إدارة أوباما تشدد الرقابة على مصارف أنقذتها من الإفلاس ولم تسدد أقساط ديونها لصندوق الإنقاذ

تتجه إلى تعيين رؤساء جدد لمجالس إدارات هذه البنوك

بدأت إدارة أوباما مراقبة اجتماعات رفيعة المستوى لنحو 20 مصرفا حصلت على مساعدة طارئة (رويترز)
TT

طبقا لمسؤولي وزارة الخزانة الأميركية ووثائقها، بدأت إدارة أوباما مراقبة اجتماعات رفيعة المستوى لنحو 20 مصرفا حصلت على مساعدة طارئة تحملها دافعو الضرائب لكنها فشلت مرارا وتكرارا في تسديد الحصص المطلوبة. كذلك قد تتجه الإدارة قريبا إلى تعيين رؤساء جدد لمجالس إدارات هذه البنوك.

وتأتي هذه الإجراءات في وقت ارتفع فيه عدد المصارف التي لم تسدد للحكومة ولو قسطا واحدا مستحقا إلى 132 مصرفا خلال الربع الماضي. وهذه «الأطراف التي لم تسدد» كان يجب أن تكون بنوكا نشطة في تقديم قروض للمجتمع وحصلت على مليارات الدولارات كمساعدة من أموال دافعي الضرائب.

إضافة إلى هذه المصارف، هناك سبعة بنوك أخرى تعثرت، الأمر الذي تسبب في خسارة استثمارات الحكومة بالكامل. وارتفع عدد المصارف التي لم تسدد ستة أقساط من أقساط المديونية أو أكثر من 7 إلى 19 مصرفا خلال الربع الماضي. ويحق لوزارة الخزانة بموجب الاتفاق مع تلك المصارف أن تراقب مجالس إدارة تلك المصارف وتعين أعضاء جددا بها.

وتحتاج المصارف إلى تسديد حصص ربع سنوية لوزارة الخزانة مقابل الحصول على مساعدة مالية من برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة، الذي ساعد المصارف ماليا من أجل تجاوز الأزمة المالية عامي 2008 و2009. وقال ديفيد ميلر، مسؤول الاستثمارات الرئيسي بوزارة الخزانة لبرنامج إنقاذ الأصول المتعثرة، إن الوزارة أوفدت مسؤولين بالفعل لمراقبة مجالس إدارات بعض المصارف وربما تبدأ في ترشيح مجالس إدارات مصارف أخرى في مستهل العام القادم. ورفض ميلر الكشف عن أسماء المصارف المقرر إخضاعها للمراقبة وأضاف أنه لم تتخذ قرارات نهائية في هذا الشأن.

ويعد هذا البرنامج الذي دشنته إدارة بوش واستمرت إدارة أوباما في تنفيذه مصدرا للكثير من الأنباء السارة مؤخرا. فقد سددت أكبر المصارف عشرات المليارات من الدولارات التي استدانتها إضافة إلى الفوائد. وعززت تطورات أخرى مثل الاكتتاب العام الأولي لـ«جنرال موتورز» عائد البرنامج. فعلى سبيل المثال، أعلنت مجموعة شركات «أميريكان إنترناشونال غروب»، التي تسعى لتسديد ديون تقدر بعشرات المليارات من الدولارات لدافعي الضرائب، يوم الاثنين الماضي أن المصارف وافقت على إقراضها ما يزيد على 4 مليارات دولار لتحل بذلك محل تمويل مصرف الاحتياطي الفيدرالي. وقد اشترك كل من مصرف الاحتياطي الفيدرالي ووزارة الخزانة معا في إنقاذ المجموعة في سبتمبر (أيلول) 2008.

سوف يؤثر تسديد المبالغ المقترضة والأرباح التي يتم تحقيقها من خلال مساعدة المصارف الكبرى سلبا على أي خسارة مالية للشركات الأصغر حجما. لكن تشير إصدارات الحكومة من الأسهم إلى عدم صحة اختيار وزارة الخزانة للمؤسسات التي تستحق الإنقاذ على حد قول محللين.

عندما بدأ مسؤولو الحكومة برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة تعهدوا بالاستثمار في المصارف القوية فقط. لكن خمس المصارف التي شملها هذا البرنامج، التي تعد أكثرها كيانات مقرضة صغيرة في المجتمع، لا تسدد للحكومة الحصص المقترضة في مواعيدها المستحقة.

وقال لاينوس ويلسون، أستاذ مساعد في المال بجامعة لويزيانا في مدينة لافييت، الذي قام بتحليل بيانات برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة، إن أداء المصارف الأصغر المتخلفة عن السداد يوضح أن هذه العملية لم تنفذ كما ينبغي. وأضاف: «إنها توضح فقط مدى ضعف عملية الاختيار التي قامت بها الحكومة وضعف القطاع المصرفي بشكل عام». ويشير ميلر إلى أن البنوك المتخلفة عن السداد لا تمثل سوى جزء صغير من استثمارات البرنامج. وأوضح أنه في الكثير من الحالات كانت المصارف حذرة في تعليق حصص الأرباح أثناء إعادة عمل موازناتها. وأضاف أن أحيانا كان منظمو القطاع المصرفي لا يسمحون للمصارف بتسديد الأرباح حتى يصبح وضعها المالي أقوى. وأضاف: «عندما أفكر عن البرنامج بشكل مجمل، أرى بوضوح أن المصارف الأصغر تواجه المزيد من الضغط. لكن حتى مع استمرار الخسائر المتوقعة، سيكون الأمر مربحا للغاية». وكان «سي كوست بانكينغ كور»، أحد البنوك المقرضة في مدينة ستيوارت بولاية فلوريدا، من بين المصارف التي تخلفت عن سداد حصص المديونية، حيث قرر هذا المصرف تأجيل تسديد المبالغ المستحقة للبرنامج حتى ينتهي من تنفيذ خطة لدعم وضعه المالي على حد قول جين ستريكلاند، مديرة البنك. وأضافت جين: «عندما نعود إلى الربحية، سيكون من الحكمة أن نعيد حصصا».

من المصارف الأخرى المتخلفة عن السداد مصرف «وان يونيتيد» في بوسطن. ويخدم هذا المصرف بالأساس الأميركيين من ذوي الأصول الأفريقية ويمثل محور التحقيق الذي تخضع له ماكسين واترز، عضو مجلس النواب عن ولاية كاليفورنيا.

وقد اتهمت واترز بحض مسؤولي وزارة الخزانة على إدراج مصرف «وان يونيتيد» ضمن برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة رغم تعاملاتها الشخصية المالية مع هذا المصرف، لكنها أنكرت التهم الموجهة إليها. وقال متحدث باسم المصرف إن المصرف قد قام بتأجيل تسديد الحصص «من أجل تنظيم رأس المال ودعم تمويل برامج الإقراض» التي قال عنها إنها «تتوافق مع الممارسة المصرفية السليمة والآمنة».

ويقول ويلسون إنه من المحتمل أن يتحسن تسديد حصص الديون خلال الأشهر القليلة القادمة لدخول المصارف الصغيرة ضمن برنامج حكومي آخر للإقراض مخصص للبنوك الصغيرة في قطاع الأعمال ذي شروط أفضل مثل تحديد معدل فائدة أقل. وقد أوضح ويلسون في رسالة بالبريد الإلكتروني أن: «بعض المصارف التي ستتخلف عن السداد للبرنامج سوف تنتقل إلى برنامج ضخ رأس المال الآخر وفي النهاية ستخفق في تسديد الحصص في ذلك البرامج»، لكن مسؤولي وزارة الخزانة قالوا إن الهيئة ستمنع إدراج المصارف غير القوية ضمن المبادرة الجديدة الخاصة بإقراض الكيانات الصغيرة في قطاع الأعمال.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»