الاتحاد الأوروبي بصدد إجراء تعديل طفيف على «معاهدة لشبونة» يسمح بإنشاء آلية دائمة لاستقرار اليورو

في اليوم الأول للقمة

TT

بدأت، أمس الخميس ببروكسل، أعمال القمة الأوروبية، وذلك بحضور قادة دول الاتحاد الأوروبي الـ27، واعتادت القمة التي تعقد في الربع الأخير من العام، وتعرف باسم «قمة الخريف»، أن يغلب عليها الطابع الاقتصادي، ويسعى القادة على مدى يومين إلى توجيه رسالة طمأنة للأسواق والرأي العام الأوروبي، من خلال إقرار تعديل «طفيف» على معاهدة لشبونة يسمح بإنشاء آلية دائمة لضمان استقرار العملة الأوروبية الموحدة، اليورو، ويتوقع المراقبون أن يحدث ذلك، وخاصة بعد ساعات من توجيه رسالة طمأنة أخرى من المجلس التشريعي الأوروبي، تمثلت في إقرار ميزانية الاتحاد للسنة المالية 2011 المتضمنة رفع الإنفاق بنسبة نقطتين وتسعة أعشار نقطة مئوية، وهو ما يرفع قيمة الميزانية الإجمالية إلى 126 مليارا وخمسمائة مليون يورو.

ويضع هذا الإقرار نهاية لأشهر من الخلافات بين أعضاء البرلمان ودول الاتحاد، وجاء إقرار الموازنة بموافقة 508 أعضاء، بينما عارضها 141 نائبا، وامتنع 19 عن التصويت.

وفيما يتعلق بالتعديل المفترض أن يوافق عليه القادة، قالت مصادر مقربة من القمة إن التعديل يؤمن إطارا قانونيا للآلية الجديدة، «سيتضمن النص الجديد فقرة تجيز للدول التي تستعمل اليورو (16دولة) إقامة آلية لضمان استقرارها بالكامل، على أن ترتبط المساعدات المالية المقدمة للدول التي تعاني من صعوبات بشروط محددة»، وأضافت المصادر أن الزعماء سيكلفون وزراء المالية بالعمل من أجل وضع الشروط والضوابط والمواد التنفيذية التي ستسمح للتعديل بأن يصبح أمرا واقعا بداية 2013 كما هو مأمول، على أن يتم تحويل النص المعدل، إلى البرلمان الأوروبي والمصرف المركزي الأوروبي لإبداء الرأي قبل أن تبدأ عمليات إقراره من قبل برلمانات الدول الأعضاء، وتأمل أوروبا في أن تصبح هذه الآلية فعالة منتصف عام 2013، أي بعد أن ينتهي أجل الآلية المؤقتة المعمول بها حاليا إثر أزمة الديون التي ضربت كلا من اليونان وآيرلندا، وتهدد الكثير من الدول مثل إسبانيا والبرتغال.

وبشأن سندات اليورو، قالت المصادر نفسها، إنها ليست إلا فكرة من بين الكثير من الأفكار المطروحة، «يريد الزعماء الأوروبيون البدء بعمل ما هو أساسي أولا والانتقال تدريجيا إلى كل ما من شأنه إصلاح النظام المالي في أوروبا ووضع التكتل على طريق النمو من جديد».

وفي اليوم الأول من القمة، استمع القادة إلى تقرير من هيرمان فان ريمبوي، رئيس مجلس الاتحاد، حول الحقوق الاقتصادية والتماسك الاجتماعي والإقليمي، وكيفية تنفيذ استراتيجية أوروبا 2020، فضلا عن ملف آخر يتعلق بالاستعداد للتحرك بشكل أقوى لمواجهة أي كوارث أوروبية، ونتائج الاتصالات التي جرت في إطار خطط لتوسيع الاتحاد بانضمام دول جديدة.

وذكر أيضا أن زعماء أوروبا سيستمعون من رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان ريمبوي، ورئيس المفوضية الأوروبية، خوسيه مانويل باروسو، إلى تقرير عن مجريات القمم التي جرت مؤخرا بين الاتحاد وشركائه الاستراتيجيين، مثل الولايات المتحدة الأميركية والهند وروسيا والصين.

كما سيستمع الزعماء أيضا إلى ما ستقوله الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، حول ما تم إنجازه من أجل تعزيز علاقات أوروبا مع شركائها الاستراتيجيين.

وقبل ساعات من انطلاق أعمال القمة، وبالتزامن مع المظاهرات الحاشدة التي عرفتها عدة عواصم أوروبية احتجاجا على سياسات للتقشف، لموجهة عجز الموازنات، قال مانويل باروسو رئيس المفوضية، إن القمة ستركز على هدفين رئيسيين؛ أولهما الاتفاق على ملامح رئيسية لمستقبل آلية دائمة لضمان الاستقرار المالي في منطقة اليورو، والثاني هو تغيير محدود لمعاهدة لشبونة، وأضاف: «من شأن هذا التعديل أن يحمي قانونيا الآلية الدائمة للاستقرار، وأتوقع أن يحدث ذلك من خلال التوافق بين القادة، وسيعمل مجلس قادة أوروبا على إرسال إشارة تضامن ووحدة ودعم للمشروع الأوروبي الوحدوي، ولكن لا بد أن نعترف بأن هذه المرحلة تعرف تحديات صعبة للاتحاد الأوروبي، وخاصة منطقة اليورو، وهناك من ينتظر القمة للحصول على إجابات وتطمينات، وخاصة للأسواق والشركاء في مختلف مناطق العالم، والأهم من كل هذا مواطنينا»، وقال باروسو إن أفضل جواب، وأفضل رسالة طمأنة، يمكن أن تبعث بها القمة الأوروبية، هي إظهار أن الاتحاد الأوروبي يسيطر على الموقف، وأن لدينا مسار عمل نتمسك به، ونتحدث بصوت واحد وقانون واحد، «لا نريد الاستعراض، أو السيناريوهات المتضاربة، أو الدعايات والاستهلاك الإعلامي، لا بد أن يعلم الجميع بأننا نواجه تحديات خطيرة»، وقال رئيس المفوضية: «إذا نظرنا إلى الوراء قليلا نرى أننا واجهنا قضيتين على وجه الخصوص، اليونان وآيرلندا، واتخذنا القرارات اللازمة، وكان الاتحاد الأوروبي قادرا على ذلك، لكننا بحاجة إلى إصلاحات بعيدة المدى لضمان عدم تكرار تلك المشكلات في دول أخرى في المستقبل؛ إذ إن الإدارة الاقتصادية الجيدة شرط مسبق لتحقيق الأهداف، ويجب أن ننظر إلى حزمة الإدارة الاقتصادية على أنها لبنة أساسية لنظام يعطي الأوروبيين والأسواق الثقة في أن الهياكل الصحيحة في مكانها».