معركة قضائية تبدأها وزارة العدل الأميركية ضد «بي بي» و8 شركات أخرى

بسبب الكارثة النفطية التي حلت بخليج المكسيك

خسائر «بي بي» ستتضاعف إذا كسبت أميركا القضية (رويترز)
TT

تقدمت وزارة العدل بدعوى قضائية ضد «بريتيش بتروليم» وثماني شركات أخرى، الأربعاء، بسبب الكارثة النفطية التي حلت بخليج المكسيك، وهي أول دعوى قانونية تتخذها الحكومة الفيدرالية في إطار تحقيق واسع لها حول أسوأ حادث تسريب نفطي في تاريخ الولايات المتحدة. وتتهم الدعوى «بريتيش بتروليم» وشركات أخرى بانتهاك التنظيمات الفيدرالية والفشل في منع الانفجار الذي وقع 20 أبريل (نيسان) والنيران التي اندلعت بسببه والتي دمرت معدات التنقيب خارج السواحل بمنصة «ديبووتر هوريزون». وتسعى وزارة العدل لإقرار عقوبات مدنية طبقا لـ«قانون المياه النظيفة» وقانون فيدرالي آخر يتناول تكاليف التطهير وكيفية التعامل مع الأضرار البيئية الكبرى. ومع أن وزارة العدل لم تحدد حجم التعويض المادي المرغوب، فإن خبراء قانونيين أشاروا إلى أن القضية قد تعرض الشركات لغرامات تبلغ عشرات المليارات من الدولارات، طبقا للقوانين المدنية البيئية. من جانبهم، شدد مسؤولون بوزارة العدل على أن الدعوى - التي جاءت في اليوم الأخير من المهلة المحددة لرفع دعاوى مدنية - تعد الخطوة الأولى فقط، وأن تحقيقات نشطة، مدنية وجنائية، بشأن الكارثة لا تزال جارية.

من جهته، أعلن إريك إتش. هولدر، وزير العدل، خلال مؤتمر صحافي، الأربعاء، أنه «رغم أن التسريب النفطي تم احتواؤه، ورغم أنه لم يعد محل اهتمام إعلامي مستمر، ولم يعد خبرا يسيطر على الصفحات الرئيسية للصحف، فإن اهتمام وزارة العدل بالتحقيق بشأن هذه الكارثة، ومنع وقوع أضرار مستقبلية، لم يخفت». من ناحية أخرى، قال سكوت دين، المتحدث الرسمي باسم «بريتيش بتروليم»، ومقرها لندن، إن الدعوى القضائية التي تقدمت بها الحكومة أمام محكمة نيو أورليانز كانت متوقعة، و«لا تعني مطلقا حكما بأننا نتحمل مسؤولية قانونية ولا تشكل حكما قضائيا بأن المزاعم ضدنا لها أساس متين». وأضاف أن الشركة - التي تراجعت أسعار أسهمها بصورة حادة في أعقاب البيان الصادر عن هولدر، ثم استعادت عافيتها على نحو جزئي بنهاية اليوم - تتعاون مع جميع التحقيقات التي تجريها الحكومة. من جانبها، ألقت شركات أخرى متورطة في الحادث وورد اسمها في الدعوى القضائية، كثيرا من اللوم على كاهل «بريتيش بتروليم». مثلا، قال بريان كيندي، المتحدث الرسمي باسم «ترانسوشن»، التي أجرت منصة «ديبووتر هوريزون» لـ«بريتيش بتروليم»: «المسؤولية عن النفط والغاز الطبيعي المنطلقين إلى خارج بئر ما تقع برمتها على الشركة المالكة والمشغلة للبئر.. أما (ترانسوشن) فتخضع للتأمين ضد الأضرار في هذا الأمر». وأعلن جون كريستيانسن، المتحدث الرسمي باسم «أناداركو بتروليم كورب»، وهي شركة تملك حصة أقلية في البئر، أن الشركة «لا تشارك في العمليات أو القرارات المتعلقة بمعدات التنقيب». وذكرت «مويكس أوفشور»، وهي شركة أخرى تملك حصة أقلية، في بيان لها، أنه ليست لديها «سلطة أو مسؤولية بخصوص توجيه النشاطات المرتبطة بـ(ديبووتر هوريزون)». ويسير التحقيق المدني الذي تجريه وزارة العدل على مسار مواز مع تحقيق جنائي وصفه هولدر بأنه «شديد الجدية». وقال مسؤولون معنيون بفرض القانون ومصادر أخرى إن التحقيق الجنائي يركز على «بريتيش بتروليم» و«ترانسوشن» وشركة «هاليبرتون» الهندسية العملاقة، التي كانت مسؤولة عن ضمان تماسك البئر. وذكرت مصادر أن مكتب التحقيقات الفيدرالي وتحقيقات أخرى تعكف على فحص ما إذا كان، بالإضافة إلى انتهاك القوانين البيئية، أصدر مسؤولو الشركة بيانات كاذبة أمام الجهات التنظيمية أو أعاقوا سير العدالة أو زوروا نتائج الاختبارات الخاصة بأدوات مثل جهاز منع الانفجارات داخل معدات التنقيب الذي أخفق في عمله. وذكرت المصادر أن من بين القضايا الأخرى التي يتناولها التحقيق ما إذا كانت العلاقة الودية بين الشركات وجهات تنظيم فيدرالية أسهمت في الكارثة. من جانبها، رفضت «هاليبرتون» التعليق على التحقيق، ولم يرد ذكرها في الدعوى القضائية المدنية. ومن المتوقع أن تتحول القضية إلى جزء من دعاوى مدنية أوسع نطاقا يجري النظر فيها داخل محكمة المقاطعة في نيو أورليانز. يذكر أن قرابة 400 دعوى قضائية تم التقدم بها ضد «بريتيش بتروليم» وشركات أخرى من قبل صيادين ومنظمات بيئية وأخرى بمنطقة خليج المكسيك. وقد جرى دمج هذه الدعاوى معا بحيث ينظر فيها القاضي ذاته. وذكر مسؤولون بوزارة العدل أن مشاركتهم ستوفر لهم القدرة على الاطلاع على وثائق ومواد أخرى جرى تسليمها قبل المحاكمة، التي من شأنها المساعدة في تحقيقات مدنية وجنائية حكومية أوسع نطاقا. وقال مسؤولون إن توقيت رفع الدعوى القضائية ارتبط بالموعد الزمني النهائي الذي حدده القاضي، الأربعاء. وتذكر الوثيقة الواقعة في 27 صفحة أن الشركات فشلت في استغلال أكثر تقنيات التنقيب أمانا والاحتفاظ بالمعدات «الضرورية لضمان سلامة وحماية الأفراد والمعدات والموارد الطبيعية والبيئة». ولا تطرح الوثيقة كثيرا من الأدلة الداعمة لهذا الأمر، لكن مسؤولين أشاروا إلى أدلة، ومتهمين آخرين يمكن الإشارة إليهم لاحقا. من جهته، قال روجر مارزولا، المحامي المعني بقضايا البيئة الذي ترأس قسم شؤون البيئة بوزارة العدل في عهد إدارة ريغان، إنه على ما يبدو فإن «الحكومة تسرعت للحاق بالموعد الزمني النهائي للمحكمة. وقدموا شكوى عامة بأكبر درجة ممكنة ورأوا أنهم سيتمكنون من معالجة هذا الأمر لاحقا». وأشار خبراء إلى أن المعيار القانوني لإثبات المسؤولية طبقا لقانون المياه النظيفة وقانون التلوث النفطي - وهو القانون الآخر الذي تقدمت الحكومة بالدعوى القضائية في إطاره - ضئيل. وقال ويليام كارتر، المحقق البيئي الفيدرالي السابق: «يجب أن تثبت فقط أن حدثا ما وقع، وأن كيانا ما أو شخصا ما مسؤول عن ذلك، وأن السبب ليس طبيعيا - بمعنى أنه ليس ضربة رعد مثلا - وأن شخصا ما يتحمل مسؤولية جهود التطهير».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»