«جدوى» للاستثمار: السياسة المالية تتيح للسعودية احتواء العجز وزيادة الإنفاق

اعتبرت أن بدء انتعاش القروض وارتفاع الإنفاق الاستهلاكي وإنفاق الشركات مؤشرات لتحسن الاقتصاد العالمي

تم خفض الدين المحلي إلى أدنى مستوى له خلال فترة طويلة، حيث بلغ نحو 167 مليار ريال عام 2010 («الشرق الأوسط»)
TT

على النقيض من التوجهات المالية لكثير من بلدان العالم التي تلجأ إلى خفض الإنفاق بدرجة كبيرة لاحتواء العجز في ميزانياتها بسبب المخاوف من مشكلات الديون، أشار تقرير اقتصادي إلى أن السعودية لا تواجه أي مشكلات بسبب الديون العامة، حيث لا تبلغ نسبة الدين العام سوى 10.2 في المائة فقط من الناتج الإجمالي، مما يعطي السعودية قدرة على تمويل أي عجز بسهولة من خلال السحب على الموجودات الأجنبية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، التي بلغت 429 مليار دولار بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحسب ما ذكرته «جدوى».

وذكرت «جدوى» في تقرير لها بمناسبة الإعلان عن الميزانية السعودية أنه تم خفض الدين المحلي إلى أدنى مستوى له خلال فترة طويلة، حيث بلغ نحو 167 مليار ريال عام 2010، في الوقت الذي توقعت فيه شركة «جدوى» للاستثمار أن تسجل ميزانية العام الجديد فائضا طفيفا استنادا إلى التقديرات المتحفظة بأن يبلغ متوسط سعر الخام السعودي 78 دولارا للبرميل خلال عام 2011 وأن يتخطى الإنفاق الحكومي المستوى المقرر في الميزانية.

وكانت السعودية قد أعلنت، أمس، عن ميزانية تاريخية للعام المالي 2011 مقدرة بـ580 مليار ريال، وإيرادات متوقعة تبلغ 540 مليار ريال، في الوقت الذي حققت فيه الإيرادات الفعلية للعام الحالي نحو 735 مليار ريال بزيادة بلغت نسبتها نحو 56 في المائة عن المقدر لها، تشكل الإيرادات البترولية منها نحو 91 في المائة.

وسجلت الميزانية السعودية للعام الحالي 2010 فائضا بلغ 108.5 مليار ريال، في الوقت الذي توقعت فيه أن تبلغ مصروفات العام الحالي نحو 626.5 مليار ريال بزيادة تبلغ نحو 86.5 مليار ريال، تشكل نسبة 16 في المائة عما صدرت عليه الميزانية.

وأشارت شركة «جدوى» للاستثمار في تقرير تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه في قراءتها للبيانات الاقتصادية التي تضمنتها الميزانية العامة التي أعلنتها الحكومة السعودية، أمس، إلى أن الميزانية العامة للدولة تسجل للعام الثالث على التوالي تقديرات بالعجز في الإيرادات الحكومية المتوقعة في مقابل المصروفات العامة المتوقعة، يتوقع أن تسجل ميزانية عام 2011 عجزا قدره 40 مليار ريال (11 مليار دولار)، وذلك بناء على حجم إيرادات يبلغ 540 مليار ريال وإنفاق يبلغ 580 مليار ريال.

ويتركز الإنفاق في الميزانية الجديدة على بنود الدفاع والتعليم والرعاية الصحية، حيث إن الإنفاق الاستثماري قد شهد تراجعا طفيفا عن المستوى الذي كان مقررا له في ميزانية عام 2010، لكنه يظل مرتفعا جدا، حيث بلغ حجمه 256 مليار ريال (68.2 مليار دولار)، بما يؤهله للاستمرار في لعب دور المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي طوال العام.

وفي ذات السياق، تعتبر «جدوى» للاستثمار أن الميزانية السعودية تؤكد على استمرار الدور الحيوي للإنفاق الحكومي في الاقتصاد خلال العام المالي الجديد 2011، مما أعطى الخبراء الاقتصاديين في شركة «جدوى» للاستثمار مؤشرات بأن يتحسن الاقتصاد العالمي، وأن تتحسن الأوضاع الاقتصادية عام 2011 في ظل بدء الانتعاش في القروض المصرفية وارتفاع الإنفاق الاستهلاكي وإنفاق الشركات.

وفي حين سجلت الميزانية العامة للدولة في 2010 فائضا قدره 108 مليارات ريال (28.8 مليار دولار) مقارنة بعجز كان متوقعا أن يأتي في حدود 70 مليار ريال (18.6 مليار دولار)، حسب التقديرات الأولية للميزانية، حيث جاءت الإيرادات التي بلغت 735 مليار ريال (196 مليار دولار) أعلى بنسبة 56 في المائة عما كان مقررا في الميزانية، بل وفاقت التقديرات التي وضعها الخبراء الاقتصاديون بناء على أسعار النفط وحجم الإنتاج - فإن الإنفاق الحكومي ارتفع بمعدل 5 في المائة فقط، بما يعتبر أدنى معدل نمو له منذ عام 2002، حيث بلغت قيمته الإجمالية 626.5 مليار ريال (167 مليار دولار).

وفي قراءة للبيانات الاقتصادية الأولية التي أظهرتها الميزانية، فإن نموا قويا للاقتصاد حدث خلال عام 2010، حيث ارتفع الناتج الإجمالي الفعلي بواقع 3.8 في المائة، بينما سجل القطاع الخاص غير النفطي نموا بلغ 2.5 في المائة، وبحسب تحليلات خبراء شركة «جدوى» للاستثمار، فقد جاء قطاع الطاقة والمرافق العامة الذي استفاد من الاستثمارات الحكومية الضخمة كأسرع القطاعات نموا، حيث أدى ارتفاع الإيرادات النفطية إلى مضاعفة فائض الحساب الجاري ثلاث مرات ليبلغ 70 مليار دولار، في حين قدر متوسط التضخم عند 3.7 في المائة، في تباين واضح عن متوسط فترة الأحد عشر شهرا الأولى من العام.