ميزانية السعودية: «النفط» يحول العجز إلى فائض.. واستمرار في عمليات التنمية

وزير المالية: تحويل 108.5 مليار ريال إلى الاحتياطي العام وتوقعات بنمو 3.8% في الاقتصاد الوطني * أكبر ميزانية في تاريخ السعودية تصل إلى 580 مليار ريال تنعكس نتائجها على رفاهية المواطن

TT

استطاع النفط أن يحول العجز المتوقع في الميزانية السعودية للعام الحالي بقيمة 70 مليار ريال (18.6 مليار دولار)، إلى فائض بقيمة 108.5 مليار ريال (29 مليار دولار)، في الوقت الذي يتوقع أن يبلغ معدل النمو 3.8 في المائة مدعوما بنمو القطاع الخاص 5.9 في المائة، مع تحقيق عجز بقيمة 40 مليار ريال (10 مليارات دولار)، الذي يمثل 2.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع للعام الحالي.

وأكد الدكتور إبراهيم بن عبد العزيز العساف، وزير المالية السعودي، أن ميزانية العام المالي الجديد احتوت على نتائج ستنعكس على رفاهية المواطن، وقال العساف في تصريح صحافي عقب جلسة مجلس الوزراء أمس: «إن النفقات حسب التقديرات سترتفع عن تقديرات العام الحالي بـ40 مليار ريال، كذلك بالنسبة للإيرادات والتقديرات، نتوقع أن تصل إلى 540 مليار ريال»، مشيرا إلى أن النتائج لهذا العام كانت ممتازة ولله الحمد، حيث حققت الميزانية فائضا قدره 108.5 مليار ريال ستضاف للاحتياطي العام وتخصيصه للمشاريع المستقبلية.

وأضاف الدكتور إبراهيم العساف أن مؤشرات الاقتصاد السعودي جيدة «ويتوقع أن يحقق الاقتصاد نموا قدره 3.8 في المائة في جميع مكونات الاقتصاد الوطني، سواء في القطاع الخاص أم القطاعات الأخرى، بالإضافة إلى القطاع البترولي الذي نما بنسبة 2.1 في المائة».

وأبدى وزير المالية السعودي تطلعه لتنفيذ ما جاء في الميزانية العامة للدولة وتنفيذها حسب توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ونائب خادم الحرمين الشريفين الأمير سلطان بن عبد العزيز، التي تؤكد على الوزراء والمسؤولين أن يتم التنفيذ بالشكل والسرعة اللازمين.

وأعلنت السعودية أمس ميزانية تاريخية للعام المالي 2011 مقدرة إياها بـ580 مليار ريال، وإيرادات متوقعة تبلغ 540 مليار ريال، وهو ما يؤكد استمرار المملكة في النمو بحركة التنمية، في الوقت الذي جاءت التوقعات بتحقيق عجز للعام الثالث على التوالي.

وبحسب بيان وزارة المالية، استحوذ التعليم على 26 في المائة من الميزانية العامة، في خطوة تؤكد استمرار المملكة في دعم التعليم، وبلغ ما تم تخصيصه لقطاع التعليم العام والتعليم العالي وتدريب القوى العاملة نحو 150 مليار ريال (40 مليار دولار)، بزيادة نسبتها 8 في المائة، عما كان عليه في الميزانية الماضية.

وكانت الإيرادات الفعلية للعام الحالي سجلت نحو 735 مليار ريال بزيادة نسبة 56 في المائة عن المتوقع، مقابل نفقات بما يصل إلى 626 مليار ريال بزيادة نسبة 16 في المائة عن المبلغ المقدر عند إقرار الميزانية سابقا.

وذكرت وزارة المالية السعودية أن نفقات 2010 لا تشمل المبالغ المخصصة لمشاريع البرنامج الإضافي المموَّلة من فائض إيرادات الميزانية، والتي يُقدَّر أن يبلغ ما تم إنفاقه عليها في نهاية العام المالي الحالي 18.5 مليار ريال، سيتم تمويلها من حسابات خاصة بها لدى مؤسسة النقد العربي السعودي، مشيرة إلى أن التركيز في 2011 سيكون على المشاريع التنموية التي تعزز استمرارية النمو والتنمية طويلة الأجل، وبالتالي زيادة الفرص الوظيفية للمواطنين.

واستحوذت قطاعات الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية على نحو 68.7 مليار ريال، بزيادة نسبتها 12 في المائة على ما تم تخصيصه بميزانية 2010، كما سيتم الإنفاق على قطاع النقل والاتصالات نحو 25.2 مليار ريال، و24.5 مليار ريال على قطاع الخدمات البلدية، و50.8 مليار ريال على قطاع المياه والزراعة والتجهيزات الأساسية الأخرى.

من جهته قال عبد الله أحمد زينل، وزير التجارة والصناعة: «لا أدل على اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ونائبه الأمير سلطان بن عبد العزيز، والأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، مما يولونه من اهتمام بالمواطن والنهوض بكل ما يمس حياته اليومية، وما صدور هذه الميزانية التي تحمل بشائر الخير والنماء لهذا الوطن العزيز على قلوبنا جميعا، حيث اهتمت اهتماما بالغا بالمشاريع والبرامج التي لها علاقة برفاهية المواطن، ورفعته، وتقوية اقتصاد المملكة لتأكيد المكانة البارزة والمرموقة لهذا الاقتصاد في الاقتصادات العالمية».

إلى ذلك، قال عبد الرحمن الجريسي، رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض إن الاقتصاد الوطني يتمتع بقوة وسلامة أسسه وأركانه، مبينا أن ما حملته الميزانية العامة للدولة للعام الجديد يؤكد متانة الاقتصاد السعودي، واستمرار مسيرة التمنية الشاملة.

وشدد الجريسي على أن صدور ميزانية الدولة للعام الجديد بما تضمنته من أرقام ومخصصات تؤكد سلامة النهج الاقتصادي ونجاعة الإصلاحات الاقتصادية التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وتطمئن الاقتصاديين والمواطنين بأن الاقتصاد السعودي مستمر في تنامي قوته وثباته ومتانة قواعده، وقدرته على مقاومة كل الظروف الصعبة التي تواجهها الاقتصادات العالمية والأزمات المالية والاقتصادية التي لا تزال تصيب عددا من الدول، وتتسبب في إحداث تأثيرات سلبية على حركة التجارة العالمية.

وأوضح الجريسي أن ما خصصته الميزانية من مبالغ ضخمة للإنفاق على جوانب التنمية والبناء والخدمات والقطاعات الحيوية المتصلة بمصالح المواطنين وتلبية احتياجاتهم، يثبت أن الإنسان السعودي هو محل الاهتمام الأول، والمعني في الأساس بخيرات الوطن وثرواته.

وأشار إلى تأكيد الميزانية على الدور الذي يقوم به القطاع الخاص الوطني في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وهو ما يجسد التزام الدولة بدعم القطاع الخاص في تنفيذ مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو دور نجح القطاع الخاص في النهوض به بكفاءة ومقدرة عالية. وأضاف: «الميزانية توفر الكثير من الامتيازات للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وأدعو الجميع للاجتهاد والعمل الجاد من أجل أن نعطي الفاعلية والمزيد من القوة والثبات لاقتصادنا الوطني».

ولفت الجريسي إلى أن ما تجسده أرقام الميزانية من مظاهر قوة للاقتصاد الوطني يأتي معززا بصدور شهادة دولية من مؤسسة التمويل الدولية، التابعة للبنك الدولي قبل أيام، التي وضعت المملكة في المكانة الـ11 عالميا من حيث تنافسية بيئة الاستثمار، في تقريرها الذي يقيم بيئة الاستثمار ومستويات تنافسية الاستثمار واجتذاب التدفقات الاستثمارية الأجنبية في 183 دولة في العالم، وهو ما يعدّه الجريسي تقديرا عالميا لسلامة النهج الاقتصادي للمملكة، وسلامة السياسات المالية والنقدية التي تنتهجها حكومة خادم الحرمين الشريفين.

وقال: «إن أداء الاقتصاد السعودي وتميزه يتعزز أيضا بشهادات دولية أخرى تثبت سلامته، حيث حصلت قبل شهرين على المركز الثامن من حيث تدفقات الاستثمار الأجنبي المنفذة على أرض الواقع، من خلال التقرير الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، وقبل ذلك حصولها على شهادة من وكالة التصنيف العالمية (موديز) لخدمات المستثمرين، رفعت التقييم الائتماني لاقتصادنا الوطني من درجة A1 إلى درجة AA3».