السعودية وضعت ميزانية عام 2011 على أساس 58 دولارا سعرا لبرميل النفط

توقعات بأن تستحوذ الإيرادات النفطية في العام المقبل على نسبة 88% منها

توقعات بأن تستحوذ الإيرادات النفطية على نحو 88% من ميزانية العام المقبل («الشرق الأوسط»)
TT

قدر خبير دولي في السعودية أن حسابات الميزانية الجديدة وضعت على أساس متحفظ لسعر النفط، حيث أشار إلى أن تقديرات المداخيل النفطية في الميزانية الجديدة بنيت على أساس سعري لبرميل النفط بنحو 58 دولارا لخام غرب تكساس.

وقال الدكتور جون اسفيكياناكيس، كبير الخبراء الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي، إن التقديرات الاقتصادية لإيرادات الحكومة السعودية لعام 2011 تشير إلى أن الموارد النفطية ستشكل نحو 88 في المائة من الإيرادات العامة للدولة، بانخفاض قدره 3 في المائة عن عام 2010، حيث بلغت الإيرادات النفطية في تقديرات العام المالي المنتهي نحو 91 في المائة من إيرادات الدولة.

وكانت السعودية قد أعلنت ميزانية ضخمة قدرت مصروفاتها بـ580 مليار ريال (154 مليار دولار) مع توقعات بعجز يصل إلى 40 مليار ريال (10.6 مليار دولار). ووصف الدكتور جون اسفيكياناكيس في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس، السياسة المالية التي اتبعتها الحكومة السعودية في التعامل مع الدين العام وخفضه، بأنها سياسة مالية ناجحة، فعلى مدى ثماني سنوات، تراجع الدين العام من 588 مليار ريال (156.8 مليار دولار) في عام 2002 إلى 167 مليار ريال (44.5 مليار دولار) في عام 2010. واعتبر كبير الخبراء الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي، أن هذا الخفض الكبير في الدين العام أكثر من متوقع، حيث يعطي السعودية ملاءة مالية أكبر.

وتبلغ نسبة تقلص الدين العام نحو 70 في المائة من حجمه قبل ثماني سنوات، حيث يعيد الدكتور جون ذلك النجاح إلى نمو الناتج المحلي بشكل كبير، حيث أشار إلى أن السنة المالية الماضية شهدت نموا لإجمالي الناتج المحلي بنحو 3 في المائة، ليبلغ نحو 1.63 تريليون ريال (434 مليار دولار)، وأضاف أن ذلك يعطي السعودية قدرة على تكوين ديون عامة في العام المقبل، وهي في وضع مالي مريح، مبينا أن الحكومة السعودية تستخدم الدين العام لضبط التضخم على المستوى المحلي، يشار إلى أن وزارة المالية السعودية قالت في وقت سابق من العام الحالي إنها ستلجأ إلى ديون عامة جديدة إذا اخترقت نسبة الدين العام حاجز الـ10 في المائة عند مقارنته بالناتج المحلي نزولا.

وفي ذات السياق رأى الخبير الاقتصادي السعودي فضل سعد البوعينين أن السياسة المالية التي تتبعها الحكومة السعودية توازن المعادلة الأصعب، بين ثلاثة أطراف مهمة، هي نمو الناتج المحلي والإنفاق التوسعي، ونسب التضخم المحلية، وتستخدم الدين العام لضبط هذه المعادلة، ويرى البوعينين أن استخدام السعودية لحسابات متحفظة لواردتها من النفط، أعطاها قدرة أكبر على الإنفاق أكثر من تقديرات الميزانية للمصروفات في العام الماضي، مما مكنها في نهاية العام من تحقيق فائض كبير تم توجيهه لخفض الدين العام، وجعله في مستوى متدنٍّ اقتصاديا عند مقارنة السعودية ببقية دول العشرين. وتخصص الحكومة السعودية ضمن مصروفاتها لمشاريع البنى التحتية والمشاريع الاستثمارية الرأسمالية للعام المالي الجديد 2011، نحو 256 مليار ريال (68.26 مليار دولار)، وذلك ضمن خطة تنموية استثمارية انطلقت في عام 2008، وتنتهي في عام 2013.

وهنا أشار كبير الاقتصاديين في البنك السعودي - الفرنسي، إلى أن هذه المخصصات تنسجم مع الخطط الحكومية السعودية التي أطلقت في قمة العشرين، التي حضرها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، في عام 2008، حيث أعلنت الحكومة السعودية حينها استثمارات في مشاريع بنى تحتية ورأسمالية بقيمة 400 مليار دولار، وذلك من أجل دفع الاقتصاد العالمي نحو التعافي، وتحفيز الاقتصاد المحلي لتحقيق نسب نمو أكبر، حيث ستوجه هذه المبالغ للاستثمار في مشاريع تخدم قطاعات التعليم والبنى التحتية ومشاريع النقل، وتنويع مصادر الدخل. وتابع: «السعودية قطعت شوطا كبيرا في تنفيذ وعودها باستثمارات مالية كبيرة لبرنامج التحفيز الاقتصادي، واعتبر الدكتور جون أن المخصصات للعام المالي الجديد لم تتراجع كثيرا عن المخصصات للعام الماضي»، يشار إلى أن مخصصات المشاريع للعام المالي الماضي كانت تقدر بـ260 مليار ريال (69.3 مليار دولار)، وقال «المخصصات تأتي لاستكمال مشاريع سابقة ضخمة في البنى التحتية».

وفي هذا السياق قال فضل البوعينين إن الحكومة السعودية تنفق بشكل توسعي في مشاريع البنى التحتية، وأضاف: وصلت هذه المشاريع إلى مستوى مُرضٍ، ولكنها ما زالت بحاجة إلى مزيد من المخصصات حتى تستكمل بشكل كامل، مشيرا إلى أن المخصصات للمشاريع تعد الباب الرئيسي في ميزانية هذا العام وميزانيات الأعوام السابقة.

وأضاف: «لا بد من ربط المخصصات المالية للمشاريع بمعدل الإنجاز بكفاءة، حتى لا يكون هناك تكدس في المشاريع الحكومية، وذلك لكسب رضا المواطن، عند مقارنة الأرقام التي تعلنها الحكومة السعودية بالمنجز على أرض الواقع، وكذلك ضبط نسب التضخم، حيث إن التوسع في هذه المشاريع دون الأخذ في الاعتبار معدل الإنجاز سيزيد من الضغط على المواد التي تحتاجها هذه المشاريع، مما يعكس الهدف من إنجازها، حيث ستزيد من معدل التضخم بالنسبة للمواطن».

وأضاف أن خيار السعودية هو التدريب والتعليم حيث تخصص لهما بند أكبر في الميزانية يتجاوز ربع إيرادات الدولة، وقال البوعينين إن ذلك يأتي في باب الإنفاق الاستثماري الاقتصادي، وأضاف أن الاقتصاد يقوم على الإنفاق على المعرفة والتعليم والتدريب، مشيرا إلى أن مخصصات التعليم، التي قدرت بنحو 150 مليار ريال (40 مليار دولار) لقطاع التعليم والتدريب، جاءت للقفزة الكبيرة في عدد الجامعات، وكذلك اعتبار التعليم خيارا استراتيجيا للحكومة السعودية للاستثمار في تنمية المواطن معرفيا، مضيفا أن هذه المخصصات تأتي ضمن خطط الملك عبد الله للتنمية الاقتصادية التي تنصب على تطوير التعليم بما يتوافق وحاجات سوق العمل.