الطاقة الشمسية أقل من ثلاثة في المائة من احتياجات إسبانيا من الكهرباء، لكنها في تزايد سريع الخطى، 14 محطة لإنتاج الطاقة الحرارية الشمسية تعمل بالفعل، وتنتج ما يزيد على 500 ميغاواط من الكهرباء، وهناك عشرات المحطات الأخرى يجري بناؤها أو التخطيط لبنائها. أما أفريقيا بأسرها فلا تمتلك سوى عدد محدود من المحطات الشمسية بحسب كريسبو.

وأضاف أن أفريقيا لا تمتلك سوى ثلاث محطات لتوليد الطاقة الحرارية الشمسية، تعتمد بشكل جزئي على الغاز، وتلك المحطات موجودة في المغرب والجزائر ومصر.

ويقول المدافعون عن مبادرات الطاقة الشمسية، إن مشاريع مثل «ديزرتيك» لن تساعد فقط في تجنب أزمة الطاقة ومكافحة الاحتباس الحراري، بل ستحسن الاقتصادات الأفريقية، وستبني جسور تواصل ثقافي عبر ضفتي البحر المتوسط. وتهدف «ديزرتيك» لتوفير 15 في المائة من الطاقة الكهربية التي تحتاجها أوروبا بحلول عام 2050 من الطاقة الشمسية ومحطات طاقة الرياح في أفريقيا والشرق الأوسط. والهدف الرسمي للاتحاد الأوروبي هو الحصول على 20 في المائة من احتياجات الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2020.