القمة الأوروبية تبحث بعد غد خطة إنقاذ دائم لمنطقة اليورو

بشروط صارمة ووسط معارضة بعض الأعضاء

البنك المركزي الأوروبي وتبدو علامة اليورو التي صممها الفنان أوتمار هوريل في فرانكفورت (إ. ب. أ)
TT

أظهرت مسودات وثائق، أمس الاثنين، أن قمة الاتحاد الأوروبي الوشيكة ستبحث تعديلات في القوانين الخاصة بالكتلة، بما يسمح بوضع نظام دائم للإنقاذ المالي لمنطقة اليورو، ولكن بشروط صارمة، ودون الحاجة لإجراء استفتاءات في دول الاتحاد الأوروبي.

وعانت منطقة اليورو هذا العام بسبب أزمات الديون في اليونان وآيرلندا، ومخاوف من امتداد الأمر ليشمل البرتغال وإسبانيا. وفي مايو (أيار) الماضي وضعت دول الاتحاد الأوروبي نظام إنقاذ ماليا مؤقتا لدرء الكارثة. وستدعو القمة، التي تعقد يومي الخميس والجمعة المقبلين، إلى تعديل المعاهدات التأسيسية للاتحاد الأوروبي بما يسمح بوضع نظام دائم للإنقاذ المالي.

وجاء في نص مسودة بيان التعديلات المعد للموافقة عليه خلال القمة، الذي اطلعت عليه وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن «الدول الأعضاء التي تستخدم عملة اليورو يمكن أن تضع آلية لحماية استقرار منطقة اليورو بالكامل»، وأن «منح المساعدة المالية طبقا لهذه الآلية سيخضع لشروط صارمة».

وتمثل تعديلات معاهدات الاتحاد الأوروبي مهمة سياسية شاقة وصعبة عادة، وكان التعديل الأخير الذي أجرته دول الاتحاد الأوروبي قد استغرق 10 أعوام، واستلزم إجراء ثلاثة استفتاءات، وذلك للموافقة على معاهدة لشبونة.

ودخلت معاهدة لشبونة حيز التنفيذ في أول ديسمبر (كانون الأول) 2009. وبعدها بشهور فقط طلبت ألمانيا تعديلها لوضع نظام إنقاذ دائم لمنطقة اليورو، خشية من أن أي نظام غير مرتكز على معاهدات الاتحاد الأوروبي يمكن أن يواجه الطعن فيه أمام المحكمة الدستورية في ألمانيا.

وأثار ذلك مخاوف من أن تضطر حكومتا بريطانيا وآيرلندا للدعوة إلى استفتاء بهذا الشأن، وهو ما ينتهي بالرفض على الأرجح، ويذكر أن آيرلندا ملزمة، بموجب دستورها، بإجراء استفتاء قبل نقل أي سلطة إلى الاتحاد الأوروبي، كما وعدت الحكومة البريطانية بالمثل.

ويقول مسؤولو الاتحاد الأوروبي إنه بالتالي سيكون تعديل المعاهدة دون منح أي صلاحيات جديدة لبروكسل أمرا حيويا.

وأكدت مسودة بيان القمة الوشيكة أن «التعديل يتعلق بشرط تضمنه الفصل الثالث من (معاهدة لشبونة) ولا يمثل زيادة في الصلاحيات الخاصة بالاتحاد الأوروبي». ومن المتوقع أن تجري الموافقة خلال القمة على مسودة القرار وتمريرها إلى البرلمان الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية (الجهاز التنفيذي للاتحاد) لمعرفة الآراء بشأنها.

كما يتوقع أن يدعو قادة الاتحاد الأوروبي وزراء مالية الكتلة والمفوضية لاستكمال وضع التفاصيل الفنية لخطة الإنقاذ الجديدة لصالح منطقة اليورو بحلول مارس (آذار) المقبل، وبعدها تعقد قمة أخرى. وأفادت المسودة بأن الدول خارج منطقة اليورو ستشارك في العمل «إذا رغبت في ذلك»، ويحتمل أن يسمح لها بالمشاركة في خطط إنقاذ مالي مستقبلية «على أساس كل حالة على حدة».

وسيترك ذلك الباب مفتوحا أمام تكرار النهج الذي اتبع عند تقديم الإنقاذ المالي لآيرلندا، حيث أسهمت بريطانيا والسويد والدنمارك الشهر الماضي في جهود منطقة اليورو عبر قروض ثنائية قدمت إلى آيرلندا. وتفيد المسودة بأنه ينبغي على كل دول الاتحاد الأوروبي المصادقة على تعديل المعاهدة بحلول عام 2013، قبل شهور من انتهاء صلاحية نظام الإنقاذ المالي الحالي الذي تبلغ قيمته 750 مليار يورو (990 مليار دولار).

وفي لكسمبورغ قال وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسلبورن إن قمة الاتحاد الأوروبي التي تعقد هذا الأسبوع لن تدرس إصدار سندات أوروبية، وإنه من الممكن إلغاء الفكرة برمتها إذا أبدت الدول الأعضاء تضامنا لحماية اليورو. وصرح لراديو «دويتشلاند فونك» الألماني بأن القمة التي تعقد يومي الخميس والجمعة لن تدرس مسألة إصدار سندات لمنطقة اليورو.

إلى ذلك قال البنك المركزي الألماني، أمس الاثنين، إن الاقتصاد سوف يتباطأ خلال العامين المقبلين بعد أن انتعش بقوة من الركود. وفي أحدث تقرير شهري له، قال «بوندسبنك»، ومقره فرانكفورت، إن النمو في أكبر اقتصاد في أوروبا سوف تتراجع وتيرته من معدل قوي يبلغ 3.6 في المائة هذا العام إلى 2 في المائة في عام 2011، وحينئذ سيتراجع إلى 1.5 في المائة في عام 2012. لكن «بوندسبنك» يرى أن الاقتصاد الألماني خرج من تباطؤ العام الماضي الشديد بقوة كبيرة، مع بقاء الصادرات القوة المحركة الرئيسية الدافعة للنمو وتحقيق الاستهلاك الخاص أيضا لأداء قوي.

وقال البنك في نشرته لشهر ديسمبر إن «الطريقة التي تجاوز بها الاقتصاد الألماني الاختبار الطويل لعام 2009، تشير إلى أن (عملية التعافي) تقف على أرض صلبة».