معركة تحتدم بين «ستاربكس» و«كرافت» بشأن اتفاق تسويق

القضاء الفيدرالي تدخل لإيقاف عملاق القهوة من فسخ شراكة عمرها 12 عاما

أحد محلات «ستاربكس» في مانهاتن (أ. ف. ب)
TT

يدخل الخلاف بين «ستاربكس» و«كرافت» على بيع البن داخل محلات السوبر ماركت إلى مرحلة تنذر بانتهاء الشراكة بين الجانبين. ويوم الاثنين الماضي أخذت شركة «كرافت» نزاعها مع «ستاربكس» إلى ساحة المحاكم، وطلبت من قاض فيدرالي داخل مانهاتن أن يوقف «ستاربكس» عن سعيها إلى فسخ شراكة بينهما منذ 12 عاما، تقوم «كرافت» بموجبها بتوزيع بن «ستاربكس» المعبأ، ومنه البن المطحون وغير المطحون، إلى محلات بقالة وتجار تجزئة.

وقد تصاعدت الحرب الكلامية بين الجانبين على مدار الأيام الأخيرة، في الوقت الذي تبادل فيه الطرفان التهم والتهم المضادة. وتزعم «كرافت» أن «ستاربكس» قررت من جانب واحد إنهاء هذه الشراكة، فيما تقول «ستاربكس» إن «كرافت» فشلت في أن تروج بقوة لعلاماتها التجارية داخل المحلات التجارية. وقد وصل الأمر إلى السوق المتنامية سريعا لماكينات القهوة المفردة، حيث تتهم «كرافت» شركة «ستاربكس» بأنها تقوم بتقويض مبيعاتها من نظامها لماكينات «تاسيمو» قبل فترة الذروة خلال موسم الإجازات.

وعرضت «ستاربكس» على «كرافت» 750 مليون دولار في أغسطس (آب) مقابل إنهاء الشراكة بينهما، بحسب ما أفادت به أوراق المحكمة، ولكن رفضت «كرافت» ذلك العرض. وبموجب التعاقد، يمكن لشركة «ستاربكس» أن تتخلى عن الشراكة إذا ما قامت بالدفع لـ«كرافت» قيمة سوقية مناسبة مقابل النشاط التجاري، بالإضافة إلى علاوة تبلغ 35 في المائة، بحسب ما أفادت به «كرافت» في أوراقها القانونية. ويقدر محللون أن القيمة السوقية المناسبة وحدها يمكن أن تتجاوز مليار دولار.

ويقول روبرت موسكوو، وهو محلل بارز لدى «كريدي سويس»، إن الانفصال بين الاثنين أمر حتمي، ولكن السؤال الوحيد الذي يطرح نفسه هو مقدار التسوية. ويضيف قائلا: «تعرف (كرافت) أن الأمر قد انتهى. وسوف يذهبون إلى التحكيم ويحاولون الحصول على أكبر قدر ممكن، والوسيلة التي يمكن من خلالها تحقيق ذلك هي حشد المحامين والقول إن (ستاربكس) خالفت بنود الاتفاق».

وتعد «كرافت»، وهي الشركة المصنعة لبن «ماكسويل هاويس» الشهيرة، أكبر شركة أغذية داخل البلاد، وتبلغ عوائدها السنوية 48 مليار دولار. وتتضمن صفقة «ستاربكس» نحو 128 مليون دولار في صورة عوائد سنوية تقسم بالتساوي بين الشركاء، بحسب ما أفاد به تقييم لـ«كريدي سويس». ويقول موسكوو إنه نتيجة لذلك لا يشعر مسؤولون تنفيذيون داخل «كرافت» بالكثير من القلق بشأن خسارة الصفقة.

ولكن، تعد المبيعات داخل السوبر ماركت مجالا مهما للتوسع أمام «ستاربكس»، الذي تراجع نموها الكبير داخل المقاهي البارزة خلال الأعوام الأخيرة.

وقد حققت الشركة بالفعل نجاحا غير متوقع خلال العام الحالي من خلال خط القهوة الفورية الجديد «في آي إيه». وقالت «ستاربكس» إنها أدارت علاقاتها مع تجار التجزئة لصالح مبيعات «في آي إيه» بالتعاون مع شركة التوزيع الوطني «أكوستا». وتريد الشركة أن تستخدم هذه العلاقات من أجل بيع البن المطحون وغير المطحون مباشرة، والتخلي عن دور الوساطة الذي تلعبه «كرافت».

وخلال مؤتمر استثماري داخل مدينة نيويورك الأسبوع الماضي، قال الرئيس التنفيذي لـ«ستاربكس» هووارد شولتز إن الشركة سوف تنظر بقوة إلى تعزيز مبيعاتها لمنتجاتها داخل محلات البقالة، بما في ذلك بيع البن المطحون وغير المطحون و«في آي إيه». وقال إن الشركة تثق في أنه يمكنها الخروج من الشراكة.

وفي تصريح صحافي يوم الاثنين، رفضت «ستاربكس» الدعوى القضائية التي رفعتها «كرافت» ووصفتها بأنها «تكتيك يهدف إلى التأخير». وقالت الشركة: «أكدت (ستاربكس) أكثر من مرة على أننا أوقفنا اتفاقنا مع (كرافت) وما زلنا نتطلع إلى تولي مسؤولية كاملة عن المبيعات وتوزيع منتجات البن المعبأ التابعة لنا».

وقالت «ستاربكس»، التي تتخذ من سياتل مقرا لها، إنها خططت إلى الاستحواذ على توزيع مبيعات البن المعبأ داخل محلات السوبر ماركت في الأول من مارس (آذار).

وقالت شركة «كرافت» في بيان إن «ستاربكس» تمضي من دون اكتراث لبنود التعاقد». وطلبت من المحكمة أن توقف «ستاربكس» عن اتخاذ الإجراءات التي تهدف إلى وقف الاتفاق من جانبها ومنع «ستاربكس» من الاتصال مع تجار التجزئة بشأن تغيير في صفقة توزيع البن.

وقد بدأ اتفاق المبيعات داخل محلات السوبر ماركت بين «كرافت» و«ستاربكس» في عام 1998، عندما كانت «ستاربكس» تبيع البن التابع لها عبر 4000 متجر أغذية فقط داخل 12 ولاية وفق ما ذكرته «كرافت»، وكانت المبيعات السنوية تبلغ نحو 50 مليون دولار.

وتقول «كرافت» إن المبيعات حاليا وصلت إلى نحو 500 مليون دولار سنويا، ويمكن الحصول على البن المعبأ التابع لـ«ستاربكس» من 40.000 متجر في جميع الولايات الأميركية وداخل كندا.

وحققت شركة «ستاربكس» عوائد سنوية قيمتها 10.7 مليار دولار خلال العام المالي المنتهي في 3 أكتوبر (تشرين الأول).

وحسب ما أفادت به الأوراق القضائية فإن «ستاربكس» اتصلت بـ«كرافت» خلال أغسطس من أجل مناقشة إنهاء الشركة وقدمت عرضا قيمته 750 مليون دولار من أجل شراء حقوق «كرافت» في صفقة توزيع البن ومجموعة من الأنشطة التجارية الأصغر ذات الصلة بين الشركتين. ولكن تقول «كرافت» إن هذا المبلغ المعروض أقل كثيرا من القيمة السوقية المناسبة، ورفضت هذا العرض.

وبعد ذلك أرسلت «ستاربكس» في مطلع أكتوبر خطابا إلى «كرافت» قالت فيه إن عملاق الأغذية خالف بنود الاتفاق. وقالت «ستاربكس» إنه كان له أداء سيئ فيما يتعلق بالتسويق لمنتجات «ستاربكس وإنه لم يقم بإطلاعها على معلومات مهمة». وقالت أيضا إن بن «يوبان» التابع لـ«كرافت» ينافس بصورة غير مناسبة مع «ستاربكس» داخل السوق.

وقامت «كرافت» بالرد في خطاب أرسل في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) دافعت فيه عن الجهود التي تبذلها نيابة عن «ستاربكس» وأشارت إلى النمو الكبير في المبيعات خلال فترة التعاقد. ولكن أعلنت «ستاربكس» في 4 نوفمبر أنها تخطط إلى إنهاء تعاملها مع «كرافت»، ومن ثم بدأت الحرب الكلامية بين الجانبين.

وفي الأسبوع الماضي قالت «كرافت» إنها سوف تلجأ إلى التحكيم، ولكن استمرت «ستاربكس» في قولها إنها تسعى إلى إنهاء الشراكة بينهما.

ووصل النزاع إلى ماكينات القهوة «تاسيمو» التابعة لـ«كرافت»، التي تستخدم بنا خاصا بالماكينات. وتنافس «تاسيمو» مع نظم مشابهة تبيعها «كيوريغ» و«سينسو» وشركات أخرى. وفي إطار النزاع بين الشركتين، قالت «ستاربكس» إنها سوف توقف توفير البن لماكينات «تاسيمو».

وقالت «كرافت» في أوراقها القضائية إن «تاسيمو» هي الماكينة الوحيدة لتقديم القهوة المفردة التي تستخدم مدخلات من العلامة «ستاربكس»، وإن العلاقة عززت من المبيعات. وأضافت «كرافت» أن تاجر تجزئة كبيرا أعرب عن رفضه لتخزين الماكينات خلال موسم الإجازات الحالي بعد سماعه أن «ستاربكس» ربما لا توفر البن. وتتهم «كرافت» «ستاربكس» بأنها تنتج ماكينة خاصة بها من أجل منافسة «تاسيمو».

وقال بيل باترسون، وهو محلل سوق بارز لدى «مينتل إنترناشونال غروب»، وهي شركة أبحاث سوقية، إنه سيكون من المفيد لـ«ستاربكس» أن تسعى إلى توسيع نطاقها في سوق ماكينات القهوة المفردة. ويقول: «عندما تشتري ماكينة، تكون محصورا داخل نظام. ويعد ذلك سوقا رائعة جديرة بالسعي وراءها».

وفي أوراقها القضائية عبرت «كرافت» أيضا عن أن خسارتها «ستاربكس» يمكن أن تحد من نفوذها داخل محلات السوبر ماركت فيما يتعلق بالمعروضات داخل قسم البن. ومن دون «ستاربكس» يمكن أن تخسر «كرافت» مكانتها لدى الكثير من السلاسل «ككابتن فئة منتجات»، وهو مصطلح يستخدم للإشارة إلى شركة أو شركة توزيع يختارها تاجر تجزئة من أجل الحصول على نصائح تتعلق بطريقة عرض وترويج منتجات فئة معينة.

ويقول جيم هارتل، وهو شريك إداري في «ويلارد بيشوب»، وهي شركة استشارات تجارة تجزئة في قطاع الأغذية داخل شيكاغو: «ثمة مخاطر كبيرة هنا، وهناك الكثير من الأشياء المالية المعلقة على هذا الأمر».

* خدمة «نيويورك تايمز»