3 سلطات جديدة تبدأ عملها للإشراف المالي على البنوك والأسواق والتأمينات الأوروبية

في إطار النظام الجديد للرقابة المالية

TT

مع مطلع العام الجديد، ينطلق رسميا عمل ثلاث هيئات أوروبية، للإشراف على الأنشطة المالية للمصارف، والأسواق، والتأمينات والمعاشات، وقال بيان صدر عن المفوضية باسم المفوض المكلف بالإشراف المالي، ميشال بارنييه، إن الأزمة أبرزت بشكل واضح أوجه القصور في نظام الرقابة المالية لدينا في أوروبا، ولم يتم الكشف عن المخاطر، ولم يكن التنسيق بين السلطات الوطنية والمؤسسات مثاليا، ولكن أوروبا تتعلم الدروس المستفادة من الأزمة، «ولهذا السبب نطلق اليوم جهازا جديدا للمراقبة والإشراف لاكتشاف المخاطر في وقت مبكر، والعمل في الوقت المناسب وبطريقة منسقة وفعالة، وهو بمثابة برج مراقبة أو شاشات رادار، يحتاج إليها القطاع المالي» مؤكدا أن الجهاز الجديد لن يحل محل السلطات الوطنية، «ولن يكون هدفنا هو نقل الإشراف على المؤسسات المالية الأوروبية، وإنما خلق شبكة جديدة للإشراف، وستبقى السلطات الوطنية المسؤولة عن المراقبة اليومية، وبعد ذلك، وبالتعاون مع السلطات الوطنية وخبراتها، سيأتي دور اللجنة المشرفة للرصد والتنسيق، والمساعدة على توحيد القواعد الفنية المطبقة على المؤسسات المالية»، وقال المفوض إن هذا الإطار الجديد من الرقابة المالية هو في صميم الإصلاحات المالية الجارية، بل هو الأساس الذي تستند عليه الإصلاحات الأخرى، ومنها على سبيل المثال صناديق التحوط، ووكالات التصنيف الائتماني، والمشتقات المالية، «هذه التدابير من شأنها تعزيز حماية المستهلك، وتسهم في كفالة دافعي الضرائب، وحمايتهم من أن يكونوا في الخط الأول لتحمل تكاليف مترتبة على الأزمة»، كما أشار البيان الأوروبي إلى أن هذا التحرك إلى الأمام، يدل على أن أوروبا تقود الطريق، والتمسك بالتزاماتها الدولية، وستقوم السلطات الجديدة بالعمل مع الآخرين في جميع أنحاء العالم لضمان إشراف عالمي أفضل، وتمنت المفوضية للسلطات الجديدة مستقبلا ناجحا، وتعهدت بتقديم كل المساعدة لها لتحقيق أهدافها.

وفي 17 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وافق وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي على تشديد الرقابة على البنوك، ووافق الوزراء بالإجماع على خطة لإنشاء ثلاث هيئات رقابية جديدة في يناير (كانون الثاني) 2011، على البنوك وشركات التأمين والأسواق، لتصحيح الاختلالات الناتجة عن الأزمة المالية.

وسيكون هناك أيضا مجلس أوروبي جديد لتقييم المخاطر يستضيفه البنك المركزي الأوروبي، لرصد المخاطر الأوسع نطاقا، ومنعها من التحول إلى فقاعة للأصول تهدد الاستقرار.

وقال ديدير ريندرز، وزير مالية بلجيكا، التي كانت بلاده تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي حتى أيام قليلة: «إنها حزمة مهمة للغاية. إنها تعزيز لقيادة الاتحاد الأوروبي من حيث تنظيم الخدمات المالية».

ووافق البرلمان الأوروبي، الذي له رؤية مشتركة مع الحكومات، بالفعل على إجراءات الرقابة. وقالت المفوضية الأوروبية الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، التي أعدت مسودة الإجراءات: «سيجعل التشريع بمقدور المراقبين الماليين مراقبة البنوك وشركات التأمين في وقت واحد لمواجهة الثغرات التي كشفت عنها الأزمة المالية».

وفي اجتماع السابع من ديسمبر (كانون الأول) الماضي أقر وزراء المال الأوروبيون، اتفاقا سياسيا يهدف إلى تعزيز التعاون الإداري وتبادل المعلومات في مجال الضرائب، لتمكين الدول الأعضاء من مكافحة التهرب والاحتيال الضريبي، في ظل تزايد حجم المعاملات عبر الحدود، مما يتطلب أفضل تقييم للضرائب المستحقة، وأشار القرار الذي وافق عليه الوزراء إلى استراتيجية مكافحة التهرب الضريبي، التي أطلقت في عام 2006.

وجاء توصل وزراء المالية في الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق لتعزيز الضوابط والقواعد المالية في أوروبا، وذلك بعد أشهر من المفاوضات الصعبة، وفي ذلك الوقت قال رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، هيرمان فان ريمبوي، إن الاتحاد الأوروبي سيتقدم إلى الأمام خطوة كبيرة نحو الإصلاح النقدي والاقتصادي، في خطوة هي الأكبر من نوعها منذ تأسيس منطقة اليورو، بعد موافقة المجلس الأوروبي على الحزمة التي أقرها فريق العمل المعني بالإدارة الاقتصادية، التي يرأسها فان ريمبوي، مضيفا من خلال بيان صدر ببروكسل أن التوصيات والمقترحات التي تتضمنها الحزمة تتضمن السير في خمسة اتجاهات، وهي توسيع نطاق المراقبة الاقتصادية بإنشاء آلية للمراقبة الاقتصادية، تعطي إنذارا في وقت مبكر للكشف عن مخاطر اقتصادية، تؤثر على التنمية المستدامة أو الموازنات أو مجال المنافسة، وهي مخاطر لم يجر الاهتمام بها بالشكل الكافي خلال العقد الأول من انطلاق التعامل باليورو، «وقد أظهرت الأزمة الأخيرة أن الموازنات السليمة ليست كافية لضمان نمو اقتصادي مستدام»، والاتجاه الثاني زيادة الانضباط المالي وتقوية ميثاق الاستقرار والنمو، وأشار فان ريمبوي إلى الاتفاقات السابقة التي جرى التوصل بشأنها، وتتعلق بتدابير وعقوبات، و«جرى التوافق مؤخرا بشأن المبادئ العامة»، والاتجاه الثالث تنسيق أعمق وأوسع نطاقا، وخاصة فيما يعرف باسم الفصل الدراسي الأوروبي، الذي سيبدأ العمل به في 2011، أما الاتجاه الرابع هو إدارة أكثر قوة للأزمات من خلال مصداقية القرار، ومعالجة الضائقة المالية، ومنع انتقال العدوى إلى دولة أخرى، والاتجاه الخامس هو تقوية المؤسسات على الصعيد الوطني، مع استخدام أو إنشاء مؤسسات الهيئات العامة لتوفير تحليل مستقل، والتوقعات بشأن السياسة المالية المحلية، وجاء ذلك بعد أن توصل وزراء مالية الدول الأعضاء في ختام مناقشات استمرت يومين في لكسمبورغ، إلى اتفاق لتشديد الرقابة على صناديق التحوط العاملة في الاتحاد، وذلك بعد أشهر من المفاوضات الصعبة، وهي جزء من الجهود الأوروبية لتشديد مراقبة النظام المالي لتجنب أزمة اقتصادية أخرى.

ومن جهته، أعلن مفوض الاتحاد الأوروبي للإشراف المالي، ميشال بارنييه، إن الصفقة المسجلة في لكسمبورغ، تضع، ولأول مرة، صناديق التحوط تحت إشراف كلي وشامل من قبل الاتحاد الأوروبي.

وقال إنه حتى الآن يتم التعامل مع الصناديق السيادية على الصعيد الوطني، ولم يكن هناك إشراف أوروبي من قبل. وتم التوصل إلى الاتفاق بعد مفاوضات صعبة في طريق مسدود منذ عدة أشهر، بسبب الانقسامات بين بريطانيا وفرنسا. ووقفت باريس ضد سعي لندن التي تستضيف 80 في المائة من صناعة صناديق التحوط في أوروبا بأن تتمكن هذه الصناديق ومن خلال جواز سفر واحد من العمل في كل الدول الأوروبية دون قيود. وبموجب التسوية الجديدة فإن الهيئة الأوروبية للأسواق والضمانات ومقرها باريس، ستتولى مهمة إصدار جوازات السفر لصناديق التحوط من خارج الاتحاد الأوروبي، وتقنين عملها داخل الاتحاد.

وترفض بريطانيا حتى الآن اقتراحا فرنسيا، بأن تتولى كل هيئة رقابة وطنية مهمة التعامل مع الصناديق السيادية، ودخل الاتحاد الأوروبي في مواجهة أيضا مع الولايات المتحدة حتى الآن حول تنظيم عمل الصناديق السيادية، وردد وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر الموقف الأوروبي بأنه يندرج ضمن سياسة الحمائية.

وقال ميشال بارنييه، مفوض الإشراف المالي الأوروبي، إن التسوية التي تم التوصل إليها لا تعيق أنشطة الجهات الأجنبية ولكنها تضع بعضا من الشروط.

وأنحى المفوض الأوروبي باللائمة على صناديق التحوط، وقال إنها لا تتمتع حتى الآن سوى بقواعد تنظيمية محدودة، وإنها لا تسهم بشكل جدي في إدارة الأزمة المالية بسبب ركونها إلى الاستثمارات المحفوفة بالمخاطر.

وتشمل الصفقة الأوروبية تنظيم عمل صناديق الأسهم الخاصة، وغيرها من الصناديق الاستثمارية البديلة.