مسؤول أوروبي يدعو إلى تقنين ومراقبة الاستثمارات الأجنبية خاصة الصينية

بعد أيام من الحوار الاقتصادي بين بروكسل وبكين

TT

صدرت تصريحات عن مسؤول أوروبي رفيع المستوى، تدعو إلى ضرورة تقنين الاستثمارات الصينية في الاتحاد الأوروبي وإنشاء آلية لمراقبتها، وهي تصريحات اعتبرها الكثير من المراقبين في بروكسل، أنها واحدة من المواجهات بين عدد من الدول الأعضاء في الاتحاد والشريك الصيني.

ولكن البعض الآخر وجد في كلام المسؤول الأوروبي محاولة لتفادي المواجهة المباشرة مع بكين، وخاصة أنه بدأ كلامه بالحديث عن تقنين الاستثمارات الأجنبية بشكل عام في الاتحاد الأوروبي، وحسب ما جاء في تصريحاته، دعا المفوض الأوروبي لشؤون التصنيع أنطونيو تاياني إلى مراقبة الاستثمارات الأجنبية الاستراتيجية، لا سيما الصينية منها.

واقترح تاياني، في مقابلة مع صحيفة «هاندلسبلات» الألمانية الأعمال «استحداث سلطة محددة تكلف التحقق من الاستثمارات الأجنبية في أوروبا» مستوحاة من لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة الأميركية، وتابع أن «الشركات الصينية حينما تستطيع ذلك، تقوم بشراء المزيد من الشركات الأوروبية التي تحتكم على التكنولوجيات الرئيسية في المجالات المهمة، وهذه الاستثمارات تنطوي أيضا على استراتيجية سياسية يجب على أوروبا أن ترد عليها بصورة سياسية» - حسب تعبيره. ورأى تاياني أن «السلطة المختصة (المقترحة) ستمكننا من معرفة ما إذا كان اكتساب المعرفة الأوروبية من جانب شركات أجنبية خاصة أو عامة يشكل خطرا أم لا»، وقال أنطونيو تاياني إن «على الاتحاد الأوروبي العمل على حماية قطاعاته الاستراتيجية عبر التحكم في عمليات السيطرة الأجنبية وخاصة الصينية».

واقترح المفوض الأوروبي إرساء سلطة على المستوى الأوروبي لمعاينة الاستثمارات الأجنبية أسوة بما هو متعامل به في الولايات المتحدة.

وقال إن «المؤسسات الصينية تتحرك من خلال استثماراتها الضخمة في الدول الأوروبية لدوافع سياسية تستوجب ردا سياسيا». وهذه هي المرة الأولى التي يلوح فيها الاتحاد الأوروبي منذ اندلاع أزمة الديون السيادية، بالركون إلى أدوات سياسية محددة لوقف الهجمة الصينية على عدد من المقومات الأساسية للاقتصاد الأوروبي، وأهمها على الإطلاق قطاع النقل وتصنيع السيارات والحصول على التقنية الأوروبية المتقدمة.

وقال البعض من المراقبين إن تلك التصريحات كانت بمثابة رسالة إلى بكين وجاءت بعد أيام قليلة من رسالة تلقاها الاتحاد الأوروبي، وجاء فيها «نريد أن نرى ما إذا كان الاتحاد الأوروبي قادرا على التحكم في المخاطر التي تخص الديون السيادية، وإذا كان ذلك سيتحول إلى عملية تمكن أوروبا من الخروج سريعا وبشكل جيد من الأزمة».

هذه كانت الرسالة الواضحة التي وجهتها بكين على هامش الحوار الاقتصادي رفيع المستوى مع الاتحاد الأوروبي، والذي استضافته العاصمة الصينية قبل أيام قليلة، واستبقته بتصريح من جانب نائب رئيس الوزراء وانغ كيشان قال فيه إن «الصين مستعدة لدعم إجراءات الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لضمان الاستقرار المالي في أوروبا.

وحسب ما ذكرت محطة الأخبار الأوروبية «يورو نيوز» الصين مستعدة لمساعدة بلدان منطقة اليورو لاستعادة عافيتها الاقتصادية عبر إنقاذ صندوق النقد الدولي بحزمة من المساعدات، بناء على تصريح للمتحدث باسم الخارجية الصينية. وكانت الصين قد عرضت اتخاذ مزيد من الجهود لدعم الاستقرار المالي الأوروبي، بحسب ما نقلت صحيفة «فايننشيال تايمز»، نقلا عن مسؤولين أوروبيين كبار بعد محادثات مع نائب رئيس مجلس الدولة الصينى وانغ تشي شان.

وحسب ما قالت «يورونيوز»، أكدت المصادر البرتغالية أن الصين مستعدة لشراء نحو أربعة مليارات يورو من الديون السيادية البرتغالية للمساعدة على درء الضغط عن البلاد الغارقة في الدين. من جانبه، أعرب وزير التجارة الصيني تشين دمينغ عن «قلقه الشديد» من قدرة الأوروبيين على احتواء أزمة ديونهم السيادية، وذلك على هامش مناقشات اقتصادية بين الصين والاتحاد الأوروبي.. وقد أكد الرئيس الصيني هو جينتاو، خلال زيارة إلى البرتغال الشهر الماضي، رغبة الصين في المساعدة، لكن بكين لم تقدم وعودا لشراء سندات برتغالية. كما التزمت الصين أيضا بتقديم مساعدتها إلى اليونان. وتملك الصين أكبر احتياطي من الصرف في العالم بلغ 2648 مليار دولار في نهاية سبتمبر (أيلول)، وأكثر من 900 مليار دولار من سندات الخزينة الأميركية وتستوعب دول الاتحاد الأوروبي أكبر قدر من الصادرات الصينية في العالم، في حين تشكل الصين ثاني شريك تجاري للاتحاد وراء الولايات المتحدة. ويشكو الأوروبيون على غرار الأميركيين من تدني سعر اليوان، مما يعطي ميزة للصادرات الصينية. وكان الجانب الأوروبي المشارك في الحوار يضم المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية أولي رين وزملاءه في دائرة المنافسة خواكين المونيا والتجارة كارل دي غوشت. وعقب الحوار الاقتصادي بين الجانبين، جرى الإعلان عن التوصل إلى «توافق مهم» حول تجارة التكنولوجيا الفائقة، وحسبما ذكر نائب رئيس مجلس الدولة الصيني وانغ تشي شان. وذكر وانغ أن الجانبين اتفقا على تعزيز التعاون في تجارة التكنولوجيا الفائقة، وأضاف أن الجانبين اتفقا على تحسين التجارة والاستثمار، والابتكار، والتعاون الجمركي. وذكر وانغ أن «جانب الاتحاد الأوروبي وافق على تعزيز التواصل مع الجانب الصينى من أجل تحقيق اعتراف مبكر بوضع اقتصاد السوق للصين». كما أكد الجانبان مجددا أهمية تسريع التنسيق والتعاون في مجموعة العشرين وغيرها من منتديات الحوكمة الاقتصادية العالمية، والتعاون معا لدفع إصلاح القواعد والمعايير الاقتصادية والمالية الدولية قدما.