وزير التنمية الصناعية في الكونغو: السعودية تستطيع تحويل الشراكة الأفريقية الخليجية إلى واقع

رودولف أدادا لـ«الشرق الأوسط»: دول أفريقيا غنية بالموارد المائية والزراعية ومفتوحة للاستثمارات

رودولف أدادا
TT

قبل ست سنوات وتحت عنوان «مستقبل البيئة في أفريقيا»، كشف تقرير صدر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة عن حجم المشكلات البيئية التي تواجه القارة الأفريقية، فضلا عن الحروب والكوارث والأمراض التي كانت تفتك بالعديد من السكان في أنحاء مختلفة، مشيرا إلى ارتفاع حجم التلوث وتدني خصوبة التربة في ظل الجفاف والتصحر الذي أخذ يزحف في كثير من الدول الأفريقية بشكل مخيف، مما قضى على كثير من أنواع الحيوانات والنباتات النادرة. وسجل التقرير «انقراض 126 نوعا نباتيا و1771 نوعا نباتيا آخر أصبحت الآن مهددة بالانقراض» بسبب التغير المناخي وتلوث مصادر مياه الشرب، في الوقت الذي تسعى فيه أفريقيا لرسم خارطة طريق من خلال المؤتمر الخليجي الأفريقي للاستثمار إلى تغيير هذا الواقع. وفي هذا الإطار تحدث رودولف أدادا وزير التنمية الصناعية وتنمية القطاعات في الكونغو برازافيل، والرئيس السابق للبعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي العاملة بدارفور «اليوناميد»، والذي كان قد شارك في المؤتمر الخليجي الأفريقي للاستثمار الذي انعقد مؤخرا بالعاصمة السعودية الرياض لـ«الشرق الأوسط»، عن استنهاض الدول الأفريقية لقدراتها وإمكاناتها البشرية والطبيعية، موضحا أن الشراكة من خلالها أصبحت قدرا محتوما لصناعة وضع تنموي وصناعي وزراعي وصحي أفضل، تصل فوائده لشركائهم من الأطراف الأخرى.. في الحوار التالي المزيد من التفاصيل:

* ما أبرز مجالات الاستثمار التي يمكن أن تتعاون فيها الكونغو مع رصيفاتها من دول الخليج؟

- الكونغو كغيرها من دول أفريقيا غنية بالموارد المائية والزراعية بالإضافة إلى مجالات الصناعات المختلفة، ويتكون اقتصادها من 60.5 في المائة من الزراعة و57.1 في المائة من الصناعة، إلى جانب 37.30 في المائة عبارة عن خدمات، ومن ضمن ثروات الكونغو، حقول النفط والغاز، حيث تبلغ احتياطات الكونغو من النفط نحو 2.5 مليار برميل، في ظل قابلية الاستكشافات من النفط والغاز في مناطق ما زالت بكرة والتي تقدر بالملايين، وهناك الثروة السمكية حيث تطول حدود شواطئها على حدود 169 كيلومترا، وبها أراض صالحة للزراعة، تشغل 1.45 في المائة من مساحة الكونغو، ومن مواردها الزراعية قصب السكر والذرة والأرز والقهوة والخضراوات والكاكاو وتايوكا بالإضافة إلى منتجات الغابات المختلفة، ومن موارد الكونغو الطبيعية الرصاص والبوتاسيوم واليورانيوم والنحاس والزنك والمنجنيز والذهب والفوسفات، بالإضافة إلى مصادر الطاقة المتمثلة في الطاقة المائية حيث تشغل المياه مساحة 500 كلم مربع وتتجدد سنويا بمقدار 832 كيلو مكعب، أضف إلى ذلك الطاقة النفطية بجانب الغاز الطبيعي، أما مواردها الصناعية فتشمل الأخشاب وزيت النخيل والأسمنت والسكر والصابون والتبغ بالإضافة إلى الصناعات البترولية المتعددة، وهذا كله وغيره جدير بأن يكون مدعاة لصناعة شراكة استثمارية مع دول غنية وداعمة مثل دول مجلس التعاون الخليجي، واستطيع أن أقول إن السعودية تستطيع أن تقود هذه الشراكة من موقع التنظير إلى موقع الحقيقة والواقع، وهو ما من شأنه ترجمة توصيات المؤتمر الخليجي الأفريقي للاستثمار في أحسن صور المصالح الاستراتيجية المشتركة، فأبوابنا مفتوحة بلا شرط أو قيد.

* كان الموضوع الرئيسي للقمة الحادية عشرة للاتحاد الأفريقي بشرم الشيخ.. «المياه والصرف الصحي».. برأيكم ما أهمية ذلك بالنسبة لأفريقيا؟

- نعم، كان ذلك لتوجيهات تلقاها الاتحاد الأفريقي من قبل من المجلس الاستشاري للمياه التابع لسكرتير عام الأمم المتحدة بالتزامن مع توصيات مؤتمر وزراء المياه الأفارقة، استنادا إلى المعلومات التي أوردتها إحدى الدراسات الصادرة عن اليونيسيف قبل أربعة سنين، أوضحت فيها أن 64 في المائة من السكان الأفارقة يستعملون طرقا رشيدة فيما يتعلق باستخدام مياه الشرب الصحية تلك، خاصة أن هذه الدراسة أفادت بأنه ما يربو على المليون من السكان الأفارقة يلقون حتفهم سنويا بسبب المياه الملوثة، في وقت أبانت فيه أن 62 في المائة من الأفارقة متأثرون بذلك.

وكان الهدف من ذلك مواجهة التحديات التي تواجهها القارة الأفريقية بسبب إفرازات ظاهرة الاحتباس الحراري والتي ترتب عليها التغير المناخي، ومن ثم انعكاس ذلك على مخزون أفريقيا المائي، حيث إن هناك حديثا حول كيفية استعمال الحبوب والمحاصيل في صناعة الوقود الحيوي، كبديل للنفط والغاز، في ظل ضعف الإمكانات المادية التي من شأنها توظيف المياه الموجودة بشكل رشيد سواء في التنمية الزراعية أو الصناعية، وهذا في حد ذاته يزيد من عقدة احتمال شح المياه لتلك الأسباب وغيرها مما قد يترتب عليه هو الآخر نزاعات تحتاج لمزيد من الحكمة.

* هذا يقودنا إلى السؤال عن مستقبل وضع المياه الصالحة للشرب ومصير الأفارقة المرتبط بذلك.. ماذا تقول؟

- استنادا للدراسة نفسها يمكنني القول إنه خلال العشرين سنة الماضية، استطاع نحو 245 مليونا بما يعادل 64 في المائة من جملة سكان أفريقيا الاستفادة من زيادة خدمة توفير المياه الصالحة للشرب، والتي تتوقع الدراسة بأن تزيد إلى 78 في المائة في سنة 2015، وبشكل عام ناقش مجلس وزراء المياه الأفريقي خلال اجتماعات اللجنة الفنية الاستشارية والذي استضافته وزارة الري والموارد المائية المصرية الموقف الكامل للمياه والصرف الصحي الحالي بالقارة وبحث كيفية دعمه من خلال تنفيذ السياسات المائية الهادفة لأنجع السبل الكفيلة بتوفير أفضل خدمات المياه المرشدة والصالحة للإنسان والحيوان والنبات.

* أنتم تبحثون عن شراكة خارج أفريقيا سواء كانت مع أوروبا أو أميركا أو مع الخليج، أليس من الأجدى تمتين الشراكة البينية بين الدول الأفريقية نفسها لتكون أكثرة قدرة على الاستفادة من شراكتها مع غيرها؟

- نعم، كلامك صحيح وهذا ما يحدث فعلا فهناك العديد من الاتفاقيات والاجتماعات سواء على مستوى القمة الأفريقية أو الوزارات أو مستوى المؤسسات، وما أدل على ذلك التوجه أكثر من القمة الـ13 للمجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا (سياك) التي انعقدت في العاصمة الكونغولية برازافيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2007، حيث بحثت مشروع رؤية استراتيجية لآفاق سنة 2025 في حضور خمسة رؤساء أفارقة، بالإضافة إلى مناقشة سير المفاوضات التي تجري بين دول وسط أفريقيا والاتحاد الأوروبي تمهيدا لتوقيع اتفاق للشراكة الاقتصادية، فضلا عن تقييم مدى تقدم عملية إنشاء منطقة «سياك» للتبادل الحر، كما أنشئت منظمة أوكام في 1965، وتضم في عضويتها خمس عشرة دولة أفريقية من بينها الكونغو، وتسعى من خلالها لمد جسور التعاون بين الدول الأعضاء في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، مع عدم التدخل في شؤون الغير.

* كنت رئيس «اليوناميد» العاملة في الإقليم السوداني دارفور، ماذا أضاف لك هذا الموقع وماذا خصم منك؟

- حينما توليت أمر رئاسة البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي العاملة بدارفور (اليوناميد)، كنت أشعر بالفخر والإعزاز رغم التحديات التي كانت تواجهني في أداء هذه المهمة باعتبار الإقليم يشهد نزاعات وصراعات بين أطراف كثيرة تزيد يوما بعد يوم في الانقسام والشتات، وحقيقة كنت سعيدا بذلك، ذلك لأنني وجدت نفسي أقوم بخدمة إرساء السلام في إقليم شاسع المساحة تقطنه أعراق مختلفة تستحق أن تعيش بسلام وأمان.

* ولكنك وجدت مضايقات أجبرتك على الاستقالة فيما بعد.. أليس كذلك؟

- لا شك أن البعثة قامت بشيء جميل تجاه دارفور وساهمت في تهدئة الوضع الذي كان ملتهبا حينئذ، وبمرور الأيام تحسن الوضع إلى الأفضل، ولكن يبدو أن تشخيص هذا الوضع بهذه الصورة في غضون الـ26 شهرا مدة رئاستي لليونايميد وقتها، لم يعجب أطرافا لا أسميها مما حدا إلى أن أوضع في موقع تحيزات أو ضغوط تنحرف عن مسار الحقيقة والواقع، مما أجبرني في نهاية المطاف على أن أقدم استقالتي وقد قبلت، وهذا كل ما أستطيع قوله، غير أن بعثة اليوناميد ما زالت تقوم بواجبها وينتظر منها الكثير، خاصة بعدما أصبحت تتمتع بتقدير كبير واحترام جميع الفرقاء في دارفور، وهو ما سيساعدها على مواصلة عملها لتحقيق السلام.