أجهزة العمليات المعقدة في «وول ستريت» تتعامل مع شيء جديد.. إنها الأخبار

التطور الذي استغرق أعواما يأتي كجزء من ثورة تقنية تعيد تشكيل حي المال

استخدام أجهزة كومبيوتر سريعة لتصفح التقارير ومواقع الشركات والتحديثات على المدونات ورسائل عبر موقع «تويتر»، لتحديد ما يعني ذلك بالسوق
TT

ستبدأ الأجهزة التي تجري عمليات حسابية معقدة داخل «وول ستريت» تتعامل مع شيء جديد: إنها الأخبار.

بعد أن يستخدم متداولون عاشقون للرياضيات أجهزة كومبيوتر قوية من أجل القيام بتصفح سريع للتقارير الإخبارية والمقالات الافتتاحية ومواقع الشركات والتحديثات على المدونات ورسائل عبر موقع «تويتر»، سيتركون الأجهزة لتحدد ما يعني ذلك بالكامل داخل السوق.

ويتجاوز هذا التطور الوجبة الرقمية التي تشمل المواضيع الأكثر قراءة أو المواضيع الأكثر إرسالا عبر البريد الإليكتروني. وفي بعض الأحيان ستقوم أجهزة الكومبيوتر بالفعل بدراسة الكلمات التي اختارها الكتاب وتراكيب الجملة وحتى التعبيرات الغريبة. وعلى سبيل المثال، قد تعني الإشارة التي تستخدم في لغة المحادثة عبر الإنترنت لتدل على غمز بالعين وابتسامة - ;) - أن هناك أشياء تتحسن داخل الأسواق. وبعد ذلك ستقوم هذه البرامج، وفي الأغلب من دون تدخل بشري، بتفسير هذه الأخبار والاستفادة منها.

وعلى ضوء التقلب الذي تشهده الأسواق ومخاوف من أن يؤدي التداول بالاعتماد على أجهزة الكومبيوتر إلى مبالغة في عمليات الصعود والهبوط، فإن فكرة استخدام «وول ستريت» أجهزة تدرس الأخبار تبدو ككابوس يطارد المستثمرين.

ولكن يأتي هذا التطور، الذي استغرق أعواما، كجزء من ثورة تقنية تعيد تشكيل «وول ستريت». وداخل قطاع تعد المعلومات السلعة الأكثر قيمة، يمكن للمتداولين الذين توجد معهم أجهزة كومبيوتر أسرع وأكثر ذكاء التفوق على منافسيهم.

ويقول روغر إرنبرغ، وهو شريك إداري في شركة «آي إيه فنتشرز» الاستثمارية والمتخصصة في الشركات الصغيرة، متحدثا عن بعض التقنية الجديدة التي ساعدت متداولين على التعرف على أحداث وتفسيرها: «يشبه الأمر سباق تسلح».

وتتجاوز هذه التقنية الأرقام وتحاول تحليل الاتجاه العام داخل السوق وتلك المشاعر التي لدى مستثمرين بشأن الأسواق. وكما هو الحال مع آخر الأرقام الاقتصادية، يمكن للأخبار والدردشة عبر الشبكات الاجتماعية - وهي ما تعرف باسم «بيانات غير مهيكلة» - تغيير الحالة المزاجية.

ويحاول المتداولون البارعون في استخدام التقنية الحصول على بيانات من التقارير الجديدة والتصريحات الإخبارية والمواقع الإليكترونية الخاصة بالشركات منذ أعوام. ولكن تتجاوز البرامج الجديدة المعتمدة على اللغويات ذلك. وقد تبنت مؤسسات إخبارية مثل «بلومبرغ» و«داو جونز» و«طومسون رويترز» هذه الفكرة، لتقدم خدمات يفترض أنها تساعد عملاءهم داخل «وول ستريت» على دراسة الأخبار بصورة تلقائية.

ومن خلال العمل مع أكاديميين داخل جامعة كولومبيا وجامعة نوتردام، قامت «داو جونز» بإعداد قاموس يشمل نحو 3700 كلمة تشير إلى تغيرات في الشعور العام. ويشمل الشعور بشيء جيد كلمات واضحة مثل «فائز» و«قوة» و«براعة». فيما يشمل الشعور بشيء غير جيد كلمات مثل «مخاطرة» و«تآمر».

وبصورة نمطية يقوم البرنامج بتحديد موضوع قصة ما وبعد ذلك يدرس الكلمات الفعلية. وصيغت البرامج مع أجل التعرف على معنى الكلمات والعبارات في سياقات مختلفة.

ويستخدم فينس فيورامونتي، وهو مدير محافظ مالية في صندوق «ألفا لإدارة الأسهم» الذي تبلغ قيمته 185 مليون دولار في هارتفورد، برنامجا يتبع مؤسسة «طومسون رويترز» من أجل قياس الاتجاه العام خلال أسابيع بدلا من دقائق وساعات، ويقوم بتحويل هذه المعلومات مباشرة إلى نظم التداول التابعة لصندوقه.

ويقول فيورامونتي: «تعطيك هذه الأشياء قدرة على استيعاب المزيد من المعلومات».

وتقوم مؤسسة «بلومبرغ» بمتابعة المقالات الإخبارية والتغذية عبر موقع «تويتر» وتخطر عملاءها إذا بدأ الكثير من الأشخاص فجأة إرسال رسائل عبر «تويتر» عن «آي بي إم»، على سبيل المثال.

وتقول «ليكسليتكس»، وهي شركة تحليل نصوص في أمهيرست داخل ولاية ماساتشوستس تعمل مع شركة «طومسون رويترز»، إنها تمكنت من تطوير خوارزميات تجعل لرسائل «تويتر» معنى. ويتضمن ذلك تعبيرات مثل التعبير عن وجه سعيد:) ووجه غير سعيد: \.

وهناك الكثير من المشككين، ولكن يؤكد مناصرون على أن هذا البرنامج سوف يجذب المتداولين. ويقول جيف كاتلين، الرئيس التنفيذي لدى «ليكسليتكس»: «هذه بداية الأخبار، وستكون لديك ميزة لو كنت متداولا».

ويهتم المتداولون البارعون في استخدام أجهزة الكومبيوتر بذلك الأمر. وحسب ما أفادت به شركة «آي غروب» للاستشارات المالية، فإن نحو 35 في المائة من شركات التداول الكمي تدرس استخدام تغذيات البيانات غير المهيكلة. وقبل عامين، كانت نحو 2 في المائة من هذه الشركات تستخدمها.

وغالبا ما يستخدم المتداولون البارعون في استخدام الكومبيوتر هذه البرامج من أجل إدارة مخاطرهم، وذلك بإنهاء التداول عندما تظهر أخبار سيئة.

ولكن يقول خبراء في القطاع إن هذه البرامج تحدث تغييرا داخل الأسواق أيضا. وفي مايو (أيار) الماضي، ومع وصول الأزمة المالية داخل اليونان إلى مستوى جديد، التقطت أجهزة الكومبيوتر داخل «وول ستريت» خبرا به كلمة «هاوية» في العنوان وبدأوا في عمليات بيع، وفق ما قاله خبراء.

ولكن حذر البعض من هوة رقمية متنامية داخل الأسواق، قائلين إن المتداولين الأثرياء الذين يتحملون تكلفة التقنية المتطورة سيكونون متميزين على الآخرين.

ويخشى بول تيتلوك، وهو أستاذ مشارك في جامعة كولومبيا أجرى أبحاثا استخدمت من أجل عمل الخوارزميات المرتبطة بالأخبار، من أن هذه التقنية سوف تشوه ميدان العمل. وقال إن المنظمين سوف يراقبون عن كثب هؤلاء المتداولين الذين لديهم سرعة عالية.

ويضيف: «سيقوم الناس بتداول الأخبار بوتيرة مرتفعة، ويخشى أفراد من ذلك».

ولكن يتحدث الخبراء بالفعل عن الخطوة المقبلة - وهي برامج تدرس تلقائيا ما يذاع أو يكتب على شاشات التلفاز.

ويقول آدم أونوريه، مدير البحث في «آيت غروب»، إن الابتكارات لم تنته عند هذا الحد. وقال إن بعض المتداولين كانوا يستخدمون البرنامج الذي تابع التصريحات العلنية من جانب مسؤولين تنفيذيين وقدموا مكافئا كومبيوتريا لاختبار كشف الكذب.

وقال أونوريه عن البيانات غير المهيكلة: «هذه هي الموجة الجديدة في التداول، ويتوافق ذلك مع المزيد من الأشياء الحياتية التي تتحول إلى الصورة الرقمية».

* خدمة «نيويورك تايمز»