الصين والهند تتفقان على مضاعفة حجم التبادل التجاري بينهما

رئيس الوزراء الصيني: القرن الواحد والعشرون من نصيب العملاقين الآسيويين

من المتوقع أن يصل حجم التجارة المتبادلة بين الدولتين إلى 60 مليار دولار خلال السنة المالية الحالية («الشرق الأوسط»)
TT

تفوقت التجارة على السياسة مع زيارة ون جيا باو، رئيس الوزراء الصيني إلى الهند. واتفق ون مع نظيره الهندي، مانموهان سينغ، على مضاعفة حجم التبادل التجاري بين الدولتين إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2015، وذلك خلال محادثات لم تشر إلى تقدم ملحوظ بشأن سلسلة الخلافات المثيرة للقلق. واصطحب ون في زيارته وفدا يتكون من 400 رجل أعمال، في إشارة قوية إلى قطاع التجارة. وعقد هذا الوفد عددا من الصفقات بقيمة 16 مليار دولار في القطاعات المالية وتوليد الطاقة والمنتجات الزراعية ومعدات الطاقة والمنتجات الدوائية والمعدنية والبحرية.

وبلغ حجم التجارة المتبادلة العام الماضي بين الدولتين اللتين تتمتعان باقتصاد سريع النمو 42 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل إلى 60 مليار دولار خلال السنة المالية الحالية، ويمتد إلى مارس (آذار).

وبحسب ون، فإن القرن الواحد والعشرين من نصيب العملاقين الآسيويين، الهند والصين، لذا يمكن للدولتين أن تتعاونا في إتمام جولة الدوحة لمحادثات منظمة التجارة العالمية. وأضاف أن مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة يجب أن تبدأ بين الدولتين، رافضا بشدة فكرة التنافس بين «التنين» و«الفيل». وقال ون إن النمو الاقتصادي السريع في الهند والصين يعد عاملا مهما في دفع الاقتصاد العالمي بشكل عام.

وكانت أولى محطات ون بعد وصوله إلى العاصمة الهندية دلهي هي قمة التعاون الصيني - الهندي في مجال الأعمال التي استضافتها غرفة الصناعة الهندية. وقد أكد ون خلال كلمة ألقاها هناك أن الصين مستعدة لفتح أسواقها للمنتجات الدوائية والزراعية الهندية والخدمات، في إطار الإجراءات التي تقوم بها لخفض عجز الميزان التجاري المتزايد، الذي تواجهه الهند مع دولة الجوار الآسيوية. وأوضح ون أن بيئة الاستثمار في الهند والصين جيدة، وهو ما تجلى في التدفق الكبير للاستثمار الأجنبي بهما. ومع ذلك فإن حجم تدفق الاستثمارات المتبادل بين البلدين أقل من 700 مليون دولار، وهناك مجال لزيادته.

لكن توضح الإحصاءات الخاصة بحجم التبادل التجاري بين البلدين الكثير، حيث كان نصيب الصين 35 مليار دولار من نحو 50 مليار دولار، بينما بلغ نصيب الهند 15 مليار دولار ويشمل سلعا تقليدية مثل الحديد والمنتجات البحرية والغذائية والجواهر والمجوهرات والأدوية. وبلغت قيمة السلع التي تصدرها الصين من الآلات، خاصة التي تستخدم في قطاعات الطاقة، 7.8 مليار دولار (24 في المائة) وقيمة الأجهزة الإلكترونية، التي تستخدم أكثرها في قطاع الاتصالات مع سيطرة شركتي «هواي» و«زي تي إي» على ثلث السوق الهندية في الاتصالات الهاتفية المباشرة، تبلغ 7.6 مليار دولار (23 في المائة)، والكيماويات العضوية 3.3 مليار دولار (10 في المائة) والحديد والمعدن 1.8 مليار دولار (6 في المائة) والأسمدة 1.4 مليار دولار (4 في المائة).

وتشير الأرقام الخاصة بالتبادل التجاري إلى اختلال في التوازن، مما يعني أن أي ترتيب خاص بالتجارة الحرة، حتى وإن كان جزئيا، فإنه غير مطروح للنقاش، على الأقل في الوقت الحالي. ويبدو أن نيودلهي قالت للصين إن الانخراط في السوق بشكل أكبر، على سبيل المثال في قطاع الاتصالات، سيعتمد على «التفاهمات السياسية» مثلا في قطاع الصناعات الدوائية. وقال أحد مسؤولي الحكومة: «إذا رغب الصينيون في الانخراط في السوق الهندية بشكل أوسع، فينبغي علينا أن نصل إلى تفاهم على المستوى السياسي يدعم مصالحنا الاقتصادية».

لكن ون قال: «الصين تأخذ هذا الاختلال في الميزان التجاري على محمل الجد. نحن على استعداد لاتخاذ خطوات من أجل تسهيل دخول تكنولوجيا المعلومات والمنتجات الدوائية والزراعية الهندية إلى السوق الصينية».

وتصطف الشركات الهندية الخاصة العاملة في مجال الطاقة، سواء «ريلاينس باور» لأنيل أمباني أو «أداني باور» أو «جي إم آر» أو «جيندال باور»، لشراء المعدات الصينية، مشيرين إلى أنه لا يمكن التفوق على تلك الأسعار التنافسية ومستوى جودة لا بأس به والتوصيل السريع والعمولة.

المثير في الأمر أن أنيل أمباني وقع صفقة بقيمة 10 مليارات دولار مع شركة «شنغهاي إلكتريك» بعد رفض مصرف «إكسيم» الأميركي منحه قرضا، لأنه ليس لديه ما يضمن الحفاظ على البيئة. على الجانب الآخر كان الصينيون يشعرون بالرضا لحصولهم على الصفقة.

وبحسب محلل حكومي، أخطرت بكين كبرى شركات صناعة السيارات بإمكانية بدء التحضير لمنافسة الشركات المصنعة للسيارات اليابانية والكورية الجنوبية في الهند. وبدأت شركة «شنغهاي أوتوموتيف إنداستري»، إحدى كبرى شركات صناعة السيارات الصينية، في العمل على أساس هذا الأمر السياسي، موضحا أنها حصلت بالفعل على نصيب من «جنرال موتورز» في الهند من خلال استحواذها الجزئي على «جنرال موتورز».

وتعد هذه الزيارة هي الثانية التي يقوم بها ون بعد زيارته الأولى عام 2005. وتتزامن الزيارة مع الذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين اللذين سادت في علاقتيهما شكوك متبادلة في الأساس نتيجة النزاع الطويل على الحدود الذي يرجع إلى صراع مرير، وإن كان قصيرا، حدث عام 1962.

ويعد ون ثالث أكبر زعيم في العالم يزور الهند منذ نوفمبر (تشرين الثاني) بعد الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. لكن فيما يعد تطورا دبلوماسيا كبيرا، قال ون إنه ينبغي على مسؤولي الهند والصين عقد مناقشات عميقة لحل الخلافات الخاصة بمنح المواطنين الهنود من جامو وكشمير تأشيرات دخول. وقد أثار ون الموضوع خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ في نيودلهي، حيث قال إن الصين تأخذ قلق الهند على محمل الجد.