هل يمثل القطاع الزراعي حلا جزئيا لأزمة إسبانيا؟

الشباب اتجهوا للريف واستخدموا الإنترنت في المبيعات

يدفع الوضع الاقتصادي الصعب الكثير من الشباب ممن فقدوا وظائفهم داخل المدن إلى العودة للحقول والاشتغال في الزراعة (رويترز)
TT

يرى بعض الخبراء الاقتصاديين أن القطاع الزراعي قد يمثل وسيلة يمكن لإسبانيا استخدامها من أجل استرداد جزء من دخلها بعد ما لحق بها بسبب أزمة الائتمان الراهنة. وتكمن المشكلة في أنه على مدار الأعوام ترك الإسبان الحقول من أجل الذهاب إلى المدن، ولذا أصبح هذا النشاط في الوقت الحالي قديما وغير مناسب للسوق.

ويدفع الوضع الاقتصادي الصعب داخل الدولة الكثير من الشباب ممن فقدوا وظائفهم داخل المدن إلى العودة للحقول والاشتغال في هذه المهن من جديد ولكن بمنظور جديد للتسويق وباستخدام وسائل عصرية مثل المبيعات عبر الإنترنت.

وحسب ما تفيد به دراسة رسمية، فإن عملية توزيع المنتجات الغذائية تجعل السعر الأساسي يرتفع بمقدار 5 أضعاف وتكون المكاسب النهائية ضعيفة بالنسبة إلى المزارعين. ويبدو أن الحل يكمن في المبيعات المباشرة عبر شبكة الإنترنت. وقال متحدث باسم اتحاد المزارعين الإسبان: «كانت أولى تجارب البيع المباشر عبر شبكة الإنترنت داخل ألمانيا وسويسرا. وفي الوقت الحالي نجد فرنسا تجري كميات أكبر من التجارة عبر البيع المباشر بين المزارع والمستهلك».

وتشهد المبيعات عبر شبكة الإنترنت نموا داخل إسبانيا على الرغم من أنها لا تزال تمثل 5% فقط من إجمالي المبيعات. وكان مزارعو بلنسية أول من دخلوا إلى هذه السوق، قبل نحو 5 أعوام، من خلال مبيعات البرتقال. ورفعت هذه الشركات شعار «من الحقل إلى المائدة»، وهو الشعار الذي أسعد مستهلكين من القطاع الخاص وسعت مطاعم رفيعة المستوى إلى تقديم المنتج الأفضل لعملائهم.

وكان هدف هذه المجموعة الرائدة في مجال البيع عبر شبكة الإنترنت الحصول على فائدة مباشرة من خلال ترك الوسطاء وبيع منتجات متميزة في وقت واحد. وقد أصبحت بعض هذه الشركات تحظى بشعبية داخل المدن الإسبانية الكبرى مثل مدريد وبرشلونة حيث لا يستطيع المواطنون الوصول بسهولة إلى فاكهة لا تعتمد على وسائل ضارة بالبيئة.

وعلاوة على ذلك، أصبحت الأغذية التي لا تعتمد على تقنيات ضارة بالبيئة تمثل الاتجاه الشائع في الوقت الحالي. ويدرك معظم السكان الميزات في هذه المنتجات ولا يكترثون لدفع مبلغ أكثر مقابلها. وتتيح المبيعات عبر الإنترنت لهم الحصول على أفضل المنتجات بنفس السعر.

وفي الواقع فإن 64.1% من الإسبان يستهلكون أو استهلكوا منتجات لا تعتمد على تقنيات ضارة بالبيئة، ويؤكدون على أنهم يستهلكونها لأسباب صحية وبفضل مذاقها وجودتها.

وبعد بيع الفاكهة، مثل البرتقال والكرز والكمثرى، عبر شبكة الإنترنت، تم بيع منتجات تقليدية أخرى مثل البطاطس والجبن والنبيذ والحلوى. ووفقا لما تفيد به الإحصاءات، تشير جميع أبحاث السوق إلى أن المبيعات المباشرة قد تصبح مستقبل بعض القطاعات الزراعية التي يستهان بها حاليا، ولا سيما بالنسبة إلى مزارعي التجزئة الذين يشعرون بالضغوط بسبب نظام التوزيع التقليدي.

وكان فيدريكو أباريسي وزوجته، دولورس كولومار، قد قاما بإنشاء موقع www.naranjaslola.com عام 1998. وكانا في طليعة هذا النوع من النشاط التجاري ويقومون حاليا بالبيع لـ10 آلاف عائلة كل موسم. ويمكن العثور بين قائمة عملائهم على طهاة بارزين مثل فيران أدريا وسانتي سانتاماريا. ويشار أنه قبل عامين قاما بتحديث موقعهما الإلكتروني من أجل إعطاء المزيد من المعلومات عن منتجاتهم ومستوى الجودة.

ويقول فيدريكو أباريسي: «إلى جانب احتمالية الشراء، سنضيف في صفحة جديدة معلومات إضافية عن الموالح بصورة عامة والبرتقال على وجه التحديد».

وخلال عام 1998، ظهرت شركة مبيعات إلكترونية جديدة داخل إسبانيا وهي www.directodelcampo.com. وتضم مجموعة مؤلفة من 30 شركة مختلفة تبيع الزيوت والفاكهة والخضراوات. وبعد مرور 8 أعوام، حققت هذه المجموعة مبيعات تبلغ قيمتها 31.3 مليون يورو ومكاسب تصل إلى 12 مليون يورو.

ويؤكد الموقع Directodelcampo.com على أنه «لا يقوم بالبيع ولا بالشراء ولكنه يسهل التواصل بين المستهلك والمنتج من خلال منظومة إعلانات مجانية مبوبة». وقد اتجه قطاعان إلى الإنترنت من أجل ترويج المبيعات: الجمعيات التعاونية للمزارعين الصغار والمنتجون الذين لا يستخدمون وسائل ضارة بالبيئة.

وعلى الرغم من اعتقاد المزارعين بأن المبيعات عبر شبكة الإنترنت هي المستقبل فإنها لا تمثل في الوقت الحالي حلا لكافة المشكلات. ويقول مدير التسويق بإحدى المؤسسات في جنوب إسبانيا تقوم ببيع البطاطس مباشرة عبر الإنترنت: «مع أن هذه طريقة للبيع فإن المبيعات عبر الإنترنت في الوقت الحالي لا يمكنها دعم الجمعيات التعاونية.. ولكنها مجرد فرصة في المستقبل».

ويمثل الشحن المشكلة الأكبر داخل القطاع. ولا يقوم المزارعون الإسبان ببيع منتجاتهم للخارج لأنهم سيضعون تكاليف الشحن، ولذا سيكون الأمر في النهاية مكلفا بدرجة أكبر. ويؤكد مدير التسويق على أن النقل يرفع السعر بمقدار 8 يوروات لكل 10 كيلوغرامات إذا قمت ببيعها عبر الإنترنت.

ولكن يراهن هؤلاء المزارعون الصغار بصورة مباشرة على ضمان الجودة العالمية، وهو شيء لا يمكن الاستغناء عنه في المبيعات الدولية عبر شبكة الإنترنت، على الرغم من أن ذلك يفترض رسوما إضافية تبلغ 3 آلاف أو 4 آلاف يورو سنويا، بحسب ما أفاد به مدير الجمعية التعاونية الإسبانية.

ولهذا السبب اختاروا تقديم معلومات شاملة عن مناطق الإنتاج ووسائل الزراعة والأصناف المختلفة للمنتجات ومدى توافرها خلال المواسم. ويضعون على المواقع الإلكترونية صورا تنقل جميع مراحل العملية وما يتحقق من حجم كبير وألوان زاهية ومظهر طبيعي.

ويريد المزارعون جذب مقدار كبير من الاهتمام من جانب العملاء، وتقوم المواقع بذكر عملية التعبئة والعوائد والمنتجات البديلة ووسائل الدفع وطرق الإرسال ومواعيد التسليم وفق كل عميل. ومن أجل التأكيد على جودة المنتجات، تعرض الشهادات الدولية أو الوطنية التي حصلت عليها.