«السعودي الفرنسي»: 10% نسبة التضخم في القطاع السكني السعودي.. واستبعاد التأثير الفوري للرهن العقاري

الأغذية محرك رئيسي لارتفاع الأسعار

ارتفاع اسعار المنتجات في أسواق المملكة يقلق المستهلكين («الشرق الأوسط»)
TT

كشف تقرير بنكي صدر أمس في السعودية، أن المتوسط السنوي لمعدل التضخم العام سيظل مرتفعا في عام 2011، إذ إن التوقعات تشير إلى أن التضخم سيتراوح بين 5.2 و5.4 في المائة، ما سيمثل تغيرا طفيفا بالمقارنة مع مستواه المحتمل في عام 2010، والذي تشير التوقعات إلى أنه سجل كمتوسط عام 5.3 في المائة.

وأشار تقرير البنك السعودي الفرنسي إلى أن معدل التضخم يتراوح بين 5.3 في المائة و5.4 في المائة، موضحا أن التوقعات عند صدور الميزانية كانت تشير إلى معدل عام للتضخم في حدود 4.7 في المائة، إلا أن هذه المعطيات تغيرت مع القراءة العامة لمعدل التضخم بنهاية العام. كما لفت التقرير إلى أن أسعار الأغذية ستبقى مصدرا رئيسيا للتضخم العام في السعودية، في حين قال معد التقرير الدكتور جون اسفيكياناكيس، المدير العام وكبير الخبراء الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي، إن الضغوط التضخمية الأخرى التي سيعاني منها الاقتصادي السعودي في الغالب ستكون ناجمة عن تضخم الأسعار العالمية لباقي السلع المستوردة.

وعدل معد التقرير من توقعاته بمعدل تضخمي لعام 2011 بنحو 4.7 في المائة إلى معدل يتراوح بين 5.2 و5.4 خلال العام، مع توقعات بأن تكون التغيرات طفيفة في معدل التضخم الذي شهده الاقتصاد السعودي خلال العام المنصرم.

ولفت التقرير إلى أن معدل التضخم ارتفع في عام 2010، وبلغ الذروة في شهر أغسطس (آب) عندما قفز إلى 6.1 في المائة، لكن الضغوط التضخمية لا تزال قائمة، وحين مثلت إيجارات العقارات السكنية المصدر الرئيسي الآخر للتضخم منذ مطلع عام 2007. وستكون أسعار السلع المصدر الرئيسي للضغوط التضخمية التي سيعاني منها المواطن والمقيم في السعودية. وشدد التقرير على أن ارتفاع أسعار السلع سيكون المحرك لمعظم الضغوط التضخمية الأخرى في عام 2011.

وبحسب التقرير، فإن الأغذية تمثل 26 في المائة من إجمالي سلة السلع والخدمات التي رفعت مؤشر غلاء المعيشة والإيجارات إلى 18 في المائة.

وتوقع أن يحوم معدل تضخم الإيجارات السكنية خلال العام الجديد حول نسبة 10 في المائة، وقال إن الأشهر الـ6 الماضية كان معدل التضخم فيها لا يتجاوز حاجز الـ9 في المائة، بعد أن سجل رقما قياسيا في منتصف عام 2008، حيث بلغ معدل التضخم في القطاع السكني نحو 20 في المائة، وهو ما يمثل انخفاضا كبيرا بالمقارنة مع المستويات المرتفعة التي سجلها القطاع قبل نحو عامين. وفي حين سجل معروض العقارات السكنية الجديدة نموا ضعفيا بحسب التقرير، فإن ذلك قد يحول دون حدوث انخفاض كبير في معدلات تضخم إيجارات العقارات السكنية في المدى القريب.

كما استبعد التقرير أن يحدث نظام الرهن العقاري أي نقلة نوعية في معدلات التضخم التي يشهدها القطاع والتي تشير التوقعات إلى أنها ستتراوح بين 9 و10 في المائة، وقال إنه بدخول قانون الائتمان العقاري (نظام الرهن العقاري) حيز التنفيذ في عام 2011، فإن التوقعات تشير إلى أنه لن يترك أي أثر فوري على معدلات التضخم.

وفي قطاع العقارات التجارية، قال التقرير إن المعطيات تشير إلى أن إيجارات العقارات التجارية ستواجه خفضا في عام 2011، وذلك نتيجة لفائض المعروض الحالي الذي سيزداد قريبا، لا سيما في العاصمة الرياض. في حين اعتبر التقرير أن الخيارات السياسية محدودة لمواجهة التضخم والحد من آثاره محليا على المدى المتوسط في حال تجاوز التضخم العام المستويات القياسية المرتفعة التي يسجلها في الفترة الحالية.

ولمح التقرير إلى أن العام الجديد، وعلى غرار عامي 2007 و2008، لا يمثل طلب الولايات المتحدة المحرك الرئيسي لارتفاع أسعار السلع، وإنما طلب الصين والاقتصادات الناشئة الأخرى، وذلك بسبب انضمام أعداد متزايدة من سكان هذه الدول الفقيرة سابقا إلى الطبقة المتوسطة العالمية، أي تزايد أعداد سكانها الذين يمتلكون سيارات ويستهلكون اللحوم بكميات كبيرة، مما عزز الضغوط المفروضة على الإمدادات النفطية والغذائية العالمية.

كما اعتبر التقرير أن ظواهر الطقس الحادة - الحرارة المرتفعة والجفاف الشديد - خلال السنة الماضية، لا سيما في بعض المناطق الزراعية المهمة، لعبت أيضا دورا مهما في رفع أسعار السلع الغذائية، كما لمح التقرير إلى أن الأسباب ذاتها متوافرة وبشكل كاف للاعتقاد بأن التحول المناخي هو الذي يجعل مختلف ظواهر الطقس الحادة أكثر شيوعا، وهو ما يعتبر المحرك الرئيسي لدفع مؤشر الأسعار إلى الأعلى دائما.

ويفسر التقرير هذا الاعتقاد، حيث يقول «نحن أمام مؤشر واضح على أننا نعيش في عالم محدود الموارد، عالم بدأت تتجلى محدودية موارده بوضوح متزايد، لكن هذه المحدودية لن تضع حدا للنمو الاقتصادي، ولن تحدث أي انهيار شامل للاقتصاد العالمي، بل تتطلب منا هذه المحدودية أن نغير أنماط حياتنا بصورة تدريجية بحيث تتكيف اقتصاداتنا وأساليب حياتنا مع حقيقة أن السلع أصبحت باهظة».

ويبين الدكتور جون أن هذه المقاربة تتعلق بالمستقبل، لكن في ما يخص الحاضر يمكن الإشارة إلى أن السبب الرئيسي لارتفاع أسعار السلع هو تعافي الاقتصاد العالمي، ولم تترك هذه الأسعار المرتفعة أي أثر على السياسة النقدية الأميركية. ويخلص للقول بأن المستهلكين في السعودية وغيرهم أمام مسألة عالمية، لا محلية، بالدرجة الأولى.

وفي حين تنحى التوقعات بأن يحمل العام الجديد بعض الانتعاش للدولار الأميركي، فإن ذلك سيقلص من الضغوط التضخمية لجميع السلع المستوردة، بما فيها الأغذية.

ويتوقع البنك السعودي الفرنسي أن يرتفع سعر صرف الدولار مقابل اليورو وباقي العملات الرئيسية الأخرى في عام 2011، ولأن 43 في المائة من الواردات السعودية يأتي من الأسواق الناشئة فإن سعر صرف الدولار مقابل هذه العملات لن يولد أي ضغوط على معدل التضخم العام السعودي خلال عام 2011.

وفي مقابل التضخم المستورد، يعتبر التقرير أن التضخم المحلي للشركاء التجاريين سيكون مساهما إضافيا ومهما في معدل التضخم العام الذي يشهده الاقتصاد السعودي.

ولفت التقرير إلى أن توقعات صندوق النقد الدولي تشير إلى أن معدلات التضخم العام في الاقتصادات المتقدمة والناشئة ستسجل انخفاضا طفيفا في عام 2011، إلى 1.4 في المائة و5.2 في المائة، على التوالي، الأمر الذي يعني أن التضخم لن يتحول إلى مسألة مثيرة للقلق في عام 2011.

وختم التقرير بأن الإنفاق العام السعودي القوي لرأس المال لن يولد أي ضغط تضخمي إضافي يذكر على أسعار الجملة، مما يعني أن أسعار بيع السلع الاستهلاكية بالتجزئة لن تتأثر بهذا الإنفاق.

إلى ذلك، أوضح التقرير أن المواطن السعودي العادي لن يلمس أي ارتفاع في أسعار السلع الاستهلاكية جراء الإنفاق العام الضخم. لكن زيادة رواتب العسكريين وقرار الإبقاء على علاوة التضخم لموظفي القطاع العام وقدرها خمسة عشر في المائة - أدخلت عبر ثلاث علاوات متساوية 5 في المائة - ابتداء من عام 2008، وانتعاش الاقتصاد الكلي وتحسن ثقة المستهلك، عوامل سترفع العنصر الداخلي للتضخم، مع أن ضغوطه ستظل ضعيفة نسبيا في المستقبل المنظور.